الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
26 -
(باب إذا أسلم أحد الأبوين لمن يَكُونُ الْوَلَدُ)
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مَعَ مَنْ يَكُونُ
(وَهِيَ فَطِيمٌ) أَيْ مَفْطُومَةٌ
قَالَ فِي الْقَامُوسِ فَطَمَ الصَّبِيَّ فَصَلَهُ عَنْ الرَّضَاعِ فَهُوَ مَفْطُومٌ وَفَطِيمُ (أَوْ شَبَهُهُ) أَيْ شَبَهُ الْفَطِيمِ (فَقَالَ لَهُ) أَيْ لِرَافِعٍ (اقْعُدْ نَاحِيَةَ) أَيْ فِي نَاحِيَةِ (وَقَالَ لَهَا) أَيْ لِامْرَأَةِ رَافِعٍ (اللهم اهداها) أَيِ الصَّبِيَّةَ (فَمَالَتِ الصَّبِيَّةُ إِلَى أَبِيهَا فَأَخَذَهَا)
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي هَذَا بَيَانٌ أَنَّ الْوَلَدَ الصَّغِيرَ إِذَا كَانَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ أَحَقُّ بِهِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الزَّوْجَيْنِ يَفْتَرِقَانِ بِطَلَاقٍ وَالزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةٌ أَنَّ الْأُمَّ أَحَقُّ بِوَلَدِهَا مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
7 -
(بَاب فِي اللِّعَانِ)
قَالَ فِي الْفَتْحِ اللِّعَانُ مَأْخُوذٌ مِنَ اللَّعْنِ لِأَنَّ الْمُلَاعِنَ يَقُولُ فِي الْخَامِسَةِ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ
وَاخْتِيرَ لَفْظُ اللَّعْنِ دُونَ الْغَضَبِ فِي التَّسْمِيَةِ لِأَنَّهُ قَوْلُ الرَّجُلِ وَهُوَ الَّذِي بَدَأَ بِهِ فِي الْآيَةِ وَهُوَ أَيْضًا يَبْدَأُ بِهِ وَقِيلَ سُمِّيَ لِعَانًا لِأَنَّ اللَّعْنَ الطَّرْدَ وَالْإِبْعَادَ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا خُصَّتِ الْمَرْأَةُ بِلَفْظِ الْغَضَبِ لِعِظَمِ الذَّنْبِ بَالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا
ثُمَّ قَالَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ اللِّعَانَ مَشْرُوعٌ وَعَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ مَعَ عَدَمِ التَّحَقُّقِ
وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ عَلَى الزَّوْجِ لَكِنْ لَوْ تَحَقَّقَ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ قَوِيَ الْوُجُوبُ
(أَنَّ عُوَيْمِرَ بْنَ أَشْقَرَ) بِمُعْجَمَةٍ فَقَافٍ (الْعَجْلَانِيَّ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْجِيمِ (أَرَأَيْتَ رَجُلًا) أَيْ أَخْبِرْنِي عَنْ حُكْمِ رَجُلٍ (وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا) أَيْ وَجَزَمَ أَنَّهُ زَنَى بِهَا (أَيَقْتُلُهُ فيقتلونه) أَيْ قِصَاصًا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَيَقْتُلُونَهُ بَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتٍ أَيْ يَقْتُلُهُ أَهْلُ الْقَتِيلِ (أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ) يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَمْ مُتَّصِلَةً وَالتَّقْدِيرُ أَمْ يَصْبِرُ عَلَى مَا بِهِ مِنَ الْمَضَضِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مُنْقَطِعَةً بِمَعْنَى الْإِضْرَابِ أَيْ بَلْ هُنَاكَ حُكْمٌ آخَرُ لَا نَعْرِفُهُ وَيُرِيدُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ قَالَ سل لي ياعاصم
قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ قَتَلَ رَجُلًا قَدْ جَزَمَ أَنَّهُ زَنَى بَامْرَأَتِهِ فَقَالَ جُمْهُورُهُمْ يُقْتَلُ إِلَّا أَنْ يَقُومَ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ أَوْ يَعْتَرِفَ لَهُ وَرَثَةُ الْقَتِيلِ وَيَكُونُ الْقَتِيلُ مُحْصَنًا وَالْبَيِّنَةُ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْعُدُولِ مِنَ الرِّجَالِ يَشْهَدُونَ عَلَى نفس الزنى
أَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا) لِمَا فِيهَا مِنَ الْبَشَاعَةِ وَغَيْرِهَا
قَالَ النَّوَوِيُّ الْمُرَادُ كَرَاهَةُ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهَا لاسيما مَا كَانَ فِيهِ هَتْكُ سِتْرِ مُسْلِمٍ أَوْ إِشَاعَةُ فَاحِشَةٍ أَوْ شَنَاعَةٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمَسَائِلَ الْمُحْتَاجَ إِلَيْهَا إِذَا وَقَعَتْ فَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَسْأَلُونَ عَنِ النَّوَازِلِ فَيُجِيبُهُمْ صلى الله عليه وسلم بغَيْرِ كَرَاهَةٍ (حَتَّى كَبُرَ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ عَظُمَ وَزْنًا وَمَعْنًى (لَا أَنْتَهِيَ حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا) أَيْ لَا أَمْتَنِعُ عَنِ السُّؤَالِ (وَهُوَ وَسَطَ النَّاسِ بِفَتْحِ السين وسكونها (فقال يارسول اللَّهِ أَرَأَيْتَ) أَيْ أَخْبِرْنِي وَعَبَّرَ بَالْإِبْصَارِ عَنِ الْإِخْبَارِ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ سَبَبُ الْعِلْمِ وَبِهِ يَحْصُلُ الإعلام
فالمعنى أعلمت فأعلمني (أيقتله فيقتلونه) الْخِطَابُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِأَصْحَابِهِ
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَيَقْتُلُونَهُ أَيْ يَقْتُلُهُ أَهْلُ الْقَتِيلِ (قَدْ أُنْزِلَ فِيكَ وَفِي
صَاحِبَتِكَ قُرْآنٌ) أَيْ قَوْلُهُ تَعَالَى وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ (فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا) يَعْنِي فَذَهَبَ فَأَتَى بِهَا (فَلَمَّا فَرَغَا) أَيْ عُوَيْمِرٌ وزوجته عن التلاعن (كذبت عليها يارسول اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا) أَيْ فِي نِكَاحِي وَهُوَ كَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ (فَطَلَّقَهَا عُوَيْمِرٌ ثَلَاثًا) كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ مُنْقَطِعٌ عَمَّا قَبْلَهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِهِ فِي أَنَّهُ لَا يُمْسِكُهَا وَإِنَّمَا طَلَّقَهَا لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ اللِّعَانَ لَا يُحَرِّمُهَا عَلَيْهِ فَأَرَادَ تَحْرِيمَهَا بَالطَّلَاقِ
قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ قَوْلُهُ كَذَبْتُ عَلَيْهَا كَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ تَوْطِئَةً لِتَطْلِيقِهَا ثَلَاثًا يَعْنِي إِنْ أَمْسَكْتُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ فِي نِكَاحِي وَلَمْ أُطَلِّقْهَا يَلْزَمُ كَأَنِّي كَذَبْتُ فِيمَا قَذَفْتُهَا لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ يُنَافِي كَوْنَهَا زَانِيَةً فَلَوْ أَمْسَكْتُ فَكَأَنِّي قُلْتُ هِيَ عَفِيفَةٌ لَمْ تَزْنِ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا لِقَوْلِهِ إِنَّهُ لا يمسكها انتهى (قال بن شِهَابٍ) هُوَ الزُّهْرِيُّ (فَكَانَتْ تِلْكَ) أَيِ الْفُرْقَةُ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وبن مَاجَهْ
(أَمْسِكِ الْمَرْأَةَ عِنْدَكَ حَتَّى تَلِدَ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ اللِّعَانَ وَقَعَ بَيْنَهُمَا وَهِيَ حَامِلٌ وَفِيهِ جَوَازُ لِعَانِ الْحَامِلِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ
(حَضَرْتُ لِعَانَهُمَا) أَيْ لِعَانَ عُوَيْمِرٍ وَامْرَأَتِهِ (ثُمَّ خَرَجَتْ) أَيْ امْرَأَةُ عُوَيْمِرٍ (فَكَانَ الْوَلَدُ يُدْعَى إِلَى أُمِّهِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
