الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّوْمُ نَذْرًا مُعَيَّنًا أَوْ نَفْلًا مُعْتَادًا أَوْ صَوْمًا مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِرَمَضَانَ (فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الصَّوْمَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ قَدِ اعْتَادَ صَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَيُوَافِقُ صَوْمَ الْمُعْتَادِ فَيَصُومُهُ وَلَا يَتَعَمَّدُ صَوْمَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَادَةً وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ
(لَمْ يَكُنْ يَصُومُ مِنَ السَّنَةِ شَهْرًا تاما إلا شعبان) وفي رواية بن أَبِي لَبِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ بَلْ كَانَ يَصُومُ إِلَى آخِرِهِ وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَصُومُ مِنَ السَّنَةِ شَهْرًا تَامًّا إِلَّا شَعْبَانَ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ أَيْ كَانَ يَصُومَ مُعْظَمَهُ
وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عن بن الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ جَائِزٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِذَا صَامَ أَكْثَرَ الشَّهْرِ أَنْ يَقُولَ صَامَ الشَّهْرَ كُلَّهُ وَيُقَالُ قَامَ فُلَانٌ لَيْلَتَهُ أَجْمَعَ وَلَعَلَّهُ قَدْ تَعَشَّى وَاشْتَغَلَ بِبَعْضِ أَمْرِهِ
قَالَ الترمذي كان بن الْمُبَارَكِ جَمَعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِذَلِكَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الرِّوَايَةَ الْأُولَى مُفَسِّرَةٌ لِلثَّانِيَةِ مُخَصِّصَةٌ لَهَا وَأَنَّ الْمُرَادَ بَالْكُلِّ الْأَكْثَرُ وَهُوَ مَجَازٌ قَلِيلُ الِاسْتِعْمَالِ
قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ
2 -
(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ)
(فَأَخَذَ) عَبَّادٌ (بِيَدِهِ) أَيِ الْعَلَاءِ (فَأَقَامَهُ) أَيْ أَقَامَ عَبَّادٌ الْعَلَاءَ (ثُمَّ قَالَ) عَبَّادٌ (إِنَّ هَذَا) أَيِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله الَّذِينَ رَدُّوا هَذَا الْحَدِيث لَهُمْ مَأْخَذَانِ أَحَدهمَا أَنَّهُ لَمْ يُتَابِع الْعَلَاء عَلَيْهِ أَحَد بَلْ اِنْفَرَدَ بِهِ عَنْ النَّاس وَكَيْف لَا يَكُون هَذَا مَعْرُوفًا عِنْد
الْعَلَاءَ (عَنْ أَبِيهِ) وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ (إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا) قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ كَانَ يُنْكِرُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ وَرَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ وَيَصِلُهُ بِرَمَضَانَ وَلَمْ يَكُنْ يَصُومُ مِنَ السَّنَةِ شَهْرًا تَامًّا غَيْرَهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ الْعَلَاءِ إِنْ ثَبَتَ عَلَى مَعْنَى كَرَاهِيَةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ لِيَكُونَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مُفْطِرًا أَوْ يَكُونَ مَا اسْتَحَبَّ الصِّيَامَ فِي بَقِيَّةِ شَعْبَانَ لِيَتَقَوَّى بِذَلِكَ عَلَى صِيَامِ الْفَرْضِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ كَمَا كُرِهَ لِلْحَاجِّ الصَّوْمُ بِعَرَفَةَ لِيَتَقَوَّى بَالْإِفْطَارِ عَلَى الدُّعَاءِ انْتَهَى
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ حَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ نِصْفِ شَعْبَانَ الثَّانِي وَالنَّهْيِ عَنْ تَقَدُّمِ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَبَيْنَ وِصَالَ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ وَالْجَمْعُ مُمْكِنٌ بِأَنْ يُحْمَلَ النَّهْيُ عَلَى مَنْ لَيْسَتْ لَهُ عَادَةٌ بِذَلِكَ وَيُحْمَلَ الْأَمْرُ عَلَى مَنْ لَهُ عَادَةٌ حَمْلًا لِلْمُخَاطَبِ بِذَلِكَ عَلَى مُلَازَمَةِ عَادَةِ الْخَيْرِ حَتَّى لَا يَقْطَعُ انْتَهَى مُلَخَّصًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
