الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْغَالِبِ الْأَكْبَرِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا تَفْضِيلَ الْعَمَلِ فِي الْعَشْرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُصُ فِي الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ عَنْ شَهْرِ رَمَضَانَ انْتَهَى (رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ) بَدَلَانِ أَوْ بَيَانَانِ أَوْ هُمَا خَبَرَا مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَحَدُهُمَا رَمَضَانُ وَالْآخِرُ ذُو الْحِجَّةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ
(بَاب إِذَا أَخْطَأَ الْقَوْمُ الْهِلَالَ)
أَيْ هَذَا بَابٌ فِي بَيَانِ أَنَّ قَوْمًا اجْتَهَدُوا فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَأَخْطَئُوا وَذَلِكَ مَثَلًا أَنَّ قَوْمًا لَمْ يَرَوُا الْهِلَالَ إِلَّا بَعْدَ الثَّلَاثِينَ فلم يفتروا حَتَّى اسْتَوْفَوُا الْعَدَدَ ثُمَّ ثَبَتَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الشَّهْرَ كَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فَمَا حُكْمُهُ
(فِيهِ) أَيْ فِي حَدِيثِ أَيُّوبَ بِسَنَدِهِ الْمَذْكُورِ (قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (وَفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ) هُوَ مَحَلُّ التَّرْجَمَةِ وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَالْأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ فَسَّرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ إِنَّمَا مَعْنَى هَذَا الصَّوْمُ وَالْفِطْرُ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَعِظَمِ النَّاسِ انْتَهَى يَعْنِي هُوَ عِنْدَ اللَّهِ مَقْبُولٌ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْخَطَأَ مَوْضُوعٌ عَنِ النَّاسِ فِيمَا كَانَ سَبِيلُهُ الِاجْتِهَادُ فَلَوْ أَنَّ قَوْمًا اجْتَهَدُوا فَلَمْ يَرَوُا الْهِلَالَ إِلَّا بَعْدَ الثَّلَاثِينَ فَلَمْ يُفْطُرُوا حَتَّى اسْتَوْفَوُا الْعَدَدَ ثُمَّ ثَبَتَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الشَّهْرَ كَانَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ فَإِنَّ صَوْمَهُمْ وَفِطْرَهُمْ مَاضٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ مِنْ وِزْرٍ أَوْ عَتْبٍ وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْحَجِّ إِذَا أَخْطَئُوا يَوْمَ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ لَيْسَ عليهم إعادته ويجزيهم أضحاؤهم كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هَذَا تَخْفِيفٌ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَرِفْقٌ بِعِبَادِهِ وَلَوْ كُلِّفُوا إِذَا أَخْطَئُوا الْعَدَدَ ثم يعيدوا لَمْ يَأْمَنُوا أَنْ يُخْطِئُوا ثَانِيًا وَأَنْ لَا يَسْلَمُوا مِنَ الْخَطَأِ ثَالِثًا وَرَابِعًا فَأَمَّا مَا كَانَ سَبِيلُهُ الِاجْتِهَادَ كَانَ الْخَطَأُ غَيْرَ مَأْمُونٍ فِيهِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَقِيلَ فِيهِ الْإِشَارَةُ إِلَى يَوْمِ الشَّكِّ لَا يُصَامُ احْتِيَاطًا وَإِنَّمَا يَصُومُ يَوْمَ يَصُومُ النَّاسُ وَقِيلَ فِيهِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ يَقُولُ إِنَّ مَنْ عَرَفَ طُلُوعَ الْقَمَرِ بِتَقْدِيرِ حِسَابِ الْمَنَازِلِ جَازَ لَهُ أَنْ
