الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كُلَّهُ) دَخَلَ فِيهِ مَا ذَكَرْتُ وَمَا اسْتَدْرَكَ عَلَيْهَا (إِلَّا نِكَاحَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ الْيَوْمَ) أَيِ الَّذِي بَدَأَتْ بِذِكْرِهِ وَهُوَ أَنْ يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فَيُزَوِّجُهُ كَمَا سَبَقَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
4 -
(بَاب الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ)
(اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ) هُوَ أَحَدُ الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرَةِ (وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ) بِفَتْحِ الزَّاي وَالْمِيمِ وَقَدْ تسكن الميم (في بن أمة زمعة) بالإضافة أي بن أَمَتِهِ وَهِيَ جَارِيَةٌ زَانِيَةٌ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لزمته (أخي عتبة) يضم أوله وسكون فوقية بن أَبِي وَقَّاصٍ وَهُوَ الَّذِي كَسَرَ رَبَاعِيَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ وَمَاتَ كَافِرًا (فَأَقْبِضُهُ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ أَمْسِكُهُ (فَإِنَّهُ ابنه) أي فإن بن أمة زمعة بن أَخِي عُتْبَةَ (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ) قَالَ فِي النَّيْلِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الْفِرَاشِ فَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إِلَى أَنَّهُ اسْمٌ لِلْمَرْأَةِ وَقَدْ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ حَالَةِ الِافْتِرَاشِ
وَقِيلَ إِنَّهُ اسْمٌ لِلزَّوْجِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ
وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّ الْفِرَاشَ زَوْجَةُ الرَّجُلِ انْتَهَى مُخْتَصَرًا
قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ أَنَّهُ إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ زَوْجَةٌ أَوْ مَمْلُوكَةٌ صَارَتْ فِرَاشًا
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَقَدْ أَشْكَلَ هَذَا الْحَدِيث عَلَى كَثِير مِنْ النَّاس مِنْ حَيْثُ إِنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ سَوْدَة بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ وَقَدْ أَلْحَقهُ بِزَمْعَة فَهُوَ أَخُوهَا وَلِهَذَا قَالَ الْوَلَد لِلْفِرَاشِ قَالُوا فَكَيْف يَكُون أَخَاهَا فِي الْحُكْم وَتُؤْمَر بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ فَقَالَ بَعْضهمْ هَذَا عَلَى سَبِيل الْوَرَع لِأَجْلِ الشَّبَه الَّذِي رَآهُ بِعَيْنِهِ وَقَالَ بَعْضهمْ إِنَّمَا جَعَلَهُ عَبْدًا لِزَمْعَة قَالَ وَالرِّوَايَة هُوَ لَك عَبْد فَإِنَّمَا جَعَلَهُ عَبْدًا لِعَبْدِ بْن زَمْعَة لِكَوْنِهِ رَأَى شَبَهه بعتبة فيكون منه غير لاحق بواحد منهما فيكون عبدا لعبد بن زَمْعَة إِذْ هُوَ وَلَد زِنَا مِنْ جَارِيَة زَمْعَة وَهَذَا تَصْحِيف مِنْهُ وَغَلَط فِي الرِّوَايَة وَالْمَعْنَى فَإِنَّ الرِّوَايَة الصَّحِيحَة هُوَ لَك يَا عبد بن زمعة ولو صحت
لَهُ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِمُدَّةِ الْإِمْكَانِ مِنْهُ لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَصَارَ وَلَدًا يَجْرِي بَيْنَهُمَا التَّوَارُثُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَحْكَامِ الْوِلَادَةِ سَوَاءً كَانَ مُوَافِقًا لَهُ فِي الشَّبَهِ أَمْ مُخَالِفًا وَمُدَّةُ إِمْكَانِ كَوْنِهِ منه ست أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُمَا
