الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 -
(باب إذا رؤي الهلال في بلد قبل اخرين بِلَيْلَةٍ)
أَيْ فَمَا حُكْمُهُ
(بَعَثَتْهُ) أَيْ كُرَيْبًا (قَالَ) كُرَيْبٌ (حَاجَتَهَا) أَيْ أُمَّ الْفَضْلِ (فَاسْتُهِلَّ) هو بضم التاء بصيغة المجهول (قال) بن عباس (أنت رأيته) أي الهلال (قال) بن عَبَّاسٍ (أَوْ نَرَاهُ) أَيِ الْهِلَالَ (هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قد تَمَسَّكَ بِحَدِيثِ كُرَيْبٍ هَذَا مَنْ قَالَ إِنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَهْلَ بَلَدٍ رُؤْيَةُ أَهْلِ بَلَدٍ غيرها ووجه الاحتجاج به أن بن عَبَّاسٍ لَمْ يَعْمَلْ بِرُؤْيَةِ أَهْلِ الشَّامِ وَقَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ هَكَذَا أَمَرَنَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ حَفِظَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَهْلَ بَلَدٍ الْعَمَلُ بِرُؤْيَةِ أَهْلِ بَلَدٍ آخَرَ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْهِلَالِ يَسْتَهِلُّهُ أَهْلُ بَلَدٍ فِي لَيْلَةٍ ثُمَّ يَسْتَهِلُّهُ أَهْلُ بَلَدٍ آخَرَ فِي لَيْلَةٍ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا فذهب إلى ظاهر الحديث بن عَبَّاسٍ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعِكْرِمَةُ وَهُوَ مَذْهَبُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَقَالَ لِكُلِّ قَوْمٍ رُؤْيَتُهُمْ
وَقَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ إِذَا ثَبَتَ بِخَبَرِ النَّاسِ أَنَّ أَهْلَ الْبَلَدِ مِنَ الْبُلْدَانِ قَدْ رَأَوْهُ قَبْلَهُمْ فَعَلَيْهِمْ قَضَاءُ مَا أَفْطَرُوهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَمَالِكٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ انْتَهَى
وَقَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ قَوْلُهُ هَكَذَا أَمَرَنَا يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ أَمَرَنَا أَنْ لَا نَقْبَلَ شَهَادَةَ الْوَاحِدِ فِي حَقِّ الْإِفْطَارِ أَوْ أَمَرَنَا بِأَنْ نَعْتَمِدَ عَلَى رُؤْيَةِ أَهْلِ بَلَدِنَا وَلَا نَعْتَمِدَ عَنْ رُؤْيَةِ غَيْرِهِمْ وَإِلَى الْمَعْنَى الثَّانِي تَمِيلُ تَرْجَمَةُ الْمُصَنِّفِ لَكِنَّ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ مُحْتَمَلٌ فَلَا يَسْتَقِيمُ الِاسْتِدْلَالُ إِذِ الِاحْتِمَالُ يُفْسِدُ الِاسْتِدْلَالَ انْتَهَى
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ بَعْدَ نَقْلِ الْأَقْوَالِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُجَّةَ إِنَّمَا هِيَ فِي الْمَرْفُوعِ من رواية بن عَبَّاسٍ لَا فِي اجْتِهَادِهِ الَّذِي فَهِمَ عَنْهُ النَّاسُ وَالْمُشَارُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ قَوْلُهُ فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ وَالْأَمْرُ الْكَائِنُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا بِلَفْظِ لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ وَهَذَا لَا يَخْتَصُّ بِأَهْلِ نَاحِيَةٍ عَلَى جِهَةِ الِانْفِرَادِ بَلْ هُوَ خِطَابٌ لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى لُزُومِ رُؤْيَةِ أَهْلِ بَلَدٍ لِغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِلَادِ أَظْهَرُ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى عَدَمِ اللُّزُومِ لِأَنَّهُ إِذَا رَآهُ أَهْلُ بَلَدٍ فَقَدْ رَآهُ الْمُسْلِمُونَ فَيَلْزَمُ غَيْرَهُمْ مَا لَزِمَهُمُ انْتَهَى مُلَخَّصًا
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَذَاهِبَ أَحَدِهَا لِأَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ رُؤْيَتُهُمْ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حديث بن عباس ما يشهد له وحكاه بن الْمُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ وَالْقَاسِمِ وَسَالِمٍ وَإِسْحَاقَ وَحَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَمْ يَحْكِ سِوَاهُ وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَجْهًا لِلشَّافِعِيَّةِ
ثَانِيهَا مُقَابِلُهُ إِذَا رؤي بِبَلْدَةٍ لَزِمَ أَهْلَ الْبِلَادِ كُلِّهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ عند المالكية لكن حكى بن عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى خِلَافِهِ وَقَالَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا تُرَاعَى الرُّؤْيَةُ فِيمَا بَعُدَ مِنَ الْبِلَادِ كَخُرَاسَانَ وَالْأَنْدَلُسِ
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ قَدْ قَالَ شُيُوخُنَا إِذَا كَانَتْ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ ظَاهِرَةٌ قَاطِعَةٌ بِمَوْضِعٍ ثُمَّ نُقِلَ إِلَى غَيْرِهِمْ بِشَهَادَةِ اثنين لزمهم الصوم
وقال بن الْمَاجِشُونِ لَا يَلْزَمُهُمْ بَالشَّهَادَةِ إِلَّا لِأَهْلِ الْبَلَدِ الَّذِي ثَبَتَتْ فِيهِ الشَّهَادَةُ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَيَلْزَمُ النَّاسَ كُلَّهُمْ لِأَنَّ الْبِلَادَ فِي حَقِّهِ كَالْبَلَدِ الْوَاحِدِ إِذْ حُكْمُهُ نَافِذٌ فِي الْجَمِيعِ
وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِنْ تَقَارَبَتِ الْبِلَادُ كَانَ الْحُكْمُ وَاحِدًا وَإِنْ تَبَاعَدَتْ فَوَجْهَانِ لَا يَجِبُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَاخْتَارَ أَبُو الطَّيِّبِ وَطَائِفَةٌ الْوُجُوبَ وَحَكَاهُ الْبَغَوِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ
وَفِي ضَبْطِ الْبُعْدِ أَوْجُهٌ أَحَدُهَا اخْتِلَافُ الْمَطَالِعِ قَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَالصَّيْدَلَانِيُّ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ
ثَانِيهَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ قَطَعَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالنَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ
ثَالِثُهَا اخْتِلَافُ الْأَقَالِيمِ
رَابِعُهَا حَكَاهُ السَّرَخْسِيُّ فَقَالَ يَلْزَمُ كُلَّ بَلَدٍ لَا يُتَصَوَّرُ خَفَاؤُهُ عَنْهُمْ بِلَا عَارِضٍ دُونَ غيرهم
خامسها قول بن الْمَاجِشُونِ الْمُتَقَدِّمُ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
(عَنِ الْحَسَنِ فِي رَجُلٍ) هَذَا الْحَدِيثُ وُجِدَ فِي نُسْخَةٍ وَاحِدَةٍ
وَقَالَ الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ هَذَا الْحَدِيثُ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْعَبْدِ وَأَبِي بكر بن داسة انْتَهَى
كَذَا فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