(أَبْصِرُوهَا) أَيِ انْظُرُوا الْمَرْأَةَ الْمُلَاعَنَةَ (فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ) أَيْ بَالْوَلَدِ (أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ) فِي النِّهَايَةِ الدَّعَجُ السَّوَادُ فِي الْعَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَقِيلَ الدَّعَجُ شِدَّةُ سَوَادِ الْعَيْنِ فِي شِدَّةِ بَيَاضِهَا (عَظِيمَ الْأَلْيَتَيْنِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْأَلْيَةُ الْعَجِيزَةُ وَكَانَ الرَّجُلُ الذي نسب إليه الزنى مَوْصُوفًا بِهَذِهِ الصِّفَاتِ (فَلَا أُرَاهُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ لَا أَظُنُّ عُوَيْمِرًا (إِلَّا قَدْ صَدَقَ) بِتَخْفِيفِ الدَّالِ أَيْ تَكَلَّمَ بَالصِّدْقِ (وَإِنْ جَاءَتْ به أحيمر) تَصْغِيرُ أَحْمَرَ (كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ) بِفَتَحَاتٍ دُوَيْبَّةٌ حَمْرَاءُ تَلْتَزِقُ بَالْأَرْضِ (فَلَا أُرَاهُ إِلَّا كَاذِبًا) فَإِنَّ عُوَيْمِرًا كَانَ أَحْمَرَ (فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ) وَهُوَ شَبَهُهُ بِمَنْ رُمِيَتْ بِهِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
(فَأَنْفَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْخَطَّابِيُّ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا إِيقَاعُ الطَّلَاقِ وَإِنْفَاذِهِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللِّعَانَ لَا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ وَأَنَّ فِرَاقَ الْعَجْلَانِيِّ امْرَأَتَهُ إِنَّمَا كَانَ بَالطَّلَاقِ وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ إِنْفَاذَ الْفُرْقَةِ الدَّائِمَةِ الْمُتَأَبِّدَةِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَرَاهَا تَصْلُحُ لِلزَّوْجِ بحال وإن أكذب نَفْسَهُ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَيَعْقُوبُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ قَوْلُهُ عليه السلام وَلَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَمَةً فَلَاعَنَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ إِصَابَتُهَا لِأَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ مُتَأَبِّدَةً فَصَارَتْ كَحُرْمَةِ الرَّضَاعِ
وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ إذا أكذب نَفْسَهُ بَعْدَ اللِّعَانِ ارْتَفَعَ تَحْرِيمُ الْعَقْدِ وَكَانَ لِلزَّوْجِ نِكَاحُهَا كَمَا إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ بَعْدَ اللِّعَانِ ثَبَتَ النَّسَبُ وَلَحِقَهُ الْوَلَدُ
(ثُمَّ لَا يجتمعان أبدا) فيه دليل على تأييد الْفُرْقَةِ
قَالَ فِي النَّيْلِ وَالْأَدِلَّةُ الصَّحِيحَةُ
الصَّرِيحَةُ قَاضِيَةٌ بَالتَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ وَكَذَلِكَ أَقْوَالُ الصَّحَابَةِ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ حُكْمُ اللِّعَانِ وَلَا يَقْتَضِي سِوَاهُ فَإِنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ وَغَضَبَهُ قَدْ حَلَّتْ بِأَحَدِهِمَا
وَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ هَلِ اللِّعَانُ فَسْخٌ أَوْ طَلَاقٌ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ فَسْخٌ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَرِوَايَةً عَنْ مُحَمَّدٍ إِلَى أَنَّهُ طَلَاقٌ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
(قَالَ مُسَدَّدٌ) أَيْ فِي رِوَايَتِهِ (قَالَ) أَيْ سَهْلٌ (وَتَمَّ حَدِيثُ مُسَدَّدٍ) أَيْ إِلَى قَوْلِهِ حِينَ تَلَاعَنَا (وَقَالَ الْآخَرُونَ) أَيْ وَهْبُ بْنُ بَيَانٍ وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو وَعَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ (لَمْ يَقُلْ عَلَيْهَا) أَيْ لَفْظَةَ عَلَيْهَا (لَمْ يتابع بن عُيَيْنَةَ) بَالنَّصْبِ مَفْعُولُ لَمْ يُتَابِعْ وَالْمُرَادُ أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ قَدْ تَفَرَّدَ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ بِلَفْظَةِ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَيْهَا أَحَدٌ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَيَعْنِي بِذَلِكَ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ لَا مَا رَوَيْنَاهُ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزهري يريد أن بن عُيَيْنَةَ لَمْ يَنْفَرِدْ وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهَا الزُّبَيْدِيُّ
وذكر البيهقي بعد هذا حديث بن عُمَرَ فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي عَجْلَانَ وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْفُرْقَةَ لَمْ يَقَعْ بَالطَّلَاقِ وَمَعْنَى التَّفْرِيقِ تَبْيِينُهُ صلى الله عليه وسلم الْحُكْمَ لِإِيقَاعِ الْفِرَاقِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ
(وَكَانَتْ) أَيِ الْمَرْأَةُ (حَامِلًا) حِينَ وَقَعَ اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا (فَأَنْكَرَ حَمْلَهَا) أَيْ أَنْكَرَ الرَّجُلُ الْمُلَاعَنُ حَمْلَ الْمَرْأَةَ مِنْهُ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الملاعنة بالحمل وإليه ذهب بن أَبِي لَيْلَى وَمَالِكٌ وَأَبُو عُبَيْدٍ فَإِنَّهُمْ قَالُوا مَنْ نَفَى حَمْلَ امْرَأَتِهِ لَاعَنَ بَيْنَهُمَا الْقَاضِي وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأُمِّهِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ لَا يُلَاعَنُ بَالْحَمْلِ وَأَجَابُوا بِأَنَّ اللِّعَانَ كَانَ بَالْقَذْفِ لَا بَالْحَمْلِ قَالَهُ الْعَيْنِيُّ (فَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى إِلَيْهَا) لَا إلى زوجها
الْمُلَاعَنِ إِذِ اللِّعَانُ يَنْتَفِي بِهِ النَّسَبُ عَنْهُ إِنْ نَفَاهُ فِي لِعَانِهِ وَإِذَا انْتَفَى مِنْهُ أُلْحِقَ بِهَا لِأَنَّهُ مُتَحَقِّقٌ مِنْهَا (أَنْ يَرِثَهَا) أَيْ يَرِثُ الْوَلَدُ الَّذِي نَفَاهُ الرَّجُلُ الْمُلَاعِنُ مِنَ الْمَرْأَةِ الْمُلَاعَنَةِ (وَتَرِثَ مِنْهُ) أَيْ تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنَ الْوَلَدِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
(جَلَدْتُمُوهُ) أَيْ بِحَدِّ الْقَذْفِ (أَوْ قَتَلَ قَتَلْتُمُوهُ) أَيْ بَالْقِصَاصِ فَقَالَ اللَّهُمَّ افْتَحْ) أَيِ احْكُمْ أَوْ بَيِّنْ لَنَا الْحُكْمَ فِي هَذَا وَالْفَتَّاحُ الْحَاكِمُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بالحق وهو الفتاح العليم (ثُمَّ لَعَنَ) أَيِ الرَّجُلُ (الْخَامِسَةَ) أَيْ فِي الْمَرَّةِ الْخَامِسَةِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى نَفْسِهِ (قَالَ فَذَهَبَتْ) أَيِ الْمَرْأَةُ (لِتَلْتَعِنَ) أَيْ لِتُلَاعِنَ وَاللِّعَانُ وَالِالْتِعَانُ بِمَعْنًى (مَهْ) كَلِمَةُ زَجْرٍ (فَأَبَتْ) أَيْ عَنْ أَنْ تَنْزَجِرَ (لَعَلَّهَا أَنْ تَجِيءَ بِهِ) أَيْ بَالْوَلَدِ (أَسْوَدَ جَعْدًا) أَيْ لَيْسَ سَبْطَ الشَّعْرِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ قَوْلُهُ لَعَلَّهَا أَنْ تَجِيءَ بِهِ إِلَخْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ كَانَتْ حَامِلًا وَأَنَّ اللِّعَانَ وَقَعَ عَلَى الْحَمْلِ
