الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وظهر النفاق، حيث دخل عبد الله بن أُبي المنافق وأصحابه في الإِسلام ظاهرًا (1). وقد نزلت في قصة بدر سورة الأنفال بتمامها، وقد تضمنت ذكر مشاهد من المعركة وتوجيهات تربوية، ونداءات للمؤمنين، كما تضمنت جملة من البشارات والمؤيدات التي أيد الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، على طريقة القرآن في التربية بالأحداث، وفيها بيان لحكم الغنيمة وأنها من الحلال الطيب.
دروس وعبر:
1 -
لقد كانت غزوة بدر معركة من معارك العقيدة التي فرق الله فيها بين الحق والباطل، قال تعالى:{وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (2)، وانتصار الحق على الباطل سُنّة جارية، ووعد دائم لا يخلف إِلا إِذا أخلف الناس؛ ذلك قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (3).
2 -
إِن الانتصار في معارك العقيدة لا تحكمه الحسابات المادية وحدها، بل يخضع لتطبيق المسلمين لشروط النصر الواردة في القرآن والسنة، من إِقامة الدين، والأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، والصبر والثبات، ولزوم الطاعة، والاجتماع وعدم الفرقة، والاعداد بما يستطاع من القوة؛ قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (4).
(1) ابن القيم: زاد المعاد 3/ 18.
(2)
سورة الأنفال، آية 41.
(3)
سورة الرعد، آية 11.
(4)
سورة الأنفال، آية 45 - 46.
وقال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ
…
الآية} (1).
3 -
ظهور عقيدة الولاء والبراء بأوضح صورها، حيث تقابل أبناء القبيلة الواحدة، والأسرة الواحدة، بل الإِخوة والآباء والأبناء، بأسيافهم، لأن قيم الإِيمان جعلت ولاءهم لله سبحانه وتعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وأصبحت رابطة العقيدة بين أفراد المجتمع المسلم تعلو فوق كل الروابط الأخرى، فهي ليست معركة اقتصادية على مصالح مادية، ولا معركة قومية، وإِنما كانت معركة عقيدة، وفي هذا رد على الذين يفسرون تاريخ المسلمين تفسيرا قوميا أو اقتصاديا.
4 -
في استشارة الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه تربية للأمة من بعده على هذا المبدأ العظيم الذي ينبغي أن يتجذّر في ثقافة الأمة (2).
5 -
في قضاء الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة بدر في الدعاء والاستغاثة والتضرع إِلى الله، بيان لأهمية الفزع إِلى الله واللجوء إِليه وخاصة في الشدائد، مع اتخاذ الوسائل المادية والمعنوية (3).
6 -
في وقوف رسول الله صلى الله عليه وسلم على البئر ومخاطبته قتلى المشركين، إِثبات للحياة البرزخية للأموات، وما فيها من النعيم والعذاب (4).
7 -
استثمار النصر وتثبيته والانتقال إِلى مواقع متقدمة، فبعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من بدر بسبعة أيام خرج لغزو بني سُلَيم فلم يقم له أحد، وفي ذي الحجة خرج لقتال
(1) سورة الأنفال، آية 60.
(2)
زيد عبد الكريم المزيد، فقه السيرة 419؛ محمَّد البوطي، فقه السيرة 218.
(3)
زيد عبد الكريم الزيد، فقه السيرة 424.
(4)
محمود العيساوي، فقه الغزوات 122.