أَصْحَاب أَبِي هُرَيْرَة مَعَ أَنَّهُ أَمْرٌ تَعُمّ بِهِ الْبَلْوَى وَيَتَّصِل بِهِ الْعَمَل وَالْمَأْخَذ الثَّانِي أَنَّهُمْ ظَنُّوهُ مُعَارِضًا لِحَدِيثِ عَائِشَة وَأُمّ سَلَمَة فِي صِيَام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شَعْبَان كُلّه أَوْ قَلِيلًا مِنْهُ وَقَوْله إِلَّا أَنْ يَكُون لِأَحَدِكُمْ صَوْم فَلْيَصُمْهُ وَسُؤَاله لِلرَّجُلِ عَنْ صَوْمه سَرَر شَعْبَان
قَالُوا وَهَذِهِ الْأَحَادِيث أَصَحّ مِنْهُ
وَرُبَّمَا ظَنَّ بَعْضهمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيث لَمْ يَسْمَعهُ الْعَلَاء مِنْ أَبِيهِ
وَأَمَّا الْمُصَحِّحُونَ لَهُ فَأَجَابُوا عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَقْدَح فِي صِحَّته وَهُوَ حَدِيث عَلَى شَرْط مُسْلِم فَإِنَّ مُسْلِمًا أَخْرُج فِي صَحِيحه عِدَّة أَحَادِيث عَنْ الْعَلَاء عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَتَفَرُّده بِهِ تَفَرُّد ثِقَة بِحَدِيثٍ مُسْتَقِلٍّ وَلَهُ عِدَّة نَظَائِر فِي الصَّحِيح
قَالُوا وَالتَّفَرُّد الَّذِي يُعَلَّل بِهِ هُوَ تَفَرُّد الرَّجُل عَنْ النَّاس بِوَصْلِ مَا أَرْسَلُوهُ أَوْ رَفْع مَا وَقَفُوهُ أَوْ زِيَادَة لَفْظَةٍ لَمْ يَذْكُرُوهَا
وَأَمَّا الثِّقَة الْعَدْل إِذَا رَوَى حَدِيثًا وَتَفَرَّدَ بِهِ لَمْ يَكُنْ تَفَرُّده عِلَّة فَكَمْ قَدْ تَفَرَّدَ الثِّقَات بِسُنَنٍ عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَمِلَتْ بِهَا الْأُمَّة
صَحِيحٌ
حَكَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ
قَالَ وَكَانَ عبد الرحمن يعني بن مَهْدِيٍّ لَا يُحَدِّثُ بِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ إِنَّمَا أَنْكَرَهُ مِنْ جِهَةِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَإِنَّ فِيهِ مَقَالًا لِأَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ
وَمَنْ قَالَ إِنَّ النَّهْيَ عَنِ الصِّيَامِ بَعْدَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ لِأَجْلِ التَّقَوِّي عَلَى صِيَامِ رَمَضَانَ وَالِاسْتِجْمَامِ لَهُ فَقَدْ أَبْعَدَ فَإِنَّ نِصْفَ شَعْبَانَ إِذَا أَضْعَفَ كَانَ كُلُّ شَعْبَانَ أَحْرَى أَنْ يُضْعِفَ
وَقَدْ جَوَّزَ الْعُلَمَاءُ صِيَامَ جَمِيعِ شَعْبَانَ
وَالْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَقَالٌ فَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ مَعَ شِدَّةِ انْتِقَادِهِ الرِّجَالَ وَتَحَرِّيهِ فِي ذَلِكَ
وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَذَكَرَ لَهُ أَحَادِيثَ انْفَرَدَ بِهَا رُوَاتُهَا وَكَذَلِكَ فَعَلَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا
وَلِلْحُفَّاظِ فِي الرِّجَالِ مَذَاهِبُ فَعَلَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا أَدَّى إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ مِنَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ رضي الله عنهم والله أعلم
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قَالُوا وَأَمَّا ظَنُّ مُعَارَضَته بِالْأَحَادِيثِ الدَّالَّة عَلَى صِيَام شَعْبَان فَلَا مُعَارَضَة بَيْنهمَا وَإِنَّ تِلْكَ الْأَحَادِيث تَدُلّ عَلَى صَوْم نِصْفه مَعَ مَا قَبْله وَعَلَى الصَّوْم الْمُعْتَاد فِي النِّصْف الثَّانِي وَحَدِيث الْعَلَاء يَدُلّ عَلَى الْمَنْع مِنْ تَعَمُّد الصَّوْم بَعْد النِّصْف لَا لِعَادَةٍ وَلَا مُضَافًا إِلَى مَا قَبْله وَيَشْهَد لَهُ حَدِيث التَّقَدُّم
وَأَمَّا كَوْن الْعَلَاء لَمْ يَسْمَعهُ مِنْ أَبِيهِ فَهَذَا لَمْ نَعْلَم أَنَّ أَحَدًا عَلَّلَ بِهِ الْحَدِيث فَإِنَّ الْعَلَاء قَدْ ثَبَتَ سَمَاعه مِنْ أَبِيهِ
وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ الْعَلَاء عَنْ أَبِيهِ بِالْعَنْعَنَةِ غَيْر حَدِيث
وَقَدْ قَالَ (1)
لَقِيت الْعَلَاء بْن عَبْد الرَّحْمَن وَهُوَ يَطُوف فَقُلْت لَهُ بِرَبِّ هَذَا الْبَيْت حَدَّثَك أَبُوك عَنْ أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ إِذَا اِنْتَصَفَ شَعْبَان فَلَا تَصُومُوا فَقَالَ وَرَبِّ هَذَا الْبَيْت سَمِعْت أَبِي يُحَدِّث عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَره