الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولغته، تقديمًا صحيحًا غير مشوبة بأساطير وخرافات المحبين الجاهلين، وغير مشوهة بتحليلات الجاحدين والمنكرين، بل تقدم حَيّةً نابضة يراها القارئ وكأنه يعيش أحداثها دون حجب التعصب، أو غشاوة العاطفة الجاهلة، لا شك أنها ستستهوي القلوب، ويرى فيها أي شخص إِنسانيته التي يحن إِليها، لأن النفوس السليمة جبلت على التسامي والتعلق بالمثل الأعلى، وقد كان في قدر الله أن يكون محمَّد صلى الله عليه وسلم مظهرًا للكمال الإِنساني، وطُلِب من الناس أن يسعوا إِليه ويحاولوا التخلق بأخلاقه، ومحاكاة سلوكه لأن هذه هي الأخلاق المرضية الكاملة عند الله تعالى (1).
النطاق الزماني للسيرة النبوية
البعثة المحمدية هي خاتمة الرسالات كما قال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّين .... الآية} (2).
ورسالته عامة لجميع الإِنس والجن، كما أن شريعته ناسخة لجميع شرائع الرسل فلا يقبل الله من أحد غير شريعته صلى الله عليه وسلم، وهي تأتي حسب التسلسل التاريخي آخر النبوات.
والسيرة النبوية في نطاقها الزماني هي من ولادته صلى الله عليه وسلم عام الفيل وحتى وفاته في الثاني عشر من شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشرة من الهجرة النبوية، وجملتها ثلاث وستون سنة قمرية ويوافقها في التاريخ الميلادي من ((571 م- 632 م)) (3)
والنبوات جميعًا تمثل وحدة تاريخية ذات حلقات متعددة، والأنبياء وأتباعهم أمة واحدة، لها سمات مشتركة، والتاريخ الإِسلامي بهذا المفهوم ليست بدايته من بعثة محمَّد صلى الله عليه وسلم كما قد يظن البعض، وإِنما بدايته الحقيقية من هبوط آدم وحواء إِلى هذه
(1) انظر: مصادر السيرة النبوية وتقويمها ص 21 - 23 (بتصرف يسير)
(2)
سورة الأحزاب، آية40.
(3)
راجع: "التقويمان الهجري والميلادي"، تأليف فريمان، وجرنفيل، ترجمة حسام الدين القدسي.
الأرض مسلمين لله رب العالمين فإِن آدم أبا البشر عليه الصلاة والسلام "نبي مكلم (1) " واستمرت ذريته عشرة قرون كلهم على التوحيد، كما ثبت بذلك الخبر عن ابن عباس رضي الله عنهما (2).
ثم لما وقع الانحراف في التوحيد وظهر الشرك في البشرية، بعث الله نوحًا عليه الصلاة والسلام ليجدد معالم التوحيد، ويعيد المشركين إِلى الحق، ثم تتابعت الرسل والأنبياء يدعون إلى عبادة الله وحده واجتناب الطاغوت كما قال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (3)
فأصل الدين واحد، وهو التوحيد الذي هو إِفراد الله بالعبادة، أما الشرائع فهي متنوعة كما قال عليه الصلاة والسلام "أنا أولى الأنبياء بعيسى بن مريم في الأولى والآخرة، والأنبياء إِخوة من عَلّات، أمهاتهم شتى، ودينهم واحد، وليس بيننا نبي"(4) ومنذ وقوع الشرك في القوم الذين بُعث إِليهم نوح عليه الصلاة والسلام انقسمت البشرية من حيث العقيدة إِلى أمتين اثنتين:
- أمة مسلمة مُوحِّدة.
- أمة كافرة مُشْرِكة.
وكل الذين صَدّقوا الرسل واتبعوهم من آدم عليه الصلاة والسلام إِلى محمَّد صلى الله عليه وسلم
(1) الخطيب التبريزي، مشكاة المصابيح 3/ 1275 ح رقم 5737 وقال رواه أحمد. وصححه الشيخ الألباني في تعليقه على الشكاة.
(2)
رواه ابن جرير في التفسير 4/ 275 والحاكم في المستدرك 2/ 546 وصححه، وانظر تفسير ابن كثير عند قوله تعالى:{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ} (1/ 364).
(3)
سورة النحل، آية 36.
(4)
صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، ح رقم 3443 والإِخوة من عَلاّت: هم أبناء الرجل الواحد من نساء شتى.