المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب في البكر يزوجها أبوها ولا يستأمرها) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ٦

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ فِي الْحِجْرِ)

- ‌(بَاب فِي دُخُولِ الْكَعْبَةِ)

- ‌(بَاب فِي مَالِ الْكَعْبَةِ)

- ‌(بَاب فِي إِتْيَانِ الْمَدِينَةِ)

- ‌(بَاب فِي تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ)

- ‌(بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ)

- ‌12 - كتاب النِّكَاح

- ‌(باب التحريض على النكاح)

- ‌(باب ما يؤمر به إلخ)

- ‌(بَاب فِي تَزْوِيجِ الْأَبْكَارِ)

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ تَزْوِيجِ مَنْ لَمْ يَلِدْ مِنْ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب فِي قَوْلِهِ تَعَالَى الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زانية)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا)

- ‌(بَاب يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ)

- ‌(بَاب فِي لَبَنِ الْفَحْلِ)

- ‌(بَاب فِي رِضَاعَةِ الْكَبِيرِ)

- ‌(باب من حَرَّمَ بِهِ [2061] أَيْ بِرَضَاعَةِ الْكَبِيرِ)

- ‌(بَاب هَلْ يُحَرِّمُ مَا دُونَ خَمْسِ رَضَعَاتٍ)

- ‌(باب في الرضخ عند الفصال)

- ‌(بَاب مَا يُكْرَهُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُنَّ مِنْ النساء)

- ‌(بَاب فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ)

- ‌(بَاب فِي الشِّغَارِ)

- ‌(بَاب فِي التَّحْلِيلِ)

- ‌(بَاب فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ مواليه)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ)

- ‌(باب الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ يُرِيدُ تَزْوِيجَهَا)

- ‌(بَاب فِي الْوَلِيِّ)

- ‌(بَاب فِي الْعَضْلِ)

- ‌(بَاب إِذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ)

- ‌(باب في قوله تعالى لا يحل لكم)

- ‌(بَاب فِي الِاسْتِئْمَارِ)

- ‌(بَابٌ فِي الْبِكْرِ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا وَلَا يَسْتَأْمِرُهَا)

- ‌(بَاب فِي الثَّيِّبِ)

- ‌(بَاب فِي الْأَكْفَاءِ)

- ‌(بَاب فِي تَزْوِيجِ مَنْ لَمْ يُولَدْ)

- ‌(بَاب الصَّدَاقِ)

- ‌(بَاب قِلَّةِ الْمَهْرِ)

- ‌(بَاب فِي التَّزْوِيجِ عَلَى الْعَمَلِ يَعْمَلُ)

- ‌(بَاب فِيمَنْ تَزَوَّجَ وَلَمْ يُسَمِّ صَدَاقًا حَتَّى مَاتَ)

- ‌(بَاب فِي خُطْبَةِ النِّكَاحِ)

- ‌(بَاب فِي تَزْوِيجِ الصِّغَارِ)

- ‌(بَاب فِي الْمُقَامِ عِنْدَ الْبِكْرِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِامْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهَا شَيْئًا)

- ‌(بَاب مَا يُقَالُ لِلْمُتَزَوِّجِ [2130] مِنَ الدُّعَاءِ)

- ‌(باب الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ فَيَجِدُهَا حُبْلَى)

- ‌(بَاب فِي الْقَسْمِ بَيْنَ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِطُ لَهَا دَارَهَا)

- ‌(بَاب فِي حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ)

- ‌(بَابٌ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا)

- ‌(بَاب فِي ضَرْبِ النِّسَاءِ)

- ‌(باب فيما يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ غَضِّ الْبَصَرِ)

- ‌(بَاب فِي وَطْءِ السَّبَايَا)

- ‌(بَاب فِي إِتْيَانِ الْحَائِضِ وَمُبَاشَرَتِهَا)

- ‌(بَاب فِي كَفَّارَةِ مَنْ أَتَى حَائِضًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْعَزْلِ)

