الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوصول إلى تبوك:
وعندما اقترب صلى الله عليه وسلم من تبوك قال لهم: إِنكم ستأتون غدًا -إِن شاء الله- عين تبوك، وإِنكم لن تأتوها حتى يضحي النهار، فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئًا حتى آتي. فوصلها قبله رجلان فسألهما: هل مسستما من مائها شيئًا؟ قالا: نعم. فسبهما، وغرف الصحابة من الماء حتى اجتمع في إِناء فغسل فيه وجهه ويديه وأعاده فيها فجرت العين بماء كثير، فاستسقى الناس. فقال صلى الله عليه وسلم: يوشك يا معاذ إِن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد ملىءَ جِنانًا (1). وخطب صلى الله عليه وسلم بتبوك خطبة عظيمة، ووفد عليه صاحب أيلة يُوحنّا بن رؤبة، وصالحه وأعطاه الجزية، وأتاه أهل جرباء وأذرح، فأعطوه الجزية (2).
وفي تبوك تخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا عن صلاة الفجر لحاجة، فأقام المسلمون الصلاة وقدموا عبد الرحمن بن عوف إِمامًا لهم، وجاء رسول الله وهم في الصلاة، وصلى مأمومًا خلف عبد الرحمن بن عوف، وهي من مناقبه رضي الله عنه (3).
بعث خالد إِلى دُومة الجندل:
وبعت صلى الله عليه وسلم وهو في تبوك خالد بن الوليد إِلى أكيدر صاحب دُومة الجندل، وقال له: إِنك ستجده يصيد البقر الوحشي، وكان أكيدر في سطح حصنه مع امرأته، فأتت البقر الوحشي تحك رأسها وقرونها بباب الحصن. فقالت أمرأته: هل رأيت مثل هذا قط؟ قال: لا والله. قالت: فمن يترك مثل هذا. قال: لا أحد، فخرج ومعه نفر من أهل بيته منهم أخوه حسان، فتلقتهم خيل المسلمين، فَقُتِل حسان، وأخذ أكيدر أسيرًا، وجيء
(1) رواه مسلم، كتاب الفضائل، باب من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ح 6086.
(2)
ابن كثير، البداية والنهاية ط/هجر7/ 177. وأيلة مدينة العقبة الحالية. وأذرح وجرباء قريتان في جنوب الأردن حاليا.
(3)
صحيح مسلم ح 274 وليس فيه أنه كان في تبوك ولكن ذكره غيره. وانظر: مهدي رزق الله، السيرة النبوية ص 629.
به للرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنّه وصالحه على الجزية (1). وكان عليه قِبَاء فجعل المسلمون يلمسونه بأيديهم ويعجبون منه. فقال صلى الله عليه وسلم: أتعجبون من هذا؟ فوالذي نفسي بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا (2). وقد بقي صلى الله عليه وسلم في تبوك قرابة عشرين يومًا ولم يجد كيدا من العدو بل خافوا وانشمروا في أرضهم، فقرر العودة إِلى المدينة، وفي طريق عودته صلى الله عليه وسلم تآمر عدد من المنافقين لقتله، حيث أرادوا أن يلقوه عن دابته من عقبة يمر بها الجيش، فكشف الله له ذلك، وكان حذيفة آخذًا بزمام الناقة يقودها، وعمار يسوقها، وإِذا هم بإِثني عشر ملثمين فصرخ بهم، فهربوا (3).
(1) ابن هشام، المصدر السابق 4/ 171 والذهبي، المغازي ص 645، ابن كثير، البداية والنهاية 7/ 179.
(2)
أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه ح رقم 3249، 3802.
(3)
رواه مسلم في صفات المنافقين ح (2779)، والبيهقي في الدلائل 5/ 256، 257.