وَأَمَّا مَا تَصِيرُ بِهِ الْمَرْأَةُ فِرَاشًا فَإِنْ كَانَتْ زَوْجَةً صَارَتْ فِرَاشًا بِمُجَرَّدِ عَقْدِ النِّكَاحِ وَنَقَلُوا فِي هَذَا الْإِجْمَاعَ وَشَرَطُوا إِمْكَانَ الْوَطْءِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْفِرَاشِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَنْ نَكَحَ الْمَغْرِبِيُّ مَشْرِقِيَّةً وَلَمْ يُفَارِقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَطَنَهُ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَلْحَقْهُ لِعَدَمِ إِمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ
هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا أَبَا حَنِيفَةَ فَلَمْ يَشْتَرِطِ الْإِمْكَانَ بَلِ اكْتَفَى بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ قَالَ حَتَّى لَوْ طَلَّقَ عَقِبَ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ إِمْكَانِ وَطْءٍ فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنَ الْعَقْدِ لَحِقَهُ الْوَلَدُ
وَهَذَا ضَعِيفٌ ظَاهِرُ الْفَسَادِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي إِطْلَاقِ الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ وَهُوَ حُصُولُ الْإِمْكَانِ عِنْدَ الْعَقْدِ
هَذَا حُكْمُ الزَّوْجَةِ وَأَمَّا الْأَمَةُ فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ تَصِيرُ فِرَاشًا بَالْوَطْءِ وَلَا تَصِيرُ فِرَاشًا بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ حَتَّى لَوْ بَقِيَتْ فِي مِلْكِهِ سِنِينَ وَأَتَتْ بِأَوْلَادٍ وَلَمْ يَطَأْهَا وَلَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا لَا يَلْحَقُهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَإِذَا وَطِئَهَا صَارَتْ فِرَاشًا فَإِذَا أَتَتْ بَعْدَ الْوَطْءِ بِوَلَدٍ أَوْ أَوْلَادٍ لِمُدَّةِ الْإِمْكَانِ لَحِقُوهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا إِلَّا إِذَا وَلَدَتْ وَلَدًا وَاسْتَلْحَقَهُ فَمَا تَأْتِي بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ يَلْحَقُهُ إِلَّا إِنْ نَفِيَهُ انْتَهَى (وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ) الْعَاهِرُ الزَّانِي وَعَهَرَ زَنَى وَعَهَرَتْ زَنَتْ والعهر الزنى أَيْ وَلِلزَّانِي الْخَيْبَةُ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَلَدِ
وَعَادَةُ الْعَرَبِ أَنْ تَقُولَ لَهُ الْحَجَرُ وَبِفِيهِ الْأَثْلَبُ وَهُوَ التُّرَابُ وَنَحْوَ ذَلِكَ يُرِيدُونَ لَيْسَ لَهُ إِلَّا الْخَيْبَةُ
وَقِيلَ الْمُرَادُ بَالْحَجَرِ هُنَا أَنَّهُ يُرْجَمُ بَالْحِجَارَةِ وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ زَانٍ يُرْجَمُ وَإِنَّمَا يُرْجَمُ الْمُحْصَنُ خَاصَّةً وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ رَجْمِهِ نَفْيُ الْوَلَدِ عَنْهُ
وَالْحَدِيثُ إِنَّمَا وَرَدَ فِي نَفْيِ الولد عنه (واحتجبي منه) أي من بن أمة زمعة (ياسودة) هِيَ بِنْتُ زَمْعَةَ زَوْجَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
رِوَايَة هُوَ لَك عَبْد فَإِنَّمَا هِيَ عَلَى إِسْقَاط حَرْف النِّدَاء كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يُوسُف أَعْرِض عَنْ هَذَا} وَلَا يُتَصَوَّر أَنْ يَجْعَلهُ عَبْدًا لَهُ وَقَدْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاش أَبِيهِ وَيَحْكُم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّ الْوَلَد لِلْفِرَاشِ
