الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد بنى اختياره هذا على شروط عالية جدا، فلم يأخذ إلا عن الإمام الذي اشتهر بالضبط والأمانة، وطول العمر في ملازمة الإقراء، مع الاتفاق على الأخذ منه، والتلقي عنه، فكان له من ذلك قراءات هؤلاء السبعة وهم:
1 -
عبد الله بن كثير الداري المكي المتوفى سنة 120 هـ.
2 -
عبد الله بن عامر اليحصبي الشامي المتوفى سنة 118 هـ.
3 -
عاصم بن أبي النّجود الأسدي الكوفي المتوفى سنة 127 هـ.
4 -
أبو عمرو زبّان بن العلاء البصري المتوفى سنة 154 هـ.
5 -
حمزة بن حبيب الزيات الكوفي المتوفى سنة 156 هـ.
6 -
نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني المتوفى سنة 169 هـ.
7 -
أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي النحوي الكوفي المتوفى سنة 189 هـ.
وقد تابع العلماء البحث لتحديد القراءات المتواترة، حتى استقر الاعتماد العلمي واشتهر على زيادة ثلاث قراءات أخرى، أضيفت إلى السبع فأصبح مجموع المتواتر من القراءات عشر قراءات، وهذه القراءات الثلاث هي قراءات هؤلاء الأئمة:
8 -
أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني المتوفى سنة 130 هـ.
9 -
يعقوب بن إسحاق الحضرمي المتوفى سنة 205 هـ.
10 -
خلف بن هشام، المتوفى سنة 229 هـ.
شبهات بعض المستشرقين حول القراءات:
دأب بعض المستشرقين على محاولة التشكيك بالقرآن العظيم وتشويش أذهان الناس، ولما أن القرآن محوط بأعظم أنواع الحفظ والصيانة في نقله وأدائه بالسطور والصدور، كان سبيل هذه الشبهات هو المغالطة وتجاهل الحقائق الثابتة، كذلك فعل المستشرق جولد تسيهر في موضوع القراءات، قال جولد تسيهر (1): «وترجع نشأة قسم كبير من هذه الاختلافات إلى خصوصية
(1) مذاهب التفسير الإسلامي ص 8.
الخط العربي الذي يقدم هيكله المرسوم مقادير صوتية مختلفة تبعا لاختلاف النقط الموضوعية فوق هذا الهيكل أو تحته، وعدد تلك النقاط، بل كذلك في حال تساوي المقادير الصوتية، يدعو اختلاف الحركات الذي لا يوجد في الكتابة الغربية الأصلية ما يحدده إلى اختلاف مواقع الإعراب للكلمة، وهذا إلى اختلاف دلالتها، وإذن فاختلاف تحلية هيكل الرسم بالنقط أو اختلاف الحركات في المحصول الموحّد القالب من الحروف الصامتة كانا هما السبب الأول في نشأة حركة اختلاف القراءات في نص لم يكن منقوطا أصلا، أو لم تتحرّ الدقة في نقطه أو تحريكه» انتهى.
كذلك يقول بعض الكاتبين المعاصرين: «وقد يدل بعضها- أي بعض الروايات- على تحريف بعض الكلمات القرآنية بمعنى قراءتها بشكل مختلف عن القراءة التي أنزلت على صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ينسجم مع الرأي الذي ينكر تواتر القراءات السبعة، ويرى أنها نتيجة لاختلاف الرواية والاجتهاد» (؟!!).
ويستدل هذا القائل لزعمه هذا ببعض روايات، وبعض نقول عن بعض الأئمة، مثل ما نقله عن جابر الجعفي عن أبي جعفر- وهو محمد الباقر- رضي الله عنه قال في رواية طويلة جاء فيها قوله: «أما كتاب الله فحرفوا
…
».
هكذا يحاول هذا المستشرق وهذا الكاتب نسبة القراءات إلى تصرف فردي واختيار شخصي، مصادمين الوقائع الثابتة، والدلائل القطعية، نكتفي منها بما يلي:
1 -
إن أحدا لم يقبل القرآن إلا موافقا للمتلقى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد مرت بنا وقائع من إنكار الصحابي لما سمع قراءة لم يسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم، وبالتالي كان من شروط القراءة المقبولة التلقي بالأسانيد.
وقد أحسّ جولدتسيهر بهذا الضعف الخطير، فراح يستره بما هو أعظم، فادعى أن شرط صحة الرواية لا يحد من حرية القراءة، لأنه ليس عسيرا- في زعمه- أن يسند المرء قراءته إلى ثقات معترف بهم فتحرز قراءته القبول» (1).
وهذا الزعم من تسيهر يكشف عن جهله بحقائق نقل القرآن عن النبي صلى الله عليه وسلم وحقائق مصطلح الحديث، أو تجاهله المتعمد لهذه الحقائق كلها، فإنه ليس يصح الحديث بمجرد الادعاء ونسبة القراءة أو الرواية إلى ثقة معرف به، بل هناك شروط الراوي ومنها العدالة والضبط، وهناك شروط سلسلة السند، وهناك السلامة من الشذوذ والعلة، وما في ذلك من تفاصيل تجعل من المتعذر حصول الاعتراف بقراءة أو رواية غير ثابتة على الحقيقة.
فضلا عن أن حقيقة المطلوب في القراءة المقبولة هو التواتر كما حققناه، لذلك لا تقبل قراءة رجل انفرد بها عن أهل بلده، كما هو متفق عليه في هذا العلم.
2 -
لو كان ثمة تسامح في القراءة وفق رسم المصحف من غير توقيف على التلقي لوجب أن يكون عدد القراءات كثيرا كثرة تبلغ أضعافا هائلة بالنسبة للقراءات الثابتة التي دققها العلماء وحققوا صحة سندها وتواترها، وقد اعترف جولدتسيهر نفسه بقراءات يسمح بها الخط، لكنها اعتبرت عند العلماء منكرة، مثل قراءة تستكثرون في قوله تعالى: وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ [الأعراف: 248].
ومثل قراءة حماد الرواية أَباهُ عوضا عن إِيَّاهُ في قوله تعالى:
وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ [التوبة: 114].
ولو كان مجرد موافقة الخط كافيا لاعتمدت هذه القراءات
…
، وحسبنا
(1) مذاهب التفسير الإسلامي ص 8.