المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب إحداد المتوفى عنها زوجها) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ٦

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي الْحِجْرِ)

- ‌(بَاب فِي دُخُولِ الْكَعْبَةِ)

- ‌(بَاب فِي مَالِ الْكَعْبَةِ)

- ‌(بَاب فِي إِتْيَانِ الْمَدِينَةِ)

- ‌(بَاب فِي تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ)

- ‌(بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ)

- ‌12 - كتاب النِّكَاح

- ‌(باب التحريض على النكاح)

- ‌(باب ما يؤمر به إلخ)

- ‌(بَاب فِي تَزْوِيجِ الْأَبْكَارِ)

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ تَزْوِيجِ مَنْ لَمْ يَلِدْ مِنْ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب فِي قَوْلِهِ تَعَالَى الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زانية)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا)

- ‌(بَاب يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ)

- ‌(بَاب فِي لَبَنِ الْفَحْلِ)

- ‌(بَاب فِي رِضَاعَةِ الْكَبِيرِ)

- ‌(باب من حَرَّمَ بِهِ [2061] أَيْ بِرَضَاعَةِ الْكَبِيرِ)

- ‌(بَاب هَلْ يُحَرِّمُ مَا دُونَ خَمْسِ رَضَعَاتٍ)

- ‌(باب في الرضخ عند الفصال)

- ‌(بَاب مَا يُكْرَهُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُنَّ مِنْ النساء)

- ‌(بَاب فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ)

- ‌(بَاب فِي الشِّغَارِ)

- ‌(بَاب فِي التَّحْلِيلِ)

- ‌(بَاب فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ مواليه)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ)

- ‌(باب الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ يُرِيدُ تَزْوِيجَهَا)

- ‌(بَاب فِي الْوَلِيِّ)

- ‌(بَاب فِي الْعَضْلِ)

- ‌(بَاب إِذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ)

- ‌(باب في قوله تعالى لا يحل لكم)

- ‌(بَاب فِي الِاسْتِئْمَارِ)

- ‌(بَابٌ فِي الْبِكْرِ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا وَلَا يَسْتَأْمِرُهَا)

- ‌(بَاب فِي الثَّيِّبِ)

- ‌(بَاب فِي الْأَكْفَاءِ)

- ‌(بَاب فِي تَزْوِيجِ مَنْ لَمْ يُولَدْ)

- ‌(بَاب الصَّدَاقِ)

- ‌(بَاب قِلَّةِ الْمَهْرِ)

- ‌(بَاب فِي التَّزْوِيجِ عَلَى الْعَمَلِ يَعْمَلُ)

- ‌(بَاب فِيمَنْ تَزَوَّجَ وَلَمْ يُسَمِّ صَدَاقًا حَتَّى مَاتَ)

- ‌(بَاب فِي خُطْبَةِ النِّكَاحِ)

- ‌(بَاب فِي تَزْوِيجِ الصِّغَارِ)

- ‌(بَاب فِي الْمُقَامِ عِنْدَ الْبِكْرِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِامْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهَا شَيْئًا)

- ‌(بَاب مَا يُقَالُ لِلْمُتَزَوِّجِ [2130] مِنَ الدُّعَاءِ)

- ‌(باب الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ فَيَجِدُهَا حُبْلَى)

- ‌(بَاب فِي الْقَسْمِ بَيْنَ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِطُ لَهَا دَارَهَا)

- ‌(بَاب فِي حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ)

- ‌(بَابٌ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا)

- ‌(بَاب فِي ضَرْبِ النِّسَاءِ)

- ‌(باب فيما يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ غَضِّ الْبَصَرِ)

- ‌(بَاب فِي وَطْءِ السَّبَايَا)

- ‌(بَاب فِي إِتْيَانِ الْحَائِضِ وَمُبَاشَرَتِهَا)

- ‌(بَاب فِي كَفَّارَةِ مَنْ أَتَى حَائِضًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْعَزْلِ)

