الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِمَّنْ أَبْطَلَ هَذَا النِّكَاحَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ النِّكَاحُ جَائِزٌ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَمَعْنَى النَّهْيِ فِي هَذَا عِنْدَهُمْ أَنْ يَسْتَحِلَّ الْفَرْجَ بِغَيْرِ مَهْرٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَصْلُ الشَّغْرِ فِي اللُّغَةِ الرَّفْعُ يُقَالُ شَغَرَ الْكَلْبُ بِرِجْلِهِ إِذَا رَفَعَهَا عِنْدَ الْبَوْلِ قَالَ وَإِنَّمَا سُمِّيَ هَذَا النِّكَاحُ شِغَارًا لِأَنَّهُمَا رَفَعَا الْمَهْرَ بَيْنَهُمَا قَالَ وَهَذَا الْقَائِلُ لَا يَنْفَصِلُ مِمَّنْ قَالَ بَلْ سُمِّيَ شِغَارًا لِأَنَّهُ رَفَعَ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ فَارْتَفَعَ النِّكَاحُ وَالْمَهْرُ مَعًا وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ النَّهْيَ قَدِ انْطَوَى عَلَى أَمْرَيْنِ معا أن البدل ها هنا لَيْسَ شَيْئًا غَيْرَ الْعَقْدِ وَلَا الْعَقْدُ شَيْءٌ غَيْرُ الْبَدَلِ فَهُوَ إِذَا فَسَدَ مَهْرًا فَسَدَ عَقْدًا وَإِذَا أَبْطَلَتْهُ الشَّرِيعَةُ فَإِنَّهَا أَفْسَدَتْهُ عَلَى الْجِهَةِ الَّتِي كَانُوا يُوقِعُونَهُ وَكَانُوا يُوقِعُونَهُ مَهْرًا وعقدا فوجب أن يفسدا معا
وكان بن أَبِي هُرَيْرَةَ يُشَبِّهُهُ بِرَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَاسْتَثْنَى عضوا من أعضائها وهو مالا خِلَافَ فِي فَسَادِهِ
قَالَ وَكَذَلِكَ الشِّغَارُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ زَوَّجَ وَلِيَّتَهُ وَاسْتَثْنَى بُضْعَهَا حَتَّى جَعَلَهُ مَهْرًا لِصَاحِبَتِهَا وَعَلَّلَهُ فَقَالَ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ لَهُ مَعْقُودٌ بِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ لَهَا مَعْقُودٌ بِهَا فَصَارَ كَالْعَبْدِ تَزَوَّجَ عَلَى أَنْ يَكُونَ رَقَبَتُهُ صَدَاقًا لِلزَّوْجَةِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ انْتَهَى
قُلْتُ صَرَّحَ بَالتَّحْدِيثِ
6 -
(بَاب فِي التَّحْلِيلِ)
[2076]
(قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَأُرَاهُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ أَظُنُّهُ وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ يَرْجِعُ إِلَى عَامِرٍ (قَدْ رَفَعَهُ) أَيِ الْحَدِيثَ (لُعِنَ الْمُحِلُّ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الْإِحْلَالِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُحَلِّلُ مِنَ التَّحْلِيلِ وَهُمَا بِمَعْنًى أَيِ الَّذِي تَزَوَّجَ مُطَلَّقَةَ غَيْرِهِ ثَلَاثًا بِقَصْدِ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ الْوَطْءِ لِيُحِلَّ الملطق نِكَاحَهَا
قِيلَ سُمِّيَ مُحَلِّلًا لِقَصْدِهِ إِلَى التَّحْلِيلِ (وَالْمُحَلَّلُ لَهُ) بِفَتْحِ اللَّامِ الْأُولَى أَيِ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْمُطَلِّقُ ثَلَاثًا
قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ اسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى بُطْلَانِ النِّكَاحِ إِذَا شَرَطَ الزَّوْجُ أَنَّهُ إِذَا نَكَحَهَا بَانَتْ مِنْهُ أَوْ شَرَطَ أَنَّهُ يُطَلِّقَهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا شَكَّ أَنَّ إِطْلَاقَهُ يَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ وَغَيْرَهَا لَكِنْ رَوَى الْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ أبي
غَسَّانَ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قال جاء رجل إلى بن عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَهَا أَخٌ لَهُ عَنْ غَيْرِ مُؤَامَرَةٍ لِيُحِلَّهَا لِأَخِيهِ هَلْ يَحِلُّ لِلْأَوَّلِ قَالَ لَا إِلَّا بِنِكَاحِ رَغْبَةٍ كُنَّا نَعُدُّ هَذَا سِفَاحًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
