الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
14 - كتاب الصيام
(بَاب مَبْدَإِ فَرْضِ الصِّيَامِ)
أَيْ هَذَا الْبَابُ فِي بَيَانِ ابْتِدَاءِ فَرْضِ الصِّيَامِ
كُتِبَ عَلَيْكُمْ) أَيْ فُرِضَ (الصِّيَامُ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ الصَّوْمُ وَالصِّيَامُ فِي اللُّغَةِ الْإِمْسَاكُ وَفِي الشَّرْعِ إِمْسَاكٌ مَخْصُوصٌ فِي زَمَنٍ مَخْصُوصٍ عَنْ شَيْءٍ مَخْصُوصٍ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ
وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ الصَّوْمُ تَرْكُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالنِّكَاحِ وَالْكَلَامِ يُقَالُ صَامَ صَوْمًا وَصِيَامًا وَرَجُلٌ صَائِمٌ وَصُوَّمٌ وَقَالَ الرَّاغِبُ الصَّوْمُ فِي الْأَصْلِ الْإِمْسَاكُ عَنِ الْفِعْلِ وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلْفَرَسِ الْمُمْسِكِ عَنِ السَّيْرِ صَائِمٌ وَفِي الشَّرْعِ إِمْسَاكُ الْمُكَلَّفِ بَالنِّيَّةِ عَنْ تَنَاوُلِ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَالِاسْتِمْنَاءِ وَالِاسْتِقَاءِ مِنَ الْفَجْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ انتهى (كما كتب) أَيْ فُرِضَ
قَالَ الْعَيْنِيُّ إِنَّهُمْ تَكَلَّمُوا فِي هَذَا التَّشْبِيهِ فَقِيلَ إِنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي أَصْلِ الْوُجُوبِ لَا فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ وَالتَّشْبِيهُ لَا يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَهَذَا تَشْبِيهُ الرُّؤْيَةِ بَالرُّؤْيَةِ لَا تَشْبِيهَ الْمَرْئِيِّ بَالْمَرْئِيِّ
وَقِيلَ هَذَا التَّشْبِيهُ فِي الْأَصْلِ وَالْقَدْرِ وَالْوَقْتِ جَمِيعًا وَكَانَ عَلَى الْأَوَّلِينَ صَوْمُ رَمَضَانَ لَكِنَّهُمْ زَادُوا فِي الْعَدَدِ وَنَقَلُوا مِنْ أَيَّامِ الْحَرِّ إِلَى أَيَّامِ الِاعْتِدَالِ
وَقَالَ الطَّبَرِيُّ وَقَالَ آخَرُونَ بَلِ التَّشْبِيهُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ صَوْمَهُمْ كَانَ مِنَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِلَى الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَكَانَ ذَلِكَ فُرِضَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي أَوَّلِ مَا افْتُرِضَ عَلَيْهِمُ الصَّوْمُ
(الْعَتَمَةَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالتَّاءِ أَيِ الْعِشَاءَ (إِلَى الْقَابِلَةِ) أَيِ اللَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ (فَاخْتَانَ رَجُلٌ نَفْسَهُ) افْتِعَالٌ مِنَ الْخِيَانَةِ أَيْ خَانَ يَعْنِي ظَلَمَ (فَجَامَعَ امْرَأَتَهُ) بَيَانٌ لِلْخِيَانَةِ (وَقَدْ صَلَّى الْعِشَاءَ) الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ (وَلَمْ يُفْطِرْ) أَيْ لَمْ يَأْكُلْ هَذَا الرَّجُلُ شَبْعَانُ وَلَمْ يَتَعَشَّ وَإِنْ كَانَ أَفْطَرَ وَقْتَ الْإِفْطَارِ (ذَلِكَ) الْحُكْمُ (يُسْرًا) بَعْدَ الْعُسْرِ (وَرُخْصَةً وَمَنْفَعَةً) فَأَبَاحَ الْجِمَاعَ وَالطَّعَامَ وَالشَّرَابَ فِي جَمِيعِ اللَّيْلِ (فقال) الله عزوجل (تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ) يَعْنِي تُجَامِعُونَ النِّسَاءَ وَتَأْكُلُونَ وَتَشْرَبُونَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ حَرَامًا عَلَيْكُمْ
ذَكَرَهُ الطبري
وفي تفسير بن أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ قَالَ تَظْلِمُونَ أَنْفُسَكُمْ
قَالَهُ الْعَيْنِيُّ (وَكَانَ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ تَعَالَى عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أنفسكم إِلَى قَوْلِهِ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ (وَيَسَّرَ) لِلنَّاسِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ
(كَانَ الرَّجُلُ إذَا صَامَ فَنَامَ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا فَحَضَرَ الْإِفْطَارُ فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَفِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ كَانَ إِذَا نَامَ قَبْلَ أَنْ يَتَعَشَّى لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ شَيْئًا وَلَا يَشْرَبَ لَيْلَهُ وَيَوْمَهُ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ
وَلِأَبِي الشَّيْخِ مِنْ طَرِيقِ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ كَانَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا أَفْطَرُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَأْتُونَ النِّسَاءَ مَا لَمْ يَنَامُوا فَإِذَا نَامُوا لَمْ يَطْعَمُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إِلَى مِثْلِهَا
فَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ عَلَى أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ مُقَيَّدًا بَالنَّوْمِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي حَدِيثِ غَيْرِهِ وَقَيْدُ الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ فِي حديث بن عَبَّاسٍ الَّذِي سَبَقَ بِصَلَاةِ الْعَتَمَةِ
قُلْتُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ لِكَوْنِ مَا بَعْدَهَا مَظِنَّةَ النَّوْمِ غَالِبًا وَالتَّقْيِيدُ فِي الْحَقِيقَةِ إِنَّمَا هُوَ بَالنَّوْمِ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَحَادِيثِ انْتَهَى
وَقَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ وَقَدْ يُقَالُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا فَيَجُوزُ تَقْيِيدُ الْمَنْعِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَأَيُّهُمَا تَحَقَّقَ أَوَّلًا تَحَقَّقَ الْمَنْعُ (لَمْ يَأْكُلْ) هُوَ جَوَابُ إِذَا (إِلَى مِثْلِهَا) أَيْ إِلَى اللَّيْلَةِ الْأُخْرَى (وَإِنَّ صِرْمَةَ بْنَ قَيْسٍ) وفي