الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
أهمية تحرير عقيدة الولاء والبراء، وخطورة موالاة المشركين (1).
5 -
إِن الأسواق من مواطن الشر التي ينبغي على الأسرة المسلمة أخذ الحيطة والحذر عند النزول إِليها.
غزوة أُحُد
في شهر شوال من السنة الثالثة من الهجرة توجهت قريش في ثلاثة آلاف مقاتل إِلى المدينة لقتال المسلمين انتقامًا لهزيمتها في غزوة بدر، واستعادةً لهيبتها ومكانتها التي اهتزت بين القبائل العربية في أعقاب بدر، وكذلك من أجل تأمين طريق تجارتها إلى الشام (2).
وجاءت الأخبار إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشار أصحابه في أن يتم قتال قريش داخل المدينة، فقالت الأكثرية: ما دُخل علينا فيها في جاهلية فكيف يدخل علينا في الإِسلام؟ ورغبوا في ملاقاتهم خارج المدينة، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته ولبس عدة الحرب، فلما خرج قالت الأنصار: ما كان لنا أن نخالفك، فاصنع ما شئت، فقال:(ما ينبغي لنبي إِذا لبس لأمته (3) أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبن عدوه) (4).
ولما وصل كفار قريش إِلى المدينة عسكروا عند جبل أحد فخرج لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش عدته ألف مقاتل، وفي الطريق إِلى أحد تظاهر المنافق عبد الله بن أبي بن سلول بالغضب، وقال: أطاعهم وعصاني؛ لأنه كان من المؤيدين للقتال داخل المدينة، ورجع معه ثلث الجيش ممن كانوا على شاكلته من النفاق والشك (5).
(1) المرجع السابق 234؛ محمد أبو فارس، السير النبوية 530.
(2)
ابن هشام، السيرة 2/ 40.
(3)
اللأمة، عدة الحرب.
(4)
انظر: ابن القيم، زاد المعاد 3/ 193، والحديث أخرجه أحمد في السند 3/ 351 وقال الهيثمي في المجمع 6/ 107: رواه أحمد ررجاله رجال الصحيح.
(5)
ابن حجر، فتح الباري 7/ 401.
وفي ميدان المعركة جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم جبل أحد خلفه، ووضع قوةً من الرماة بقيادة عبد الله بن جبير رضي الله عنه على جبل عينين والذي عرف فيما بعد بجبل الرماة، لتأمين الحماية للجيش، ومنع المشركين من اقتحام صفوف المسلمين، وقال لهم: لا تبرحوا، إِن رأيتمونا ظهرنا عليهم، وإِن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا (1).
خريطة موقعة أحد
(1) البخاري، الصحيح مع الفتح 7/ 405.
وبدأت المعركة بالمبارزة ثم التحم الجيشان، فدارت الدائرة على المشركين أول النهار فولوا مدبرين حتى انتهوا إِلى نسائهم في مؤخرة الجيش، فلما رأى الرماة هزيمة قريش، قالوا: الغنيمة، الغنيمة، فنهاهم أميرهم وذكرهم عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يستجيبوا له، وحسبوا أن ليس للمشركين رجعة، فذهبوا في طلب الغنيمة، وعندما رأى خالد بن الوليد ما فعل الرماة، استغل هذا الأمر وجاء إِلى من بقي من الرماة فقتلهم، ثم التف على المسلمين، وعند ذلك كرَّ كفار قريش على المسلمين من كل اتجاه، فاضطرب المسلمون، واختل نظامهم، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكانه، وأصيب صلى الله عليه وسلم، وسالت الدماء من وجهه الشريف وأشيع أنه قُتل، فتراجع بعض المسلمين إلى المدينة، وقعد بعضهم عن القتال، واستُشهد سبعون صحابيًا منهم، حمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير حامل اللّواء، وسعد بن الربيع رضوان الله عليهم جميعًا (1).
ولما برد القتال أشرف أبو سفيان على المسلمين ونادى: (أفي القوم محمَّد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجيبوه، فقال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ قال: صلى الله عليه وسلم لا تجيبوه، فقال: أفي القوم ابن الخطاب؟ فقال: إِن هؤلا قتلوا، فلو كانوا أحياء لأجابوا. فلم يملك عمر نفسه فقال: كذبت يا عدو الله أبقى الله لك ما يخزيك. قال أبو سفيان: اعلُ هُبل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أجيبوه. قالوا: ما نقول؟ قال: قولوا: الله أعلى وأجل. قال أبو سفيان: لنا العُزَّى ولا عُزَّى لكم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أجيبوه. قالوا: ما نقول؟ قال: قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم. قال أبو سفيان: يوم بيوم بدر، والحرب سجال، وتجدون مُثلةً، لم آمر بها ولم تسؤني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجيبوه. قالوا: ما نقول؟ قال قولوا: لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار)(2). ثم انسحبت قريش عائدة إِلى مكة دون أن تستثمر نتيجة المعركة فلم تأخذ أسيرًا ولا غنيمة.
(1) ابن سعد، الطبقات 2/ 41، ابن القيم، زاد المعاد 3/ 196.
(2)
البخاري، صحيح البخاري مع الفتح 7/ 405.