الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَادِحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَرِيقَةِ الْجَزْمِ بَلْ عَدَمُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ وَعَدَمُ ذِكْرِ الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ بِدُونِ تَصْرِيحٍ بَالْإِنْكَارِ كَمَا فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ فَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يُعَدُّ قَادِحًا فِي الْحَدِيثِ وَقَدْ بُيِّنَ هَذَا فِي عِلْمِ اصْطِلَاحِ الْحَدِيثِ
وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ كَانَ ذَلِكَ ثَلَاثًا
قَالَ التِّرْمِذِيُّ قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ هِيَ وَاحِدَةٌ وَهُوَ قَوْلُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ
وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَزَيْدُ بْنُ ثابت القضاء ما قضت
وقال بن عُمَرَ إِذَا جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا وَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ وَقَالَ لَمْ أَجْعَلْ أَمْرَهَا بِيَدِهَا إِلَّا فِي وَاحِدَةٍ اسْتُحْلِفَ الزَّوْجُ وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ
وَذَهَبَ سُفْيَانُ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَى قَوْلِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ
وَأَمَّا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَقَالَ الْقَضَاءُ مَا قَضَتْ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ
وَأَمَّا إِسْحَاقُ فَذَهَبَ إِلَى قول بن عُمَرَ انْتَهَى كَلَامُ التِّرْمِذِيِّ
وَقَوْلُهُ الْقَضَاءُ مَا قَضَتْ مَعْنَاهُ الْحُكْمُ مَا نَوَتْ مِنْ رَجْعِيَّةٍ أَوْ بَائِنَةٍ وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ
وَذُكِرَ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفٌ وَلَمْ يُعْرَفْ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا
وَقَالَ النَّسَائِيُّ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ
(عَنِ الْحَسَنِ فِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ قَالَ ثَلَاثٌ) يَعْنِي إِذَا قَالَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ أَمْرُكِ بِيَدِكِ فَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ ثَلَاثًا فَتَقَعُ الثَّلَاثُ
وَقَدْ تَقَدَّمَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
4 -
(بَاب فِي الْبَتَّةِ)
(أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ) هُوَ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ صَاحِبُ الْمَذْهَبِ (طَلَّقَ امرأته
سُهَيْمَةَ) بَالتَّصْغِيرِ (الْبَتَّةَ) بِهَمْزَةِ وَصْلٍ أَيْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْبَتَّةَ (فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم المختار بناءه للفاعل قاله القارىء (وَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ إِلَّا وَاحِدَةً) عَطْفٌ عَلَى فَأَخْبَرَ (فَرَدَّهَا إِلَيْهِ)
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ بَيَانٌ أَنَّ طَلَاقَ الْبَتَّةَ وَاحِدَةٌ إِذَا لَمْ يُرِدْ بِهَا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَأَنَّهَا رَجْعِيَّةٌ غير بائن انتهى
وقال القارىء طَلَاقُ الْبَتَّةَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَإِنْ نَوَى بِهَا اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَهُوَ مَا نَوَى
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ
وَعِنْدَ مَالِكٍ ثَلَاثٌ
وَاسْتُدِلَّ بَالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ مَجْمُوعَةً تَقَعُ ثَلَاثًا وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَحْلَفَهُ أَنَّهُ أَرَادَ بَالْبَتَّةَ وَاحِدَةً فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ بِهَا أَكْثَرَ لَوَقَعَ مَا أَرَادَهُ وَلَوْ لَمْ يَفْتَرِقِ الْحَالُ لَمْ يُحَلِّفْهُ
