الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ صُدُورَ نفس الزنى فَمَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ عَنْهُ بِفَضْلِهِ صَدَرَ عَنْهُ من مقدمات الظَّاهِرَةِ وَمَنْ عَصَمَهُ بِمَزِيدِ فَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ عَنْ صُدُورِ مُقَدِّمَاتِهِ وَهُمْ خَوَاصُّ عِبَادِهِ صَدَرَ عَنْهُ لَا مَحَالَةَ بِمُقْتَضَى الْجِبِلَّةِ مُقَدِّمَاتُهُ الْبَاطِنَةُ وَهِيَ تَمَنِّي النَّفْسِ وَاشْتِهَاؤُهَا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[2153]
(فَزِنَاهُمَا الْبَطْشُ) أَيِ الْأَخْذُ وَاللَّمْسُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْكِتَابَةُ وَرَمْيُ الْحَصَى عَلَيْهَا وَنَحْوُهُمَا (فزناهما المشي) أي إلى موضع الزنى (فَزِنَاهُ الْقُبَلُ) جَمْعُ الْقُبْلَةُ
[2154]
(وَالْأُذُنُ زِنَاهَا الِاسْتِمَاعُ) إِلَى كَلَامِ الزَّانِيَةِ أَوِ الْوَاسِطَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
5 -
(بَاب فِي وَطْءِ السَّبَايَا)
[2155]
جَمْعُ السَّبِيَّةِ وَهِيَ الْمَرْأَةُ الْمَنْهُوبَةُ
(بَعَثَ يَوْمَ حُنَيْنٍ) بَالتَّصْغِيرِ وَادٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ وَرَاءَ عَرَفَاتٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ بِضْعَةَ عَشَرَ مِيلًا وَهُوَ مَصْرُوفٌ كَمَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ (بَعْثًا) أَيْ جَيْشًا (إِلَى أَوْطَاسٍ) بَالصَّرْفِ وَقَدْ لَا يَنْصَرِفُ مَوْضِعٌ أَوْ بُقْعَةٌ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ (فَظَهَرُوا) أَيْ غَلَبُوا (تَحَرَّجُوا) أَيْ خَافُوا الحرج وهو
الأثم (مِنْ غِشْيَانِهِنَّ أَيْ مِنْ وَطْئِهِنَّ (مِنْ أَجْلِ أَزْوَاجِهِنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُنَّ مُزَوَّجَاتٌ وَالْمُزَوَّجَةُ لَا تَحِلُّ لِغَيْرِ زَوْجِهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِبَاحَتَهُنَّ بِقَوْلِهِ (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إلا ما ملكت أيمانكم) المراد بالمحصنات ها هنا الْمُزَوَّجَاتُ وَمَعْنَاهُ وَالْمُزَوَّجَاتُ حَرَامٌ عَلَى غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ إِلَّا مَا مَلَكْتُمْ بَالسَّبْيِ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ زَوْجِهَا الْكَافِرِ وَتَحِلُّ لَكُمْ إِذَا انْقَضَى اسْتِبْرَاؤُهَا (إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ) أَيِ اسْتِبْرَاؤُهُنَّ وَهِيَ بِوَضْعِ الْحَمْلِ عَنِ الْحَامِلِ وَبِحَيْضَةٍ عَنِ الْحَائِلِ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ فِي الْحَدِيثِ بَيَانٌ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إِذَا سُبِيَا مَعًا فَقَدْ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ سُبِيَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَسَمَ السَّبْيَ وَأَمَرَ أَنْ لَا تُوطَأَ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ ذَاتِ زَوْجٍ وَغَيْرِهَا وَلَا عَمَّنْ كَانَتْ سُبِيَتْ مِنْهُنَّ مَعَ الزَّوْجِ أَوْ وَحْدَهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم كَيْف يُوَرِّثهُ وَهُوَ لَا يَحِلّ لَهُ قَوْلَانِ أَحَدهمَا أَنَّ ذَلِكَ الْحَمْل قَدْ يَكُون مِنْ زَوْجهَا الْمُشْرِك فَلَا يَحِلّ لَهُ اِسْتِلْحَاقه وَتَوْرِيثه
وَقَدْ يَكُون إِذَا وَطِئَهَا تَنْفُش مَا كَانَ فِي الظَّاهِر حَمْلًا وَتَعَلَّقَ مِنْهُ فَيَظُنّهُ عَبْده وَهُوَ وَلَده فَيَسْتَخْدِمهُ اِسْتِخْدَام الْعَبْد وَيَنْفِيه عَنْهُ
وهذان الوجهان ذكر معناهما المنذري
قال بن الْقَيِّم وَهَذَا الْقَوْل ضَعِيف فَإِنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ بَيْن إِنْكَار الْأَمْرَيْنِ
اِسْتِخْدَامه وَاسْتِلْحَاقه وَقَدْ جَاءَ كَيْف يَسْتَعْبِدهُ وَيُوَرِّثهُ وَمَعْلُوم أَنَّ اِسْتِلْحَاقه وَاسْتِعْبَاده جَمْع بَيْن الْمُتَنَاقِضَيْنِ وَكَذَا إِذَا تَفَشَّى الَّذِي هُوَ حَمْل فِي الظَّاهِر وَعَلِقَتْ مِنْهُ لَا يُتَصَوَّر فِيهِ الِاسْتِلْحَاق والاستعباد
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا سُبِيَا جَمِيعًا فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مَا كَانَ فِي الْمَقَاسِمِ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا فَإِنِ اشْتَرَاهَا رَجُلٌ فَشَاءَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا جَمَعَ وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَاتَّخَذَهَا لِنَفْسِهِ بَعْدَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بحيضة