- ‌(بَاب مَا يُكْرَهُ مِنْ ذِكْرِ الرَّجُلِ مَا يَكُونُ مِنْ إِصَابَتِهِ أَهْلَهُ)

- ‌13 - كتاب الطلاق

- ‌(باب في من خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ الطَّلَاقِ)

- ‌(بَاب فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يُرَاجِعُ وَلَا يُشْهِدُ)

- ‌(بَاب فِي سُنَّةِ طَلَاقِ الْعَبْدِ)

- ‌(بَاب فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ)

- ‌(بَاب فِي الطَّلَاقِ)

- ‌(بَاب فِي الطلاق على الهزل)

- ‌(بَاب نَسْخِ الْمُرَاجَعَةِ بَعْدَ التَّطْلِيقَاتِ الثَّلَاثِ)

- ‌(بَاب فِي ما عُنِيَ بِهِ الطَّلَاقُ وَالنِّيَّاتُ)

- ‌(بَاب فِي الْخِيَارِ)

- ‌(بَاب فِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ)

- ‌(بَاب فِي الْبَتَّةِ)

- ‌(بَاب فِي الْوَسْوَسَةِ بِالطَّلَاقِ)

- ‌(بَاب فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ يَا أُخْتِي)

- ‌(بَاب فِي الظِّهَارِ)

- ‌(بَاب فِي الْخُلْعِ)

- ‌(بَاب فِي الْمَمْلُوكَةِ تُعْتَقُ وَهِيَ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ كَانَ حُرًّا)

- ‌(باب حتى يَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ)

- ‌(باب في المملوكين)

- ‌(بَاب إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ)

- ‌(بَاب إِلَى مَتَى تُرَدُّ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَهَا)

- ‌(باب فيمن أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ)

- ‌(باب إذا أسلم أحد الأبوين لمن يَكُونُ الْوَلَدُ)

- ‌(بَاب فِي اللِّعَانِ)

- ‌(بَاب إِذَا شَكَّ فِي الْوَلَدِ)

- ‌(باب في التَّغْلِيظِ فِي الِانْتِفَاءِ)

- ‌(باب في ادعاء ولد الزنى)

- ‌(بَاب فِي الْقَافَةِ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ بِالْقُرْعَةِ إِذَا تَنَازَعُوا فِي الْوَلَدِ)

- ‌(بَاب فِي وُجُوهِ النِّكَاحِ الَّتِي كَانَ يَتَنَاكَحُ بِهَا أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ)

- ‌(بَاب الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ)

- ‌(بَاب مَنْ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ)

- ‌(بَاب فِي عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ)

- ‌(بَاب فِي نَسْخِ مَا اسْتَثْنَى بِهِ مِنْ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَاتِ)

- ‌(بَاب فِي الْمُرَاجَعَةِ)

- ‌(بَاب فِي نَفَقَةِ الْمَبْتُوتَةِ)

- ‌(بَاب مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ)

- ‌(بَاب فِي الْمَبْتُوتَةِ تَخْرُجُ بِالنَّهَارِ)

- ‌(بَاب نَسْخِ مَتَاعِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا)

- ‌(بَاب إِحْدَادِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا)

- ‌(بَاب فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا تَنْتَقِلُ)

- ‌(بَاب مَنْ رَأَى التَّحَوُّلَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِلَى مَكَانٍ آخَرَ)

- ‌(بَاب فيما تجتنب الْمُعْتَدَّةُ فِي عِدَّتِهَا)

- ‌(بَاب فِي عِدَّةِ الْحَامِلِ)

- ‌(بَاب فِي عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ)

- ‌(بَاب الْمَبْتُوتَةِ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَنْكِحَ غَيْرَهُ)

- ‌(بَاب في تعظيم الزنى)

- ‌14 - كتاب الصيام

- ‌(بَاب مَبْدَإِ فَرْضِ الصِّيَامِ)

- ‌(بَاب نَسْخِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ هِيَ مُثْبَتَةٌ لِلشَّيْخِ وَالْحُبْلَى)