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ وَمَعَ ضَعْفِهِ مضطرب ومع اضطرابه معارض بحديث بن عَبَّاسٍ أَنَّ الطَّلَاقَ كَانَ عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاحِدَةً فَالِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ
وَإِنْ شِئْتَ الْوُقُوفَ عَلَى ضَعْفِهِ وَاضْطِرَابِهِ فَرَاجِعِ التَّعْلِيقَ الْمُغْنِيَ شَرْحَ الدَّارَقُطْنِيِّ فَإِنَّهُ قَدْ بَيَّنَ فِيهِ أَخُونَا الْمُعَظَّمُ أَبُو الطَّيِّبِ ضَعْفَ الْحَدِيثِ وَاضْطِرَابَهُ بَالْبَسْطِ وَالتَّفْصِيلِ
(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ طَلَّقَ الحديث) قال
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَفِي تَارِيخ الْبُخَارِيِّ عَلِيّ بْن يَزِيد بْن رُكَانَة الْقُرَشِيّ عَنْ أَبِيهِ لَمْ يَصِحّ حديثه هذا لفظه
وقال
المنذري وأخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَسَأَلْتُ مُحَمَّدًا يَعْنِي الْبُخَارِيَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ فِيهِ اضْطِرَابٌ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَفِي إِسْنَادِهِ الزُّبَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَاشِمِيُّ فَقَدْ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ
وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ مُضْطَرَبٌ فِيهِ تَارَةً قِيلَ فِيهِ ثَلَاثًا وَتَارَةً قِيلَ فِيهِ وَاحِدَةً وَأَصَحُّهُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ وَأَنَّ الثَّلَاثَ ذُكِرَتْ فِيهِ عَلَى الْمَعْنَى
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدِيثُ نَافِعِ بْنِ عُجَيْرٍ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّ طُرُقَهُ ضَعِيفَةٌ وَضَعَّفَهُ أَيْضًا الْبُخَارِيُّ وَقَدْ وَقَعَ الِاضْطِرَابُ فِي إِسْنَادِهِ وَفِي مَتْنِهِ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
(قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَهَذَا أَصَحُّ من حديث بن جُرَيْجٍ أَنَّ رُكَانَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلَخْ) قَالَ بن الْقَيِّمِ فِي حَاشِيَةِ السُّنَنِ إِنَّ أَبَا دَاوُدَ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ وَإِنَّمَا قَالَ بَعْدَ رِوَايَتِهِ هذا أصح من حديث بن جُرَيْجٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ عِنْدَهُ صَحِيحٌ فَإِنَّ حديث بن جُرَيْجٍ ضَعِيفٌ وَهَذَا ضَعِيفٌ أَيْضًا فَهُوَ أَصَحُّ الضَّعِيفَيْنِ عِنْدَهُ وَكَثِيرًا مَا يُطْلِقُ أَهْلُ الْحَدِيثِ هَذِهِ الْعِبَارَةَ عَلَى أَرْجَحِ الْحَدِيثَيْنِ الضَّعِيفَيْنِ وَهُوَ كَثِيرٌ مِنْ كَلَامِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
عَبْد الْحَقّ الْإِشْبِيلِيّ فِي سَنَده كُلّهمْ ضَعِيف وَالزُّبَيْر أَضْعَفهمْ
وَذَكَر التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَاب الْعِلَل عَنْ الْبُخَارِيّ أَنَّهُ مُضْطَرَب فِيهِ تَارَة قِيلَ فِيهِ ثَلَاثًا وَتَارَة قِيلَ فِيهِ وَاحِدَة
ثُمَّ ذكر الشيخ بن الْقَيِّم كَلَام الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ وَاعْتِرَاضه عَلَى أَبِي دَاوُدَ فِي تَصْحِيحه ثُمَّ قَالَ الشَّيْخ وَفِيمَا قَالَهُ الْمُنْذِرِيّ نَظَرٌ فَإِنَّ أَبَا دَاوُدَ لَمْ يَحْكُم بِصِحَّتِهِ وَإِنَّمَا قَالَ بَعْد رِوَايَته هَذَا أصح من حديث بن جُرَيْج أَنَّهُ طَلَّقَ اِمْرَأَته ثَلَاثًا لِأَنَّهُمْ أَهْل بَيْته وَهُمْ أَعْلَم بِقَضِيَّتِهِمْ وَحَدِيثهمْ وَهَذَا لَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيث عِنْده صَحِيح فَإِنَّ حديث بن جُرَيْج ضَعِيف وَهَذَا ضَعِيف أَيْضًا فَهُوَ أَصَحّ الضَّعِيفَيْنِ عِنْده وَكَثِيرًا مَا يُطْلِق أَهْل الْحَدِيث هَذِهِ الْعِبَارَة عَلَى أَرْجَح الْحَدِيثَيْنِ الضَّعِيفَيْنِ
وَهُوَ كَثِير فِي كَلَام الْمُتَقَدِّمِينَ
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ اِصْطِلَاحًا لَهُمْ لَمْ تَدُلّ اللُّغَة عَلَى إِطْلَاق الصِّحَّة عَلَيْهِ فَإِنَّك تَقُول لِأَحَدِ الْمَرِيضَيْنِ هَذَا أَصَحّ مِنْ هَذَا وَلَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ صَحِيح مُطْلَقًا
وَاَللَّه أَعْلَم