المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب في الصائم يحتجم) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ٦

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي الْحِجْرِ)

- ‌(بَاب فِي دُخُولِ الْكَعْبَةِ)

- ‌(بَاب فِي مَالِ الْكَعْبَةِ)

- ‌(بَاب فِي إِتْيَانِ الْمَدِينَةِ)

- ‌(بَاب فِي تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ)

- ‌(بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ)

- ‌12 - كتاب النِّكَاح

- ‌(باب التحريض على النكاح)

- ‌(باب ما يؤمر به إلخ)

- ‌(بَاب فِي تَزْوِيجِ الْأَبْكَارِ)

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ تَزْوِيجِ مَنْ لَمْ يَلِدْ مِنْ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب فِي قَوْلِهِ تَعَالَى الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زانية)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا)

- ‌(بَاب يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ)

- ‌(بَاب فِي لَبَنِ الْفَحْلِ)

- ‌(بَاب فِي رِضَاعَةِ الْكَبِيرِ)

- ‌(باب من حَرَّمَ بِهِ [2061] أَيْ بِرَضَاعَةِ الْكَبِيرِ)

- ‌(بَاب هَلْ يُحَرِّمُ مَا دُونَ خَمْسِ رَضَعَاتٍ)

- ‌(باب في الرضخ عند الفصال)

- ‌(بَاب مَا يُكْرَهُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُنَّ مِنْ النساء)

- ‌(بَاب فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ)

- ‌(بَاب فِي الشِّغَارِ)

- ‌(بَاب فِي التَّحْلِيلِ)

- ‌(بَاب فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ مواليه)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ)

- ‌(باب الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ يُرِيدُ تَزْوِيجَهَا)

- ‌(بَاب فِي الْوَلِيِّ)

- ‌(بَاب فِي الْعَضْلِ)

- ‌(بَاب إِذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ)

- ‌(باب في قوله تعالى لا يحل لكم)

- ‌(بَاب فِي الِاسْتِئْمَارِ)

- ‌(بَابٌ فِي الْبِكْرِ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا وَلَا يَسْتَأْمِرُهَا)

- ‌(بَاب فِي الثَّيِّبِ)

- ‌(بَاب فِي الْأَكْفَاءِ)

- ‌(بَاب فِي تَزْوِيجِ مَنْ لَمْ يُولَدْ)

- ‌(بَاب الصَّدَاقِ)

- ‌(بَاب قِلَّةِ الْمَهْرِ)

- ‌(بَاب فِي التَّزْوِيجِ عَلَى الْعَمَلِ يَعْمَلُ)

- ‌(بَاب فِيمَنْ تَزَوَّجَ وَلَمْ يُسَمِّ صَدَاقًا حَتَّى مَاتَ)

- ‌(بَاب فِي خُطْبَةِ النِّكَاحِ)

- ‌(بَاب فِي تَزْوِيجِ الصِّغَارِ)

- ‌(بَاب فِي الْمُقَامِ عِنْدَ الْبِكْرِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِامْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهَا شَيْئًا)

- ‌(بَاب مَا يُقَالُ لِلْمُتَزَوِّجِ [2130] مِنَ الدُّعَاءِ)

- ‌(باب الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ فَيَجِدُهَا حُبْلَى)

- ‌(بَاب فِي الْقَسْمِ بَيْنَ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِطُ لَهَا دَارَهَا)

- ‌(بَاب فِي حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ)

- ‌(بَابٌ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا)

- ‌(بَاب فِي ضَرْبِ النِّسَاءِ)

- ‌(باب فيما يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ غَضِّ الْبَصَرِ)

- ‌(بَاب فِي وَطْءِ السَّبَايَا)

- ‌(بَاب فِي إِتْيَانِ الْحَائِضِ وَمُبَاشَرَتِهَا)

- ‌(بَاب فِي كَفَّارَةِ مَنْ أَتَى حَائِضًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْعَزْلِ)