- ‌(بَاب الشَّهْرِ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ)

- ‌(بَاب إِذَا أَخْطَأَ الْقَوْمُ الْهِلَالَ)

- ‌(بَاب إِذَا أُغْمِيَ الشَّهْرُ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَالَ فَإِنْ غُمَّ عليكم)

- ‌(بَاب فِي التَّقَدُّمِ)

- ‌(باب إذا رؤي الهلال في بلد قبل اخرين بِلَيْلَةٍ)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ)

- ‌(بَاب في من يَصِلُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ)

- ‌(بَاب فِي كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ)

- ‌(بَاب شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ)

- ‌(بَاب فِي شَهَادَةِ الْوَاحِدِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ)

- ‌(بَاب فِي تَوْكِيدِ السُّحُورِ)

- ‌(بَاب مَنْ سَمَّى السَّحُورَ الْغَدَاءَ)

- ‌(بَاب وَقْتِ السُّحُورِ)

- ‌(باب الرجل يسمع النداء)

- ‌(بَاب وَقْتِ فِطْرِ الصَّائِمِ)

- ‌(بَاب مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ)

- ‌(بَاب مَا يُفْطَرُ عَلَيْهِ)

- ‌(بَاب الْقَوْلِ عِنْدَ الْإِفْطَارِ)

- ‌(باب الفطر)

- ‌(بَاب فِي الْوِصَالِ)

- ‌(بَاب الْغِيبَةِ لِلصَّائِمِ)

- ‌(بَاب السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ)

- ‌(بَاب الصَّائِمِ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ مِنْ الْعَطَشِ وَيُبَالِغُ فِي الِاسْتِنْشَاقِ)

- ‌(بَاب فِي الصَّائِمِ يَحْتَجِمُ)

- ‌(باب في الرخصة)

الفصل: ‌(باب في البكر يزوجها أبوها ولا يستأمرها)

إِلَخْ) هَكَذَا ذَكَرَهُ مُعَلَّقًا وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مُسْنَدًا بِمَعْنَاهُ (قَالَ سُكَاتُهَا إِقْرَارُهَا) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ سُكَاتُهَا إِذْنُهَا

وَفِي أُخْرَى له رضاها صمتها

قال بن الْمُنْذِرِ يُسْتَحَبُّ إِعْلَامُ الْبِكْرِ أَنَّ سُكُوتَهَا إِذْنٌ لَكِنْ لَوْ قَالَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ مَا عَلِمْتُ أَنَّ صَمْتِي إِذْنٌ لَمْ يَبْطُلِ الْعَقْدُ بِذَلِكَ عند الجمهور وأبطله بعض المالكية

وقال بن شَعْبَانَ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ ثَلَاثًا إِنْ رَضِيتِ فَاسْكُتِي وَإِنْ كَرِهْتِ فَانْطِقِي

وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُطَالُ الْمَقَامُ عِنْدَهَا لِئَلَّا تَخْجَلَ فَيَمْنَعُهَا ذَلِكَ مِنَ الْمُسَارَعَةِ

وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بَلْ ظَهَرَتْ مِنْهَا قَرِينَةُ السُّخْطِ أَوِ الرِّضَا بَالتَّبَسُّمِ مَثَلًا أَوِ الْبُكَاءِ فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِنْ نَفَرَتْ أَوْ بَكَتْ أَوْ قَامَتْ أَوْ ظَهَرَ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ لَمْ تُزَوَّجْ

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَا أَثَرَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي الْمَنْعِ إِلَّا إِنْ قَرَنَتْ مَعَ الْبُكَاءِ الصِّيَاحَ وَنَحْوَهُ

وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الدَّمْعِ فَإِنْ كَانَ حَارًّا دَلَّ عَلَى الْمَنْعِ وَإِنْ كَانَ بَارِدًا دَلَّ عَلَى الرِّضَا

