الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الثالث: تاريخ حياته صلى الله عليه وسلم من الهجرة حتى الوفاة
ويتناول حياته صلى الله عليه وسلم من وصوله إِلى المدينة في 12 ربيع الأول سنة 1هـ وحتى الوفاة في 12 ربيع الأول سنة 11هـ وتمثل عشر سنوات كاملة، ويسمى العهد المدني، وعهد البناء والجهاد وانتشار الدعوة، وسِمَتُه العامة، الجهاد والغزوات، التي بلغت ثلاثين غزوة، والسرايا والبعوث الدعوية التي زادت على السبعين سرية وبعثًا، حتى انتشر الإِسلام وعم أرجاء الجزيرة العربية، وكذلك نزول التشريعات العبادية وتنظيمات المجتمع الإِدارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية
والسيرة النبوية بالنظر إِلى موضوعاتها ثلاثة أنواع:
النوع الأول: الشمائل والأخلاق النبوية
ويدخل فيها الخصائص التي اختص بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سائر الرسل، وكذا ما اختص به من أحكام عن سائر الأمة، وما اختصت به أمته بسببه عن سائر الأمم (1).
والشمائل هي:
1 -
الصفات الخَلْقية، أي الصفة التي خلقه الله عليها من حيث طوله وهيئته وجسمه ولونه .. وكذا صفة جلوسه ومشيته وكلامه ونومه ولباسه، وهذا النوع ترجع فائدة دراسته إِلى أمور منها:
* التأسي به صلى الله عليه وسلم في هيئة جلوسه وقيامه وكلامه ونومه ولباسه .. إِلخ.
* معرفة فضل الله على رسولنا صلى الله عليه وسلم إِذ جعله الله في أكمل هيئة وأحسن صورة وأجمل سمت.
* مطابقة ما يرى النائم عند رؤيته لرسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك الصفة المنقولة عن الرواة من
(1) انظر: ابن كثير، الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ص 279 - 281.
أصحابه فإِن الشيطان لا يستطيع أن يتصور أو يتشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة، وأنس رضي الله عنهما وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من رآني في المنام فقد رآني، فإِن الشيطان لا يتمثل بي» (1).
ولتعلم أخي أن الشيطان من عادته الكذب والتغرير بمن يطيعه وقد يُري النائم صورة ويُلقي في رُوعه أنها صورة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كاذب عليه، لكن إِذا رأى المسلم في المنام أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإِنه لا بد أن يطبق ما رأى على الصفة المنقولة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون قد رآه حقًا، فإِن الشيطان لا يستطيع التشبه بالنبي على صورته الحقيقية، وهذا من حماية الله لرسوله وتكريمه له، وصيانة المسلمين من تغرير الشيطان بهم في هذا الجانب.
2 -
الصفات الخُلُقِية، أي الآداب والأخلاق التي تأدب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه الصفات كثيرة، مثل الكرم، والشجاعة، والحياء، والعفو، والحلم، واليسر، والسماحة، والتقوى، والبذل، والعطاء، والتواضع، والزهد
…
إِلخ، وهي صفات أتت الشريعة بها، وتحلى بها رسولنا صلى الله عليه وسلم، وهذا النوع هو المقصود الأعظم من دراسة الشمائل، وهو أكثر فائدة، وأوسع دائرة في التأسي والاتباع والاقتداء. لقد سئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما من عدد من الصحابة والتابعين عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم،فكان جوابها شاملًا واسعًا رغم وجازة لفظه قالت:(كان خلقه القرآن)(2).
قال الحافظ ابن كثير: "ومعنى هذا أنه صلى الله عليه وسلم مهما أمره به القرآن امتثله ومهما نهاه عنه تركه، هذا مع ما جبله الله عليه من الأخلاق الجبلية الأصلية العظيمة التىِ لم يكن أحد
(1) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التعبير، باب من رأى النبي في المنام، برقم 9663 - 6997 من عدة طرق، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الرؤيا، برقم 2266، 2268.
(2)
رواه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، ح رقم (746).