- ‌(بَاب مَا يُكْرَهُ مِنْ ذِكْرِ الرَّجُلِ مَا يَكُونُ مِنْ إِصَابَتِهِ أَهْلَهُ)

- ‌13 - كتاب الطلاق

- ‌(باب في من خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ الطَّلَاقِ)

- ‌(بَاب فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يُرَاجِعُ وَلَا يُشْهِدُ)

- ‌(بَاب فِي سُنَّةِ طَلَاقِ الْعَبْدِ)

- ‌(بَاب فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ)

- ‌(بَاب فِي الطَّلَاقِ)

- ‌(بَاب فِي الطلاق على الهزل)

- ‌(بَاب نَسْخِ الْمُرَاجَعَةِ بَعْدَ التَّطْلِيقَاتِ الثَّلَاثِ)

- ‌(بَاب فِي ما عُنِيَ بِهِ الطَّلَاقُ وَالنِّيَّاتُ)

- ‌(بَاب فِي الْخِيَارِ)

- ‌(بَاب فِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ)

- ‌(بَاب فِي الْبَتَّةِ)

- ‌(بَاب فِي الْوَسْوَسَةِ بِالطَّلَاقِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ يَا أُخْتِي)

- ‌(بَاب فِي الظِّهَارِ)

- ‌(بَاب فِي الْخُلْعِ)

- ‌(بَاب فِي الْمَمْلُوكَةِ تُعْتَقُ وَهِيَ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ كَانَ حُرًّا)

- ‌(باب حتى يَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ)

- ‌(باب في المملوكين)

- ‌(بَاب إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ)

- ‌(بَاب إِلَى مَتَى تُرَدُّ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَهَا)

- ‌(باب فيمن أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ)

- ‌(باب إذا أسلم أحد الأبوين لمن يَكُونُ الْوَلَدُ)

- ‌(بَاب فِي اللِّعَانِ)

- ‌(بَاب إِذَا شَكَّ فِي الْوَلَدِ)

- ‌(باب في التَّغْلِيظِ فِي الِانْتِفَاءِ)

- ‌(باب في ادعاء ولد الزنى)

- ‌(بَاب فِي الْقَافَةِ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ بِالْقُرْعَةِ إِذَا تَنَازَعُوا فِي الْوَلَدِ)

- ‌(بَاب فِي وُجُوهِ النِّكَاحِ الَّتِي كَانَ يَتَنَاكَحُ بِهَا أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ)

- ‌(بَاب الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ)

- ‌(بَاب مَنْ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ)

- ‌(بَاب فِي عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ)

- ‌(بَاب فِي نَسْخِ مَا اسْتَثْنَى بِهِ مِنْ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَاتِ)

- ‌(بَاب فِي الْمُرَاجَعَةِ)

- ‌(بَاب فِي نَفَقَةِ الْمَبْتُوتَةِ)

- ‌(بَاب مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ)

- ‌(بَاب فِي الْمَبْتُوتَةِ تَخْرُجُ بِالنَّهَارِ)

- ‌(بَاب نَسْخِ مَتَاعِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا)

- ‌(بَاب إِحْدَادِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا)

- ‌(بَاب فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا تَنْتَقِلُ)

- ‌(بَاب مَنْ رَأَى التَّحَوُّلَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِلَى مَكَانٍ آخَرَ)

- ‌(بَاب فيما تجتنب الْمُعْتَدَّةُ فِي عِدَّتِهَا)

- ‌(بَاب فِي عِدَّةِ الْحَامِلِ)

- ‌(بَاب فِي عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ)

- ‌(بَاب الْمَبْتُوتَةِ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَنْكِحَ غَيْرَهُ)

- ‌(بَاب في تعظيم الزنى)

- ‌14 - كتاب الصيام

- ‌(بَاب مَبْدَإِ فَرْضِ الصِّيَامِ)

- ‌(بَاب نَسْخِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ هِيَ مُثْبَتَةٌ لِلشَّيْخِ وَالْحُبْلَى)

- ‌(بَاب الشَّهْرِ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ)

- ‌(بَاب إِذَا أَخْطَأَ الْقَوْمُ الْهِلَالَ)