وَمِمَّنْ رَأَى اللِّعَانَ عَلَى نَفْيِ الحمل مالك والأوزاعي وبن أَبِي لَيْلَى وَالشَّافِعِيُّ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تَلَاعُنُ بَالْحَمْلِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ رِيحٌ انتهى
قال المنذري وأخرجه مسلم وبن ماجه
(أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ) بِضَمِّ هَمْزٍ وَفَتْحِ مِيمٍ وَتَشْدِيدِ تَحْتِيَّةٍ (قَذَفَ امْرَأَتَهُ) أَيْ نَسَبَهَا إلى الزنى (بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ (الْبَيِّنَةَ) بَالنَّصْبِ أي أحضر البينة (أوحد) بَالرَّفْعِ أَيْ أَتُحْضِرُ الْبَينَةَ أَوْ يَقَعُ حَدٌّ (فِي ظَهْرِكَ) أَيْ عَلَى ظَهْرِكَ (يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ) جَوَابُ إِذَا بِتَقْدِيرِ الِاسْتِفْهَامِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِبْعَادِ وَالِالْتِمَاسُ الطَّلَبُ
وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ (وَلَيُنْزِلَنَّ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَكَسْرِ الزَّاي الْمُخَفَّفَةِ وَفِي آخِرِهِ نُونٌ مشددة القذف (ما يبريء) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِهَا أَيْ مَا يَدْفَعُ وَيَمْنَعُ (مِنَ الْحَدِّ) أَيْ مِنْ حَدِّ الْقَذْفِ (وَالَّذِينَ يرمون أزواجهم) أَيْ يَقْذِفُونَ زَوْجَاتِهِمْ (قَرَأَ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَقَرَأَ أَيْ مَا بَعْدَهُ مِنَ الْآيَاتِ (فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا) أَيْ إِلَى هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ وَامْرَأَتِهِ (فَجَاءَا) بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ (فَشَهِدَ) أَيْ لَاعَنَ (اللَّهُ يَعْلَمُ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ (أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُمَا مِنْ تَائِبٍ) قَالَ عِيَاضٌ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَالَ هَذَا الْكَلَامَ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا مِنَ اللِّعَانِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَرْضُ التَّوْبَةِ عَلَى الْمُذْنِبِ وَلَوْ بِطَرِيقِ الْإِجْمَالِ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَذِبِهِ التَّوْبَةُ مِنْ ذَلِكَ
وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ اللِّعَانِ تَحْذِيرًا لَهُمَا مِنْهُ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَأَوْلَى بِسِيَاقِ الْكَلَامِ
قَالَ الْحَافِظُ وَالَّذِي قَالَهُ الدَّاوُدِيُّ أَوْلَى مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ مَشْرُوعِيَّةُ الْمَوْعِظَةِ قَبْلَ الْوُقُوعِ فِي الْمَعْصِيَةِ بَلْ هُوَ أَحْرَى مِمَّا بَعْدَ الْوُقُوعِ انْتَهَى
قُلْتُ وَسِيَاقُ هَذَا الْحَدِيثِ ظَاهِرٌ فِيمَا قَالَ الدَّاوُدِيُّ (إِنَّهَا مُوجِبَةٌ) أَيْ لِلْعَذَابِ الْأَلِيمِ إِنْ كُنْتِ كَاذِبَةً (فَتَلَكَّأَتْ) بِتَشْدِيدِ الْكَافِ أَيْ تَوَقَّفَتْ يُقَالُ تَلَكَّأَ فِي الْأَمْرِ إِذَا تَبَطَّأَ عَنْهُ وَتَوَقَّفَ فِيهِ (وَنَكَصَتْ) أَيْ رَجَعَتْ وَتَأَخَّرَتْ وفي القرآن نكص على عقبيه وَالْمَعْنَى أَنَّهَا سَكَتَتْ بَعْدَ الْكَلِمَةِ الرَّابِعَةِ (أَنَّهَا سَتَرْجِعُ) أَيْ عَنْ مَقَالِهَا فِي تَكْذِيبِ الزَّوْجِ وَدَعْوَى الْبَرَاءَةِ عَمَّا رَمَاهَا بِهِ (سَائِرِ الْيَوْمِ) أي في
