الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
35 -
(بَاب مَنْ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ)
(كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ ظَرْفًا حَالَ حَمْلِهِ (وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ حَالَ رَضَاعِهِ (وَحِجْرِي) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْحِجْرُ مُثَلَّثٌ الْمَنْعُ وَحِضْنُ الْإِنْسَانِ (حِوَاءً) بَالْكَسْرِ أَيْ مَكَانًا يَحْوِيهِ وَيَحْفَظُهُ وَيَحْرُسُهُ وَمُرَادُ الْأُمِّ بِذَلِكَ أَنَّهَا أَحَقُّ بِهِ لِاخْتِصَاصِهَا بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ دُونَ الْأَبِ (أَنْ يَنْتَزِعَهُ) أَيْ يَأْخُذَهُ (أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ) أي بولدك (ما لم تنكح) بِفَتْحِ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ وَكَسْرِ الْكَافِ أَيْ مَا لَمْ تَتَزَوَّجِي
قَالَ فِي النَّيْلِ فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأُمَّ أَوْلَى بَالْوَلَدِ مِنَ الْأَبِ مَا لَمْ يَحْصُلْ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ كَالنِّكَاحِ لِتَقْيِيدِهِ صلى الله عليه وسلم لِلْأَحَقِّيَّةِ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ والشافعية والحنفية
وقد حكى بن الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ وَقَدْ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ النِّكَاحَ إِذَا كَانَ بِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لِلْمَحْضُونِ لَمْ يَبْطُلْ بِهِ حَقُّ حَضَانَتِهَا
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَبْطُلُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الدَّلِيلَ لَمْ يُفَصِّلْ وَهُوَ الظَّاهِرُ انْتَهَى مُلَخَّصًا
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
(أَنَّ أَبَا مَيْمُونَةَ سَلْمَى) قَالَ في التقريب أو مَيْمُونَةَ الْفَارِسِيُّ الْمَدَنِيُّ الْأَبَّارُ قِيلَ اسْمُهُ سُلَيْمٌ أو سلمان أَوْ سَلْمَى وَقِيلَ أُسَامَةُ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْفَارِسِيِّ وَالْأَبَّارِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَدَنِيٌّ يَرْوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى (فَادَّعَيَاهُ) أَيْ فَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا الِابْنَ (رَطَنَتْ لَهُ بَالْفَارِسِيَّةِ) فِي النِّهَايَةِ الرَّطَانَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَالتَّرَاطُنُ كَلَامٌ لَا يَفْهَمُهُ الْجُمْهُورُ وَإِنَّمَا هُوَ مُوَاضَعَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ جَمَاعَةٌ وَالْعَرَبُ تَخُصُّ بَالرَّطَانَةِ غَالِبَ كَلَامِ الْعَجَمِ وفي
الصِّحَاحِ رَطَنْتُ لَهُ إِذَا كَلَّمْتُهُ بَالْعَجَمِيَّةِ فَالْمَعْنَى تَكَلَّمَتْ بَالْفَارِسِيَّةِ (اسْتَهِمَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الِابْنِ وَالْمَعْنَى اقْتَرِعِي أَنْتِ وَأَبُوهُ فَفِيهِ تَغْلِيبُ الْحَاضِرِ عَلَى الْغَائِبِ (وَرَطَنَ) أَبُو هُرَيْرَةَ (لَهَا) أَيْ لِلْمَرْأَةِ (مَنْ يُحَاقُّنِي) بَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ مَنْ يُنَازِعُنِي (إِنِّي لَا أَقُولُ هَذَا) أَيْ هَذَا الْقَوْلَ أَوْ هَذَا الْحُكْمَ (إِلَّا أَنِّي) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ لِأَنِّي (مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ) بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ فَنُونٍ مَفْتُوحَةٍ فَمُوَحَّدَةٍ أَظْهَرَتْ حَاجَتَهَا إِلَى الْوَلَدِ وَلَعَلَّ مَحْمَلَ الحديث تعد مُدَّةِ الْحَضَانَةِ مَعَ ظُهُورِ حَاجَةِ الْأُمِّ إِلَى الْوَلَدِ وَاسْتِغْنَاءِ الْأَبِ عَنْهُ مَعَ إِرَادَتِهِ إِصْلَاحَ الْوَلَدِ
قَالَهُ السِّنْدِيُّ (اسْتَهِمَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الِابْنِ
قَالَ فِي النَّيْلِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقُرْعَةَ طَرِيقٌ شَرْعِيَّةٌ عِنْدَ تَسَاوِي الْأَمْرَيْنِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ الرُّجُوعُ إِلَيْهَا كَمَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ إِلَى التَّخْيِيرِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ يُقَدِّمُ التَّخْيِيرُ عَلَيْهَا وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بَلْ رُبَّمَا دَلَّ عَلَى عَكْسِهِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُمَا أَوَّلًا بَالِاسْتِهَامِ ثُمَّ لَمَّا لَمْ يَفْعَلَا خَيَّرَ الْوَلَدَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ التَّخْيِيرَ أَوْلَى لَاتِّفَاقِ أَلْفَاظِ الْأَحَادِيثِ عَلَيْهِ وَعَمَلِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بِهِ انْتَهَى (فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَيْ لِلْوَلَدِ (فَخُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْتَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ هَذَا فِي الْغُلَامِ الَّذِي قَدْ عَقَلَ وَاسْتَغْنَى عَنِ الْحَضَانَةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ خُيِّرَ بَيْنَ وَالِدَيْهِ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا صار بن سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِي سِنِينَ خُيِّرَ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ