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْبِكْرَ الَّتِي أُمِرَ بَاسْتِئْذَانِهَا هِيَ الْبَالِغُ إِذْ لَا مَعْنَى لِاسْتِئْذَانِ مَنْ لَا تَدْرِي مَا الْإِذْنُ وَمَنْ يَسْتَوِي سُكُوتُهَا وَسُخْطُهَا

كَذَا فِي الْفَتْحِ

[2095]

(آمِرُوا) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَمِيمٍ مُخَفَّفَةٍ مَكْسُورَةٍ (النِّسَاءَ فِي بَنَاتِهِنَّ) أَيْ شاورهن فِي تَزْوِيجِهِنَّ

قَالَ الْعَلْقَمِيُّ وَذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ اسْتِطَابَةِ أَنْفُسِهِنَّ وَهُوَ أَدْعَى إِلَى الْأُلْفَةِ وَخَوْفًا مِنْ وُقُوعِ الْوَحْشَةِ بَيْنَهُمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ بِرِضَاءِ الْأُمِّ إِذِ الْبَنَاتُ إِلَى الْأُمَّهَاتِ أَمْيَلُ وَفِي سَمَاعِ قَوْلِهِنَّ أَرْغَبُ وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ رُبَّمَا عَلِمَتْ مِنْ حَالِ بِنْتِهَا الْخَافِي عَنْ أَبِيهَا أَمْرًا لَا يَصْلُحُ مَعَهُ النِّكَاحُ مِنْ عِلَّةٍ تَكُونُ بِهَا أَوْ سَبَبٍ يَمْنَعُ مِنَ الْوَفَاءِ بِحُقُوقِ النِّكَاحِ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِيهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ

5 -

(بَابٌ فِي الْبِكْرِ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا وَلَا يَسْتَأْمِرُهَا)

[2096]

(أَنَّ جَارِيَةً بِكْرًا أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِلَخْ) فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِجْبَارِ لِلْأَبِ لِابْنَتِهِ

ص: 84

الْبِكْرِ عَلَى النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ بَالْأَوْلَى

وَإِلَى عَدَمِ جَوَازِ إِجْبَارِ الْأَبِ ذَهَبَتِ الْحَنَفِيَّةُ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلِحَدِيثِ وَالْبِكْرُ يَسْتَأْمِرُهَا أَبُوهَا وَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَذَهَبَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ لِلْأَبِ إِجْبَارَ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ عَلَى النِّكَاحِ عَمَلًا بِمَفْهُومِ حَدِيثِ الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا فَإِنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْبِكْرَ بِخِلَافِهَا وَأَنَّ الْوَلِيَّ أَحَقُّ بِهَا وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ مَفْهُومٌ لَا يُقَاوِمُ الْمَنْطُوقَ وَبِأَنَّهُ لَوْ أُخِذَ بِعُمُومِهِ لَزِمَ فِي حَقِّ غَيْرِ الْأَبِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَأَنْ لَا يُخَصَّ بِجَوَازِ الْإِجْبَارِ

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي تَقْوِيَةِ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ إن حديث بن عَبَّاسٍ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ جَوَابُ الْبَيْهَقِيِّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ فَلَا يثبت الحكم

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَعَلَى طَرِيقَة الْبَيْهَقِيِّ وَأَكْثَر الْفُقَهَاء وَجَمِيع أَهْل الْأُصُول هَذَا حَدِيث صَحِيح لِأَنَّ جَرِير بْن حَازِم ثِقَة ثَبَت وَقَدْ وَصَلَهُ وَهُمْ يَقُولُونَ زِيَادَة الثِّقَة مَقْبُولَة فَمَا بَالهَا تُقْبَل فِي مَوْضِع بَلْ فِي أَكْثَر الْمَوَاضِع الَّتِي تُوَافِق مَذْهَب الْمُقَلِّد وَتُرَدّ فِي مَوْضِع يُخَالِف مَذْهَبه وَقَدْ قَبِلُوا زِيَادَة الثِّقَة فِي أَكْثَر مِنْ مِائَتَيْنِ مِنْ الْأَحَادِيث رَفْعًا وَوَصْلًا وَزِيَادَة لَفْظ وَنَحْوه وَهَذَا لَوْ اِنْفَرَدَ بِهِ جَرِير فَكَيْف وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى رَفْعه عَنْ أَيُّوب زيد بن حبان ذكره بن مَاجَهْ فِي سُنَنه

