الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 -
إن علم المكي والمدني يعين الدارس على معرفة تاريخ التشريع والوقف على سنّة الله الحكيمة في تشريعه، بتقديم الأصول على الفروع، وترسيخ الأسس الفكرية والنفسية ثم بناء الأحكام والأوامر والنواهي عليها، مما كان له الأثر الكبير في تلقي الدعوة الإسلامية بالقبول، ومن ثم الإذعان لأحكامها.
2 -
إنه يعرف بالمكي والمدني الناسخ والمنسوخ، الذي كان من حكمة تربية القرآن في التشريع.
كيف نعرف المكي والمدني:
ذكروا لمعرفة المكي والمدني طريقتين لا ثالث لهما، وهما: السماع والقياس (1).
أما السماع:
فالمراد به النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن الصحابة الذين عاينوا التنزيل.
وقد كانت عناية الصحابة والتابعين بهذه الأمور عناية بالغة حتى نجد العالم يعتز بعلمه بهذا الموضوع.
أخرج البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «والذي لا إله غيره ما من كتاب الله سورة إلا أنا أعلم حيث نزلت وما من آية إلا أنا أعلم فيما أنزلت
…
» (2).
وقال أيوب السختياني سأل رجل عكرمة عن آية من القرآن؟ فقال:
نزلت في سفح ذلك الجبل، وأشار إلى سلع، أخرجه أبو نعيم (3).
وأما القياس:
فهو ضوابط عرفت بالاستقراء، واستدل بها العلماء على المكي والمدني، وكان ذلك موضع عناية المتقدمين.
(1) البرهان نقلا عن الجعبري أنه حددهما ج 1 ص 189.
(2)
البخاري ج 6 ص 186 - 187 ومسلم ج 7 ص 148.
(3)
الإتقان الموضع السابق.
1 -
أول هذه الضوابط ما سبق عن عبد الله بن مسعود: «كل شيء فيه يا أَيُّهَا النَّاسُ فهو بمكة، وكل شيء نزل فيه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فهو بالمدينة» .
وهذه العلامة ليست عامة عموما شاملا، بل استثني من ذلك مواضع قليلة، منها موضعان في سورة البقرة هما: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ (1) ويا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً (2) وسورة البقرة مدنية كلها اتفاقا.
وأربع مواضع في سورة النساء هي: الآية الأولى من السورة: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ. وإِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ.
ويا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ. ويا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ (3).
2 -
كل سورة فيها الاستفتاح بالحروف المقطعة فهي مكية سوى الزهراوين: البقرة وآل عمران.
3 -
كل سورة فيها كُلا فهي مكية.
4 -
كل سورة فيها ذكر آدم وإبليس فهي مكية سوى السورة الطولى- أي البقرة-.
5 -
كل سورة فيها فريضة أو حد فهي مدنية.
6 -
كل سورة فيها ذكر المنافقين فهي مدنية سوى العنكبوت.
والحكمة في ذلك ترجع إلى المقاصد الموضوعية التي نزل بها القرآن، فالخطاب في مكة كان لأمور اعتقادية تشمل كل الناس، وهي مناط إنسانيتهم،
(1) سورة البقرة، الآية 21.
(2)
سورة البقرة، الآية 168.
(3)
سورة النساء، الآيات 1 و 133 و 170 و 174، ولم نذكر يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا* في سورة الحج المكية، لأنها مكية ومدنية.