الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفَتْحِهَا
وَفِي الْمِصْبَاحِ الصَّبِرُ بِكَسْرِ الْبَاءِ فِي الْمَشْهُورِ دَوَاءٌ مُرٌّ وَسُكُونُ الْبَاءِ لِلتَّخْفِيفِ لُغَةٌ وَرُوِيَ مَعَ فَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا فَيَكُونُ فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ (فَقَالَ مَا هَذَا) أَيْ مَا هَذَا التَّلَطُّخُ وَأَنْتِ فِي الْعِدَّةِ (إِنَّهُ يَشُبُّ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ فَتَشْدِيدِ مُوَحَّدَةٍ أَيْ يُوقِدُ الْوَجْهَ وَيَزِيدُ فِي لَوْنِهِ (وَتَنْزِعِيهِ) بِكَسْرِ الزَّاي عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَلَا تَجْعَلِيهِ عَلَى مَعْنَى فَاجْعَلِيهِ بَاللَّيْلِ وَانْزِعِيهِ بَالنَّهَارِ لِأَنَّ إِلَّا فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمُفَرَّغِ لَغْوٌ وَالْكَلَامُ مُثْبَتٌ وَحَذْفُ النُّونِ فِي تَنْزِعِيهِ لِلتَّخْفِيفِ وَهُوَ خَبَرٌ فِي مَعْنَى الْأَمْرِ (قَالَ بَالسِّدْرِ) أَيِ امْتَشِطِي (تَغَلَّفِينَ) بِحَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ مِنْ تَغَلَّفَ الرَّجُلُ بَالْغَالِيَةِ أَيْ تَلَطَّخَ بِهَا أَيْ تُكْثِرِينَ مِنْهُ عَلَى شَعْرِكِ حَتَّى يَصِيرَ غِلَافًا لَهُ فَتُغَطِّيهِ كَتَغْطِيَةِ الْغِلَافِ الْمَغْلُوفِ وَرُوِيَ بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ مِنَ التَّغْلِيفِ وَهُوَ جَعْلُ الشَّيْءِ غِلَافًا لِشَيْءٍ
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ فِي السُّبُلِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَيْ لِلْمُعْتَدَّةِ فِي عِدَّتِهَا الِاكْتِحَالُ بَالْإِثْمِدِ مُسْتَدِلِّينَ بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ يعني هذا الحديث المذكور آنفا
قال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَهَذَا عِنْدِي وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِحَدِيثِهَا الْآخَرِ النَّاهِي عَنِ الْكُحْلِ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى الْعَيْنِ إِلَّا أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَرَفَ مِنَ الْحَالَةِ الَّتِي نَهَاهَا أَنَّ حَاجَتَهَا إِلَى الْكُحْلِ خَفِيفَةٌ غَيْرُ ضَرُورِيَّةٍ وَالْإِبَاحَةُ فِي اللَّيْلِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ بِذَلِكَ
قُلْتُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فَتْوَى أُمِّ سَلَمَةَ قِيَاسٌ مِنْهَا لِلْكُحْلِ عَلَى الْصَّبِرِ وَالْقِيَاسُ مَعَ النَّصِّ الثَّابِتِ وَالنَّهْيِ الْمُتَكَرِّرِ لَا يُعْمَلُ بِهِ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْإِحْدَادِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَأُمُّهَا مَجْهُولَةٌ
7 -
(بَاب فِي عِدَّةِ الْحَامِلِ)
(عَلَى سُبَيْعَةَ) بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ (الْأَسْلَمِيَّةِ) نِسْبَةٌ إِلَى بَنِي أَسْلَمَ (وهي حامل
جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ فَتُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ عَنْ سُبَيْعَةَ حَالَ كَوْنِهَا حَامِلًا (فَلَمْ تَنْشَبْ) أَيْ فَلَمْ تَمْكُثْ (فَلَمَّا تَعَلَّتْ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ طَهُرَتْ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ تَعَالَتْ وَهُمَا بِمَعْنًى
قَالَ السِّنْدِيُّ تَعَلَّتْ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ مِنْ تعلى إذا ارتفع أو برأ أَيْ إِذَا ارْتَفَعَتْ وَطَهُرَتْ أَوْ خَرَجَتْ مِنْ نِفَاسِهَا وَسَلِمَتْ (تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ) جَمْعُ خَاطِبٍ مِنَ الْخِطْبَةِ بَالْكَسْرِ (فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ) بِفَتْحِ السِّينِ اسْمُهُ عَمْرٌو وَقِيلَ حَبَّةُ بَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وقيل بالنون (بن بَعْكَكٍ) بِمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ كَافَيْنِ الْأُولَى مَفْتُوحَةٌ (رَجُلٌ) بَالرَّفْعِ بَدَلٌ مِنْ أبو السَّنَابِلِ (فَأَفْتَانِي بِأَنْ قَدْ حَلَلْتُ) بِضَمِّ التَّاءِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ (قَالَ بن شِهَابٍ) هُوَ الزُّهْرِيُّ (وَإِنْ كَانَتْ فِي دَمِهَا) أَيْ فِي دَمِ النِّفَاسِ (غَيْرَ أَنَّهُ) أَيِ الشَّأْنُ (لَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا) أَيْ لَا يُجَامِعُهَا