وقد تأول بن عَبَّاسٍ الْآيَةَ فِي الْأَمَةِ يَشْتَرِيهَا وَلَهَا زَوْجٌ فَقَالَ بَيْعُهَا طَلَاقُهَا وَلِلْمُشْتَرِي اتِّخَاذُهَا لِنَفْسِهِ وَهُوَ خِلَافُ أَقَاوِيلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَحَدِيثُ بَرِيرَةَ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ
انْتَهَى مُلَخَّصًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
[2156]
(فَرَأَى امْرَأَةً مُجِحًّا) بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ وَجِيمٍ مَكْسُورَةٍ فَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مُشَدَّدَةٍ أَيْ حَامِلٌ تَقْرُبُ وِلَادَتُهَا (أَلَمَّ بِهَا) أَيْ جَامَعَهَا وَالْإِلْمَامُ مِنْ كِنَايَاتِ الْوَطْءِ (لَقَدْ هَمَمْتُ) أَيْ عَزَمْتُ وَقَصَدْتُ (أَنْ أَلْعَنَهُ) أَيْ أَدْعُوَ عَلَيْهِ بَالْبُعْدِ عَنِ الرَّحْمَةِ (لَعْنَةً تَدْخُلُ مَعَهُ فِي قَبْرِهِ) أَيْ يَسْتَمِرُّ إِلَى مَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِنَّمَا هَمَّ بِلَعْنِهِ لِأَنَّهُ إِذَا أَلَمَّ بِأَمَتِهِ الَّتِي يَمْلِكُهَا وَهِيَ حَامِلٌ كَانَ تَارِكًا لِلِاسْتِبْرَاءِ وَقَدْ فُرِضَ عَلَيْهِ (كَيْفَ يُوَرِّثُهُ) أَيِ الْوَلَدُ (وَهُوَ) أَيْ تَوْرِيثُهُ (وَكَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ) أَيِ الْوَلَدُ (وَهُوَ) أَيِ اسْتِخْدَامُهُ
قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ كَيْفَ يُوَرِّثُهُ إِلَخْ أَنَّهُ قَدْ يَتَأَخَّرُ وِلَادَتُهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ بِحَيْثُ يَحْتَمِلُ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ هَذَا السَّابِي وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ قَبْلَهُ فَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مِنَ السَّابِي يَكُونُ وَلَدًا لَهُ وَيَتَوَارَثَانِ وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ السَّابِي لَا يَتَوَارَثَانِ هُوَ وَالسَّابِي لِعَدَمِ الْقَرَابَةِ بَلْ لَهُ اسْتِخْدَامُهُ لِأَنَّهُ مَمْلُوكُهُ فَتَقْدِيرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَدْ يَسْتَلْحِقُهُ وَيَجْعَلُهُ ابْنًا لَهُ وَيُوَرِّثُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ تَوْرِيثُهُ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْهُ وَلَا يَحِلُّ تَوَارُثُهُ وَمُزَاحَمَتُهُ لِبَاقِي الْوَرَثَةِ وَقَدْ يَسْتَخْدِمُهُ اسْتِخْدَامَ الْعَبِيدِ وَيَجْعَلُهُ عَبْدًا يَتَمَلَّكُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مِنْهُ إِذَا وَضَعَتْهُ لِمُدَّةٍ مُحْتَمِلَةٍ كَوْنَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
فَالصَّوَاب الْقَوْل الثَّانِي وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا وَطِئَهَا حَامِلًا صَارَ فِي الْحَمْل جُزْء مِنْهُ
فَإِنَّ الْوَطْء يَزِيد فِي تَخْلِيقه وَهُوَ قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ عَبْد لَهُ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى أَنْ يَسْتَعْبِدهُ وَيَجْعَلهُ كَالْمَالِ الْمَوْرُوث عَنْهُ فَيُوَرِّثهُ أَيْ يَجْعَلهُ مَالًا مَوْرُوثًا عَنْهُ
وَقَدْ صَارَ فِيهِ جُزْء مِنْ الْأَب
قَالَ الْإِمَام أَحْمَد الْوَطْء يَزِيد فِي سَمْعه وَبَصَره
وَقَدْ صَرَّحَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْله لَا يَحِلّ لِرَجُلٍ أَنْ يَسْقِي مَاءَهُ زَرْع غَيْره وَمَعْلُوم أَنَّ الْمَاء الَّذِي يُسْقَى بِهِ الزَّرْع يَزِيد فِيهِ وَيَتَكَوَّن الزَّرْع مِنْهُ وَقَدْ شَبَّهَ وَطْء الْحَامِل بِسَاقِي الزَّرْع الْمَاء وَقَدْ جَعَلَ اللَّه تبارك وتعالى مَحِلّ الْوَطْء حَرْثًا وَشَبَّهَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الْحَمْل بِالزَّرْعِ وَوَطْء الْحَامِل بِسَقْيِ الزَّرْع
وَهَذَا دَلِيل ظَاهِر جِدًّا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوز نِكَاح الزَّانِيَة حَتَّى تَعْلَم بَرَاءَة رَحِمهَا إِمَّا بِثَلَاثِ حِيَض أَوْ بِحَيْضَةٍ وَالْحَيْضَة أَقْوَى لِأَنَّ الماء الذي من الزنى وَالْحَمْل وَإِنْ يَكُنْ لَهُ حُرْمَة فَلِمَاءِ الزَّوْج حرمة وهو
مِنْهُمَا
فَيَجِبُ عَلَيْهِ الِامْتِنَاعُ مِنْ وَطْئِهَا خَوْفًا مِنْ هَذَا الْمَحْظُورِ