وَأَمَّا حَدِيث جَابِر فَهُوَ حَدِيث يَرْوِيه شُعَيْب بْن إِسْحَاق عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَطَاء عَنْ جَابِر أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ اِبْنَته وَهِيَ بِكْر مِنْ غَيْر أَمْرهَا فَأَتَتْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَفَرَّقَ بَيْنهمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيث أَبِي حَفْص التِّنِّيسِيِّ سَمِعْت الْأَوْزَاعِيَّ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيم بْن مُرَّة عَنْ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح قَالَ زَوَّجَ رَجُل اِبْنَته وَهِيَ بِكْر وَسَاقَ الْحَدِيث وَهَذَا الْإِرْسَال لَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْمَوْصُول خَطَأ بِمُجَرَّدِهِ

وَأَمَّا حَدِيث جَرِير الَّذِي أَشَارَ الْبَيْهَقِيُّ إِلَى أَنَّهُ أَخْطَأَ فِيهِ عَلَى أَيُّوب فَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيث جَرِير عن أيوب عن عكرمة عن بن عَبَّاس أَنَّ جَارِيَة بِكْرًا أَتَتْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي وَهِيَ كَارِهَة فَرَدَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نِكَاحهَا وَرِجَاله مُحْتَجّ بِهِمْ فِي الصَّحِيح وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لَا تُنْكَح الْبِكْر إِلَّا بِإِذْنِهَا وَهَذَا نَهْي صَرِيح فِي الْمَنْع فَحَمْله عَلَى الِاسْتِحْبَاب بعيد جدا

وفي حديث بن عَبَّاس وَالْبِكْر يَسْتَأْمِرهَا أَبُوهَا رَوَاهُ مُسْلِم وَسَيَأْتِي فَهَذَا خَبَر فِي مَعْنَى الْأَمْر عَلَى إِحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ أَوْ خَبَر مَحْض وَيَكُون خَبَرًا عَنْ حُكْم الشَّرْع لَا خَبَرًا عَنْ الْوَاقِع وَهِيَ طريقة المحققين

ص: 85

بِهَا تَعْمِيمًا

قَالَ الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَمِيرُ فِي سُبُلِ السَّلَامِ كَلَامٌ لِهَذَيْنِ الْإِمَامَيْنِ يَعْنِي الْبَيْهَقِيَّ وَالْحَافِظَ مُحَامَاةٌ عَلَى كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَمَذْهَبِهِمْ وَإِلَّا فَتَأْوِيلُ الْبَيْهَقِيِّ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَذَكَرَتْهُ الْمَرْأَةُ بَلْ إِنَّمَا قَالَتْ إِنَّهُ زَوَّجهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ فَالْعِلَّةُ كَرَاهَتُهَا فَعَلَيْهَا عُلِّقَ التَّخْيِيرُ لِأَنَّهَا الْمَذْكُورَةُ فَكَأَنَّهُ قَالَ صلى الله عليه وسلم إِذَا كُنْتِ كَارِهَةً فَأَنْتِ بَالْخِيَارِ

وَقَوْلُ الْحَافِظِ إِنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ كَلَامٌ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ حُكْمٌ عَامٌّ لِعُمُومِ عِلَّتِهِ فَأَيْنَمَا وُجِدَتِ الْكَرَاهَةُ تُثْبِتُ الْحُكْمَ انتهى

قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ

(قَالَ أَبُو دَاوُدَ لَمْ يَذْكُرْ) أَيْ محمد بن عبيد (بن عَبَّاسٍ) بَالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ (وَهَكَذَا) أَيْ بِغَيْرِ ذكر بن عَبَّاسٍ (رَوَاهُ النَّاسُ مُرْسَلًا) وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ التَّابِعِيُّ سَوَاءٌ كَانَ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَذَا وَفَعَلَ كَذَا أَوْ فُعِلَ بِحَضْرَتِهِ كَذَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (مَعْرُوفٌ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ رِوَايَتُهُمْ مُرْسَلًا مَعْرُوفٌ أَوْ إِرْسَالُهُ مَعْرُوفٌ

وَمَا رَوَاهُ الضَّعِيفُ مُخَالِفًا لِلثِّقَةِ يُقَالُ لَهُ الْمُنْكَرُ وَمُقَابِلُهُ يُقَالُ بِهِ الْمَعْرُوفُ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

فَقَدْ تُوَافِق أَمْره صلى الله عليه وسلم وَخَبَره وَنَهْيه عَلَى أَنَّ الْبِكْر لَا تُزَوَّج إِلَّا بِإِذْنِهَا وَمِثْل هَذَا يُقَرِّب مِنْ الْقَاطِع وَيَبْعُد كُلّ الْبُعْد حَمْله عَلَى الِاسْتِحْبَاب وَرَوَى النسائي من حديث عكرمة عن بن عَبَّاس قَالَ أَنْكَحَ رَجُل مِنْ بَنِي الْمُنْذِر اِبْنَته وَهِيَ كَارِهَة فَأَتَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَرَدَّ نِكَاحهَا وَرَوَى أَيْضًا مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن بُرَيْدَة عَنْ عَائِشَة أَنَّ فَتَاة دَخَلَتْ عَلَيْهَا فَقَالَتْ إِنَّ أَبِي زوجني بن أَخِيهِ لِيَرْفَع بِي خَسِيسَته وَأَنَا كَارِهَة قَالَتْ اِجْلِسِي حَتَّى يَأْتِي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَتْهُ فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِيهَا فَدَعَاهُ فَجَعَلَ الْأَمْر إِلَيْهَا فَقَالَتْ يَا رَسُول اللَّه قَدْ اِخْتَرْت مَا صَنَعَ أَبِي وَلَكِنِّي أَرَدْت أَنْ أعلم أن للنساء من الأمر شيء وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير عَنْ أَبِي سَلَمَة قَالَ أَنْكَحَ رَجُل مِنْ بَنِي الْمُنْذِر اِبْنَته وَهِيَ كَارِهَة فَأَتَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَرَدَّ نِكَاحهَا

وَعَمَل هَذِهِ الْقَضَايَا وَأَشْبَاههَا عَلَى الثَّيِّب دُون الْبِكْر خِلَاف مُقْتَضَاهَا لِأَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْأَل عَنْ ذَلِكَ وَلَا اِسْتَفْصَلَ وَلَوْ كَانَ الْحُكْم يَخْتَلِف بِذَلِكَ لَاسْتَفْصَلَ وَسَأَلَ عَنْهُ وَالشَّافِعِيّ يُنَزِّل هَذَا مَنْزِلَة الْعُمُوم وَيَحْتَجّ بِهِ كَثِيرًا

وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّد بْن حَزْم من طريق قاسم بن أصبغ عن بن عُمَر أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ اِبْنَته بِكْرًا فَأَتَتْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَرَدَّ نِكَاحهَا وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ هَذَا الْحَدِيث فِي سُنَنه وَفِي كِتَاب الْعِلَل وَأَعَلَّهُ بِرِوَايَةِ مَنْ رَوَى أَنَّ عَمّهَا زَوَّجَهَا بَعْد وَفَاة أَبِيهَا وَزَوَّجَهَا مِنْ عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر وَهِيَ بِنْت عُثْمَان بْن مَظْعُون وَعَمّهَا قَدَامَة فَكَرِهَتْهُ فَفَرَّقَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم بَيْنهمَا فَتَزَوَّجَهَا الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة

قَالَ وَهَذَا أَصَحّ مِنْ قَوْل مَنْ قَالَ زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَاَللَّه أَعْلَم

ص: 86