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا فَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب وبن عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَالَا تَنْتَظِرُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا آخِرَ الْأَجَلَيْنِ وَمَعْنَاهُ تَمْكُثُ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا فَإِنْ كَانَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ مِنْ وَقْتِ وَفَاةِ زَوْجِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَقَدْ حَلَّتْ وَإِنْ وَضَعَتْ قَبْلَ ذَلِكَ تَرَبَّصَتْ إِلَى أَنْ تَسْتَوْفِيَ الْمُدَّةَ
وَقَالَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ طَالَتِ الْمُدَّةُ أَوْ قَصُرَتْ وَهُوَ قَوْلُ عمر وبن مسعود وبن عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمْ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى
(مَنْ شَاءَ لَاعَنْتُهُ) مِنَ الْمُلَاعَنَةِ وَهُوَ الْمُبَاهَلَةُ أَيْ مَنْ يُخَالِفُنِي فَإِنْ شَاءَ فَلْيَجْتَمِعْ مَعِي حَتَّى نَلْعَنَ الْمُخَالِفَ لِلْحَقِّ وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ قَطْعِهِ وَجَزْمِهِ بِمَا يَقُولُ مِنْ غَيْرِ وَهْمٍ بِخِلَافِهِ (سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى) وَهِيَ سُورَةُ الطَّلَاقِ (بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَعَشْرًا) الْمَذْكُورَةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَالْعَمَلُ عَلَى الْمُتَأَخِّرَةِ لِأَنَّهَا نَاسِخَةٌ لِلْمُتَقَدِّمَةِ قَالَهُ السِّنْدِيُّ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ يَعْنِي بِسُورَةِ النِّسَاءِ الْقُصْرَى سُورَةُ الطَّلَاقِ وَيُرِيدُ أَنَّ نُزُولَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى نُزُولِ سُورَةِ الطَّلَاقِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي سُورَةِ الطَّلَاقِ حُكْمَ الْحَامِلِ وَأُولَاتُ الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن فَظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ مِنْهُ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى النَّسْخِ وَأَنَّ مَا فِي سُوَرةِ الطَّلَاقِ نَاسِخٌ لِلْحُكْمِ الَّذِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَعَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَحْمِلُونَهُ عَلَى النَّسْخِ لَكِنْ يُرَتِّبُونَ إِحْدَى الْآيَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى فَيَجْعَلُونَ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ فِي عِدَّةِ غَيْرِ الْحَوَامِلِ وَهَذِهِ فِي عِدَّةِ الْحَوَامِلِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وبن ماجه
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
يُسَمُّونَ التَّخْصِيص وَالتَّقْيِيد نَسْخًا وَفِي الْقُرْآن مَا يَدُلّ عَلَى تَقْدِيم آيَة الطَّلَاق فِي الْعَمَل بِهَا وَهُوَ أَنَّ قَوْله تَعَالَى (أَجَلهنَّ) مُضَاف وَمُضَاف إِلَيْهِ وَهُوَ يُفِيد الْعُمُوم أَيْ هَذَا مَجْمُوع أَجَلهنَّ لَا أَجَل لَهُنَّ غَيْره وَأَمَّا قَوْله {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} فَهُوَ فِعْل مُطْلَق لَا عُمُوم لَهُ فَإِذَا عَمِلَ بِهِ فِي غَيْر الْحَامِل كَانَ تَقْيِيدًا لِمُطْلَقِهِ بِآيَةِ الطَّلَاق فَالْحَدِيثُ مُطَابِقٌ لِلْمَفْهُومِ مِنْ دَلَالَة الْقُرْآن
وَاَللَّه أَعْلَم