جَمِيعِ الْأَيَّامِ وَأَبَدِ الدَّهْرِ أَوْ فِيمَا بَقِيَ مِنَ الْأَيَّامِ بَالْإِعْرَاضِ عَنِ اللِّعَانِ وَالرُّجُوعِ إِلَى تَصْدِيقِ الزَّوْجِ وَأُرِيدَ بَالْيَوْمِ الْجِنْسُ وَلِذَلِكَ أَجْرَاهُ مَجْرَى الْعَامِّ وَالسَّائِرِ كَمَا يُطْلَقُ لِلْبَاقِي يُطْلَقُ لِلْجَمِيعِ (فَمَضَتْ) أَيْ فِي الْخَامِسَةِ (أَبْصِرُوهَا) أَيِ انْظُرُوا وَتَأَمَّلُوا فِيمَا تَأْتِي بِهِ مِنْ وَلَدِهَا (أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ) أَيِ الَّذِي يَعْلُو جُفُونَ عَيْنَيْهِ سَوَادٌ مِثْلُ الْكُحْلِ مِنْ غَيْرِ اكْتِحَالٍ (سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ) أَيْ عَظِيمَهُمَا (خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ) أَيْ سَمِينَهُمَا (فَهُوَ) أَيِ الْوَلَدُ (لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ) مِنْ بَيَانٍ لِمَا أَيْ لَوْلَا مَا سَبَقَ مِنْ حُكْمِهِ بِدَرْءِ الْحَدِّ عَنِ الْمَرْأَةِ بِلِعَانِهَا (لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ) أَيْ فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا أَوِ الْمَعْنَى لَوْلَا أَنَّ الْقُرْآنَ حَكَمَ بِعَدَمِ الْحَدِّ عَلَى الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَعَدَمِ التَّعْزِيرِ لَفَعَلْتُ بِهَا مَا يَكُونُ عِبْرَةً لِلنَّاظِرِينَ وَتَذْكِرَةً لِلسَّامِعِينَ
فَإِنْ قُلْتَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ مِنَ الْبَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عُوَيْمِرًا هُوَ الْمُلَاعِنُ وَالْآيَةُ نَزَلَتْ فِيهِ وَالْوَلَدُ شَابَهَهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هِلَالًا هُوَ الْمُلَاعِنُ وَالْآيَةُ نَزَلَتْ فِيهِ وَالْوَلَدُ شَابَهَهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ النَّوَوِيَّ قَالَ اخْتَلَفُوا فِي نُزُولِ آيَةِ اللِّعَانِ هَلْ هُوَ بِسَبَبِ عُوَيْمِرٍ أَمْ بِسَبَبِ هِلَالٍ وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي هِلَالٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ عليه السلام لِعُوَيْمِرٍ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ فَقَالُوا مَعْنَاهُ الْإِشَارَةُ إِلَى مَا نَزَلَ فِي قِصَّةِ هِلَالٍ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ عَامٌّ لِجَمِيعِ النَّاسِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِمَا جَمِيعًا فَلَعَلَّهُمَا سَأَلَا فِي وَقْتَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ فِيهِمَا وَسَبَقَ هِلَالٌ بَاللِّعَانِ انْتَهَى
كَذَا فِي الْقَسْطَلَّانِيِّ (قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَهَذَا) أَيْ هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ قِصَّةُ اللِّعَانِ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ (تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ المدينة) كعكرمة عن بن عَبَّاسٍ وَهُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَا رَوَى هذه القصة غير أهل المدينة (حديث بن بَشَّارٍ) بَيَانٌ لِهَذَا (حَدِيثُ هِلَالٍ) بَدَلٌ مِنْ حديث بن بشار
قال المنذري وأخرجه البخاري والترمذي وبن مَاجَهْ
(أَنْ يَضَعَ) أَيِ الرَّجُلُ (يَدَهُ) الضَّمِيرُ لِلرَّجُلِ (عَلَى فِيهِ) أَيْ عَلَى فَمِ الرَّجُلِ الْمُلَاعِنِ (يَقُولُ) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ يَضَعَ (إِنَّهَا) أَيِ الشَّهَادَةُ الْخَامِسَةُ (مُوجِبَةٌ) أَيْ لِغَضَبِ اللَّهِ وَعِقَابِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