يَصُومَ بِهِ وَيُفْطِرَ دُونَ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ وَقِيلَ إِنَّ الشَّاهِدَ الْوَاحِدَ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ وَلَمْ يَحْكُمِ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ صَوْمًا لَهُ كَمَا لَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ انْتَهَى (وَكُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ) أَيْ لَا تَتَوَهَّمُوا أَنَّ الْمَوْقِفَ يَخْتَصُّ بِمَا وَقَفْتُ فِيهِ بَلْ يُجْزِئُ الْوُقُوفُ بِأَيِّ جُزْءٍ مِنْ عَرَفَةَ (وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ) أَيْ مَحَلٌّ لِلنَّحْرِ (وَكُلُّ فِجَاجٍ) جَمْعُ فَجٍّ وَهُوَ الطَّرِيقُ الْوَاسِعُ (مَكَّةَ مَنْحَرٌ) يَعْنِي فِي أَيْ مَحَلٍّ مِنْ حَوَالَيْ مَكَّةَ يُنْحَرُ الْهَدْيُ يَجُوزُ لِأَنَّهَا مِنْ أَرْضِ الْحَرَمِ وَأَرَادَ بِهِ التَّوْسِعَةَ وَنَفْيَ الْحَرَجِ (وَكُلُّ جَمْعٍ) أَيْ مُزْدَلِفَةَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ انْتَهَى
وَفِي البدر المنير بن الْمُنْكَدِرِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يلقه قاله بن مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ انْتَهَى
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَأَمَّا حَدِيث أَبِي دَاوُدَ فَقَالَ يَحْيَى بْن مَعِين مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدَر لَمْ يَسْمَع مِنْ أَبِي هُرَيْرَة
قَالَ التِّرْمِذِيّ وَفَسَّرَ بَعْض أَهْل الْعِلْم هَذَا الْحَدِيث فَقَالَ إِنَّمَا مَعْنَى هَذَا الصَّوْم وَالْفِطْر مَعَ الْجَمَاعَة وَعُظْم النَّاس
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعْنَى الْحَدِيث إِنَّ الْخَطَأ مَرْفُوع عَنْ النَّاس فِيمَا كَانَ سَبِيله الِاجْتِهَاد فَلَوْ أَنَّ قَوْمًا اِجْتَهَدُوا فَلَمْ يَرَوْا الْهِلَال إِلَّا بَعْد الثَّلَاثِينَ فَلَمْ يُفْطِرُوا حَتَّى اِسْتَوْفَوْا الْعَدَد ثُمَّ ثَبَتَ عِنْدهمْ أَنَّ الشَّهْر كَانَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ فَإِنَّ صَوْمهمْ وَفِطْرهمْ مَاضٍ لَا شَيْء عَلَيْهِمْ مِنْ وِزْر أَوْ عَنَتٍ وَكَذَلِكَ فِي الْحَجّ إِذَا أَخْطَئُوا يَوْم عَرَفَة لَيْسَ عَلَيْهِمْ إِعَادَة
وَقَالَ غَيْره فِي الْإِشَارَة إِلَى أَنَّ يَوْم الشَّكِّ لَا يُصَام اِحْتِيَاطًا وَإِنَّمَا يُصَام يَوْم يَصُوم النَّاس
وَقِيلَ فِيهِ الرَّدّ عَلَى مَنْ يَقُول إِنَّ مَنْ عَرَفَ طُلُوع الْقَمَر بِتَقْدِيرِ حِسَاب الْمَنَازِل جَازَ لَهُ أَنْ يَصُوم وَيُفْطِر دُون مَنْ يَعْلَم
وَقِيلَ إِنَّ الشَّاهِد الْوَاحِد إِذَا رَأَى الْهِلَال وَلَمْ يَحْكُم الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ أَنَّهُ لَا يَكُون هَذَا لَهُ صَوْمًا كَمَا لَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ
هَذَا آخِر كَلَامه
وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمُنْفَرِد بِالرُّؤْيَةِ لَا يَلْزَمهُ حُكْمهَا لَا فِي الصَّوْم وَلَا فِي الْفِطْر وَلَا فِي التَّعْرِيف