الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبعثت قريش إِلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه، وكان عاصم قَتَلَ عظيمًا من عظمائهم يوم بدر، فبعث الله عليه مثل الظُّلَّة من الدَّبْرِ فحمته من رُسُلهِم، فلم يقدروا منه على شيء) (1).
وأما زيد بن الدثنة رضي الله عنه فقد اشتراه صفوان بن أمية ليقتله بأبيه أمية بن خلف، وبعث به صفوان إِلى التنعيم ليقتل خارج الحرم! فلما اجتمعت إِليه قريش قبيل قتله قال له أبو سفيان:(يا زيد، أَتُحب أن محمدًا عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه وأنك في أهلك؟ قال: والله ما أحب أن محمدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأنا جالس في أهلي قال أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدًا يحب أحدًا كَحُبِّ أصحاب محمدٍ محمدًا)(2).
الثاني: بعث بئر معونة
في شهر صفر من السنة الرابعة من الهجرة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين صحابيًا من القُرَّاء في بعثة تعليمية بقيادة المنذر بن عمرو الساعدي رضي الله عنه، مع عامر بن مالك الملقب بملاعب الأسنة، إِلى أهل نجد ليعلموهم أمور دينهم، فلما وصلوا بئر معونة، وهي بين أرض بني عامر بن صعصعة من هوازن وأرض بني سُليم، اعترضهم عدو الله عامر بن الطفيل العامري الهوزني، فندبوا له حرام بن ملحان رضي الله عنه ليكلمه، فبينما هو يكلمه أشار عامر بن الطفيل إِلى رجل فأتاه من خلفه فطعنه غدرًا رضي الله عنه (3)، فقام حرام بن ملحان بنضح الدم على وجهه ورأسه وقال:(الله أكبر، فزت ورب الكعبة)(4).
(1) البخاري، صحيح البخاري مع الفتح 7/ 437، 444، وابن هشام السيرة 2/ 120 - 123.
(2)
ابن هشام، المصدر السابق 2/ 122.
(3)
البخاري، صحيح البخاري مع الفتح 7/ 445؛ ابن هشام، السيرة النبوية 2/ 129.
(4)
البخاري، الصحيح ح رقم 4092.
ثم استصرخ عدو الله عامر بن الطفيل قبائل من بني سُليم (رِعْل وذَكْوان وعُصَيّة) على بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاتلوهم حتى قُتلوا إِلا كعب بن زيد الأنصاري الذي تُرك وبه رمق، فعاش حتى قُتِل في غزوة الخندق، ورجلين كانا في رحالهم هما: المنذر بن محمَّد بن عقبة الأنصاري، وعمرو بن أمية الضمري، فلما علما بقتل أصحابهم، قاتلهم الأنصاري حتى قُتِل، وأُسِر عمرو بن أمية، ثم أطلقه عامر بن الطفيل لمّا علم أنه من مضر برقبة كانت على أم عامر -كما زعم- فرجع عمرو الضمري إِلى المدينة، وقتل في الطريق رجلين من بني عامر بن كلاب وكان معهما أمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعلم به، ولذا وداهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفىّ بذمته وعهده (1).
وقد كان في القتلى عامر بن فهيرة، مولى أبي بكر ورفيقه في الهجرة، وحصلت له كرامة بعد استشهاده فقد قال عامر بن الطفيل لعمرو بن أمية لما أسره: من هذا؟ وأشار إِلى أحد القتلى. قال عمرو: هذا عامر بن فهيره، قال: لقد رأيته بعد ما قتل رُفع إِلى السماء حتى إِني لأنظر إِلى السماء بينه وبين الأرض ثم وضع (2).
وقد وصل خبرهم إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق الوحي، فقال:(إِن أصحابكم قد أصيبوا، وأنهم قد سألوا ربهم فقالوا: ربنا أخبر عنا إِخواننا بما رضينا عنك، ورضيت عنا. فأخْبَرهَم عنهم)(3).
لقد كان القراء من خيرة الصحابة رضوان الله عليهم، وأنفعهم للناس، حيث كانوا يقومون الليل، ويتدارسون القرآن ويتعلمون، وكانوا يحتطبون بالنهار، ويشترون بثمنه
(1) ابن هشام، السيرة النبوية 2/ 129، وخبر السرية في صحيح البخاري كتاب المغازي باب غزوة الرجيع وبئر معونة الأحاديث 4088 - 4096.
(2)
البخاري، الصحيح ح 4093.
(3)
البخاري، الصحيح ح رقم 4091 و4093.