(أَحَدُ الثَّلَاثَةِ) هُمُ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ (فَلَمْ يَهِجْهُ) مِنْ هَاجَ أَيْ لَمْ يُزْعِجْ هِلَالٌ ذَلِكَ الرَّجُلَ وَلَمْ يُنَفِّرْهُ وَمَعْنَاهُ بَالْفَارِسِيَّةِ تنبيه وسرزنش نكرداورا (الْآيَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا) أَيْ قَرَأَ الْآيَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا (فَسُرِّيَ) أَيْ كُشِفَ الْوَحْيُ (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكَ فَرَجًا) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ بَالْفَارِسِيَّةِ كشايش (وَذَكَّرَهُمَا) مِنَ التَّذْكِيرِ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أي لِأَصْحَابِهِ (فَتَلَكَّأَتْ) أَيْ تَوَقَّفَتْ (وَلَا تُرْمَى) أَيْ لا تقذف المرأة بالزنى (وَلَا يُرْمَى وَلَدُهَا) أَيْ لَا يُقَالُ لِوَلَدِهَا إِنَّهُ وَلَدُ زِنَا (وَمَنْ رَمَاهَا أَوْ
رَمَى وَلَدَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى مَنْ رَمَى الْمَرْأَةَ الَّتِي لَاعَنَهَا زَوْجُهَا بَالرَّجُلِ الَّذِي اتَّهَمَهَا بِهِ وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى مَنْ قَالَ لِوَلَدِهَا إِنَّهُ وَلَدُ زِنًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ صِدْقَ مَا قَالَهُ الزَّوْجُ
وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمِ وَمُجَرَّدُ وُقُوعِ اللِّعَانِ لَا يُخْرِجُهَا عَنِ الْعَفَافِ وَالْأَعْرَاضُ مَحْمِيَّةٌ عَنِ الثَّلْبِ ثَلْبٌ بَالْفَتْحِ عيب ثلاب جمع منتهى الأرب مالم يَحْصُلِ الْيَقِينُ (وَقَضَى أَنْ لَا بَيْتَ) أَيْ لَا مَسْكَنَ (لَهَا) أَيْ لِامْرَأَةِ هِلَالٍ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى هِلَالٍ (وَلَا قُوتَ) أَيْ وَلَا نَفَقَةَ (مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا يَتَفَرَّقَانِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ وَلَا مُتَوَفًّى عَنْهَا) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ أَنَّ اللِّعَانَ فَسْخٌ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُلَاعَنَةِ عَلَى زَوْجِهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ اللِّعَانُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ وَلَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ فِي الْعِدَّةِ انْتَهَى (إِنْ جَاءَتْ بِهِ) أَيْ بَالْوَلَدِ (أُصَيْهِبَ) تَصْغِيرُ الْأَصْهَبِ وَهُوَ مِنَ الرِّجَالِ الْأَشْقَرُ وَمِنَ الْإِبِلِ الَّذِي يُخَالِطُ بَيَاضَهُ حُمْرَةٌ (أُرَيْصِحَ) تَصْغِيرُ الْأَرْصَحِ وَهُوَ خَفِيفُ الْأَلْيَتَيْنِ أُبْدِلَتِ السِّينُ مِنْهُ صَادًا وَقَدْ يَكُونُ تَصْغِيرَ الْأَرْسَعِ أُبْدِلَتْ عَيْنُهُ حَاءً (أُثَيْبِجَ) تَصْغِيرُ الْأَثْبَجِ وَهُوَ النَّاتِئُ الثَّبَجِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْكَاهِلِ وَوَسَطِ الظَّهْرِ قَالَهُ السُّيُوطِيُّ
وَفِي الْمِصْبَاحِ الثَّبَجُ بِفَتْحَتَيْنِ مَا بَيْنَ الْكَاهِلِ إِلَى الظَّهْرِ وَالْأَثْبَجُ عَلَى وزن احمر الناتىء الثَّبَجِ وَقِيلَ الْعَرِيضُ الثَّبَجِ وَيُصَغَّرُ عَلَى الْقِيَاسِ فَيُقَالُ أُثَيْبِجُ انْتَهَى (حَمْشَ السَّاقَيْنِ) بِمَفْتُوحَةٍ فَسَاكِنَةٍ فَمُعْجَمَةٍ أَيْ دَقِيقَ السَّاقَيْنِ (أَوْرَقَ) هُوَ الْأَسْمَرُ (جَعْدًا) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدهَا دَالٌ مُهْمَلَةٌ
قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْجَعْدُ مِنَ الشَّعْرِ خِلَافُ السَّبْطِ أَوِ الْقَصِيرِ مِنْهُ (جُمَّالِيًّا) قَالَ فِي الْمَجْمَعِ هُوَ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ الضَّخْمُ الْأَعْضَاءِ التَّامُّ الْأَوْصَالِ كَأَنَّهُ الْجَمَلُ (خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ) بِفَتْحِ الخاء والدال المهملة وتشديد اللام أي ممتلىء السَّاقَيْنِ وَعَظِيمُهُمَا (سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ) أَيْ تَامَّهُمَا وَعَظِيمَهُمَا (لَوْلَا الْأَيْمَانُ) أَيِ الشَّهَادَاتُ
وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّ اللِّعَانَ يَمِينٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ أَنَّهُ شَهَادَةٌ وَفِيهِ مَذَاهِبُ أُخَرُ ذَكَرَهَا الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي (فَكَانَ) أَيِ الْوَلَدُ (أميرا على
مُضَرَ) قَبِيلَةٌ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَكَانَ قَدَرِيًّا دَاعِيَةً
(حِسَابُكُمَا) أَيْ مُحَاسَبَتُكُمَا وَتَحْقِيقُ أَمْرِكُمَا وَمُجَازَاتُهُ (عَلَى اللَّهِ أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَنَحْنُ نَحْكُمُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ (لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا) أَيْ لَا يَجُوزُ لَكَ أَنْ تَكُونَ مَعَهَا بَلْ حَرُمَتْ عَلَيْكَ أَبَدًا
وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ بِنَفْسِ اللِّعَانِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ الْكَلَامِ فِيهِ (قَالَ يارسول اللَّهِ مَالِي) هُوَ فَاعِلُ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ أَيَذْهَبُ مَالِي وَأَيْنَ يَذْهَبُ مَالِي الَّذِي أَعْطَيْتُهَا مَهْرًا (قَالَ لَا مَالَ لَكَ) أَيْ بَاقٍ عِنْدَهَا (فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا) أَيْ فَمَالُكَ فِي مُقَابَلَةِ وَطْئِكَ إِيَّاهَا
وَفِيهِ أَنَّ الْمُلَاعَنَ لَا يَرْجِعُ بَالْمَهْرِ عَلَيْهَا إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ اتِّفَاقُ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَقِيلَ لَهَا الْكُلُّ وَقِيلَ لَا صَدَاقَ لَهَا (فَذَلِكَ) أَيْ عَوْدُ الْمَهْرِ إِلَيْكَ (أَبْعَدُ لَكَ) لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَعُدْ إِلَيْكَ حَالَةَ الصِّدْقِ فَلَأَنْ لَا يَعُودَ إِلَيْكَ حَالَةَ الْكَذِبِ أَوْلَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
(قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ رَجُلٌ قَذَفَ امْرَأَتَهُ) أَيْ مَا الْحُكْمُ فِيهِ (قَالَ) أَيِ بن عُمَرَ (بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ) يَعْنِي عُوَيْمِرًا وَامْرَأَتَهُ وَهُوَ مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ حَيْثُ جَعَلَ الْأُخْتَ كَالْأَخِ وَأَمَّا إِطْلَاقُ الْأُخُوَّةِ فَبَالنَّظَرِ إِلَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إِخْوَةٌ أَوْ إِلَى الْقَرَابَةِ الَّتِي بَيْنَهُمَا بِسَبَبِ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ كِلَيْهِمَا مِنْ قَبِيلَةِ عَجْلَانَ (يُرَدِّدُهَا) أَيْ كَلِمَةُ اللَّهُ يَعْلَمُ إِلَى تَائِبٍ (فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا) اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْفُرْقَةَ لَا تَقَعُ إِلَّا بِتَفْرِيقِ الْحَاكِمِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ بِنَحْوِهِ