- ‌(بَاب مَا يُكْرَهُ مِنْ ذِكْرِ الرَّجُلِ مَا يَكُونُ مِنْ إِصَابَتِهِ أَهْلَهُ)

- ‌13 - كتاب الطلاق

- ‌(باب في من خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ الطَّلَاقِ)

- ‌(بَاب فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يُرَاجِعُ وَلَا يُشْهِدُ)

- ‌(بَاب فِي سُنَّةِ طَلَاقِ الْعَبْدِ)

- ‌(بَاب فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ)

- ‌(بَاب فِي الطَّلَاقِ)

- ‌(بَاب فِي الطلاق على الهزل)

- ‌(بَاب نَسْخِ الْمُرَاجَعَةِ بَعْدَ التَّطْلِيقَاتِ الثَّلَاثِ)

- ‌(بَاب فِي ما عُنِيَ بِهِ الطَّلَاقُ وَالنِّيَّاتُ)

- ‌(بَاب فِي الْخِيَارِ)

- ‌(بَاب فِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ)

- ‌(بَاب فِي الْبَتَّةِ)

- ‌(بَاب فِي الْوَسْوَسَةِ بِالطَّلَاقِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ يَا أُخْتِي)

- ‌(بَاب فِي الظِّهَارِ)

- ‌(بَاب فِي الْخُلْعِ)

- ‌(بَاب فِي الْمَمْلُوكَةِ تُعْتَقُ وَهِيَ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ كَانَ حُرًّا)

- ‌(باب حتى يَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ)

- ‌(باب في المملوكين)

- ‌(بَاب إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ)

- ‌(بَاب إِلَى مَتَى تُرَدُّ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَهَا)

- ‌(باب فيمن أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ)

- ‌(باب إذا أسلم أحد الأبوين لمن يَكُونُ الْوَلَدُ)

- ‌(بَاب فِي اللِّعَانِ)

- ‌(بَاب إِذَا شَكَّ فِي الْوَلَدِ)

- ‌(باب في التَّغْلِيظِ فِي الِانْتِفَاءِ)

- ‌(باب في ادعاء ولد الزنى)

- ‌(بَاب فِي الْقَافَةِ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ بِالْقُرْعَةِ إِذَا تَنَازَعُوا فِي الْوَلَدِ)

- ‌(بَاب فِي وُجُوهِ النِّكَاحِ الَّتِي كَانَ يَتَنَاكَحُ بِهَا أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ)

- ‌(بَاب الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ)

- ‌(بَاب مَنْ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ)

- ‌(بَاب فِي عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ)

- ‌(بَاب فِي نَسْخِ مَا اسْتَثْنَى بِهِ مِنْ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَاتِ)

- ‌(بَاب فِي الْمُرَاجَعَةِ)

- ‌(بَاب فِي نَفَقَةِ الْمَبْتُوتَةِ)

- ‌(بَاب مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ)

- ‌(بَاب فِي الْمَبْتُوتَةِ تَخْرُجُ بِالنَّهَارِ)

- ‌(بَاب نَسْخِ مَتَاعِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا)

- ‌(بَاب إِحْدَادِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا)

- ‌(بَاب فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا تَنْتَقِلُ)

- ‌(بَاب مَنْ رَأَى التَّحَوُّلَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِلَى مَكَانٍ آخَرَ)

- ‌(بَاب فيما تجتنب الْمُعْتَدَّةُ فِي عِدَّتِهَا)

- ‌(بَاب فِي عِدَّةِ الْحَامِلِ)

- ‌(بَاب فِي عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ)

- ‌(بَاب الْمَبْتُوتَةِ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَنْكِحَ غَيْرَهُ)

- ‌(بَاب في تعظيم الزنى)

- ‌14 - كتاب الصيام

- ‌(بَاب مَبْدَإِ فَرْضِ الصِّيَامِ)

- ‌(بَاب نَسْخِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ هِيَ مُثْبَتَةٌ لِلشَّيْخِ وَالْحُبْلَى)

