الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - وإما أن يكون السبب خاصا ولفظ الآية عاما:
فالمعتمد الذي عليه جمهور الفقهاء والأصوليين والمفسرين وغيرهم «أن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب» .
ومن الأدلة على ذلك احتجاج الصحابة والتابعين فمن بعدهم في وقائع كثيرة بعموم آيات نزلت على أسباب خاصة، وكان ذلك الاستدلال شائعا ذائعا بينهم، لا ينكره أحد.
لذلك قال محمد بن كعب القرظي: «إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون عامة بعد» .
وسأل نجدة الحنفي ابن عباس عن قوله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما
…
أخاصّ أم عام؟ قال: بل عام (1).
ويدل لذلك أيضا أنه كما قال الإمام الزركشي:
وهذه القاعدة من البدهيات، لا يمكن للعالم أن يخصص ألفاظ القرآن العامة «بأولئك الأعيان دون غيرهم، فإن هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق» كما قال ابن تيمية (3).
وعلى ذلك درجت القوانين في الدنيا كلها، فإن القانون يصدر لأسباب خاصة في أحيان كثيرة ثم يكون حكمه عاما على الجميع.
أشهر المؤلفات في أسباب النزول:
كان التسطير في أسباب النزول من اختصاص الأئمة الكبار المحدثين
(1) الإتقان ج 1 ص 29 - 30.
(2)
البرهان ج 1 ص 24.
(3)
الإتقان ص 30. وانظر البرهان ج 1 ص 32.
المشاركين في عدد من العلوم، ثم منهم من تعرض لأسباب النزول في كتب التفسير كما نراه في كتب التفسير بالمأثور بصورة خاصة، ومنهم من أفرد جمع مادة هذا العلم في تأليف مفرد.
وأول من عرفناه ألّف في أسباب نزول القرآن الكريم شيخ البخاري الإمام علي بن عبد الله المديني (المتوفى سنة 234 هـ)، ثم تتابعت المصنفات في ذلك، لكنها لم تعن بالتنقيح ولم تلتزم ببيان السقيم من الروايات من الصحيح، مما يلزم الدارس بالتثبت والتحقيق.
وأهم الكتب المصنفة في ذلك هذان الكتابان المطبوعان:
1 -
«أسباب النزول» للإمام المفسّر النحوي المحدث أبي الحسين علي بن أحمد النيسابوري الشهير بالواحدي، المتوفى سنة 427 هـ، وقد عول فيه على رواية الأسباب بأسانيده، وأورد أشياء معلقة بدون إسناد.
2 -
«لباب النقول في أسباب النزول» للإمام المحدث الحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي (المتوفى سنة 911 هـ) جرّده من الأسانيد وعزى كل حديث لمن أخرجه، فكفى القارئ بذلك جهدا كبيرا، وزاد على ما ذكره الواحدي، غير أنه أخلّ بأمرين:
الأول: أنه لم ينص على الصحيح من غيره، معتمدا على المراجع التي أحال القارئ عليها وكثير منها نادر الوجود، وبعضه في زمننا هذا مفقود.
الثاني: أنه ترك كثيرا من أسباب النزول لم يوردها، كما يعلم من مطالعة المراجع مثل تفسير ابن كثير، والدر المنثور للسيوطي نفسه، فلا تظنن الآية نزلت مبتدأة لا على سبب لعدم ذكر سببها في اللباب فقد يكون لها في المراجع سبب أو أسباب.