الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْ تَرِثُوا فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ بيحل أَيْ لَا يَحِلُّ لَكُمْ إِرْثُ النِّسَاءِ وَالنِّسَاءُ مَفْعُولٌ بِهِ إِمَّا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ أَنْ تَرِثُوا أَمْوَالَ النِّسَاءِ وَالْخِطَابُ لِلْأَزْوَاجِ لِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْمَرْأَةِ غَرَضٌ أَمْسَكَهَا حَتَّى تَمُوتَ فَيَرِثَهَا أَوْ تَفْتَدِيَ بِمَالِهَا إِنْ لَمْ تَمُتْ
وَإِمَّا مِنْ غَيْرِ حَذْفٍ عَلَى مَعْنَى أَنْ يَكُنَّ بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمَوْرُوثِ إِنْ كَانَ الْخِطَابُ لِلْأَوْلِيَاءِ أَوْ لِأَقْرِبَاءِ الْمَيِّتِ وَكَرْهًا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنَ النِّسَاءِ أَيْ تَرِثُوهُنَّ كارهات أو مكرهات (ولا تعضلوهن) جزم بلا الناهية أو نصب عطف عَلَى أَنْ تَرِثُوا وَلَا لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ لَا تَعْضُلُوهُنَّ مِنَ النِّكَاحِ إِنْ كَانَ الْخِطَابُ لِلْأَوْلِيَاءِ أَوْ لَا تَعْضُلُوهُنَّ مِنَ الطَّلَاقِ إِنْ كَانَ لِلْأَزْوَاجِ (لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتيتموهن) اللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِتَعْضُلُوهُنَّ وَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ الْمُرَادِفَةِ لِهَمْزَتِهَا أَوْ لِلْمُصَاحَبَةِ فَالْجَارُّ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ وَيَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ أَيْ لِتَذْهَبُوا مَصْحُوبِينَ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) أَيْ زِنًا (وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَرِثُ امْرَأَةَ ذِي قَرَابَةٍ فَيَعْضُلُهَا) أَيِ الْمَرْأَةَ
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخِطَابَ فِي الْآيَةِ لِلْأَوْلِيَاءِ (فَأَحْكَمَ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ مَنَعَهُ مِنْ أَحْكَمْتُهُ أَيْ مَنَعْتُهُ (وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى مَا قَبْلَهَا عَطْفَ تَفْسِيرٍ
[2091]
(فَوَعَظَ اللَّهُ ذَلِكَ) الْمُرَادُ بَالْوَعْظِ النَّهْيُ أَيْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ
4 -
(بَاب فِي الِاسْتِئْمَارِ)
[2092]
(لَا تُنْكَحُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ نَفْيًا لِلْمُبَالَغَةِ أَوْ نَهْيًا (الثَّيِّبُ) أَيِ الَّتِي فَارَقَتْ زَوْجَهَا بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَعَ لَفْظُ الْأَيِّمِ مَكَانَ الثَّيِّبِ قَالَ الْحَافِظُ ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَيِّمَ هِيَ الثَّيِّبُ لِمُقَابَلَتِهَا بَالْبِكْرِ (حَتَّى تُسْتَأْمَرَ) أَصْلُ الِاسْتِئْمَارِ طَلَبُ الْأَمْرِ فَالْمَعْنَى لا يعقد
عَلَيْهَا حَتَّى يُطْلَبَ الْأَمْرُ مِنْهَا
وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ تُسْتَأْمَرَ أَنَّهُ لَا يُعْقَدُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ تَأْمُرَ بِذَلِكَ وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ فِي حَقِّهَا بَلْ فِيهِ إِشْعَارٌ بَاشْتِرَاطِهِ
قَالَهُ الْحَافِظُ (وَلَا الْبِكْرُ إِلَّا بإذنها) أي ولا ينكح الْبِكْرُ إِلَّا بِإِذْنِهَا
وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ لَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ
قَالَ الْحَافِظُ عَبَّرَ لِلثَّيِّبِ بَالِاسْتِئْمَارِ وَلِلْبِكْرِ بَالِاسْتِئْذَانِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الِاسْتِئْمَارَ يَدُلُّ عَلَى تَأْكِيدِ الْمُشَاوَرَةِ وَجَعْلِ الْأَمْرِ إِلَى الْمُسْتَأْمَرَةِ وَلِهَذَا يَحْتَاجُ إِلَى صَرِيحِ إِذْنِهَا فِي الْعِقْدِ فَإِذَا صَرَّحَتْ بِمَنْعِهِ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا وَالْبِكْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ
وَالْإِذْنُ دَائِرٌ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالسُّكُوتِ بِخِلَافِ الْأَمْرِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْقَوْلِ وَإِنَّمَا جُعِلَ السُّكُوتُ إِذْنًا فِي حَقِّ الْبِكْرِ لِأَنَّهَا قَدْ تَسْتَحْيِي أَنْ تُفْصِحُ (وَمَا إِذْنُهَا) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَكَيْفَ إِذْنُهَا (قَالَ أَنْ تَسْكُتَ) أَيْ إِذْنُهَا سُكُوتُهَا
