الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ظهر حديثا بعض الأدعياء، وراح يتلاعب بالقرآن، حتى توصل إلى معان مسفة يستحيي منها، فكشف العلماء دجله وحذروا منه (1).
وقال بعضهم في الآية الخاتمة لسورة العنكبوت: وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ أي أضاء المحسنين، وإنما هي لام التوكيد، و «مع» الظرفية، فانظر أنّى ذهب عن النص.
من أهم كتب التفسير الإشاري:
1 - «تفسير القرآن العظيم» ، للتّستري:
وهو أبو محمد سهل بن عبد الله بن يونس التّستري، والمولود بتستر، سنة 200، وكان من كبار العلماء العارفين، أهل الورع والكرامات، أقام بالبصرة وتوفي بها سنة 273.
وتفسيره هذا جزء واحد، يظهر أنه قطعة من مجموعة أخذت من كلامه، ونجده- في الجملة- متمشيا مع الشروط السابقة. وأنه يعنى بتزكية النفوس، وتطهير القلوب، والتحلي بالفضائل مما يدل عليه القرآن بطريق العبارة أو الإشارة.
ومن أمثلة ذلك قوله (2) في سورة الصافات [107]: وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ: «إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما أحبّ ولده بطبع البشرية، تداركه من الله فضله وعصمته حتى أمره بذبحه، إذ لم يكن المراد منه تحصيل الذبح، وإنما كان المقصود تخليص السر من حب غيره بأبلغ الأسباب، فلما خلص السر له ورجع عن عادة الطبع فداه بذبح عظيم» .
2 - «لطائف الإشارات» للقشيري:
الإمام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري، زين الإسلام.
(1) ونحوه قول بعض آخر معاصر في حديث «الحج عرفة» ، هو:«الحج عرفه» أي عرف الله. وهو عبث ركيك ينم عن جهل عميق، باللغة وبكتاب الله. قال تعالى: فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ.
(2)
تفسير التستري ص 120.
المولود سنة 376. وهو عربي النسب من قبيلة قشير. كان علّامة في علوم عصره، وتوجه بعد إتقانها إلى التصوف بتلمذته على أبي علي الحسن الدقاق، وكان الدقاق إمام عصره، فارها في العلم، جنيدي الطريقة. فجمع القشيري العلوم العقلية والنقلية والصوفية، وراح يمزج بينها بما لا يعارض بينها، وألّف كتبا كثيرة، وكانت له كرامات ظاهرة. وتوفي سنة 465 (1).
ويمتاز هذا التفسير بأنه تفسير إشاري كامل للقرآن الكريم، وأن صاحبه سار على خطة واضحة بينها في مطلع كتابه، وهي خطة تتمشى مع شروط التفسير الإشاري،
وأحيانا كثيرة مع التفسير الظاهري نفسه. وهو مطبوع في ثلاثة مجلدات كبار.
ومن أمثلة ذلك:
قوله جل ذكره: إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ.
قال القشيري (2): «الإسلام هو الإخلاص، وهو الاستسلام، وحقيقته الخروج عن أحوال البشرية بالكلية من منازعات الاختيار ومعارضات النفس.
قالَ: أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ: قابلت الأمر بالسمع والطاعة، واعتنقت الحكم على حسب الاستطاعة، ولم يدخر شيئا من ماله وبدنه وولده، وحين أمر بذبح الولد قصد الذبح، وحين قال له خله من الأسر عمل ما أمر به، فلم يكن له في الحالين اختيار ولا تدبير. ويقال: إن قوله: «أسلمت» ليس بدعوى من قبله، لأن حقيقة الإسلام إنما هو التبرّي من الحول والقوة، فإذا قال:
«أسلمت» فكأنّه قال: أقمني فيما كلّفتني، وحقق مني ما به أمرتني، فهو أحال الأمر عليه، لا لإظهار معنى أو ضمان شيء من قبل نفسه.
ويقال: أمره بأن يستأثر بمطالبات القدرة، فإن من حلّ في الخلّة محلّه يحل به لا محالة ما حلّ به
…
» إلى آخر ما ذكره من فوائد قيمة.
(1) باقتضاب عن تقديم المحقق لكتاب «لطائف الإشارات» .
(2)
لطائف الإشارات ج 1 ص 126. أخذنا المثالين منه بالتقليب العفوي.
وعند قوله جل ذكره: هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ. جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ: يقول القشيري (1):
«أي هذا القرآن فيه ذكر ما كان، وذكر الأنبياء والقصص أو يقال: إنه شرف لك، لأنه معجزة تدل على صدقك، وإن للذين يتقون المعاصي لحسن المنقلب.
جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ: أي إذا جاءوها لا يلحقهم ذلّ الحجاب، ولا كلفة الاستئذان، تستقبلهم الملائكة بالترحاب والتبجيل، متكئين فيها على أرائكهم، يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب على ما يشتهون، وعندهم حور عين قاصرات الطرف عن غير أزواجهن، أَتْرابٌ لدات مستويات في الحسن والجمال والشكل.
(1) في اللطائف ج 3 ص 260.