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِنَحْوِهِ
[2157]
(لَا تُوطَأُ) بِهَمْزٍ فِي آخِرِهِ أَيْ لَا تُجَامَعُ (وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ) أَيْ وَلَا تُوطَأُ حَائِلٌ (حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً) بَالْفَتْحِ وَيُكْسَرُ وَقَوْلُهُ لَا تُوطَأُ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ أَيْ لَا تُجَامِعُوا مَسْبِيَّةً حَامِلًا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا وَلَا حَائِلًا ذَاتَ إِقْرَاءٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً كَامِلَةً وَلَوْ مَلَكَهَا وَهِيَ حَائِضٌ لا تعتد بتلك الحيضة حتى تستبرىء بِحَيْضَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ لِصِغَرِهَا أَوْ كِبَرِهَا فَاسْتِبْرَاؤُهَا يَحْصُلُ بِشَهْرٍ وَاحِدٍ أَوْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اسْتِحْدَاثَ الْمِلْكِ يُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءَ وَبِظَاهِرِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ
كَذَا قَالَ القارىء نَقْلًا عَنْ مَيْرَكٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ شَرِيكٌ الْقَاضِي
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ
[2158]
(قَامَ) أَيْ رُوَيْفِعُ بْنُ ثَابِتٍ (أَنْ يَسْقِيَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَيْ يُدْخِلَ (مَاءَهُ) أَيْ نُطْفَتَهُ (زَرْعَ غَيْرِهِ) أَيْ مَحَلَّ زَرْعٍ لِغَيْرِهِ (يَعْنِي) هَذَا قَوْلُ رُوَيْفِعٍ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ يُرِيدُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْكَلَامِ (إِتْيَانَ الْحَبَالَى) أَيْ جِمَاعَهُنَّ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ شَبَّهَ صلى الله عليه وسلم الْوَلَدَ إِذَا عَلِقَ بَالرَّحِمِ بَالزَّرْعِ إِذَا نَبَتَ وَرَسَخَ فِي الْأَرْضِ وَفِيهِ كَرَاهِيَةُ وَطْءِ الْحَبَالَى إِذَا كَانَ الْحَبَلُ مِنْ غير الواطىء عَلَى الْوُجُوهِ كُلِّهَا انْتَهَى
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
لَا يَحِلّ لَهُ أَنْ يَنْفِي عَنْهُ مَا قَدْ يَكُون مِنْ مَائِهِ وَوَطْئِهِ
وَقَدْ صَارَ فِيهِ جُزْء مِنْهُ كَمَا لَا يَحِلّ لواطىء الْمَسْبِيَّة الْحَامِل ذَلِكَ وَلَا فَرْق بَيْنهمَا
فَلِهَذَا قَالَ الْإِمَام أَحْمَد فِي إِحْدَى الرِّوَايَات عَنْهُ إِنَّهُ إِذَا تَزَوَّجَ الْأَمَة وَأَحْبَلَهَا ثُمَّ مَلَكَهَا حَامِلًا أَنَّهُ إِنْ وَطِئَهَا صَارَتْ أُمّ وَلَد لَهُ تُعْتَق بِمَوْتِهِ لِأَنَّ الْوَلَد قَدْ يَلْحَق من مائه الأول والثاني والله أعلم
(أَنْ يَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ) أَيْ يُجَامِعُهَا (حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا) أَيْ بِحَيْضَةٍ أَوْ بِشَهْرٍ (أَنْ يَبِيعَ مَغْنَمًا) أَيْ شَيْئًا مِنَ الْغَنِيمَةِ (حَتَّى يَقْسِمَ) أَيْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَيُخْرِجُ مِنْهُ الْخُمُسَ
[2159]
(زَادَ) أَيْ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ (فِيهِ) أَيْ فِي الْحَدِيثِ (بِحَيْضَةٍ) أَيْ لَفْظَ بِحَيْضَةٍ (وَهُوَ) أَيْ زِيَادَةُ بِحَيْضَةٍ (وَهْمٌ مِنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَهُوَ) أَيْ زِيَادَةُ بِحَيْضَةٍ (صَحِيحٌ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ) الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا غَيْرَ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً (فَلَا يَرْكَبُ دَابَّةً مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ غَنِيمَتِهِمُ الْمُشْتَرَكَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ (حَتَّى إِذَا أَعْجَفَهَا) أَيْ أَضْعَفَهَا (رَدَّهَا فِيهِ) أَيْ فِي الْفَيْءِ بِمَعْنَى الْمَغْنَمِ
وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الرُّكُوبَ إِذَا لَمْ يُؤَدِّ إِلَى الْعَجَفِ فَلَا بَأْسَ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمُرَادٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (فَلَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ مُلْجِئَةٍ (حَتَّى إِذَا أَخَلَقَهُ) بَالْقَافِ أَيْ أَبْلَاهُ (رَدَّهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْفَيْءِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
6 -
