الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسِرِّهَا إِذَا حَصَلَتْ لَهَا الْغَيْرَةُ (يُرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا) كَذَا هُنَا مِنْ أَرَابَ رُبَاعِيًّا وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ يَرِيبُنِي مَا رَابَهَا مِنْ رَابَ ثُلَاثِيًّا
قَالَ النَّوَوِيُّ يَرِيبُنِي بِفَتْحِ الْيَاءِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ الرَّيْبُ مَا رَابَكَ مِنْ شَيْءٍ خِفْتَ عُقْبَاهُ
وَقَالَ الْفَرَّاءُ رَابَ وَأَرَابَ بِمَعْنًى
وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ رَابَنِي الْأَمْرُ تَيَقَّنْتُ مِنَ الرِّيبَةِ وَأَرَابَنِي شَكَّكَنِي وَأَوْهَمَنِي
وَحُكِيَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ أَيْضًا وَغَيْرِهِ كَقَوْلِ الْفَرَّاءِ انْتَهَى (وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا) مِنَ الْإِيذَاءِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ فَاطِمَةَ لَوْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ لَمْ يُمْنَعْ عَلِيٌّ مِنَ التَّزْوِيجِ بِهَا أَوْ بِغَيْرِهَا
وَفِي الْحَدِيثِ تَحْرِيمُ أَذَى مَنْ يَتَأَذَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِتَأَذِّيهِ لِأَنَّ أَذَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَرَامٌ اتِّفَاقًا قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ وَقَدْ جَزَمَ بِأَنَّهُ يُؤْذِيهِ مَا يُؤْذِي فَاطِمَةَ فَكُلُّ مَنْ وَقَعَ مِنْهُ فِي حَقِّ فَاطِمَةَ شَيْءٌ فَتَأَذَّتْ بِهِ فَهُوَ يُؤْذِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِشَهَادَةِ هَذَا الْخَبَرِ الصَّحِيحِ
وَلَا شَيْءَ أَعْظَمَ فِي إِدْخَالِ الْأَذَى عَلَيْهَا مِنْ قَتْلِ وَلَدِهَا وَلِهَذَا عُرِفَ بَالِاسْتِقْرَاءِ مُعَاجَلَةُ مَنْ تَعَاطَى ذَلِكَ بَالْعُقُوبَةِ فِي الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ
وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ يَقُولُ بِسَدِّ الذَّرِيعَةِ لِأَنَّ تَزْوِيجَ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ حَلَالٌ لِلرِّجَالِ مَا لَمْ يُجَاوِزِ الْأَرْبَعَ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ فِي الْحَالِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الضَّرَرِ فِي الْمَالِ وَفِيهِ بَقَاءُ عَارِ الْآبَاءِ فِي أَعْقَابِهِمْ لِقَوْلِهِ بِنْتِ عَدُوِّ اللَّهِ فَإِنَّ فِيهِ إِشْعَارًا بِأَنَّ لِلْوَصْفِ تَأْثِيرًا فِي الْمَنْعِ مَعَ أَنَّهَا هِيَ كَانَتْ مُسْلِمَةً حَسَنَةَ الْإِسْلَامِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا
4 -
(بَاب فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ)
[2072]
يَعْنِي تَزْوِيجَ الْمَرْأَةِ إِلَى أَجَلٍ فَإِذَا انْقَضَى وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ
(يُقَالُ لَهُ رَبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ (نَهَى عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ) قَدْ رُوِيَ نَسْخُ الْمُتْعَةِ بَعْدَ التَّرْخِيصِ فِي سِتَّةِ مَوَاطِنَ الْأَوَّلُ فِي خَيْبَرَ الثَّانِي فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ الثَّالِثُ عَامَ الْفَتْحِ الرَّابِعُ
عَامَ أَوْطَاسٍ الْخَامِسُ غَزْوَةِ تَبُوكٍ السَّادِسُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَهَذِهِ الَّتِي أُورِدَتْ إِلَّا أَنَّ فِي ثُبُوتِ بَعْضِهَا خِلَافًا
قَالَ الثَّوْرِيُّ الصَّوَابُ أَنَّ تَحْرِيمَهَا وَإِبَاحَتَهَا وَقَعَا مَرَّتَيْنِ فَكَانَتْ مُبَاحَةً قَبْلَ خَيْبَرَ حُرِّمَتْ فِيهَا ثُمَّ أُبِيحَتْ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ عَامُ أَوْطَاسٍ ثُمَّ حُرِّمَتْ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا
وَإِلَى هَذَا التَّحْرِيمِ ذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَذَهَبَ إِلَى بَقَاءِ الرُّخْصَةِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَرُوِيَ رُجُوعُهُمْ وَقَوْلُهُمْ بَالنَّسْخِ وَمِنْ ذلك بن عَبَّاسٍ رُوِيَ عَنْهُ بَقَاءُ الرُّخْصَةِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ إِلَى الْقَوْلِ بَالتَّحْرِيمِ
قَالَ الْبُخَارِيُّ بَيَّنَ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ منسوخ وأخرج بن مَاجَهْ عَنْ عُمَرَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لَنَا فِي الْمُتْعَةِ ثَلَاثًا ثُمَّ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وأما بن عَبَّاس فَإِنَّهُ سَلَكَ هَذَا الْمَسْلَك فِي إِبَاحَتهَا عِنْد الْحَاجَة وَالضَّرُورَة وَلَمْ يُبِحْهَا مُطْلَقًا فَلِمَا بَلَغَهُ إِكْثَار النَّاس مِنْهَا رَجَعَ وَكَأَنْ يُحْمَل التَّحْرِيم عَلَى مَنْ لَمْ يَحْتَجْ إِلَيْهَا
قَالَ الخطابي حدثنا بن السَّمَّاك حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن سَلَّام حَدَّثَنَا الْفَضْل بْن دُكَيْن حَدَّثَنَا عَبْد السَّلَام عَنْ الْحَجَّاج عن أبي خالد عن المنهال عن بن جُبَيْر قَالَ قُلْت لِابْنِ عَبَّاس هَلْ تَدْرِي مَا صَنَعْت وَبِمَا أَفْتَيْت قَدْ سَارَتْ بِفُتْيَاك الرُّكْبَان وَقَالَتْ فِيهِ الشُّعَرَاء
قَالَ وَمَا قَالُوا قُلْت قَالُوا قَدْ قُلْت لِلشَّيْخِ لَمَّا طَالَ محبسه يا صاح هل في فتيا بن عَبَّاس هَلْ لَك فِي رُخْصَة الْأَطْرَاف آنِسَة تكون مثواك حتى رجعة الناس فقال بن عَبَّاس إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ وَاَللَّه مَا بِهَذَا أَفْتَيْت وَلَا هَذَا أَرَدْت وَلَا أَحْلَلْت إِلَّا مِثْل مَا أَحَلَّ اللَّه الْمَيْتَة وَالدَّم وَلَحْم الْخِنْزِير وَمَا تَحِلّ إِلَّا لِلْمُضْطَرِّ وَمَا هِيَ إِلَّا كَالْمَيْتَةِ وَالدَّم وَلَحْم الْخِنْزِير
وَقَالَ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ حَدَّثَنَا رَوْح بْن عُبَادَةَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْن عُبَيْدَة سَمِعْت مُحَمَّد بن كعب القرظي يحدث عن بن عَبَّاس قَالَ كَانَتْ الْمُتْعَة فِي أَوَّل الْإِسْلَام مُتْعَة النِّسَاء فَكَانَ الرَّجُل يَقْدَم بِسِلْعَتِهِ الْبَلَد لَيْسَ لَهُ مَنْ يَحْفَظ عَلَيْهِ شَيْئَهُ وَيَضُمّ إِلَيْهِ مَتَاعه فَيَتَزَوَّج الْمَرْأَة إِلَى قَدْر مَا يَرَى أَنَّهُ يَقْضِي حَاجَته وَقَدْ كَانَتْ تَقْرَأ / < فَمَا اِسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَل مُسَمًّى فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ > / حَتَّى نَزَلَتْ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتكُمْ} إِلَى قَوْله {مُحْصِنِينَ غَيْر مُسَافِحِينَ} فَتُرِكَتْ الْمُتْعَة وَكَانَ الْإِحْصَان إِذَا شَاءَ طَلَّقَ وَإِذَا شَاءَ أَمْسَكَ وَيَتَوَارَثَانِ وَلَيْسَ لَهُمَا مِنْ الْأَمْر شَيْء
فهاتان الروايتان المقيدتان عن بن عَبَّاس تُفَسِّرَانِ مُرَاده مِنْ الرِّوَايَة الْمُطْلَقَة الْمُقَيَّدَة والله أعلم
حَرَّمَهَا وَاللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَمَتَّعَ وَهُوَ محصن إلا رجمته بالحجارة
وقال بن عُمَرَ نَهَانَا عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا كُنَّا مُسَافِحِينَ
إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ
وَالْقَوْلُ بِأَنَّ إِبَاحَتَهَا قَطْعِيٌّ وَنَسْخَهَا ظَنِّيٌّ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الرَّاوِينَ لِإِبَاحَتِهَا رَوَوْا نَسْخَهَا وَذَلِكَ إِمَّا قَطْعِيٌّ فِي الطَّرَفَيْنِ أَوْ ظَنِّيٌّ فِي الطَّرَفَيْنِ جَمِيعًا