وَهَذِهِ الزِّيَادَة الَّتِي ذَكَرهَا أَبُو دَاوُدَ وَهِيَ قَوْله هُوَ أَخُوك يَا عَبْد تَرْفَع الْإِشْكَال وَرِجَال إِسْنَادهَا ثِقَات
وَلَوْ لَمْ تَأْتِ فَالْحَدِيث إِنَّمَا يَدُلّ عَلَى إِلْحَاقه بِعَبْدِ أَخًا لَهُ
وَأَمَّا أَمْره سَوْدَة وَهِيَ أُخْته بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ فَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ تَبْعِيض أَحْكَام النَّسَبِ فَيَكُون أَخَاهَا فِي التَّحْرِيم وَالْمِيرَاث وَغَيْره وَلَا يَكُون أَخَاهَا فِي الْمَحْرَمِيَّة وَالْخَلْوَة وَالنَّظَر إِلَيْهَا لِمُعَارَضَةِ الشَّبَه لِلْفِرَاشِ فَأَعْطَى الْفِرَاش حُكْمه مِنْ ثُبُوت الْحُرْمَة وَغَيْرهَا وَأَعْطَى الشَّبَه حُكْمه مِنْ عَدَم ثُبُوت الْمَحْرَمِيَّة لِسَوْدَة
وَهَذَا بَاب مِنْ دَقِيق الْعِلْم وَسِرُّهُ لَا يَلْحَظُهُ إِلَّا الْأَئِمَّةُ الْمُطَّلِعُونَ عَلَى أَغْوَاره الْمَعْنِيُّونَ بِالنَّظَرِ فِي
قَالَ النَّوَوِيُّ أَمَرَهَا بِهِ نَدْبًا وَاحْتِيَاطًا لِأَنَّهُ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ أَخُوهَا لِأَنَّهُ أُلْحِقَ بِأَبِيهَا لَكِنْ لَمَّا رَأَى الشَّبَهَ الْبَيِّنَ بِعُتْبَةَ خَشِيَ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَائِهِ فَيَكُونُ أَجْنَبِيًّا مِنْهَا فَأَمَرَهَا بَالِاحْتِجَابِ مِنْهُ احْتِيَاطًا
قَالَ الْمَازِرِيُّ وَزَعَمَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَهَا بَالِاحْتِجَابِ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ احْتَجِبِي مِنْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِأَخٍ لَكِ وَقَوْلُهُ لَيْسَ بِأَخٍ لَكِ لَا يُعْرَفُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَلْ هِيَ زِيَادَةٌ بَاطِلَةٌ مَرْدُودَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى (فَقَالَ هُوَ أخوك ياعبد) وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَوَقَعَ فِي أخرى له ولغيره بلفظ هو لك ياعبد بْنُ زَمْعَةَ وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ لَكَ لِلِاخْتِصَاصِ لَا لِلتَّمْلِيكِ كَمَا قِيلَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
(ابْنِي) خَبَرُ إِنَّ (عَاهَرْتُ) أَيْ زَنَيْتُ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِإِثْبَاتِ الدَّعْوَةِ (لَا دِعْوَةَ) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ لَا دَعْوَى نَسَبٍ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ الدِّعْوَةُ بَالْكَسْرِ فِي النَّسَبِ وَهُوَ أَنْ يَنْتَسِبَ الْإِنْسَانُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَعَشِيرَتِهِ وَقَدْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فَنُهِيَ عَنْهُ وَجُعِلَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ إِلَخْ) تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
مَأْخَذ الشَّرْع وَأَسْرَاره وَمَنْ نَبَا فَهْمه عَنْ هَذَا وَغَلُظَ عَنْهُ طَبْعه فَلْيَنْظُرْ إِلَى الْوَلَد من الرضاعة كيف هو بن فِي التَّحْرِيم لَا فِي الْمِيرَاث وَلَا فِي النَّفَقَة وَلَا فِي الْوِلَايَة وَهَذَا يَنْفَع فِي مَسْأَلَة الْبِنْت الْمَخْلُوقَة مِنْ مَاء الزَّانِي فَإِنَّهَا بِنْته فِي تَحْرِيم النِّكَاح عَلَيْهِ عِنْد الْجُمْهُور وَلَيْسَتْ بِنْته فِي الْمِيرَاث وَلَا فِي النَّفَقَة وَلَا فِي الْمَحْرَمِيَّة
وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا مِنْ أَسْرَار الْفِقْه وَمُرَاعَاة الْأَوْصَاف الَّتِي تَتَرَتَّب عَلَيْهَا الْأَحْكَام وَتَرْتِيب مُقْتَضَى كُلّ وَصْف عَلَيْهِ
وَمَنْ تَأَمَّلَ الشَّرِيعَة أَطْلَعَتْهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَسْرَارٍ وَحِكَم تُبْهِر النَّاظِر فِيهَا
وَنَظِير هَذَا مَا لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ عَلَى سَارِقٍ أَنَّهُ سَرَقَ مَتَاعه ثَبَتَ حُكْم السَّرِقَة فِي ضَمَان الْمَال عَلَى الصَّحِيح وَلَمْ يَثْبُت حُكْمهَا فِي وُجُوب الْقَطْع اِتِّفَاقًا فَهَذَا سَارِق مِنْ وَجْه دُون وَجْه وَنَظَائِره كَثِيرَة
فَإِنْ قِيلَ فَكَيْف تَصْنَعُونَ فِي الرِّوَايَة الَّتِي جَاءَتْ فِي هذا الحديث واحتجبي منه ياسودة فَإِنَّهُ لَيْسَ لَك بِأَخٍ
(عَنْ رَبَاحٍ) قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ رَبَاحٌ الْكُوفِيُّ عَنْ عُثْمَانَ وَعَنْهُ الْحَسَنُ بْنُ سَعْدٍ مَجْهُولٌ وقال في هامشه وذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ (رُومِيَّةَ) بَالنَّصْبِ صِفَةُ أُمِّهِ (ثُمَّ طَبِنَ لَهَا) بِفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ أَفْسَدَهَا وبكسرها من الطبانة بمعنى الْفِطْنَةِ أَيْ هَجَمَ عَلَى بَاطِنِهَا وَهِيَ وَافَقَتْهُ عَلَى الْمُرَاوَدَةِ
كَذَا فِي فَتْحِ الْوَدُودِ
وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ أَصْلُ الطَّبَانَةِ الْفِطْنَةُ طَبِنَ لِكَذَا أَيْ هَجَمَ عَلَى بَاطِنِهَا وَخَبَرَ أَمْرَهَا وَإِنَّهَا مِمَّنْ تُوَاتِيهِ عَلَى الْمُرَاوَدَةِ
هَذَا إِنْ رُوِيَ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَعَلَى فَتْحِهَا بِمَعْنَى خَيَّبَهَا وَأَفْسَدَهَا انْتَهَى (رُومِيٌّ) بَالرَّفْعِ صِفَةُ غُلَامٍ (يُوحَنَّةَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتٍ وَسُكُونِ وَاوٍ وَفَتْحِ مُهْمَلَةٍ وَتَشْدِيدِ نُونٍ (فَرَاطَنَهَا) أَيْ كَلَّمَهَا كَلَامًا لَا يَفْهَمُهُ غَيْرُهَا (كَأَنَّهُ وَزَغَةٌ) بِفَتَحَاتٍ وَهِيَ مَا يُقَالُ لَهُ سَامٌّ أَبْرَصُ (أَحْسِبُهُ) قَائِلُهُ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ شَيْخُ أَبَى دَاوُدَ (قَالَ مَهْدِيٌّ) أي بن مَيْمُونٍ فِي رِوَايَتِهِ (فَسَأَلَهُمَا) أَيْ فَسَأَلَ عُثْمَانُ الْعَبْدَ الرُّومِيَّ وَالْأَمَةَ الرُّومِيَّةَ (وَأَحْسِبُهُ قَالَ) أَيْ مَهْدِيٌّ (فَجَلَدَهَا) أَيِ الْأَمَةَ (وَجَلَدَهُ) أَيِ الْعَبْدَ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قِيلَ هَذِهِ الزِّيَادَة لَا نَعْلَم ثُبُوتهَا وَلَا صِحَّتهَا وَلَا يُعَارَض بِهَا مَا قَدْ عُلِمَتْ صِحَّته وَلَوْ صَحَّتْ لَكَانَ وَجْههَا مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا بِأَخٍ فِي الْخَلْوَة وَالنَّظَر وَتَكُون مُفَسِّرَة لِقَوْلِهِ وَاحْتَجِبِي مِنْهُ وَاَللَّه أَعْلَم
وَهَذَا الْوَلَد الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الِاخْتِصَام هُوَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَمْعَة مَذْكُور فِي كِتَاب الصَّحَابَة
وَهُوَ حُجَّة عَلَى مَنْ يَقُول إِنَّ الْأَمَة لَا تَكُون فِرَاشًا وَيُحْمَل قَوْله الْوَلَد لِلْفِرَاشِ عَلَى الْحُرَّة فَإِنَّ سَبَب الْحَدِيث فِي الْأَمَة فَلَا يَتَطَرَّق إِلَيْهِ تَخْصِيصٌ لِأَنَّ مَحَلّ السَّبَب فِيهِ كَالنَّصِّ وَمَا عَدَاهُ فِي حُكْم الظَّاهِر
وَاَللَّه أَعْلَم