الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا الْتَزَمَهُ مِنَ الشِّدَّةِ وَالِاسْتِعْجَالِ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ بَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لِحِكْمَةِ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ قَدَرًا وَشَرْعًا فَإِنَّ النَّاسَ إِذَا تَعَدَّوْا حُدُودَهُ وَلَمْ يَقِفُوا عِنْدَهَا ضَيَّقَ عَلَيْهِمْ مَا جَعَلَهُ لِمَنِ اتَّقَاهُ مِنَ الْمَخْرَجِ
وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ
مَنْ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم مِنَ الْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا إِنَّكَ لَوِ اتَّقَيْتَ اللَّهَ لَجَعَلَ لَكَ مخرجا كما قاله بن مسعود وبن عَبَّاسٍ فَهَذَا نَظَرُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنه وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ لَا أَنَّهُ رضي الله عنه غَيَّرَ أَحْكَامَ اللَّهِ وَجَعَلَ حَلَالَهَا حَرَامًا
فَهَذَا غَايَةُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ النُّصُوصِ وَفِعْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنه وَمَنْ مَعَهُ كَذَا فِي زَادِ الْمَعَادِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
1 -
(بَاب فِي ما عُنِيَ بِهِ الطَّلَاقُ وَالنِّيَّاتُ)
(إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بَالنِّيَّةِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بَالنِّيَّاتِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ صِحَّةَ الْأَعْمَالِ وَوُجُوبَ أَحْكَامِهَا إِنَّمَا تَكُونُ بَالنِّيَّةِ وَأَنَّ النِّيَّةَ هِيَ الْمُصْرِفَةُ لَهَا إِلَى جِهَاتِهَا وَلَمْ يُرِدْ بِهِ أَعْيَانَ الْأَعْمَالِ لِأَنَّ أعيانها حاصلة بغير نية (وإنما لامرىء مَا نَوَى) أَشَارَ بِهِ إِلَى أَنَّ تَعْيِينَ الْمَنْوِيِّ شَرْطٌ فَلَوْ كَانَ عَلَى إِنْسَانٍ صَلَوَاتٌ لَا يَكْفِيهِ أَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ بَلْ شَرْطٌ أَنْ يَنْوِيَ كَوْنَهَا ظُهْرًا أَوْ غَيْرَهُ فَلَوْلَا هَذَا الْقَوْلُ لَاقْتَضَى الْكَلَامُ الْأَوَّلُ أَنْ تصح الفائتة بلا تعيين
كذا قال بن
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
ثَلَاث تَطْلِيقَات جَمِيعًا فَقَامَ غَضْبَان ثُمَّ قَالَ أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللَّه وَأَنَا بَيْن أَظْهُركُمْ حَتَّى قَامَ رَجُل فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه أَلَا أَقْتُلهُ رَوَاهُ النَّسَائِيّ
فَلَمْ يُرِدْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بَلْ أَمْضَاهُ وَكَمَا فِي حَدِيث عُوَيْمِر الْعِجْلَانِيّ فِي اللِّعَان حَيْثُ أَمْضَى طَلَاقه الثَّلَاث وَلَمْ يَرُدّهُ
الْخَامِس وَهُوَ قَوِيٌّ فِي النَّظَر وَالتَّأْوِيل أَنَّهُ قَالَ كَانَ الطَّلَاق الثَّلَاث عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم وَاحِدَة يُحْتَمَل أَنْ يُرِيد بِهِ كَانَ حُكْم الثَّلَاث إِذَا وَقَعَتْ أَنْ تُجْعَل وَاحِدَةً وَأَنْ يُرِيد بِهِ كَانَتْ عِبَارَة الثَّلَاث عَلَى عَهْده أَنْ تُذْكَر وَاحِدَة فَلَمَّا تَتَابَعَ النَّاس فِي الطَّلَاق وَذَكَرُوا الثَّلَاث بَدَل الْوَاحِدَة أَمْضَى ذَلِكَ عُمَر كَمَا أَمْضَاهُ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم عَلَى عُوَيْمِر حِين طَلَّقَ ثَلَاثًا
فَلَا يَبْقَى فِي الْمَسْأَلَة إِشْكَال
فَهَذَا أَقْصَى مَا يُرَدُّ بِهِ هَذَا الْحَدِيث
الْمَلَكِ وَالْعَلْقَمِيُّ (فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ) أَيِ انْتِقَالُهُ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ قَصْدًا وَعَزْمًا (فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ) فَإِنْ قُلْتَ الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ قَدِ اتَّحَدَا قُلْنَا لَا اتِّحَادَ لِأَنَّ التَّكْرَارَ قَدْ يُفِيدُ الْكَمَالَ كَمَا قَالَ أَبُو النَّجْمِ وَشِعْرِي شِعْرِي أَيْ شِعْرٌ كَامِلٌ وَالْمَعْنَى فَهِجْرَتُهُ كَامِلَةٌ (وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا) اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ أَوْ بِمَعْنَى إِلَى وَدُنْيَا بِغَيْرِ تَنْوِينٍ لِأَنَّهَا تَأْنِيثٌ أَدْنَى وَجَمْعُهَا دُنَى كَكُبْرَى وَكُبَرُ (يُصِيبُهَا) أَيْ يُحَصِّلُهَا (أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا) إِنَّمَا ذَكَرَهَا مَعَ كَوْنِهَا مُنْدَرِجَةً تَحْتَ دُنْيَا تَعْرِيضًا لِمَنْ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي نِكَاحِ مُهَاجِرَةٍ فَقِيلَ لَهُ مُهَاجِرُ أُمِّ قَيْسٍ أَوْ تَنْبِيهًا عَلَى زِيَادَةِ التَّحْذِيرِ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ لِمَزِيَّتِهِ (فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ) يَعْنِي لَا يُثَابُ عَلَى هِجْرَتِهِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُطَلِّقَ إِذَا طَلَّقَ بِصَرِيحِ لَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ بِبَعْضِ الْكِنَائِيِّ الَّتِي يُطَلَّقُ بِهَا وَنَوَى عَدَدًا مِنْ أَعْدَادِ الطَّلَاقِ كَانَ مَا نَوَاهُ مِنَ الْعَدَدِ وَاقِعًا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَإِلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَصَرْفَ الْأَلْفَاظَ عَلَى مَصَارِفِ النِّيَّاتِ وَقَالَ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى ثَلَاثًا أَنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ هِيَ وَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقٌّ بِهَا وَكَذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن مَاجَهْ
(أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ) خَبَرُ إِنَّ قَوْلُهُ قَالَ سَمِعْتُ (وَكَانَ) أَيْ عَبْدُ اللَّهِ (قَائِدَ كَعْبٍ) مِنَ الْقَوْدِ نَقِيضُ السَّوْقِ فَهُوَ مِنْ أَمَامٍ وَذَاكَ مِنْ خَلْفٍ (مِنْ بَنِيهِ) أَيْ مِنْ بَنِيهِمْ
وَكَانَ أَبْنَاؤُهُ أَرْبَعَةً عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدٌ وَعُبَيْدَ اللَّهِ (قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ) وَهُوَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ (فَسَاقَ قِصَّتَهُ) وَقِصَّتُهُ مَذْكُورَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ (حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ) أَيْ يَوْمًا (مِنَ الْخَمْسِينَ) أَيِ الَّتِي مَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ مِنَ الْكَلَامِ فِيهَا مَعَ هَؤُلَاءِ (إذا