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبِكْرَ إِذَا أُنْكِحَتْ قَبْلَ أَنْ تُسْتَأْذَنَ فَتَصْمُتَ أَنَّ النِّكَاحَ بَاطِلٌ كَمَا يَبْطُلُ إِنْكَاحَ الثَّيِّبِ قَبْلَ أَنْ تُسْتَأْمَرَ فَتَأْذَنُ بَالْقَوْلِ
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أنس وبن أَبِي لَيْلَى وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إِنْكَاحُ الْأَبِ الْبِكْرَ الْبَالِغَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ تُسْتَأْذَنْ وَمَعْنَى اسْتِئْذَانِهَا إِنَّمَا هُوَ عِنْدَهُمْ عَلَى اسْتِطَابَةِ النَّفْسِ دُونَ الْوُجُوبِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ بَاسْتِئْمَارِ أُمَّهَاتِهِنَّ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن ماجه
[2093]
(أخبرنا حماد) هو بن سَلَمَةَ (الْمَعْنَى) وَاحِدٌ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو فَيَزِيدُ يَرْوِي بِلَفْظِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو وَحَمَّادُ بِصِيغَةِ عَنْ وَمَعْنَى حَدِيثِهِمَا وَاحِدٌ وَإِنْ تَغَايَرَ فِي بَعْضِ اللَّفْظِ (تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ) هِيَ صَغِيرَةٌ لَا أَبَ لَهَا وَالْمُرَادُ هُنَا الْبِكْرُ الْبَالِغَةُ سَمَّاهَا بَاعْتِبَارِ مَا كانت كقوله تعالى وآتوا اليتامى أموالهم وَفَائِدَةُ التَّسْمِيَةِ مُرَاعَاةُ حَقِّهَا وَالشَّفَقَةُ عَلَيْهَا فِي تَحَرِّي الْكِفَايَةِ وَالصَّلَاحِ فَإِنَّ الْيَتِيمَ مَظِنَّةُ الرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ
ثُمَّ هِيَ قَبْلَ الْبُلُوغِ لَا مَعْنَى لإذنها ولا لإبائها فكأنه عليه الصلاة والسلام شَرَطَ بُلُوغَهَا فَمَعْنَاهُ لَا تُنْكَحُ حَتَّى تَبْلُغَ فتستأمر أي تستأذن
كذا قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ (وَإِنْ أَبَتْ
فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ فَلَا تعدي عَلَيْهَا وَلَا إِجْبَارَ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ واليتيمة ها هنا هِيَ الْبِكْرُ الْبَالِغَةُ الَّتِي مَاتَ أَبُوهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا فَلَزِمَهَا اسْمُ الْيَتِيمِ فَدُعِيَتْ بِهِ وَهِيَ بَالِغَةٌ
وَالْعَرَبُ رُبَّمَا دَعَتِ الشَّيْءَ بَالِاسْمِ الْأَوَّلِ الَّذِي إِنَّمَا سُمِّيَ بِهِ لِمَعْنًى مُتَقَدِّمٍ ثُمَّ يَنْقَطِعُ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَلَا يَزُولُ الِاسْمُ
وَقَالَ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ إِنْكَاحِ غَيْرِ الْأَبِ لِلصَّغِيرَةِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُزَوِّجُهَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَلَا يُزَوِّجُهَا الْأَخُ وَلَا الْعَمُّ وَلَا الْوَصِيُّ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا يُزَوِّجُهَا الْوَصِيُّ
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُزَوِّجَ الْيَتِيمَةَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ شُرَيْحٍ
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ لَا يُزَوِّجُهَا الْوَصِيُّ حَتَّى يَكُونَ وَلِيًّا لَهَا وَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا لِأَنَّ لَهَا الْخِيَارَ إِذَا بَلَغَتِ انْتَهَى
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ إِخْرَاجِ هَذَا الْحَدِيثِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَزْوِيجِ الْيَتِيمَةِ فَرَأَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْيَتِيمَةَ إِذَا زُوِّجَتْ فَالنِّكَاحُ مَوْقُوفٌ حَتَّى تبلغ فإذا بلغت فلها الخيار في إجاز النِّكَاحِ أَوْ فَسْخِهِ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْيَتِيمَةِ حَتَّى تَبْلُغَ وَلَا يَجُوزُ الْخِيَارُ فِي النِّكَاحِ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ
وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إِذَا بَلَغَتِ الْيَتِيمَةُ تِسْعَ سِنِينَ فَزُوِّجَتْ فَرَضِيَتْ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَلَا خِيَارَ لَهَا إِذَا أَدْرَكَتْ وَاحْتَجَّا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ إِذَا بَلَغَتِ الْجَارِيَةُ تِسْعَ سِنِينَ فَهِيَ امْرَأَةٌ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ
[2094]
(وَرَوَاهُ أَبُو عُمَرَ وذكوان عن عائشة قالت يارسول الله