الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومناسبة التسمية واضحة، لأنها كالسور تحيط بآياتها وتجمعها كاجتماع البيوت بالسور، أو لعلوّ قدرها وشرفها (1).
وفي تقسيم القرآن إلى سور وآيات فوائد كثيرة، وحكم جليلة تعرض العلماء لها، نذكر إجمالات من كلامهم عنها فيما يلي:
قال الزمخشري:
«الفائدة في تفصيل القرآن وتقطيعه سورا كثيرة
…
منها: أن الجنس إذا انطوت تحته أنواع وأصناف كان أحسن وأفخم من أن يكون بابا واحدا.
ومنها: أن القارئ إذا ختم سورة أو بابا من الكتاب ثم أخذ في آخر كان أنشط له، وأبعث على التحصيل منه لو استمر على الكتاب بطوله، ومثله المسافر إذا اقتطع ميلا أو فرسخا وانتهى إلى رأس برية نفّس ذلك منه ونشطه للمسير، ومن ثمة جزّأ القرآن أجزاء وأخماسا.
ومنها: أن الحافظ إذا حذق السورة اعتقد أنه أخذ من كتاب الله طائفة مستقلة فيعظم عنده ما حفظه، ومنه حديث أنس:«كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جلّ فينا» ، ومن ثم كانت القراءة في الصلاة بسورة أفضل.
ومنها: أن التفصيل يسبب تلاحق الأشكال والنظائر وملاءمة بعضها لبعض، وبذلك تتلاحظ المعاني والنظم، إلى غير ذلك من الفوائد».
مصدر ترتيب القرآن الكريم:
أجمع العلماء سلفا فخلفا على أن ترتيب الآيات في السور توقيفي، أي اتبع فيه الصحابة أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وتلقّاه النبي الكريم عن جبريل عليه السلام، ولا يشتبه في ذلك أحد (2).
وفي هذا يقول أبو جعفر بن الزبير: «ترتيب الآيات في سورها واقع
(1) البرهان ج 1 ص 263 و 264.
(2)
البرهان ج 1 ص 256 والإتقان ج 1 ص 60.
بتوقيفه صلى الله عليه وسلم وأمره، من غير خلاف في هذا بين المسلمين» انتهى (1).
وقال القاضي أبو بكر الباقلاني في الانتصار: «ترتيب الآيات أمر واجب وحكم لازم، فقد كان جبريل يقول: ضعوا آية كذا في موضع كذا» (2).
والأحاديث في إثبات التوقيف في ترتيب الآيات في السور كثيرة جدا كثرة تفوق حد التواتر، وتجعل من العسير استيعابها وحصرها لكنا نذكر هنا أمثلة منها تلقي الضوء على صنيع النبي صلى الله عليه وسلم:
أخرج البخاري (3) عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً قد نسختها الآية الأخرى فلم تكتبها أو تدعها؟
قال: يا ابن أخي لا أغيّر شيئا منه من مكانه.
وأخرج أحمد ومسلم (4) عن عمر قال: ما سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء أكثر مما سألته عن الكلالة، حتى طعن بإصبعه في صدري وقال:«يكفيك آية الصيف التي في آخر النساء» .
وأخرج أحمد بالإسناد الثابت عن عثمان بن أبي العاص قال كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ شخص ببصره ثم صوّبه، ثم قال:
«أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه الآية في هذا الموضع: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى» إلى آخرها (5).
ومنها الأحاديث التي تخبر عن آيات بموضعها، وذلك يشعر بكون هذا الترتيب معلوما شائعا مفروغا منه، وهي أحاديث كثيرة تعسر على الحصر:
مثل الأحاديث في فضل خواتيم البقرة في الصحيحين، وحديث فضل من
(1) الإتقان في الموضع السابق.
(2)
انظر المرجعين السابقين.
(3)
ج 6 ص 31.
(4)
المسند ج 1 ص 26 ومسلم ج 5 ص 61.
(5)
المسند ج 4 ص 218 وانظر الإتقان ج 1 ص 60.