قَالَهُ فِي السُّبُلِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ أَتَمُّ مِنْهُ
(حَرَّمَ مُتْعَةَ النِّسَاءِ) قَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ تَحْرِيمُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ كَالْإِجْمَاعِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ مُبَاحًا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ حَرَّمَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَلَمْ يَبْقَ الْيَوْمَ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْأُمَّةِ إِلَّا شَيْئًا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ الروافض
وكان بن عَبَّاسٍ يَتَأَوَّلُ فِي إِبَاحَتِهِ لِلْمُضْطَرِّ إِلَيْهِ بِطُولِ الْعُزْبَةِ وَقِلَّةِ الْيَسَارِ وَالْجِدَةِ ثُمَّ تَوَقَّفَ عَنْهُ وأمسك عن الفتوى به حدثنا بن السِّمَاكِ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَامٍ السَّوَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الْمِنْهَالِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ هَلْ تَدْرِي مَا صَنَعْتَ وبما أَفْتَيْتَ وَقَدْ سَارَتْ بِفُتْيَاكَ الرُّكْبَانُ وَقَالَتْ فِيهِ الشُّعَرَاءُ قَالَ وَمَا قَالَتْ قُلْتُ قَالُوا قَدْ قلت للشيخ لما طال مجلسه ياصاح هل لك في فتيا بن عباس هل لَكَ فِي رُخْصَةِ الْأَطْرَافِ آنِسَةٌ تكُونُ مَثْوَاكَ حتى مصدر الناس فقال بن عَبَّاسٍ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ وَاللَّهِ مَا بِهَذَا أَفْتَيْتُ وَلَا هَذَا أَرَدْتُ وَلَا أَحْلَلْتُ إِلَّا مِثْلَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ سبحانه وتعالى مِنَ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَمَا يَحِلُّ لِلْمُضْطَرِّ وَمَا هِيَ إِلَّا كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فَهَذَا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّهُ إِنَّمَا سَلَكَ فِيهِ مَسْلَكَ الْقِيَاسِ وَشَبَّهَهُ بَالْمُضْطَرِّ إِلَى الطَّعَامِ وَهُوَ قِيَاسٌ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ فِي هَذَا الْبَابِ لَا تَتَحَقَّقُ كَهِيَ فِي بَابِ الطَّعَامِ الَّذِي بِهِ قِوَامُ الْأَنْفُسِ وَبِعَدَمِهِ يَكُونُ التَّلَفُ وَإِنَّمَا هَذَا مِنْ بَابِ غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ وَمُصَابَرَتِهَا مُمْكِنَةٌ وَقَدْ تُحْسَمُ مَادَّتُهَا بَالصَّوْمِ وَالصَّلَاحِ فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا فِي حُكْمِ الضَّرُورَةِ كَالْآخَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ قَالَ مَالِكٌ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ هُوَ يَعْنِي نِكَاحُ المتعة جائز قال بن الهمام نسبته إلى مالك غلط
وقال بن دَقِيقِ الْعِيدِ مَا حَكَاهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ مِنَ الْجَوَازِ خَطَأٌ فَقَدْ بَالَغَ الْمَالِكِيَّةُ فِي مَنْعِ النِّكَاحِ الْمُؤَقَّتِ حَتَّى أَبْطَلُوا تَوْقِيتَ الْحِلِّ بِسَبَبِهِ فَقَالُوا لَوْ عَلَّقَ عَلَى وَقْتٍ لابد مِنْ مَجِيئِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ الْآنَ لِأَنَّهُ تَوْقِيتٌ لِلْحِلِّ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى نِكَاحِ الْمُتْعَةِ
قَالَ عِيَاضٌ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ شَرْطَ الْبُطْلَانِ التَّصْرِيحُ بَالشَّرْطِ فَلَوْ نَوَى عِنْدَ الْعَقْدِ أَنْ يُفَارِقَ بَعْدَ مُدَّةٍ صَحَّ نِكَاحُهُ إِلَّا الْأَوْزَاعِيَّ فَأَبْطَلَهُ