الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
39 -
(بَاب فِي الْقَسْمِ بَيْنَ النِّسَاءِ)
[2133]
(مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ) أَيْ مَثَلًا (فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا) أَيْ فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا بَلْ مَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى (وَشِقُّهُ) أَيْ أَحَدُ جَنْبَيْهِ وَطَرَفِهِ (مَائِلٌ) أَيْ مَفْلُوجٌ
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْمَيْلُ إِلَى إِحْدَاهُنَّ
وَقَدْ قَالَ تعالى فلا تميلوا كل الميل وَالْمُرَادُ الْمَيْلُ فِي الْقَسْمِ وَالْإِنْفَاقِ لَا فِي الْمَحَبَّةِ لِأَنَّهَا مِمَّا لَا يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ
قَالَ المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا من حديث همام يعني بن يَحْيَى
[2134]
(الْخَطْمِيُّ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ نِسْبَةٌ إِلَى خَطْمَةَ فَخِذٌ مِنَ الْأَوْسِ (يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ) أَيْ فَيُسَوِّي بَيْنَ نِسَائِهِ فِي الْبَيْتُوتَةِ
وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْقَسْمَ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ
وَذَهَبَ الْبَعْضُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى تُرْجِي من تشاء منهن الْآيَةَ وَذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ (اللَّهُمَّ هَذَا) أَيْ هَذَا الْعَدْلُ (قَسْمِي) بِفَتْحِ الْقَافِ (فِيمَا أَمْلِكُ) أَيْ فِيمَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ (فَلَا تَلُمْنِي) أَيْ فَلَا تُعَاتِبْنِي أَوْ لَا تُؤَاخِذْنِي (فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ) أَيْ مِنْ زِيَادَةِ الْمَحَبَّةِ وَمَيْلِ الْقَلْبِ فَإِنَّكَ مُقَلِّبُ الْقُلُوبِ (يَعْنِي الْقَلْبَ) هَذَا تَفْسِيرٌ مِنَ الْمُؤَلِّفِ لِقَوْلِهِ مَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ يَعْنِي بِهِ الْحُبَّ وَالْمَوَدَّةَ كَذَلِكَ فَسَّرَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَحَبَّةَ وَمَيْلَ الْقَلْبِ أَمْرٌ غَيْرُ مَقْدُورٍ لِلْعَبْدِ بَلْ هُوَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ بَعْدَ قَوْلِهِ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جميعا ما ألفت بين قلوبهم وَبِهِ فُسِّرَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المرء وقلبه قال المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ
وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ أَنَّهُ رُوِيَ مُرْسَلًا وذكر الترمذي أن المرسل أصح
[2135]
(ياابن أُخْتِي) أَيْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ (لَا يُفَضِّلُ) مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ (مِنْ مُكْثِهِ عِنْدنَا) هَذَا بَيَانُ الْقَسْمِ وَالْمُكْثُ الْإِقَامَةُ وَالتَّلَبُّثُ فِي الْمَكَانِ (وَكَانَ قَلَّ يَوْمٌ إِلَّا وَهُوَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ) وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ مَا مِنْ يَوْمٍ إِلَّا وَهُوَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا امْرَأَةً امْرَأَةً فَيَدْنُو وَيَلْمِسُ (مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ) وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ غَيْرِ وقاع وهو المراد ها هنا (سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ) هِيَ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ بِمَكَّةَ بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ وَدَخَلَ عَلَيْهَا بِهَا وَهَاجَرَتْ مَعَهُ (حِينَ أَسَنَّتْ) أَيْ كَبِرَتْ (وَفَرِقَتْ) بِكَسْرِ الراء من باب سمع أي خافت (يارسول الله يومي لعائشة) أي نوبتي ووقعت بيتوتي لِعَائِشَةَ وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ الدُّخُولُ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَوْمِهَا مِنْ نِسَائِهِ وَالتَّأْنِيسُ لَهَا وَاللَّمْسُ وَالتَّقْبِيلُ وَفِيهِ بَيَانُ حُسْنِ خُلُقِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ كَانَ خَيْرَ النَّاسِ لِأَهْلِهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ هِبَةِ الْمَرْأَةِ نَوْبَتَهَا لِضَرَّتِهَا ويعتبر رضي الزَّوْجِ وَلِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الزَّوْجَةِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُسْقِطَ حَقَّهُ إِلَّا بِرِضَائِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَوَثَّقَهُ الْإِمَامُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ رضي الله عنه
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ
[2136]
(يَسْتَأْذِنَّا) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ يَسْتَأْذِنُنَا (فِي يَوْمِ الْمَرْأَةِ) بِإِضَافَةِ يَوْمٍ إِلَى الْمَرْأَةِ أَيْ يَوْمَ نَوْبَتِهَا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَى الْأُخْرَى (تُرْجِي) بَالْهَمْزَةِ وَالْيَاءِ قِرَاءَتَانِ مُتَوَاتِرَتَانِ مِنْ أَرْجَأَ مَهْمُوزًا أَوْ مَنْقُوصًا أَيْ تُؤَخِّرُ وَتَتْرُكُ وَتُبْعِدُ (مَنْ تَشَاءُ) أَيْ مُضَاجَعَةَ مَنْ تَشَاءُ (وَتُؤْوِي إِلَيْكَ من تشاء) أَيْ تَضُمُّهَا إِلَيْكَ وَتُضَاجِعُهَا
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِي تَأْوِيلِ تُرْجِي أَقْوَالٌ أَحَدُهَا
تطلق وتمسك ثانيها تعتزل من شئت من مِنْهُنَّ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَتَقْسِمُ لِغَيْرِهَا ثَالِثُهَا تَقْبَلُ مَنْ شِئْتَ مِنَ الْوَاهِبَاتِ وَتَرُدُّ مَنْ شِئْتَ انْتَهَى
قَالَ الْبَغَوِيُّ أَشْهَرُ الْأَقَاوِيلِ أَنَّهُ فِي الْقَسْمِ بَيْنَهُنَّ وَذَلِكَ أَنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُنَّ فِي الْقَسْمِ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ سَقَطَ عَنْهُ وَصَارَ الِاخْتِيَارُ إِلَيْهِ فِيهِنَّ (إِنْ كَانَ ذَاكَ) أَيِ الِاسْتِئْذَانُ (إِلَيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ (لَمْ أُوثِرْ أَحَدًا عَلَى نَفْسِي) قَالَ النَّوَوِيُّ هَذِهِ الْمُنَافَسَةُ فِيهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَتْ لِمُجَرَّدِ الِاسْتِمْتَاعِ وَلِمُطْلَقِ الْعِشْرَةِ وَشَهَوَاتِ النُّفُوسِ وَحُظُوظِهَا الَّتِي تَكُونُ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ بَلْ هِيَ مُنَافَسَةٌ فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ وَالْقُرْبِ مِنْ سَيِّدِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَالرَّغْبَةِ فِيهِ وَفِي خِدْمَتِهِ وَمُعَاشَرَتِهِ وَالِاسْتِفَادَةِ مِنْهُ وَفِي قَضَاءٍ لِحُقُوقِهِ وَحَوَائِجِهِ وَتَوَقُّعِ نُزُولِ الرَّحْمَةِ وَالْوَحْيِ عَلَيْهِ عِنْدَهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[2137]
(يَزِيدُ بْنُ بَابِنُوسَ) بِمُوَحَّدَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ ثُمَّ نُونٌ مَضْمُومَةٌ وَوَاوٌ سَاكِنَةٌ وَسِينٌ مُهْمَلَةٌ
قَالَ الْحَافِظُ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ (بَعَثَ إِلَى النِّسَاءِ) أَيْ أَرْسَلَ إِلَيْهِنَّ أَحَدًا (فِي مَرَضِهِ) أَيِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ (فَأَذِنَّ لَهُ) بِتَشْدِيدِ النُّونِ فَكَانَ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ عَائِشَةَ حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَزِيدُ بْنُ بَابِنُوسَ مَجْهُولٌ وَلَمْ أر ذلك في ما شَاهَدْتُهُ مِنْ كِتَابِ أَبِي حَاتِمٍ لَعَلَّهُ ذَكَرَهُ فِي غَيْرِهِ
وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ عَائِشَةَ وَأَنَّهُ مِنَ السَّبْعَةِ الَّذِينَ قَاتَلُوا عَلِيًّا رضي الله عنه
[2138]
(إِذَا أَرَادَ سَفَرًا) مَفْهُومُهُ اخْتِصَاصُ الْقُرْعَةِ بِحَالَةِ السَّفَرِ وَلَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ بَلْ لِتُعَيِّنَ الْقُرْعَةُ مَنْ يُسَافِرُ بِهَا وَتُجْرَى الْقُرْعَةُ أَيْضًا فِيمَا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ فَلَا يَبْدَأُ بِأَيِّهِنَّ شَاءَ