- ‌(بَاب الشَّهْرِ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ)

- ‌(بَاب إِذَا أَخْطَأَ الْقَوْمُ الْهِلَالَ)

- ‌(بَاب إِذَا أُغْمِيَ الشَّهْرُ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَالَ فَإِنْ غُمَّ عليكم)

- ‌(بَاب فِي التَّقَدُّمِ)

- ‌(باب إذا رؤي الهلال في بلد قبل اخرين بِلَيْلَةٍ)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ)

- ‌(بَاب في من يَصِلُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ)

- ‌(بَاب شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ)

- ‌(بَاب فِي شَهَادَةِ الْوَاحِدِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ)

- ‌(بَاب فِي تَوْكِيدِ السُّحُورِ)

- ‌(بَاب مَنْ سَمَّى السَّحُورَ الْغَدَاءَ)

- ‌(بَاب وَقْتِ السُّحُورِ)

- ‌(باب الرجل يسمع النداء)

- ‌(بَاب وَقْتِ فِطْرِ الصَّائِمِ)

- ‌(بَاب مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ)

- ‌(بَاب مَا يُفْطَرُ عَلَيْهِ)

- ‌(بَاب الْقَوْلِ عِنْدَ الْإِفْطَارِ)

- ‌(باب الفطر)

- ‌(بَاب فِي الْوِصَالِ)

- ‌(بَاب الْغِيبَةِ لِلصَّائِمِ)

- ‌(بَاب السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ)

- ‌(بَاب الصَّائِمِ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ مِنْ الْعَطَشِ وَيُبَالِغُ فِي الِاسْتِنْشَاقِ)

- ‌(بَاب فِي الصَّائِمِ يَحْتَجِمُ)

- ‌(باب في الرخصة)

الفصل: ‌(باب إحداد المتوفى عنها زوجها)

تَخْرُجُ نَهَارًا وَلَا تَخْرُجُ لَيْلًا عَلَى ظَاهِرِ الحديث انتهى

قال القارىء تعليل للخروج ويعلم منه أنه لولا التصدق لَمَا جَازَ لَهَا الْخُرُوجُ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ بِأَنْ يُرَادَ بَالتَّصَدُّقِ الْفَرْضُ وَبَالْخَيْرِ التَّطَوُّعُ وَالْهَدِيَّةُ وَالْإِحْسَانُ إِلَى الْجَارِ يَعْنِي أَنْ يَبْلُغَ مَالُكِ نِصَابًا فَتُؤَدِّي زَكَاتَهُ وَإِلَّا فَافْعَلِي مَعْرُوفًا مِنَ التَّصَدُّقِ وَالتَّقَرُّبِ وَالتَّهَادِي

وَفِيهِ أَنَّ حِفْظَ الْمَالِ وَاقْتِنَاءَهُ لِفِعْلِ الْمَعْرُوفِ مُرَخَّصٌ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مسلم والنسائي وبن مَاجَهْ

2 -

(بَاب نَسْخِ مَتَاعِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا)

بِمَا فَرَضَ لَهَا مِنْ الْمِيرَاثِ (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ منكم ويذرون) أَيْ يَتْرُكُونَ (أَزْوَاجًا وَصِيَّةً) بَالنَّصْبِ أَيْ فَلْيُوصُوا وَصِيَّةً

وَفِي قِرَاءَةٍ بَالرَّفْعِ أَيْ عَلَيْكُمْ وَصِيَّةٌ (مَتَاعًا) أَيْ مَتِّعُوهُنَّ مَتَاعًا وَهُوَ نَفَقَةُ سَنَةٍ لِطَعَامِهَا وَكِسْوَتِهَا وَسُكْنَاهَا وَمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ (غَيْرَ إِخْرَاجٍ) حَالٌ أَيْ غَيْرَ مُخْرَجَاتٍ مِنْ مَسْكَنِهِنَّ

وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ عِكْرِمَةَ وَفِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ وَفِيهِ مَقَالٌ قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ

3 -

(بَاب إِحْدَادِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا)

قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْإِحْدَادُ وَالْحِدَادُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْحَدِّ وَهُوَ الْمَنْعُ لِأَنَّهَا تُمْنَعُ الزِّينَةَ وَالطِّيبَ يُقَالُ أَحَدَّتِ الْمَرْأَةُ تُحِدُّ إِحْدَادًا وَحَدَّتْ تَحُدُّ بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَحِدُّ بِكَسْرِهَا حَدًّا

كَذَا قَالَ

ص: 285

الْجُمْهُورُ إِنَّهُ يُقَالُ أَحَدَّتْ وَحَدَّتْ

وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ لَا يُقَالُ إِلَّا أَحَدَّتْ رُبَاعِيًّا وَيُقَالُ امْرَأَةٌ حَادٌّ وَلَا يُقَالُ حَادَّةٌ

وَأَمَّا الْإِحْدَادُ فِي الشَّرْعِ فَهُوَ تَرْكُ الطِّيبِ وَالزِّينَةِ

(عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ) أَيْ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها (فَدَعَتْ بِطِيبٍ) أَيْ طَلَبَتْ طِيبًا (فِيهِ صُفْرَةٌ خَلُوقٌ) عَلَى وَزْنِ صَبُورٍ ضَرْبٌ مِنَ الطِّيبِ وَهُوَ إِمَّا مَجْرُورٌ عَلَى إِضَافَةِ صُفْرَةَ إِلَيْهِ أَوْ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِصُفْرَةَ (ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا) أَيْ بِجَانِبَيْ وَجْهِ نَفْسِهَا وَهُمَا جَانِبَا الْوَجْهِ فَوْقَ الذَّقَنِ إِلَى مَا دُونَ الْأُذُنِ (لَا يَحِلُّ) أَيْ لَا يَجُوزُ (لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بَاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله الْوَصْفُ بَالْإِيمَانِ إِشْعَارٌ بَالتَّعْلِيلِ وَأَنَّ مَنْ آمَنَ بَاللَّهِ وَبِعِقَابِهِ لَا يجترىء عَلَى مِثْلِهِ مِنَ الْعِظَامِ (أَنْ تُحِدَّ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الْإِحْدَادِ أَوْ بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا أَيْ أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنَ الزِّينَةِ وَتَتْرُكَ الطِّيبَ (إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْإِحْدَادِ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي تَفْصِيلِهِ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُعْتَدَّةٍ عَنْ وَفَاةٍ سَوَاءً الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهُ وَالصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ وَالْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ وَالْمُسْلِمَةُ وَالْكَافِرَةُ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ الْكِتَابِيَّةِ بَلْ يَخْتَصُّ بَالْمُسْلِمَةِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بَاللَّهِ فَخَصَّهُ بَالْمُؤْمِنَةِ

وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ هُوَ الَّذِي يَسْتَثْمِرُ خِطَابَ الشَّارِعِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ وَيَنْقَادُ لَهُ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَيْضًا لَا إِحْدَادَ عَلَى الصَّغِيرَةِ وَلَا عَلَى الزَّوْجَةِ الْأَمَةِ

وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا إِحْدَادَ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ وَلَا عَلَى الْأَمَةِ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهُمَا سَيِّدُهُمَا وَلَا عَلَى الزَّوْجَةِ الرَّجْعِيَّةِ

وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فقال عطاء وربيعة ومالك والليث والشافعي وبن الْمُنْذِرِ لَا إِحْدَادَ عَلَيْهَا

قَالَ وَقَالَ الْحَكَمُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ عَلَيْهَا الْإِحْدَادُ انْتَهَى

(حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا) سُمِّيَ فِي بَعْضِ الْمُوَطَّآتِ عَبْدُ اللَّهِ وَكَذَا هُوَ في صحيح بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُصْعَبٍ وَإِنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ قُتِلَ بِأُحُدٍ شَهِيدًا وَزَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي

