الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ كُنَّا نَسْتَمْتِعُ بَالْقُبْضَةِ مِنَ التَّمْرِ وَالدَّقِيقِ الْأَيَّامَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
وقال أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَنِكَاحُ الْمُتْعَةِ صَارَ مَنْسُوخًا فَإِنَّمَا نُسِخَ مِنْهُ شَرْطُ الْأَجَلِ فَأَمَّا مَا يَجْعَلُونَهُ صَدَاقًا فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ النَّسْخُ انْتَهَى
1 -
(بَاب فِي التَّزْوِيجِ عَلَى الْعَمَلِ يَعْمَلُ)
[2111]
(إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ) أَيْ أَمْرَ نَفْسِهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالْحَقِيقَةُ غَيْرُ مُرَادِهِ لِأَنَّ رَقَبَةَ الْحُرِّ لَا تُمْلَكُ فَكَأَنَّهَا قَالَتْ أَتَزَوَّجُكَ بِغَيْرِ صَدَاقٍ (فَقَامَتْ قِيَامًا طَوِيلًا) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَعَّدَ النَّظَرَ فِيهَا وَصَوَّبَهُ ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ (هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا إِيَّاهُ) مِنْ بَابِ الْإِفْعَالِ أَيْ تَجْعَلُ صَدَاقَهَا ذَلِكَ الشَّيْءَ وَمِنْ زَائِدَةٌ فِي الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرُ مُتَعَلِّقُ الظَّرْفِ وَجُمْلَةُ تُصْدِقُهَا فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ صِفَةٌ لِشَيْءٍ وَيَجُوزُ فِيهِ الْجَزْمُ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ (مَا عِنْدِي إِلَّا إِزَارِي هَذَا) عَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ رِدَاءٌ وَلَا إِزَارٌ غَيْرَ مَا عَلَيْهِ (فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ) لَوْ تَقْلِيلِيَّةٌ
قَالَ عِيَاضٌ وَوَهَمَ مَنْ زَعَمَ خِلَافَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ خَاتِمًا بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا
قَالَ النَّوَوِيُّ وَفِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ قَلِيلًا وَكَثِيرًا مِمَّا يُتَمَوَّلُ إِذَا تَرَاضَى بِهِ الزَّوْجَانِ لِأَنَّ خَاتِمَ الْحَدِيدِ فِي نِهَايَةٍ مِنَ الْقِلَّةِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ مَذْهَبُ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَادَّعَى بَعْضهمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيث مَنْسُوخ بِقَوْلِهِ لَا نِكَاح إِلَّا بِوَلِيٍّ وَلَا يَصِحّ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَوْهُوبَة كَانَتْ تَحِلّ لِرَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم وَقَدْ جَعَلَتْ أَمْرهَا إِلَيْهِ فَزَوَّجَهَا بِالْوِلَايَةِ وَأَمَّا دَعْوَى الْخُصُوص فِي الْحَدِيث فَإِنَّهَا مِنْ وَجْه دُون وَجْه فَالْمَخْصُوص به صلى الله عليه وسلم هُوَ نِكَاحه بِالْهِبَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَامْرَأَة مُؤْمِنَة إِنْ وَهَبَتْ نَفْسهَا لِلنَّبِيِّ) إِلَى قَوْله (خَالِصَة لَك مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ
جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ
وَفِيهِ جَوَازُ اتِّخَاذِ خَاتِمِ الْحَدِيدِ وَفِيهِ خِلَافٌ لِلسَّلَفِ وَلِأَصْحَابِنَا فِي كَرَاهَتِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يُكْرَهُ لِأَنَّ الْحَدِيثَ فِي النَّهْيِ عَنْهُ ضَعِيفٌ انْتَهَى مُخْتَصَرًا
(قَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ صَدَاقًا لِأَنَّ الْبَاءَ يَقْتَضِي الْمُقَابَلَةَ فِي الْعُقُودِ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَهْرًا لَمْ يَكُنْ لِسُؤَالِهِ إِيَّاهُ بِقَوْلِهِ هَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ مَعْنًى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَأَمَّا تَزْوِيج الْمَرْأَة عَلَى تَعْلِيم الْقُرْآن فَكَثِير مِنْ أَهْل الْعِلْم يُجِيزهُ كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَأَصْحَابهمَا وَكَثِير يَمْنَعهُ كَأَبِي حَنِيفَة وَمَالِك وَفِيهِ جَوَاز نِكَاح الْمُعْدِم الَّذِي لَا مَال لَهُ وَفِيهِ الرد عَلَى مَنْ قَالَ بِتَقْدِيرِ أَقَلّ الصَّدَاق إِمَّا بخمسة دراهم كقول بن شُبْرُمَةَ أَوْ بِعَشْرَةٍ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَة أَوْ بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا كَقَوْلِ النَّخَعِيِّ أَوْ بِخَمْسِينَ كَقَوْلِ سَعِيد بْن جُبَيْر أَوْ ثَلَاثَة دَرَاهِم أَوْ رُبْع دِينَار كَقَوْلِ مَالِك وَلَيْسَ لِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَال حُجَّة يَجِب الْمَصِير إِلَيْهَا وَلَيْسَ بَعْضهَا بِأَوْلَى مِنْ بَعْض وَغَايَة مَا ذَكَرَهُ الْمُقَدِّرُونَ قِيَاس اِسْتِبَاحَة الْبُضْع عَلَى قَطْع يَد السَّارِق وَهَذَا الْقِيَاس مَعَ مُخَالَفَته لِلنَّصِّ فَاسِد إِذْ لَيْسَ بَيْن الْبَابَيْنِ عِلَّة مُشْتَرَكَة تُوجِب إِلْحَاق أَحَدهمَا بِالْآخَرِ وَأَيْنَ قَطْع يَد السَّارِق مِنْ بَاب الصَّدَاق وَهَذَا هُوَ الْوَصْف الطَّرْدِيّ الْمَحْض الَّذِي لَا أَثَر لَهُ فِي تَعْلِيق الأحكام به وفيه جَوَاز عَرْض الْمَرْأَة نَفْسهَا عَلَى الرَّجُل الصَّالِح وَفِيهِ جَوَاز كَوْن الْوَلِيّ هُوَ الْخَاطِب وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه كَذَلِكَ وَذَكَرَ الْحَدِيث وَفِيهِ جَوَاز سُكُوت الْعَالِم وَمَنْ سُئِلَ شَيْئًا لَمْ يَرُدّ قَضَاءَهُ وَلَا الْجَوَاب عَنْهُ وَذَلِكَ أَلْيَن فِي صَرْف السَّائِل وَأَجْمَل مِنْ جِهَة الرَّدّ وَهُوَ مِنْ مَكَارِم الْأَخْلَاق وَفِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز أَنْ تَكُون مَنَافِع الْحُرّ صَدَاقًا وَفِيهِ نَظَر وَاَللَّه أَعْلَم