وَقَالَ بن حَزْمٍ لَيْسَ الْحَدِيثُ عَلَى عُمُومِهِ فِي كُلِّ مُحَلِّلٍ إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَدَخَلَ فِيهِ كُلُّ وَاهِبٍ وَبَائِعٍ وَمُزَوِّجٍ فَصَحَّ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ بَعْضَ الْمُحِلِّينَ وَهُوَ مَنْ أَحَلَّ حَرَامًا لِغَيْرِهِ بِلَا حُجَّةَ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَنْ شَرَطَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ الزَّوْجَ إِذَا لَمْ يَنْوِ تَحْلِيلَهَا لِلْأَوَّلِ وَنَوَتْهُ هِيَ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي اللَّعْنِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الشَّرْطُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَنْ شَرْطٍ بَيْنَهُمَا فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ لِأَنَّ الْعَقْدَ مُتَنَاهٍ إِلَى مُدَّةٍ كَنِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ شَرْطًا وَكَانَ نِيَّةً وَعَقِيدَةً فَهُوَ مَكْرُوهٌ فَإِنْ أَصَابَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتِ الْعِدَّةُ فَقَدْ حَلَّتْ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَقَدْ كَرِهَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنْ يُضْمِرَا أَوْ يَنْوِيَا أَوْ أَحَدُهُمَا التَّحْلِيلَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْاهُ
قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ لَا يُحِلُّهَا لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نِكَاحَ رَغْبَةٍ فَإِنْ كَانَتْ نِيَّةُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ أَوِ الثَّانِي أَوِ الْمَرْأَةِ أَنَّهُ مُحَلِّلٌ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ وَلَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إِذَا تَزَوَّجَهَا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُحَلِّلَهَا لِزَوْجِهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا لَا يُعْجِبُنِي إِلَّا أَنْ يُفَارِقَهَا وَيَسْتَأْنِفَ نِكَاحًا جَدِيدًا
وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ
انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ وَإِنَّمَا لَعَنَهُمَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ هَتْكِ الْمُرُوءَةِ وَقِلَّةِ الْحَمِيَّةِ وَالدَّلَالَةِ عَلَى خِسَّةِ النَّفْسِ وسقوطها
أما النسبة إِلَى الْمُحَلَّلِ لَهُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا بَالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُحَلِّلِ فَلِأَنَّهُ يُعِيرُ نَفْسَهُ بَالْوَطْءِ لِغَرَضِ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَطَؤُهَا لِيُعَرِّضَهَا لِوَطْءِ الْمُحَلَّلِ لَهُ وَلِذَلِكَ مَثَّلَهُ صلى الله عليه وسلم بَالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ
ذَكَرَهُ فِي الْمِرْقَاةِ نَقْلًا عَنِ الْقَاضِي
[2077]
(فَرَأَيْنَا أَنَّهُ) أَيِ الرَّجُلُ (بِمَعْنَاهُ) أَيْ بِمَعْنَى الحديث المذكور
قال المنذري وأخرجه
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَحَدِيث جَابِر الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث مُجَالِد عَنْ الشَّعْبِيّ عَنْ جَابِر أَنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم لَعَنَ الْمُحَلِّل وَالْمُحَلَّل لَهُ قَالَ هَكَذَا رَوَى أَشْعَث بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ مُجَالِد عَنْ عَامِر عَنْ جَابِر عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَهَذَا حَدِيث لَيْسَ إِسْنَاده بِالْقَائِمِ لِأَنَّ مُجَالِد بْن سَعِيد قَدْ ضَعَّفَهُ بعض أهل