ص: 286

سَلَمَةَ يَوْمَئِذٍ طِفْلَةٌ فَيَسْتَحِيلُ أَنْ تَكُونَ دَخَلَتْ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عُبَيْدُ اللَّهِ الْمُصَغَّرُ فَإِنَّ دُخُولَ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عِنْدَ بُلُوغِ الْخَبَرِ إِلَى الْمَدِينَةِ بِوَفَاتِهِ كَانَ وَهِيَ مُمَيِّزَةٌ أَوِ الْمَيِّتُ كَانَ أَخَا زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ مِنْ أُمِّهَا أَوْ مِنَ الرَّضَاعَةِ كَذَا فِي الْفَتْحِ

(قَالَتْ زَيْنَبُ وَسَمِعْتُ أُمِّي أُمَّ سلمة) هذا هو الحديث الثالث وأما سَلَمَةَ بَدَلٌ مِنْ أُمِّي (إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ زَوْجُهَا عَنْهَا) وَاسْمُهُ الْمُغِيرَةُ الْمَخْزُومِيُّ (وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عَيْنَيْهَا بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ

قال بن دَقِيقِ الْعِيدِ يَجُوزُ فِيهِ وَجْهَانِ ضَمُّ النُّونِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ هِيَ الْمُشْتَكِيَةُ وَفَتْحُهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ فِي اشْتَكَتْ ضَمِيرُ الْفَاعِلِ وَهِيَ الْمَرْأَةُ وَرَجَّحَ هَذَا وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَيْنَاهَا يَعْنِي وَهُوَ يُرَجِّحُ الضَّمَّ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ فِي مُسْلِمٍ وَعَلَى الضَّمِّ اقْتَصَرَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ الْأَرْجَحُ وَالَّذِي رَجَّحَ الْأَوَّلَ هو المنذري (فنكحلها) بَالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ وَبِضَمِّ الْحَاءِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَفَنَكْحُلُهَا بِذِكْرِ الْهَمْزَةِ وَفِي بَعْضِهَا أَفَتَكْحُلُهَا بِتَاءِ التَّأْنِيثِ وَالضَّمِيرُ الْبَارِزُ إِلَيْهَا أَوْ إِلَى عَيْنِهَا (لَا) أَيْ لَا تَكْحُلُهَا (مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا) أَيْ قَالَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا (كُلَّ ذَلِكَ) بَالنَّصْبِ (يَقُولُ لَا) قَالَ الطِّيبِيُّ صِفَةٌ مُؤَكِّدَةٌ لِقَوْلِهِ ثَلَاثًا

قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الِاكْتِحَالِ عَلَى الْحَادَّةِ سَوَاءٌ احْتَاجَتْ إِلَيْهِ أَمْ لَا

وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ اجْعَلِيهِ بَاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بَالنَّهَارِ

وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ أَنَّهَا إِذَا لَمْ تَحْتَجْ إِلَيْهِ لَا يَحِلُّ لَهَا وَإِنِ احْتَاجَتْ لَمْ يَجُزْ بَالنَّهَارِ وَيَجُوزُ بَاللَّيْلِ مَعَ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ فَإِنْ فَعَلَتْهُ مَسَحَتْهُ بَالنَّهَارِ إِنَّمَا هِيَ أَيِ الْعِدَّةُ الشَّرْعِيَّةُ (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) بَالنَّصْبِ عَلَى حِكَايَةِ لَفْظِ الْقُرْآنِ

قَالَ الْحَافِظُ وَلِبَعْضِهِمْ بَالرَّفْعِ وَهُوَ وَاضِحٌ (تَرْمِي بَالْبَعَرَةِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْعَيْنِ وَتُسَكَّنُ وَهِيَ رَوْثُ الْبَعِيرِ (عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ) أَيْ فِي أول السنة (قال حميد) هو بن نَافِعٍ رَاوِي الْحَدِيثِ

