الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحجج عليهم، كما هو ملحوظ في سورة البقرة، وآل عمران، والمائدة وغيرها.
انظر مثلا قوله تعالى لليهود: ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وذلك بعد قوله:
يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ.
3 -
وصف المنافقين، وكشف فضائحهم والتحذير من أساليبهم، لأن النفاق أخطر ما تبتلى به دعوة، حتى أنزلت سورة خاصة تحمل اسم المنافقين، وغير ذلك من مواضع في القرآن تتعلق بهم.
4 -
بيان الأحكام الخاصة بالعلاقات بين الأمة الإسلامية وغيرها.
وكان ذلك أول تنظيم وتقنين يحكم العلاقات بين الدول، كالأحكام المتعلقة بالحرب، والسلم والصلح، والمعاهدات، والغنائم والأسرى، كما في سور: البقرة والأنفال وبراءة والقتال والفتح والحشر، مما جعل القانون الدولي مدينا للقرآن في هذه الأحكام، ولا تزال الأصول القرآنية في هذا الباب نبراسا يعمل بها القانون الدولي في هذا العصر.
القرآن المكي من حيث الأسلوب:
وإذا كان لكل من القرآن المكي والمدني موضوعات يعنيان بها، فلا غرو أن تكون لهما أساليبهما التي تميز أحدهما عن الآخر في كثير من الأحيان بحسب تنوع الموضوعات التي يعالجها القرآن مكيا كان أو مدنيا.
ذلك أن المبنى والمعنى، والشكل والمضمون ركنان متآزران في الأداء القرآني، كل فكرة لها قالب، ولها أسلوب وتناغم خاص، وإثارة معينة للخيال والعاطفة.
فمن سمات أسلوب القرآن المكي:
1 -
أنه يغلب عليه قصر الآيات والسور، وقوة التعبير والتناغم الموسيقى.
2 -
كثرة الفواصل القرآنية وقصرها، وتنوعها بما يتناسب مع المعاني والمواقف والصور.
3 -
كثرة أسلوب التأكيد، والاعتناء بوسائل التقرير أي ترسيخ المعاني وتثبيتها، فكثر في المكي القسم، وضرب الأمثال، والتشبيه وتكرار بعض الجمل أو الكلمات.
4 -
إن الآيات المكية يكثر فيها التجسيم الحسي، وإضفاء الحركة وخواص الحياة على الأشياء، ولا سيما في مشاهد القيامة، وأهوال النار، وبيان أحوال أهل الجنة والنار، وكذلك القصص.
والحكمة في اختيار هذه الأساليب للقرآن المكي واضحة ظاهرة لنزول القرآن بمكة، وكان أهلها ينكرون دعوة القرآن وهم أصحاب عنجهية، وحمية جاهلية، فكان المناسب لهم النذر القارعة، والعبارات الشديدة الرادعة ليزدجروا عن غيّهم، ويسلسلوا قيادهم أمام التأكيدات والتخييلات الحسية، كما أن مضمون خطابات القرآن في مكة لا يختص بالمؤمنين، بل يتوجه للناس أجمعين، يحمل الدعوة إلى أصول الإيمان، فكان من المناسب أن يبرز في إعجازها عنصر الجانب الصوتي، والجرس الموسيقى، فتصخ آياته الآذان، وتستولي على المشاعر وتدعهم في حيرة ودهشة مما يسمعون، فلا يلبث البليغ منهم أن يلقي عصا العجز، بل يرسلها قولة صريحة تعلن إعجاز القرآن.
ومن أمثلة ذلك المعروفة: الوليد بن المغيرة القرشي، الذي لم يلبث بعد أن سمع القرآن سماع تأمل وتروّ أن تغير موقفه حتى شهد للقرآن بالإعجاز فقال:«والله لقد سمعت كلاما ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة، وإن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق، وما هو بقول بشر، وإنه ليعلو ولا يعلى» .