- ‌(بَاب إِذَا أُغْمِيَ الشَّهْرُ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَالَ فَإِنْ غُمَّ عليكم)

- ‌(بَاب فِي التَّقَدُّمِ)

- ‌(باب إذا رؤي الهلال في بلد قبل اخرين بِلَيْلَةٍ)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ)

- ‌(بَاب في من يَصِلُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ)

- ‌(بَاب شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ)

- ‌(بَاب فِي شَهَادَةِ الْوَاحِدِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ)

- ‌(بَاب فِي تَوْكِيدِ السُّحُورِ)

- ‌(بَاب مَنْ سَمَّى السَّحُورَ الْغَدَاءَ)

- ‌(بَاب وَقْتِ السُّحُورِ)

- ‌(باب الرجل يسمع النداء)

- ‌(بَاب وَقْتِ فِطْرِ الصَّائِمِ)

- ‌(بَاب مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ)

- ‌(بَاب مَا يُفْطَرُ عَلَيْهِ)

- ‌(بَاب الْقَوْلِ عِنْدَ الْإِفْطَارِ)

- ‌(باب الفطر)

- ‌(بَاب فِي الْوِصَالِ)

- ‌(بَاب الْغِيبَةِ لِلصَّائِمِ)

- ‌(بَاب السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ)

- ‌(بَاب الصَّائِمِ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ مِنْ الْعَطَشِ وَيُبَالِغُ فِي الِاسْتِنْشَاقِ)

- ‌(بَاب فِي الصَّائِمِ يَحْتَجِمُ)

- ‌(باب في الرخصة)

الفصل: ‌(باب في الصائم يحتجم)

(بَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونُ صَائِمًا) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ وَصْلَ الْمَاءِ إِلَى مَوْضِعِ الدِّمَاغِ يُفْطِرُ الصَّائِمَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ كُلُّ مَا وَصَلَ إِلَى جَوْفِهِ بِفِعْلِهِ مِنْ حُقْنَةٍ وَغَيْرِهَا سَوَاءً كَانَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِ الطَّعَامِ وَالْغِذَاءِ أَوْ فِي غَيْرِهِ مِنْ حَشْوِ جَوْفِهِ

وَقَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يُوجِبُ الِاسْتِنْشَاقَ فِي الطَّهَارَةِ قَالُوا وَلَوْلَا وُجُوبِهِ لَكَانَ يَطْرَحُهُ عَنِ الصَّائِمِ أَصْلًا احْتِيَاطًا عَلَى صَوْمِهِ فَلَمَّا لَمْ يَفْعَلْ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ

8 -

(بَاب فِي الصَّائِمِ يَحْتَجِمُ)

(قَالَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْحِجَامَةَ تُفْطِرُ الصَّائِمَ قَوْلًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ هَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَقَالَا عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ وَلَيْسَتْ عَلَيْهِمَا الْكَفَّارَةُ

وَعَنْ عَطَاءٍ قَالَ مَنِ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ

وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يحتجمون ليلا منهم بن عُمَرَ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنهم

وكان مسروق والحسن وبن سِيرِينَ لَا يَرَوْنَ لِلصَّائِمِ أَنْ يَحْتَجِمَ

وَكَانَ الأوزاعي يكره ذلك

وقال بن الْمُسَيِّبِ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ إِنَّمَا كُرِهَتِ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ

وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بَالْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالشَّافِعِيُّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ

وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمُ الْحَدِيثَ فَقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ أَيْ تَعَرَّضَا لِلْإِفْطَارِ أَمَّا الْمَحْجُومُ فَلِلضَّعْفِ الَّذِي يَلْحَقُهُ مِنْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ

ص: 353

يَعْجِزَ عَنِ الصَّوْمِ وَأَمَّا الْحَاجِمُ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَصِلَ إِلَى جَوْفِهِ مِنْ طَعَامِ الدَّمِ أَوْ مِنْ بَعْضِ أَجْزَائِهِ إِذَا ضَمَّ شَفَتَيْهِ عَلَى قَصَبِ الْمُلَازِمِ

وَهَذَا كَمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ يَتَعَرَّضُ لِلْمَهَالِكِ قَدْ هَلَكَ فُلَانُ وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا سَالِمًا وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ قَدْ أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ

وَكَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ يُرِيدُ أَنَّهُ قَدْ تَعَرَّضَ لِلذَّبْحِ وَقِيلَ فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ مَرَّ بِهِمَا مَسَاءً فَقَالَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ كَأَنَّهُ عَذَرَهُمَا بِهَذَا الْقَوْلِ إِذَا كَانَا قَدْ أَمْسَيَا وَدَخَلَا فِي وَقْتِ الْإِفْطَارِ كَمَا يُقَالُ أَصْبَحَ الرَّجُلُ وَأَمْسَى وَأَظْهَرَ إِذَا دَخَلَ وَقْتَ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ وَأَحْسِبُهُ قَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ هَذَا الْحَدِيثِ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا عَلَى التَّغْلِيظِ لَهُمَا وَالدُّعَاءِ عَلَيْهِمَا كَقَوْلِهِ فِيمَنْ صَامَ الدَّهْرَ لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ فَمَعْنَى قَوْلِهِ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَيْ بَطَلَ أَجْرُ صِيَامِهِمَا فَكَأَنَّمَا صَارَا مُفْطِرَيْنِ غَيْرَ صَائِمَيْنِ

وَقِيلَ أَيْضًا مَعْنَاهُ جَازَ لَهُمَا أَنْ يُفْطِرَا كَقَوْلِكَ أَحْصُدُ الزَّرْعَ إِنْ حَانَ أَنْ يُحْصَدَ وَأَرْكَبُ الْمُهْرَ إِذَا حَانَ أَنْ يُرْكَبَ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ

وَسُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رضي الله عنه أَيُّمَا حَدِيثٍ أَصَحُّ عِنْدَكَ فِي أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ فَقَالَ حَدِيثُ ثَوْبَانَ حَدِيثُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ عَنْ ثَوْبَانَ

(أَتَى عَلَى رَجُلٍ) أَيْ مَرَّ عَلَيْهِ (بَالْبَقِيعِ) أَيْ بِمَقْبَرَةِ الْمَدِينَةِ (وَهُوَ) أَيِ الرَّجُلُ (وَهُوَ) أَيِ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَلَفْظ النَّسَائِيّ فِيهِ عَنْ شَدَّاد بْن أَوْس قَالَ كُنْت أَمْشِي مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَام فَتْح مَكَّة لِثَمَانِ عَشْرَة أَوْ سَبْع عَشْرَة مَضَتْ مِنْ رَمَضَان

فَمَرَّ بِرَجُلٍ يَحْتَجِم فَقَالَ أَفْطَرَ الْحَاجِم وَالْمَحْجُوم قال وروى بن مَاجَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَفْطَرَ الْحَاجِم وَالْمَحْجُوم وَرَوَاهُ أَحْمَد فِي مُسْنَده وَرَوَى أَحْمَد أَيْضًا عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أَفْطَرَ الْحَاجِم وَالْمَحْجُوم وَرَوَى أَحْمَد أَيْضًا عَنْ أُسَامَة بْن زَيْد عَنْ

ص: 354

النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (آخِذٌ بِيَدَيَّ) إشارة إلى كمال قربه منه عليه الصلاة والسلام (لِثَمَانِ عَشْرَةَ) بِسُكُونِ الشِّينِ وَيُكْسَرُ (خَلَتْ) أَيْ مَضَتْ (مِنْ رَمَضَانَ) وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ حِفْظِ الرَّاوِي وَضَبْطِهِ بِذِكْرِ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ وَحَالِهِ