بَاب فِي جَامِعِ النِّكَاحِ [2160](أو اشترى خادما) أي جارية أو رفيقا وَهُوَ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى فَيَكُونُ تَأْنِيثُ الضَّمِيرِ فيما
سَيَأْتِي بَاعْتِبَارِ النَّسَمَةِ أَوِ النَّفْسِ (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا) أَيْ خَيْرَ ذَاتِهَا (وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ) أَيْ خَلَقْتَهَا وَطَبَعْتَهَا عَلَيْهِ مِنَ الْأَخْلَاقِ الْبَهِيَّةِ (فَلْيَأْخُذْ بِذِرْوَةِ سَنَامِهِ) بِكَسْرِ الذَّالِ وَيُضَمُّ وَيُفْتَحُ أَيْ بِأَعْلَاهُ (زَادَ أَبُو سَعِيدٍ) هِيَ كُنْيَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ (ثُمَّ لِيَأْخُذْ بِنَاصِيَتِهَا) وَهِيَ الشَّعْرُ الْكَائِنُ فِي مُقَدَّمِ الرأس
قال المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَئِمَّةِ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ
[2161]
(لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ) أَيْ يُجَامِعُ امْرَأَتَهُ أَوْ سُرِّيَّتَهُ وَلَوْ هَذِهِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّمَنِّي عَلَى حَدِّ فَلَوْ أَنَّ لنا كرة وَالْمَعْنَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَمَنَّى لَهُمْ ذَلِكَ الْخَيْرَ يَفْعَلُونَهُ لِتَحْصُلَ لَهُمُ السَّعَادَةُ وَحِينَئِذٍ فَيَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ هَلْ يَحْتَاجُ إلى جواب أو لا وبالثاني قال بن الصائغ وبن هِشَامٍ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ شَرْطِيَّةً وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ لَسَلِمَ مِنَ الشَّيْطَانِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَالَ بِسْمِ اللَّهِ) أَيْ مُسْتَعِينًا بَاللَّهِ وَبِذِكْرِ اسْمِهِ (اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا) أَيْ بَعِّدْنَا (وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا) أَيْ حِينَئِذٍ مِنَ الْوَلَدِ وَهُوَ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِجَنِّبْ وَأَطْلَقَ مَا عَلَى مَنْ يَعْقِلُ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى شَيْءٍ كَقَوْلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بما وضعت (ثُمَّ قُدِّرَ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ ثُمَّ إِنْ قُدِّرَ (أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ) أَيِ الْإِتْيَانِ (لَمْ يَضُرُّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا) اخْتُلِفَ فِي الضَّرَرِ الْمَنْفِيِّ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ الْحَمْلِ عَلَى الْعُمُومِ فِي أَنْوَاعِ الضَّرَرِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي الْحَمْلِ عَلَى عُمُومِ الْأَحْوَالِ من صيغة النفي مع التأييد وَذَلِكَ لِمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّ كل بن آدَمَ يَطْعَنُ الشَّيْطَانُ فِي بَطْنِهِ حِينَ يُولَدُ إِلَّا مَرْيَمَ وَابْنَهَا فَإِنَّ هَذَا الطَّعْنَ نَوْعُ ضَرَرٍ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ سَبَبُ صُرَاخِهِ فَقِيلَ الْمَعْنَى لَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ مِنْ أَجَلِ بَرَكَةِ التَّسْمِيَةِ بَلْ يَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ الْعِبَادِ الَّذِينَ قِيلَ فِيهِمْ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لك عليهم سلطان
وَقِيلَ الْمُرَادُ لَمْ يَصْرَعْهُ وَقِيلَ لَمْ يَضُرُّهُ في بدنه
وقال بن
دَقِيقِ الْعِيدِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَضُرَّهُ فِي دِينِهِ أَيْضًا وَلَكِنْ يُبْعِدُهُ انْتِفَاءُ الْعِصْمَةِ
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ اخْتِصَاصَ مَنْ خُصَّ بَالْعِصْمَةِ بِطَرِيقِ الْوُجُوبِ لَا بِطَرِيقِ الْجَوَازِ فَلَا مَانِعَ أَنْ يُوجَدَ مَنْ لَا يُصْدَرُ مِنْهُ مَعْصِيَةٌ عَمْدًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَاجِبًا لَهُ
وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَى لَمْ يَضُرُّهُ أَيْ لَمْ يَفْتِنْهُ عَنْ دِينِهِ إِلَى الْكُفْرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ عِصْمَتَهُ مِنْهُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[2162]
(مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ امْرَأَتَهُ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَتِ الْأُمَّةُ إِلَّا الْقَلِيلَ لِلْحَدِيثِ هَذَا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ تَحْرِيمُ الْمُبَاشَرَةِ إِلَّا لِمَا أَحَلَّهُ اللَّهُ وَلَمْ يُحِلَّ تَعَالَى إِلَّا الْقُبُلَ كَمَا دَلَّ له قوله فأتوا حرثكم أنى شئتم وقوله فأتوهن من حيث أمركم الله فَأَبَاحَ مَوْضِعَ الْحَرْثِ وَالْمَطْلُوبُ مِنَ الْحَرْثِ نَبَاتُ الزَّرْعِ فَكَذَلِكَ النِّسَاءُ الْغَرَضُ مِنْ إِتْيَانِهِنَّ هُوَ طَلَبُ النَّسْلِ لَا قَضَاءُ الشَّهْوَةِ وَهُوَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْقُبُلِ فَيَحْرُمُ مَا عَدَا مَوْضِعَ الْحَرْثِ وَلَا يُقَاسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لِعَدَمِ الْمُشَابَهَةِ فِي كَوْنِهِ مَحَلًّا لِلزَّرْعِ
وَأَمَّا
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله هَذَا الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي هَذَا الْبَاب وَقَدْ بَقِيَ فِي الْبَاب أَحَادِيث أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ وَنَحْنُ نَذْكُرهَا
الْأَوَّل عَنْ خُزَيْمَةَ بْن ثَابِت أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُول إِنَّ اللَّه لَا يستحي مِنْ الْحَقّ لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ
الثَّانِي عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ الرَّجُل يَأْتِي اِمْرَأَة فِي دُبُرهَا قَالَ تَلِك اللُّوطِيَّة الصُّغْرَى رَفَعَهُ هَمَّام عَنْ قَتَادَة عَنْ عَمْرو وَوَقَفَهُ سُفْيَان عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَج عَنْ عَمْرو وَتَابَعَهُ مَطَر الْوَرَّاق عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب مَوْقُوفًا
الثالث عن كريب عن بن عَبَّاس عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يَنْظُر اللَّه إِلَى رَجُل أَتَى رَجُلًا أَوْ اِمْرَأَة فِي دُبُرهَا
هَذَا حَدِيث اُخْتُلِفَ فِيهِ فَرَوَاهُ الضَّحَّاك بْن عُثْمَان عَنْ مخرمة بن سليمان عن كريب عن بن عَبَّاس وَرَوَاهُ وَكِيع عَنْ الضَّحَّاك مَوْقُوفًا وَرَوَاهُ أَبُو خَالِد عَنْهُ مَرْفُوعًا وَصَحَّحَ الْبُسْتِيّ رَفْعه وأبو خالد هو الأحمر
الرابع عن بن الْهَاد عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ
مَحَلُّ الِاسْتِمْتَاعِ فِيمَا عَدَا الْفَرْجَ فَمَأْخُوذٌ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ وَهُوَ جَوَازُ مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ فِيمَا عَدَا الْفَرْجَ
وَذَهَبَتِ الْإِمَامِيَّةُ إِلَى جَوَازِ إِتْيَانِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ بَلْ وَالْمَمْلُوكِ فِي الدُّبُرِ
وَرُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يَصِحَّ فِي تَحْلِيلِهِ وَلَا تَحْرِيمِهِ شَيْءٌ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ حَلَالٌ وَلَكِنْ قَالَ الرَّبِيعُ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ فِي سِتَّةِ كُتُبٍ وَيُقَالُ إِنَّهُ كَانَ يَقُولُ بِحِلِّهِ فِي الْقَدِيمِ
وَفِي الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَا أُرَخِّصُ فِيهِ بَلْ أَنْهَى عَنْهُ وَقَالَ إِنَّ مَنْ نَقَلَ عَنِ الْأَئِمَّةِ إِبَاحَتَهُ فَقَدْ غَلِطَ عَلَيْهِمْ أَفْحَشَ الْغَلَطِ وَأَقْبَحَهُ وَإِنَّمَا الَّذِي أَبَاحُوهُ أَنْ يَكُونَ الدُّبُرُ طَرِيقًا إِلَى الْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ فَيَطَأُ مِنَ الدُّبُرِ لَا فِي الدُّبُرِ فَاشْتَبَهَ عَلَى السَّامِعِ انتهى
كذا في
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
الْخَامِس حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَقَدْ تَقَدَّمَ
وَلَهُ عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لَا يَنْظُر اللَّه إِلَى رَجُل أَتَى اِمْرَأَة فِي دُبُرهَا
السَّادِس عَنْ عَلِيّ بْن طَلْق قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيّ فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه إِنَّا نَكُون فِي الْبَادِيَة فَيَكُون مِنْ أَحَدنَا الرُّوَيْحَة فقال إن الله لا يستحي مِنْ الْحَقّ لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أَعْجَازهنَّ
السابع عن بن عَبَّاس قَالَ جَاءَ عُمَر بْن الْخَطَّاب إِلَى رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه هَلَكْت قَالَ وَمَا الَّذِي أَهْلَكَك قَالَ حَوَّلْت رَحْلِي اللَّيْلَة فَلَمْ يَرُدّ عَلَيْهِ شَيْئًا
