الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
19 -
(بَاب فِي الْمَمْلُوكَةِ تُعْتَقُ وَهِيَ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ)
أَيْ حَالَ كَوْنِهَا تَحْتَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ
قَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْأَمَةَ إِذَا أُعْتِقَتْ تَحْتَ زَوْجِهَا وَهُوَ عَبْدٌ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ حُرًّا فَلَا خِيَارَ لَهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهُ الْخِيَارُ وَاحْتُجَّ بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا وَقَدْ ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ لَكِنْ قَالَ شُعْبَةُ ثُمَّ سَأَلَتْهُ عَنْ زَوْجِهَا فَقَالَ لَا أَدْرِي
وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ
وَالرِّوَايَاتُ الْمَشْهُورَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا
قَالَ الْحَافِظُ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ حُرًّا غَلَطٌ وَشَاذَّةٌ مَرْدُودَةٌ لِمُخَالَفَتِهَا الْمَعْرُوفَ فِي رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ انْتَهَى
(أَنَّ مُغِيثًا) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ اسْمُ زَوْجِ بَرِيرَةَ مَوْلَاةِ عَائِشَةَ رضي الله عنها (كَانَ عَبْدًا) وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ وَقَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عن بن عباس أن زوج بريرة كان عبدأسود لِبَنِي الْمُغِيرَةِ يَوْمَ أُعْتِقَتْ بَرِيرَةُ وَهَذَا يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قَالَ كَانَ عَبْدًا قَبْلَ الْعِتْقِ حُرًّا بَعْدَهُ (اشْفَعْ لِي إِلَيْهَا) أَيْ إِلَى بَرِيرَةَ لِتَرْجِعَ إِلَى عِصْمَتِي (أَتَأْمُرُنِي بِذَاكَ) أَيْ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله هَكَذَا الرِّوَايَة وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدّ وَزَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ عِدَّة الْحُرَّة وَلَعَلَّهُ مُدْرَج مِنْ تَفْسِير بعض الرواة
وقد روى بن مَاجَةَ فِي سُنَنه أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن مُحَمَّد حَدَّثَنَا وَكِيع عَنْ سُفْيَان عَنْ مَنْصُور عَنْ إِبْرَاهِيم عَنْ الْأَسْوَد عَنْ عَائِشَة قَالَتْ أُمِرَتْ بريرة أن يعتد بِثَلَاثِ حَيْض وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ إِسْنَاد الصَّحِيحَيْنِ فَلَمْ يَرَوْهُ أَحَد مِنْ أَهْل الْكُتُب السِّتَّة إلا بن مَاجَةَ وَيَبْعُد أَنْ تَكُون الثَّلَاث حِيَض مَحْفُوظَة
فَإِنَّ مَذْهَب عَائِشَة أَنَّ الْأَقْرَاء الْأَطْهَار وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الْمُخْتَلِعَة أن تستبرىء بِحَيْضَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَهَذِهِ أَوْلَى وَلِأَنَّ الْأَقْرَاء الثَّلَاث إِنَّمَا جُعِلَتْ فِي حَقّ الْمُطَلَّقَة لِيَطُولَ زَمَن الرَّجْعَة فَيَتَمَكَّن زَوْجهَا مِنْ رَجْعَتهَا مَتَى شَاءَ ثُمَّ أَجْرَى الطَّلَاق كُلّه مُجْرًى وَاحِدًا
وَطَرْد هَذَا أَنَّ الْمَزْنِيَّ بِهَا تُسْتَبْرَأ بِحَيْضَةٍ وقد نص عليه أحمد
وبالجملة فالأمر بالتريص ثَلَاثَة قُرُوء إِنَّمَا هُوَ لِلْمُطَلَّقَةِ وَالْمُعْتَقَة إِذَا فُسِخَتْ فَهِيَ بِالْمُخْتَلِعَةِ
على سبيل الحتم
وعند بن مسعود من مرسل بن سيرين بسند صحيح فقالت يارسول الله أشيء واجب علي قال لا (قَالَ لَا) أَيْ لَا آمُرُ حَتْمًا
قَالَ الخطابي في قول بريرة أتأمرني بذلك يارسول اللَّهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَصْلَ أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْحَتْمِ وَالْوُجُوبِ (إِنَّمَا أَنَا شَافِعٌ) أَيْ أَقُولُ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الشَّفَاعَةِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْحَتْمِ عَلَيْكِ (فَكَانَ دُمُوعُهُ) أَيْ دُمُوعُ مُغِيثٍ (تَسِيلُ) أَيْ تَجْرِي لِفَرْطِ مَحَبَّتِهِ لَهَا (عَلَى خَدِّهِ) وَفِي رِوَايَةِ البخاري على لحيته (للعباس) هو بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَالِدُ رَاوِي الْحَدِيثِ (أَلَا تَعْجَبَ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ إِلَخْ) قِيلَ إِنَّمَا كَانَ التَّعَجُّبُ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْعَادَةِ أَنَّ الْمُحِبَّ لَا يَكُونُ إِلَّا مَحْبُوبًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِمَعْنَاهُ
(فَخَيَّرَهَا) أَيْ بَيْنَ اخْتِيَارِ الزَّوْجِ وَاخْتِيَارِ الْفَسْخِ (وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ) أَيْ بِثَلَاثِ حيض كما أخرج بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أُمِرَتْ بَرِيرَةُ أَنْ تَعْتَدَّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه البخاري مختصرا وأخرجه الترمذي والنسائي وبن ماجه بمعناه
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَالْأَمَة الْمُسْتَبْرَأَة أَشْبَهَ إِذْ الْمَقْصُود بَرَاءَة رَحِمهَا فَالِاسْتِدْلَال عَلَى تَعَدُّد الْأَقْرَاء فِي حَقّهَا بِالْآيَةِ غَيْر صَحِيح لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُطَلَّقَة وَلَوْ كَانَتْ مُطَلَّقَة لَثَبَتَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَة
وَأَمَّا الْأَحَادِيث فِي هَذِهِ اللَّفْظَة فَفِي صِحَّتهَا نَظَر وَحَدِيث الدَّارَقُطْنِيِّ الْمَعْرُوف أَنَّ الْحَسَن رَوَاهُ مُرْسَلًا أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بَرِيرَة أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّة الْحُرَّة وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سننه من حديث عكرمة عن بن عَبَّاس
وَفِيهِ وَجْه رَابِع وَهُوَ أَنَّهُ جَعَلَ عِدَّتهَا عِدَّة الْمُطَلَّقَة رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيث أَبِي مَعْشَر عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة
وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ عَنْ مُحَمَّد بْن بَكَّارٍ عَنْ أَبِي مَعْشَر
فَهَذِهِ أَرْبَعَة أَوْجُه أَحَدهَا أَنْ تَعْتَدّ
الثَّانِي عِدَّة الْحُرَّة
الثَّالِث عِدَّة الْمُطَلَّقَة
الرَّابِع بِثَلَاثِ حيض