قال المنذري وأخرجه النسائي وبن ماجه

وقد روى هذا الحديث

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَفْطَرَ الْحَاجِم وَالْمَحْجُوم وَرَوَى الْحَسَن عَنْ عَلِيّ عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَفْطَرَ الْحَاجِم وَالْمَحْجُوم رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَعَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَفْطَرَ الْحَاجِم وَالْمَحْجُوم رَوَاهُ النِّسَائِيّ وَأَعَلَّهُ بِالْوَقْفِ وَعَنْ مَعْقِل بْن سِنَان الْأَشْجَعِيّ أَنَّهُ قَالَ مَرَّ علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَحْتَجِم فِي ثَمَان عَشْرَة لَيْلَة خَلَتْ مِنْ رَمَضَان فَقَالَ أَفْطَرَ الْحَاجِم وَالْمَحْجُوم رَوَاهُ أَحْمَد وَالنَّسَائِيّ عَنْ الْحَسَن بْن مَعْقِل

وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضًا عَنْ الْحَسَن عَنْ مَعْقِل بْن يَسَار عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ الْحَسَن عَنْ غَيْر وَاحِد مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَفْطَرَ الحاجم والمحجوم رواه النسائي وعن عطاه عن بن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم أقطر الْحَاجِم وَالْمَحْجُوم رَوَاهُ النَّسَائِيّ

قَالَ الْمُنْذِرِيّ قَالَ أحمد أحاديث أفطر الحاجم والمحجوم ولا نِكَاح إِلَّا بِوَلِيٍّ يَشُدّ بَعْضهَا بَعْضًا وَأَنَا أذهب إليها

قال بن الْقَيِّم وَقَالَ أَبُو زُرْعَة حَدِيث عَطَاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعًا أَفْطَرَ الْحَاجِم وَالْمَحْجُوم حَدِيث حَسَن ذَكَره التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ

وَقَالَ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ أَيْضًا فِي رِوَايَة عَنْهُ لَا أَعْلَم فِي أَفْطَرَ الْحَاجِم حَدِيثًا أَصَحّ مِنْ حَدِيث رَافِع بْن خَدِيج وَقَالَ فِي حَدِيث شَدَّاد لَا أَرَى الْحَدِيثَيْنِ إِلَّا صَحِيحَيْنِ وَقَدْ يُمْكِن أَنْ يَكُون أَبُو أَسْمَاء سَمِعَهُ مِنْهُمَا

وَقَالَ عُثْمَان بْن سَعِيد الدَّارِمِيّ صَحَّ عِنْدِي حَدِيث أَفْطَرَ الْحَاجِم وَالْمَحْجُوم مِنْ حَدِيث ثَوْبَانِ وَشَدَّاد بْن أَوْس وَأَقُول بِهِ وَسَمِعْت أَحْمَد بْن حَنْبَل يَقُول بِهِ وَذَكَر أَنَّهُ صَحَّ عِنْده حَدِيث ثَوْبَان وَشَدَّاد

وَقَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي حَدِيث شِدَاد هَذَا إِسْنَاد صَحِيح تَقُوم بِهِ الْحَجَّة قَالَ وَهَذَا الْحَدِيث صَحِيح بِأَسَانِيد وَبِهِ نَقُول

وَعَنْ قَتَادَة عَنْ شَهْر عَنْ بِلَال قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم أَفْطَرَ الْحَاجِم وَالْمَحْجُوم رَوَاهُ النَّسَائِيّ

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَاب الْعِلَل سَأَلْت الْبُخَارِيَّ فَقَالَ لَيْسَ فِي هَذَا الْبَاب شَيْءٌ أَصَحّ مِنْ حَدِيث شَدَّاد بْن أَوْس فَقُلْت وَمَا فِيهِ مِنْ الِاضْطِرَاب فَقَالَ كِلَاهُمَا عِنْدِي صَحِيح لِأَنَّ يَحْيَى بْن سَعِيد رَوَى عَنْ أَبِي قِلَابَة عَنْ أَبِي أَسْمَاء عَنْ ثَوْبَانِ وَعَنْ أَبِي الْأَشْعَث عَنْ شَدَّاد الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا

فَقَدْ حَكَمَ الْبُخَارِيّ بِصِحَّةِ حَدِيث ثَوْبَان وَشَدَّاد

ص: 355