فَأَوْحَى اللَّه إِلَى رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الْآيَة (نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) يَقُول أَقْبِلْ وَأَدْبِرْ وَاتَّقِ الدُّبُر وَالْحَيْضَة
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه الْحَاكِم وَتَفْسِير الصَّحَابِيّ فِي حُكْم الْمَرْفُوع
الثَّامِن عَنْ أَبِي تَمِيمَة الْهُجَيْمِيّ عَنْ أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ أَتَى حَائِضًا
أَوْ اِمْرَأَة فِي دُبُرهَا أَوْ كَاهِنًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ عَلَى مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم
ثم ذكر أبو داود تفسير بن عَبَّاس لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى (فَأْتُوا حَرْثكُمْ)
ثُمَّ قَالَ الشَّيْخ شَمْس الدِّين وَهَذَا الَّذِي فَسَّرَ به بن عباس فسر به بن عُمَر
وَإِنَّمَا وَهِمُوا عَلَيْهِ لَمْ يَهِم هُوَ
فَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي النَّصْر أَنَّهُ قَالَ لِنَافِعٍ قَدْ أَكْثَر عَلَيْك الْقَوْل أَنَّك تَقُول عن بن عُمَر إِنَّهُ أَفْتَى بِأَنْ يُؤْتَى النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ
قَالَ نَافِع لَقَدْ كَذَبُوا عَلَيَّ وَلَكِنْ سأخبرك كيف كان الأمر إن بن عُمَر عَرَضَ الْمُصْحَف يَوْمًا وَأَنَا عِنْده حَتَّى بَلَغَ (نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) قَالَ يَا نَافِع هَلْ تَعْلَم مَا أَمْر هَذِهِ الْآيَة إِنَّا كُنَّا مَعْشَر قُرَيْش نَجْبِي النِّسَاء فَلَمَّا دَخَلْنَا الْمَدِينَة وَنَكَحْنَا نِسَاء الْأَنْصَار أَرَدْنَا مِنْهُنَّ مِثْل مَا كُنَّا نُرِيد مِنْ نِسَائِنَا فَإِذَا هُنَّ قَدْ كَرِهْنَ ذَلِكَ وَأَعْظَمْنَهُ وَكَانَتْ نِسَاء الْأَنْصَار إِنَّمَا يُؤْتَيْنَ عَلَى جنوبهن فأنزل الله عزوجل (نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)
فهذا هو الثابت عن بن عُمَر وَلَمْ يُفْهَم عَنْهُ مَنْ نَقَلَ عَنْهُ غَيْر ذَلِكَ
وَيَدُلّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم قَالَ قُلْت لِمَالِك إِنَّ عِنْدنَا
السَّامِعِ انْتَهَى
كَذَا فِي
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
بمصر الليث بن سعد يحدث عن الحرث بْن يَعْقُوب عَنْ سَعِيد بْن يَسَار قَالَ قُلْت لِابْنِ عُمَر
إِنَّا نَشْتَرِي الْجَوَارِي فَنُحَمِّض لَهُنَّ قَالَ وَمَا التَّحْمِيض قَالَ نَأْتِيهِنَّ فِي أدبارهن قال أف أو يعمل هَذَا مُسْلِم فَقَالَ لِي مَالِك فَأَشْهَد عَلَى رَبِيعَة أَنَّهُ يُحَدِّثنِي عَنْ سَعِيد بْن يَسَار أنه سأل بن عُمَر عَنْهُ فَقَالَ لَا بَأْس بِهِ فَقَدْ صح عن بن عُمَر أَنَّهُ فَسَّرَ الْآيَة بِالْإِتْيَانِ فِي الْفَرْج مِنْ نَاحِيَة الدُّبُر وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ نَافِع وَأَخْطَأَ مَنْ أَخْطَأَ عَلَى نَافِع فَتُوُهِّمَ أَنَّ الدُّبُر مَحَلّ لِلْوَطْءِ لَا طَرِيق إِلَى وَطْء الْفَرْج فَكَذَّبَهُمْ نَافِع وَكَذَلِكَ مَسْأَلَة الْجَوَارِي إن كان قد حفظ عن بن عُمَر أَنَّهُ رَخَّصَ فِي الْإِحْمَاض لَهُنَّ فَإِنَّمَا مُرَاده إِتْيَانهنَّ مِنْ طَرِيق الدُّبُر فَإِنَّهُ قَدْ صَرَّحَ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى بِالْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ وطئهن في الدبر وقال أو يفعل هَذَا مُسْلِم فَهَذَا يُبَيِّن تَصَادُق الرِّوَايَات وَتَوَافُقهَا عَنْهُ
فَإِنْ قِيلَ فَمَا تَصْنَعُونَ بِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث سُلَيْمَان بْن بِلَال عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر أَنَّ رَجُلًا أَتَى اِمْرَأَته فِي دُبُرهَا فِي عَهْد رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ وَجْدًا شَدِيدًا فَأَنْزَلَ الله عزوجل {نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} قِيلَ هَذَا غَلَط بِلَا شَكٍّ غَلِطَ فِيهِ سليمان بن بلال أو بن أَبِي أُوَيْس رَاوِيه عَنْهُ وَانْقَلَبَتْ عَلَيْهِ لَفْظَة مِنْ بِلَفْظَةِ فِي وَإِنَّمَا هُوَ أَتَى اِمْرَأَة مِنْ دُبْرهَا وَلَعَلَّ هَذِهِ هِيَ قِصَّة عُمْر بْن الْخُطَّاب بِعَيْنِهَا لَمَا حَوْل رَحْله وَوَجَدَ مِنْ ذُلّك وَجَدَا شَدِيدًا فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم هَلَكَتْ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَوْ يَكُون بَعْض الرُّوَاة ظَنَّ أَنَّ ذُلّك هُوَ الْوَطْء فِي الدُّبْر فَرَوَاهُ بِالْمَعْنَى الَّذِي ظَنَّهُ مَعَ أَنَّ هُشَام بْن سَعْد قَدْ خَالَفَ سَلِيمَانِ فِي هَذَا فَرَوَاهُ عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ عَنْ عَطَاء بْن يَسَار مُرْسَلًا
