الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ امْرِئِ الْقَيْسِ وَكَانَ عَلَى مِصْرَ وَقِيلَ اسْمُهُ صَادِقٌ وَكَانَ عَلَى الْأُرْدُنِّ وَقِيلَ سِنَانُ بْنُ عُلْوَانَ (فَأُتِيَ) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (هِيَ أَحْسَنُ النَّاسِ) فِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أُعْطِيَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ شَطْرَ الْحُسْنِ يَعْنِي سَارَةَ (وَإِنَّهُ) أَيِ الشَّأْنُ (لَيْسَ الْيَوْمَ مُسْلِمٌ غَيْرِي وَغَيْرُكِ) يُشْكِلُ عَلَيْهِ كَوْنُ لُوطٍ عليه السلام كَانَ مَعَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مهاجر إلى ربي وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مُرَادَهُ لَيْسَ مُسْلِمٌ بِتِلْكَ الْأَرْضِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا مَا وَقَعَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ لُوطٌ عليه السلام إِذْ ذَاكَ
كَذَا فِي الْفَتْحِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
7 -
(بَاب فِي الظِّهَارِ)
بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي
قَالَ الْحَافِظُ وَاخْتُلِفَ فِيمَا إِذَا لَمْ يُعَيِّنِ الْأُمَّ كَأَنْ قَالَ كَظَهْرِ أُخْتِي مَثَلًا فَعَنِ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ لَا يَكُونُ ظِهَارًا بَلْ يَخْتَصُّ بَالْأُمِّ كَمَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ وَكَذَا فِي حَدِيثِ خَوْلَةَ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا أَوْسٌ وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ يَكُونُ ظهارا وهو قول الجمهور انتهى
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله قَدْ وَرَدَ فِي هَذِهِ الْكَفَّارَة أَنَّهُ أَمَرَهُ بِإِطْعَامِ وَسْق وَالْوَسْق سِتُّونَ صَاعًا وَهُوَ أَكْثَر مَا قِيلَ فِيهِ وَذَهَبَ إِلَيْهِ سُفْيَان الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَاب الرَّأْي مَعَ قَوْلهمْ إِنَّ الصَّاع ثَمَانِيَة أَرْطَال بِالْعِرَاقِيِّ وَوَرَدَ فِيهَا أَنَّهُ أَمَرَ اِمْرَأَة أَوْس بْن الصَّامِت أَنْ تُكَفِّر عَنْهُ بِالْعِرْقِ الَّذِي دَفَعَهُ إِلَيْهَا وَالْعِرْق الَّذِي أَعَانَتْهُ بِهِ
وَاخْتُلِفَ فِي مِقْدَار ذَلِكَ الْعِرْق فَقِيلَ سِتُّونَ صَاعًا وَهُوَ وَهْم وَقِيلَ ثَلَاثُونَ هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ أَبُو
(قال بن الْعَلَاءِ بْنُ عَلْقَمَةَ بْنِ عَيَّاشٍ) أَيْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ عياش بزيادة بن علقمة بن عياش (قال بن الْعَلَاءِ الْبَيَاضِيُّ) أَيْ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ الْبَيَاضِيِّ (قَالَ كُنْتُ امْرَأً أُصِيبُ مِنَ النِّسَاءِ مَا لَا يُصِيبُ غَيْرِي) كِنَايَةً عَنْ كَثْرَةِ شَهْوَتِهِ وَوُفُورِ قُوَّتِهِ (يُتَايَعُ بِي) أَيْ يُلَازِمُنِي مُلَازَمَةَ الشَّرِّ وَفِي نُسْخَةٍ يُتَتَايَعُ وَالتَّتَايُعُ الْوُقُوعُ فِي الشَّرِّ مِنْ غَيْرِ فِكْرَةٍ وَرَوِيَّةٍ وَالْمُتَابَعَةُ عَلَيْهِ (حَتَّى يَنْسَلِخَ شَهْرُ رَمَضَانَ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الظِّهَارَ الْمُؤَقَّتَ ظِهَارٌ كَالْمُطْلَقِ مِنْهُ وَهُوَ إِذَا ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ إِلَى مُدَّةٍ ثُمَّ أَصَابَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إِذَا بَرَّ وَلَمْ يحنث فقال مالك وبن وأبي ليلى إذ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إِلَى اللَّيْلِ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ لَمْ يَقْرَبْهَا
وَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَقْرَبْهَا
وَجَعَلَ الشَّافِعِيُّ فِي الظِّهَارِ الْمُؤَقَّتِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِظِهَارٍ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ (فَلَمْ أَلْبَثْ) أَيْ لَمْ أَتَأَخَّرْ
وَاللُّبْثُ فِي الْفَارِسِيَّةِ درنك كردن (أَنْ نَزَوْتُ) أي وقعت (أنت بذاك ياسلمة) أَيْ أَنْتَ الْمُلِمُّ بِذَلِكَ أَوْ أَنْتَ الْمُرْتَكِبُ لَهُ
كَذَا فِي الْمَعَالِمِ (قَالَ حَرِّرْ رَقَبَةً) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَ رَقَبَةً مَا كَانَتْ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
دَاوُدَ عَلَى حَدِيث يَحْيَى بْن آدَم وَقِيلَ خَمْسَة عَشْر فَيَكُون الْعِرْقَانِ ثَلَاثِينَ صَاعًا لِكُلِّ مِسْكَيْنِ نِصْف صَاع وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْإِمَام أَحْمَد وَمَالِك
وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى أَنَّ التَّمْر الَّذِي أَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّق بِهِ كَانَ قَرِيبًا مِنْ خَمْسَة عَشْر صَاعًا وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَعَطَاء وَالْأَوْزاَعِيّ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فَيَكُون لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ وَهُوَ مِقْدَار لَا شَيْء بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يُوجِبهُ أَهْل الرَّأْي فَإِنَّهُمْ يُوجِبُونَ صَاعًا وَهُوَ ثَمَانِيَة أَرْطَال فَيُوجِبُونَ زِيَادَة عَلَى مَا يُوجِبهُ هَؤُلَاءِ سِتّ مَرَّات
وَأَخَذَ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ مِنْ حَدِيث الْمُجَامِع فِي رَمَضَان فَإِنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَتَى بِعِرْقٍ فِيهِ خَمْسَة عَشْر صَاعًا فَقَالَ خُذْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّه تعالى
كَبِيرٍ أَعْوَرَ كَانَ أَوْ أَعْرَجَ فَإِنَّهُ يَجْزِيهِ إِلَّا مَا يَمْنَعُ دَلِيلُ الْإِجْمَاعِ مِنْهُ وَهُوَ الزَّمِنُ الَّذِي لَا حَرَاكَ بِهِ انْتَهَى (مَا أَمْلِكُ رَقَبَةً غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ رَقَبَتِي هَذِهِ (وَضَرَبْتُ صَفْحَةَ رَقَبَتِي) زَادَ أَحْمَدُ بِيَدِي
قَالَ فِي الْقَامُوسِ الصَّفْحُ الْجَانِبُ وَمِنْكَ جَنْبُكَ وَمِنَ الْوَجْهِ وَالسَّيْفِ عَرْضُهُ (وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ) الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا (بَيْنَ سِتِّينَ مِسْكِينًا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَلَا يُجْزِئُ إِطْعَامُ دُونِهِمْ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنَّهُ يُجْزِئُ إِطْعَامُ وَاحِدٍ سِتِّينَ يَوْمًا (لَقَدْ بِتْنَا وَحْشَيْنِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُقَالُ رَجُلٌ وَحْشٌ بَالسُّكُونِ إِذَا كَانَ جَائِعًا لَا طَعَامَ لَهُ وَقَدْ أَوْحَشَ إِذَا جَاعَ (بَنِي زُرَيْقٍ) بِتَقْدِيمِ الزَّاي عَلَى الرَّاءِ (فَلْيَدْفَعْهَا) أَيِ التَّمْرَ (فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ) أَخَذَ بِظَاهِرِهِ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا الْوَاجِبُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ ذُرَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنَّ الْوَاجِبَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ وَتَمَسَّكَ بَالرِّوَايَاتِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الْعَرَقِ وَتَقْدِيرُهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَسْقُطُ بَالْعَجْزِ عَنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعَانَهُ بِمَا يُكَفِّرُ بِهِ بَعْدَ أَنْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَا يَجِدُ رَقَبَةً وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إِطْعَامٍ وَلَا يُطِيقُ الصَّوْمَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى السُّقُوطِ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى التَّفْصِيلِ فَقَالُوا تَسْقُطُ كَفَّارَةُ صَوْمِ رَمَضَانَ لَا غَيْرَهَا مِنَ الْكَفَّارَاتِ كَذَا فِي النَّيْلِ (وَكُلْ أَنْتَ وَعِيَالَكَ بَقِيَّتَهَا) أَيْ بَقِيَّةَ الصَّدَقَةِ الَّتِي بَقِيَتْ بَعْدَ إِطْعَامِ سِتِّينَ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
ثُمَّ اِخْتَلَفُوا فِي الْبُرّ هَلْ هُوَ عَلَى النِّصْف مِنْ ذَلِكَ أَمْ هُوَ وَغَيْره سَوَاء فَقَالَ الشَّافِعِيُّ مُدٌّ مِنْ الْجَمِيع وَقَالَ مَالِك مُدَّانِ مِنْ الْجَمِيع وَقَالَ أَحْمَد وَأَبُو حَنِيفَة الْبُرّ عَلَى النِّصْف مِنْ غَيْره عَلَى أَصْلهمَا فَعِنْد أَحْمَد مُدّ مِنْ بُرّ أَوْ نِصْف صَاع مِنْ غَيْره وَعِنْد أَبِي حَنِيفَة مُدَّانِ مِنْ بُرّ أَوْ نِصْف صَاع مِنْ غَيْره عَلَى اِخْتِلَافهمَا فِي الصَّاع
مِسْكِينًا (وَبَيَاضَةُ بَطْنٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ) وَهُوَ بياضة بن عامر بن زريق بن عبدحارثة بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ مِنْ وَلَدِ جُشَمَ بْنِ الْخَزْرَجِ كَذَا فِي تَاجِ الْعَرُوسِ
قال المنذري وأخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ
وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَعْنِي الْبُخَارِيَّ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ لَمْ يَسْمَعْ عِنْدِي مِنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا هُوَ مُرْسَلٌ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ لَمْ يَدْرِكْ سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عليه
(تجادلك في زوجها) هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ نَزَلَتْ فِي خَوْلَةَ وَيُقَالُ لَهَا خُوَيْلَةُ بَالتَّصْغِيرِ ظَاهَرَ مِنْهَا زَوْجُهَا وَكَانَ الظِّهَارُ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاسْتَفْتَتْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ حَرُمْتِ عَلَيْهِ فَحَلَفَتْ أَنَّهُ مَا ذَكَرَ طَلَاقًا فَقَالَ حَرُمْتِ عَلَيْهِ فَقَالَتْ أَشْكُو إِلَى اللَّهِ فَاقَتِي وَجَعَلَتْ تُرَاجِعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَرْفَعُ رَأْسَهَا إِلَى السَّمَاءِ وَتَشْكُو إِلَى اللَّهِ (إِلَى الْفَرْضِ) أَيْ إِلَى مَا فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْكَفَّارَةِ وَتَمَامُ الْآيَةِ وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ
الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ
إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ
وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لم يستطع فإطعام ستين مسكينا (ما به من صيام أي) أَيْ لَيْسَ فِيهِ قُوَّةُ صِيَامٍ (بِعَرَقٍ) بِفَتْحَتَيْنِ هُوَ السَّفِيفَةُ الْمَنْسُوجَةُ مِنَ الْخُوصِ قَبْلَ أَنْ يجعل منها
الزِّنْبِيلُ أَوِ الزِّنْبِيلُ نَفْسُهُ (قَالَ وَالْعَرَقُ سِتُّونَ صَاعًا) قَالَ فِي النَّيْلِ هَذِهِ الرِّوَايَةُ تَفَرَّدَ بِهَا مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ
قال الذهبي لا يعرف ووثقه بن حِبَّانَ وَفِيهَا أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ عَنْعَنَ وَالْمَشْهُورُ عُرْفًا أَنَّ الْعَرَقَ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا كَمَا رَوَى ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ نَفْسِهِ
انْتَهَى
(قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي هَذَا) أَيْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهَا (إِنَّمَا كَفَّرَتْ) خُوَيْلَةُ (عَنْهُ) عَنْ زَوْجَةِ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ (مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْتَأْمِرَهُ) فِي أَدَاءِ الْكَفَّارَةِ وَأَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أجازها وأمضاها
(وَالْعَرَقُ مِكْتَلٌ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْمِكْتَلُ كَمِنْبَرٍ زِنْبِيلٌ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا (هَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ) يَعْنِي الْحَدِيثُ الَّذِي قَبْلَهُ
(قَالَ يَعْنِي الْعَرَقَ زِنْبِيلًا يَأْخُذُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا) مَعْنَى يَأْخُذُ يَسْعُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي تَفْسِيرِ الْعَرَقِ فَفِي رواية يحيى بن آدم عن بن إدريس عن بن إِسْحَاقَ أَنَّهُ سِتُّونَ صَاعًا وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بن سلمة عن بن إِسْحَاقَ أَنَّهُ مِكْتَلُ يَسَعُ ثَلَاثِينَ صَاعًا وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ زِنْبِيلٌ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا فَدَلَّ أَنَّ الْعَرَقَ قَدْ يَخْتَلِفُ فِي السَّعَةِ وَالضِّيقِ فَيَكُونُ بَعْضُ الْأَعْرَاقِ أَكْبَرَ وَبَعْضُهَا أَصْغَرَ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ مِنْهَا إِلَى التَّقْدِيرِ الَّذِي جَاءَ فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا فِي كَفَّارَةِ الْمُجَامِعِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ بِمُدِّ هُشَامٍ وَهُوَ مُدٌّ وَثُلُثٌ وَذَهَبَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَى حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ وَهُوَ أَحْوَطُ الْأَمْرَيْنِ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ سِتِّينَ صَاعًا ثم يؤتي
بِخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا فَيَقُولُ تَصَدَّقْ بِهَا وَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ أَنَّهَا تُجْزِئُهُ عَنْ جَمِيعِ الْكَفَّارَةِ وَلَكِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهَا فِي الْوَقْتِ وَيَكُونُ الْبَاقِي دَيْنًا عَلَيْهِ حَتَّى يَجِدَهُ إِلَّا أَنَّ إِسْنَادَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَجْوَدُ وَأَحْسَنُ اتِّصَالًا مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ كَذَا فِي الْمَعَالِمِ بِأَدْنَى تَغْيِيرٍ وَاخْتِصَارٍ
(عَلَى أَفْقَرَ مِنِّي) بِحَذْفِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِذِكْرِهَا (قُلْتُ لَهُ) أَيْ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْوَزِيرِ وَالْجُمْلَةُ بَيَانٌ لِقَرَأْتُ (وَهُوَ) أَيْ أَوْسٌ (مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ قديم الموت) قال بن حِبَّانَ مَاتَ أَيَّامَ عُثْمَانَ
قَالَهُ الْحَافِظُ (وَالْحَدِيثُ مُرْسَلٌ) أَيْ مُنْقَطِعٌ وَقَدْ يَجِيءُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ الْمُرْسَلُ وَالْمُنْقَطِعُ بِمَعْنًى
(أَنَّ جَمِيلَةَ كَانَتْ تَحْتَ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ) وَفِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّ اسْمَ زَوْجَةِ أَوْسٍ خُوَيْلَةُ فَلَعَلَّهَا كَانَتْ تُدْعَى بَالِاسْمَيْنِ أَوْ جَمِيلَةُ صِفَتُهَا أَيِ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ كَانَتْ تَحْتَ أَوْسٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (وَكَانَ رَجُلًا بِهِ لَمَمٌ) قَالَ الخطابي في المعالم معنى اللمم ها هنا شِدَّةُ الْإِلْمَامِ بَالنِّسَاءِ وَشِدَّةُ الْحِرْصِ وَالتَّوَقَانِ إِلَيْهِنَّ
يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى كُنْتُ امْرَأً أُصِيبُ مِنَ النساء مالا يصيب غيري وليس معنى اللمم ها هنا الخبل
وَالْجُنُونُ وَلَوْ كَانَ بِهِ ذَاكَ ثُمَّ ظَاهَرَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَمْ يَكُنْ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَا غَيْرُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
انْتَهَى
(ثُمَّ وَاقَعَهَا) أَيْ جَامَعَهَا (فَاعْتَزِلْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ عَنْكَ) أَيْ عَنْ ظِهَارِكَ
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ وَطْءِ الزَّوْجَةِ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ قَبْلِ أن يتماسا فلو وطىء لَمْ يَسْقُطِ التَّكْفِيرُ وَلَا يَتَضَاعَفُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تُكَفِّرَ عَنْكَ قَالَ الصَّلْتُ بْنُ دِينَارٍ سَأَلْتُ عَشَرَةً مِنَ الْفُقَهَاءِ عَنِ الْمُظَاهِرِ يُجَامِعُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ فَقَالُوا كَفَّارةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنِ الْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ يَجِبُ على من وطىء قَبْلَ التَّكْفِيرِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ
وَذَهَبَ الزُّهْرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ بَالْوَطْءِ
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ
وَاخْتُلِفَ فِي مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ هَلْ تَحْرُمُ مِثْلُ الْوَطْءِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ أَمْ لَا فَذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ إِلَى أَنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ الْوَطْءُ وَحْدَهُ لَا الْمُقَدِّمَاتُ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهَا تَحْرُمُ كَمَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ كَذَا فِي النَّيْلِ وَالسُّبُلِ
قال المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي حَدِيثٍ غَرِيبٍ صَحِيحٍ
وَقَالَ النَّسَائِيُّ الْمُرْسَلُ أَوْلَى بَالصَّوَابِ مِنَ الْمُسْنَدِ
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْمَعَافِرِيُّ لَيْسَ فِي الظِّهَارِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ فَقَدْ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ كَمَا تَرَى وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ وَسَمَاعُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَشْهُورٌ وَتَرْجَمَةُ عكرمة عن بن عَبَّاسٍ احْتَجَّ بِهَا الْبُخَارِيُّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ
(حَدَّثَنَا الزَّعْفَرَانِيُّ إِلَخْ) هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (بَرِيقَ سَاقِهَا) أَيْ لَمَعَانِهَا وَحُسْنِهَا (فِي الْقَمَرِ) أَيْ فِي ضَوْئِهِ