ص: 287

وَهُوَ مَوْصُولٌ بَالْإِسْنَادِ الْمَبْدُوءِ بِهِ (وَمَا تَرْمِي بَالْبَعَرَةِ) أَيْ بَيِّنِي لِي الْمُرَادَ بِهَذَا الْكَلَامِ الَّذِي خُوطِبَتْ بِهِ هَذِهِ الْمَرْأَةُ

(دَخَلَتْ حِفْشًا) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ وَبَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ بَيْتًا صَغِيرًا حَقِيرًا قَرِيبَ السُّمْكِ (وَلَمْ تَمَسَّ) بِفَتْحِ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْمِيمِ (حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ) أَيْ مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا (ثُمَّ تُؤْتَى) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثَهِ (بِدَابَّةٍ) بَالتَّنْوِينِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ مَا دَبَّ مِنَ الْحَيَوَانِ وَغَلَبَ عَلَى مَا يُرْكَبُ وَيَقَعُ عَلَى الْمُذَكَّرِ (حِمَارٍ) بَالتَّنْوِينِ وَالْجَرِّ عَلَى الْبَدَلِ (أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ) أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلشَّكِّ وَإِطْلَاقُ الدَّابَّةِ عَلَيْهِمَا بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ كَمَا مَرَّ (فَتَفْتَضُّ بِهِ) بِفَاءٍ فَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ فَفَاءٍ ثَانِيَةٍ ففوقية أخرى فضاد معجمة مشددة

قال بن قُتَيْبَةَ سَأَلْتُ الْحِجَازَيينَ عَنِ الِافْتِضَاضِ فَذَكَرُوا أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ كَانَتْ لَا تَمَسُّ مَاءً وَلَا تُقَلِّمُ ظُفْرًا وَلَا تُزِيلُ شَعْرًا ثُمَّ تَخْرُجُ بَعْدَ الْحَوْلِ بِأَقْبَحِ مَنْظَرٍ ثُمَّ تَفْتَضُّ أَيْ تَكْسِرُ مَا هِيَ فِيهِ مِنَ الْعِدَّةِ بِطَائِرٍ تَمْسَحُ بِهِ قُبُلَهَا وَتَنْبِذُهُ فَلَا يَكَادُ يَعِيشُ بَعْدَ مَا تَفْتَضُّ بِهِ

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ مِنْ فَضَّضْتُ الشَّيْءَ إِذَا كَسَرْتُهُ وَفَرَّقْتُهُ أَيْ أَنَّهَا كَانَتْ تَكْسِرُ مَا كَانَتْ فِيهِ مِنَ الْحِدَادِ بِتِلْكَ الدَّابَّةِ

قَالَ الْأَخْفَشُ مَعْنَاهُ تَتَنَظَّفُ بِهِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْفِضَّةِ تَشْبِيهًا لَهُ بِنَقَائِهَا وَبَيَاضِهَا وَقِيلَ تَمْسَحُ بِهِ ثُمَّ تَفْتَضُّ أَيْ تَغْتَسِلُ بَالْمَاءِ الْعَذْبِ حَتَّى تَصِيرَ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً كَالْفِضَّةِ

وَقَالَ الْخَلِيلُ الْفَضِيضُ الْمَاءُ الْعَذْبُ يُقَالُ افْتَضَضَتْ أَيِ اغْتَسَلَتْ بِهِ كَذَا قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ (فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ) أَيْ مِمَّا ذُكِرَ (إِلَّا مَاتَ) أَيْ ذَلِكَ الشَّيْءُ (فَتُعْطَى) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (فترمي بها) في رواية بن الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ فَتَرْمِي بِهَا أَمَامَهَا فَيَكُونُ ذلك إحلالا لها

وفي رواية بن وَهْبٍ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهَا

قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ (ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدَ) أَيْ بَعْدَ مَا ذُكِرَ مِنَ الِافْتِضَاضِ وَالرَّمْيِ (مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ) مِمَّا كَانَتْ مَمْنُوعَةً مِنْهُ فِي الْعِدَّةِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه

ص: 288