وَاَلَّذِي يُبَيِّن هَذَا وَيَزِيدهُ وُضُوحًا أَنَّ هَذَا الْغَلَط قَدْ عَرَضَ مِثْله لِبَعْضِ الصَّحَابَة حِين أَفْتَاهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِجَوَازِ الْوَطْء فِي قُبُلهَا مِنْ دُبُرهَا حَتَّى يُبَيِّن لَهُ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ بَيَانًا شَافِيًا قَالَ الشَّافِعِيّ أَخْبَرَنِي عَمِّي قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن السَّائِب عَنْ عَمْرو بْن أُحَيْحَة بْن الْجُلَاح أَوْ عَنْ عَمْرو بْن فُلَان بْن أُحَيْحَة قَالَ الشَّافِعِيّ أَنَا شَكَكْت عَنْ خُزَيْمَةَ بْن ثَابِت أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَنْ إِتْيَان النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ أَوْ إِتْيَان الرَّجُل اِمْرَأَته فِي دُبُرهَا فَقَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حَلَال فَلَمَّا وَلَّى الرِّجَال دَعَاهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ فَقَالَ كَيْف قُلْت فِي أَيّ الْخَرِبَتَيْنِ أَوْ فِي أَيّ الْخَرَزَتَيْنِ أَوْ فِي أَيّ الْخُصْفَتَيْنِ أَمِنْ دُبُرهَا فِي قُبُلهَا فَنَعَمْ أَمْ مِنْ دُبُرهَا فِي دبرها فلا إن الله لا يستحي مِنْ الْحَقّ لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ
قَالَ الشَّافِعِيّ عَمِّي ثِقَة وَعَبْد اللَّه بْن عَلِيّ ثِقَة وَقَدْ أَخْبَرَنِي مُحَمَّد وَهُوَ عَمّه مُحَمَّد بْن عَلِيّ عَنْ الْأَنْصَارِيّ الْمُحَدِّث بِهِ أَنَّهُ أَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا وَخُزَيْمَة مَنْ لَا يَشُكّ عَالِم فِي ثِقَته وَالْأَنْصَارِيّ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ هُوَ عَمْرو بْن أُحَيْحَة
فَوَقَعَ الِاشْتِبَاه فِي كَوْن الدُّبُر طَرِيقًا إِلَى مَوْضِع الْوَطْء أَوْ هُوَ مَأْتَى
وَاشْتَبَهَ عَلَى مَنْ اِشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَعْنَى مِنْ بِمَعْنَى فِي فَوَقَعَ الْوَهْم
السبل
قال المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ
[2163]
(إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ فِي فَرْجِهَا من
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
فَإِنْ قِيلَ فَمَا تَقُولُونَ فِيمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَاكِم حَدَّثَنَا الْأَصَمّ قَالَ سَمِعْت مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم يَقُول سَمِعْت الشَّافِعِيّ يَقُول لَيْسَ فِيهِ عَنْ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم فِي التَّحْرِيم وَالتَّحْلِيل حَدِيث ثَابِت وَالْقِيَاس أَنَّهُ حَلَال وَقَدْ غلط سفيان في حديث بن الْهَاد يُرِيد حَدِيثه عَنْ عِمَارَة بْن خُزَيْمَةَ عن أبيه يرفعه إن الله لا يستحي مِنْ الْحَقّ لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ ويريد بغلطه أن بن الْهَاد قَالَ فِيهِ مَرَّة عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن حُصَيْنٍ عَنْ هَرَمِيّ بْن عَبْد اللَّه الْوَاقِفِيِّ عَنْ خُزَيْمَةَ ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ عُبَيْد اللَّه
فَقِيلَ عَنْهُ عَنْ عَبْد الْمَلِك بْن عَمْرو بْن قَيْس الْخَطْمِيّ عَنْ هَرَمِيّ عَنْ خُزَيْمَةَ وَقِيلَ عَنْ عَبْد اللَّه بْن هَرَمِيّ فَمَدَاره عَلَى هَرَمِيّ بْن عَبْد اللَّه عَنْ خُزَيْمَةَ وَلَيْسَ لِعِمَارَةِ بْن خُزَيْمَةَ فِيهِ أَصْل إِلَّا مِنْ حَدِيث بن عيينة
وأهل العلم بالحديث يرونه خَطَأ
هَذَا كَلَام الْبَيْهَقِيِّ
قِيلَ هَذِهِ الْحِكَايَة مُخْتَصَرَة مِنْ مُنَاظَرَة حَكَاهَا الشَّافِعِيّ جَرَتْ بَيْنه وَبَيْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن يَكُون مِنْهُ تَحْرِيم إِتْيَان غَيْره فَالْإِتْيَان فِي الدُّبُر حَتَّى يَبْلُغ مِنْهُ مَبْلَغ الْإِتْيَان فِي الْقُبُل مُحَرَّم بِدَلَالَةِ الْكِتَاب ثُمَّ السُّنَّة فَذَكَرَ حَدِيث عَمّه ثُمَّ قَالَ وَلَسْت أُرَخِّص بِهِ أُنْهِي عَنْهُ