وَقَالَ أَحْمَدُ يُخَيَّرُ إِذَا كَبِرَ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ الْأُمُّ أَحَقُّ بَالْغُلَامِ حَتَّى يَأْكُلَ وَحْدَهُ وَيَلْبَسَ وَحْدَهُ وَبَالْجَارِيَةِ حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ الْأَبُ أَحَقُّ الْوَالِدَيْنِ
وَقَالَ مَالِكٌ الْأُمُّ أَحَقُّ بَالْجَوَارِي وَإِنْ حِضْنَ حَتَّى يَنْكِحْنَ وَأَمَّا الْغِلْمَانُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِمْ حَتَّى يَحْتَلِمُوا
قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَرْكِ التَّخْيِيرِ وَصَارَ إِلَى أَنَّ الْأَبَ أَحَقُّ بَالْوَلَدِ إِذَا اسْتَغْنَى عَنِ الْحَضَانَةِ إِنَّمَا ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْأُمَّ إِنَّمَا حَظُّهَا الْحَضَانَةُ لِأَنَّهَا أَرْفَقُ بِذَلِكَ وَأَحْسَنُ تَأَتِّيًا لَهُ فَإِذَا جَاوَزَ الْوَلَدُ حَدَّ الْحَضَانَةِ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى الْأَدَبِ والمعاش والأب أبصر بأسبابهما وأوقى لَهُ مِنَ الْأُمِّ وَلَوْ تُرِكَ الصَّبِيُّ وَاخْتِيَارُهُ لَمَالَ إِلَى الْبَطَالَةِ وَاللَّعِبِ قَالَ وَإِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ فَلَا مَذْهَبَ عَنْهُ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه الترمذي والنسائي وبن ماجه مختصرا
وَمُطَوَّلًا وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَذَكَرَ أَنَّ أَبَا مَيْمُونَةَ اسْمُهُ سُلَيْمٌ وَقَالَ غَيْرُهُ اسْمُهُ سَلْمَانُ وَوَقَعَ فِي أَصْلِ سَمَاعِنَا سَلْمَى كَمَا ذَكَرْنَا
(زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ) أَيْ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (بَابْنَةِ حمزة) أي بن عَبْدِ الْمَطْلَبِ وَكَانَ قَدِ اسْتُشْهِدَ بِأُحُدٍ وَهِيَ يتيمة (فقال جعفر) أي بن أبي طالب يكنى أبا عَبْدُ اللَّهِ وَكَانَ أَكْبَرَ مِنْ عَلِيٍّ بِعَشْرِ سنين (وعندي خالتها) هِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ (فَذَكَرَ) أَيْ عَلِيٌّ رضي الله عنه (قَالَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (وَأَمَّا الْجَارِيَةُ) أَيِ ابْنَةُ حَمْزَةَ (وَإِنَّمَا الْخَالَةُ أُمٌّ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخَالَةَ فِي الْحَضَانَةِ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ
وَقَدْ ثَبَتَ بَالْإِجْمَاعِ أَنَّ الْأُمَّ أَقْدَمُ الْحَوَاضِنِ فَمُقْتَضَى التَّشْبِيهِ أَنْ تَكُونَ الْخَالَةُ أَقْدَمَ مِنْ غَيْرِهَا مِنْ أُمَّهَاتِ الْأُمِّ وَأَقْدَمَ مِنَ الْأَبِ وَالْعَمَّاتِ لَكِنَّ فِيهِ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ النَّيْلِ وَقَالَ وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ الْخَالَةِ بَعْدَ الْأُمِّ عَلَى سَائِرٍ الْحَوَاضِنِ لِنَصِّ الْحَدِيثِ وَفَاءً بِحَقِّ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ وَإِلَّا كَانَ لَغْوًا
قَالَ وَاسْتَشْكَلَ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وُقُوعَ الْقَضَاءِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم لِجَعْفَرٍ وَقَالُوا إِنْ كَانَ الْقَضَاءُ لَهُ فَلَيْسَ بِمَحْرَمٍ لَهَا وَهُوَ وَعَلِيٌّ سَوَاءٌ فِي قَرَابَتِهَا وَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ لِلْخَالَةِ فَهِيَ مُزَوَّجَةٌ وَتَقَدَّمَ أَنَّ زَوَاجَ الْأُمِّ مُسْقِطٌ لِحَقِّهَا مِنَ الْحَضَانَةِ فَسُقُوطُ حَقِّ الْخَالَةِ بَالزَّوَاجِ أَوْلَى
وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْقَضَاءَ لِلْخَالَةِ وَالزَّوَاجَ لَا يُسْقِطُ حَقَّهَا مِنَ الْحَضَانَةِ مَعَ رِضَا الزَّوْجِ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ وَالْحَسَنُ البصري وبن حَزْمٍ
وَقِيلَ إِنَّ النِّكَاحَ إِنَّمَا يُسْقِطُ حَضَانَةَ الْأُمِّ وَحْدَهَا حَيْثُ كَانَ الْمُنَازِعُ لَهَا الْأَبُ وَلَا يُسْقِطُ حَقَّ غَيْرِهَا وَلَا حَقَّ الْأُمِّ حَيْثُ كَانَ الْمُنَازِعُ لَهَا غَيْرَ الْأَبِ وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ حَدِيثِ عَلِيٍّ هَذَا وَحَدِيثِ أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بن جُرَيْجٍ
انْتَهَى بِتَغَيُّرِ بَعْضِ الْأَلْفَاظِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