فَلَعَلَّ الشَّافِعِيّ رحمه الله تَوَقَّفَ فِيهِ أَوَّلًا ثُمَّ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ التَّحْرِيم وَثُبُوت الْحَدِيث فِيهِ رَجَعَ إِلَيْهِ وَهُوَ أَوْلَى بِجَلَالَتِهِ وَمَنْصِبه وَإِمَامَته مِنْ أَنْ يُنَاظِر عَلَى مَسْأَلَة يَعْتَقِد بُطْلَانهَا يَذُبّ بِهَا عَنْ أَهْل الْمَدِينَة جَدَلًا ثُمَّ يَقُول وَالْقِيَاس حِلّه وَيَقُول لَيْسَ فِيهِ عَنْ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم فِي التَّحْرِيم وَالتَّحْلِيل حَدِيث ثَابِت عَلَى طَرِيق الْجَدَل بل إن كان بن عَبْد الْحَكَم حَفِظَ ذَلِكَ عَنْ الشَّافِعِيّ فَهُوَ مِمَّا قَدْ رَجَعَ عَنْهُ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ صَرِيح التَّحْرِيم
وَاَللَّه أَعْلَم
وَفِي سِيَاقهَا دَلَالَة عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ الذَّبّ عَنْ أَهْل الْمَدِينَة عَلَى طَرِيق الْجَدَل فَأَمَّا هُوَ فَقَدْ نَصَّ فِي كِتَاب عِشْرَة النِّسَاء عَلَى تَحْرِيمه
هَذَا جَوَاب الْبَيْهَقِيِّ
وَالشَّافِعِيّ رحمه الله قَدْ صَرَّحَ فِي كُتُبه الْمِصْرِيَّة بِالتَّحْرِيمِ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ خُزَيْمَةَ وَوَثَّقَ رُوَاته كَمَا ذَكَرْنَا
وَقَالَ فِي الْجَدِيد قَالَ اللَّه تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} وَبَيَّنَ أَنَّ مَوْضِع الْحَرْث هُوَ مَوْضِع الْوَلَد وَأَنَّ اللَّه تَعَالَى أَبَاحَ الْإِتْيَان فِيهِ إِلَّا فِي وَقْت الْحَيْض وَأَنَّى شِئْتُمْ بِمَعْنَى مِنْ أَيْنَ شِئْتُمْ قَالَ وَإِبَاحَة الْإِتْيَان فِي مَوْضِع الْحَرْث يُشْبِه أَنْ
(1)
(يَكُون غَرْسًا لِلزَّرْعِ)
قَالَ الْحَافِظ شَمْس الدِّين بن الْقَيِّم رحمه الله وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث عَائِشَة كُنْت أَغْتَسِل أَنَا وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاء وَاحِد كِلَانَا جُنُب وَكَانَ يَأْمُرنِي فَأَتَّزِر فَيُبَاشِرنِي وَأَنَا حَائِض
قَالَ الشَّافِعِيّ قَالَ بَعْض أَهْل الْعِلْم بِالْقُرْآنِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض} يَعْنِي فِي مَوْضِع الْحَيْض
وَرَائِهَا) أَيْ مِنْ جِهَةِ خَلْفِهَا (كَانَ وَلَدُهُ) أَيِ الْحَاصِلُ بِذَلِكَ الْجِمَاعِ (أَحْوَلَ) فِي الْقَامُوسِ الْحَوَلُ مُحَرَّكَةٌ ظُهُورُ الْبَيَاضِ فِي مُؤَخَّرِ الْعَيْنِ وَيَكُونُ السَّوَادُ فِي قِبَلِ الْمَأْقِ أَوْ إِقْبَالِ الْحَدَقَةِ عَلَى الْأَنْفِ أَوْ ذَهَابِ حَدَقَتِهَا قِبَلَ مُؤَخَّرَهَا وَأَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ كَأَنَّمَا تَنْظُرُ إِلَى الْحَجَاجِ (حَجَاجٌ بَالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ اسْتِخْوَانٌ) أَوْ أَنْ تَمِيلَ الْحَدَقَةُ إِلَى اللِّحَاظِ (نِسَاؤُكُمْ) أَيْ مَنْكُوحَاتِكُمْ ومملوكاتكم (حرث لكم) أَيْ مَوَاضِعُ زِرَاعَةِ أَوْلَادِكُمْ يَعْنِي هُنَّ لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ الْمُعَدَّةِ لِلزِّرَاعَةِ وَمَحَلِّهِ الْقُبُلُ فَإِنَّ الدُّبُرَ مَوْضِعُ الْفَرْثِ لَا مَوْضِعُ الْحَرْثِ (فَأْتُوا حرثكم أنى شئتم) أَيْ كَيْفَ شِئْتُمْ مِنْ قِيَامٍ أَوْ قُعُودٍ أَوْ اضْطِجَاعٍ أَوْ مِنْ وَرَائِهَا فِي فَرْجِهَا وَالْمَعْنَى عَلَى أَيْ هَيْئَةٍ كَانَتْ فَهِيَ مُبَاحَةٌ لَكُمْ مُفَوَّضَةٌ إِلَيْكُمْ وَلَا يَتَرَتَّبُ مِنْهَا ضَرَرٌ عَلَيْكُمْ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه
[2164]
(إن بن عُمَرَ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ أَوْهَمَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ هَكَذَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَاتِ وَالصَّوَابُ بِغَيْرِ أَلِفٍ يُقَالُ وَهِمَ الرَّجُلُ بِكَسْرِ الْهَاءِ إِذَا غَلِطَ فِي الشَّيْءِ وَوَهَمَ مَفْتُوحَةُ الْهَاءِ إذا ذهب وهمه إلى الشيء وأولاهم بَالْأَلِفِ إِذَا أَسْقَطَ مِنْ قِرَاءَتِهِ أَوْ كَلَامِهِ شيئا ويشبه أن يكون قد بلغ بن عباس عن بن عُمَرَ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ شَيْءٌ خِلَافُ مَا كان يذهب إليه بن عَبَّاسٍ
انْتَهَى (وَهُمْ أَهْلُ وَثَنٍ) الْوَثَنُ هُوَ كُلُّ مَا لَهُ جُثَّةٌ مَعْمُولَةٌ مِنْ جَوَاهِرِ الْأَرْضِ أَوْ مِنَ الْخَشَبِ أَوِ الْحِجَارَةِ كَصُورَةِ الْآدَمِيِّ وَالصَّنَمُ الصُّورَةُ بِلَا جُثَّةٍ وَقِيلَ هُمَا سَوَاءٌ (وَكَانُوا) أَيِ الْحَيَّ مِنَ الْأَنْصَارِ (يَرَوْنَ) أَيْ يَعْتَقِدُونَ (لَهُمْ) أَيْ لِيَهُودَ (فَضْلًا عَلَيْهِمْ فِي الْعِلْمِ) لِأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ (إِلَّا عَلَى حَرْفٍ) أَيْ طَرَفٍ يَعْنِي لَا يُجَامِعُونَ إِلَّا عَلَى طَرَفٍ وَاحِدٍ وَهِيَ حَالَةُ الِاسْتِلْقَاءِ
وَقَالَ فِي