الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
29 -
(باب في التَّغْلِيظِ فِي الِانْتِفَاءِ)
(أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ) أَيْ بَالِانْتِسَابِ الْبَاطِلِ (مَنْ) مَفْعُولُ أَدْخَلَتْ (لَيْسَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْقَوْمِ (فَلَيْسَتْ) أَيِ الْمَرْأَةُ (مِنَ اللَّهِ) أَيْ مِنْ دِينِهِ أَوْ رَحْمَتِهِ (فِي شَيْءٍ) أَيْ شَيْءٍ يُعْتَدُّ بِهِ (وَلَنْ يُدْخِلَهَا اللَّهُ جَنَّتَهُ) أَيْ مَعَ مَنْ يَدْخُلُهَا مِنَ الْمُحْسِنِينَ بَلْ يُؤَخِّرُهَا أَوْ يُعَذِّبُهَا مَا شَاءَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ كَافِرَةً فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْخُلُودُ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (جَحَدَ وَلَدَهُ) أَيْ أَنْكَرَهُ وَنَفَاهُ (وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ) أَيِ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى الْوَلَدِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ وَلَدُهُ أَوِ الْوَلَدُ يَنْظُرُ إِلَى الرَّجُلِ فَفِيهِ إِشْعَارٌ إِلَى قِلَّةِ شَفَقَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَكَثْرَةِ قَسَاوَةِ قَلْبِهِ وَغِلْظَتِهِ (احْتَجَبَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ) أَيْ حَجَبَهُ وَأَبْعَدَهُ مِنْ رَحْمَتِهِ (وفضحه) أي أخزاه (على رؤوس الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ) أَيْ عِنْدَهُمْ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النسائي وبن مَاجَهْ
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ رَوَى عَنْهُ يَزِيدُ بْنُ الهاد يعرف بحديث واحد
وقال بن أَبِي حَاتِمٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ يُعْرَفُ بِحَدِيثٍ وَاحِدٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ رَوَى عَنْهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ ذَلِكَ
0 -
(باب في ادعاء ولد الزنى)
(عن سلم يعني بن أَبِي الذَّيَّالِ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتَانِيَّةِ الثَّقِيلَةِ
قَالَ الْحَافِظُ ثِقَةٌ قَلِيلُ
الْحَدِيثِ (لَا مُسَاعَاةَ فِي الْإِسْلَامِ) قَالَ فِي النهاية المساعاة الزنى وَكَانَ الْأَصْمَعِيُّ يَجْعَلُهَا فِي الْإِمَاءِ دُونَ الْحَرَائِرِ لِأَنَّهُنَّ كُنَّ يَسْعَيْنَ لِمَوَالِيهِنَّ فَيَكْسِبْنَ لَهُمْ بِضَرَائِبَ كَانَتْ عَلَيْهِنَّ
سَاعَتِ الْأَمَةُ إِذَا فَجَرَتْ وَسَاعَاهَا فُلَانٌ إِذَا فَجَرَ بِهَا مُفَاعَلَةً مِنَ السَّعْيِ كَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَسْعَى لِصَاحِبِهِ فِي حُصُولِ غَرَضِهِ فَأَبْطَلَهُ الْإِسْلَامُ وَلَمْ يَلْحَقِ النَّسَبَ بِهَا وَعَفَا عَمَّا كَانَ مِنْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِمَّنْ ألحق بها (من ساعي) أي زنى أمة الرَّجُلِ وَفَجَرَ بِهَا عَلَى نَهْجِ الْمَعْرُوفِ (فِي الْجَاهِلِيَّةِ) فَحَصَلَ بِهِ وَلَدٌ (فَقَدْ لَحِقَ) الْوَلَدُ المتولد من الزنى (بِعَصَبَتِهِ) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَيْ بِمَوْلَاهُ وَسَيِّدِهِ وَهُوَ مَوْلَى الْأَمَةِ الْفَاجِرَةِ
قَالَ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ إِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ لَهُمْ إِمَاءٌ يُسَاعِينَ وَهُنَّ الْبَغَايَا اللَّوَاتِي ذَكَرَهُنَّ اللَّهُ تعالى في قوله عزوجل ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إِذَا كَانَ سَادَتَهُنَّ يُلِمُّونَ بِهِنَّ وَلَا يَجْتَنِبُوهُنَّ فَإِذَا جَاءَتْ إِحْدَاهُنَّ بِوَلَدٍ وَكَانَ سَيِّدُهَا يَطَؤُهَا وقد وطئها غيره بالزنى فَرُبَّمَا ادَّعَاهُ الزَّانِي وَادَّعَاهُ السَّيِّدُ فَحَكَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَالْوَلَدِ لِسَيِّدِهَا لِأَنَّ الْأَمَةَ فِرَاشُ السَّيِّدِ كَالْحُرَّةِ وَنَفَاهُ عَنِ الزَّانِي انْتَهَى (وَلَدًا مِنْ غَيْرِ رِشْدَةٍ) يُقَالُ هَذَا وَلَدُ رِشْدَةٍ بَالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ مَنْ كَانَ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَوَلَدُ زِنْيَةٍ مَنْ كَانَ بِضِدِّهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ
(وَهُوَ أَشْبَعُ) أَيْ حَدِيثُ الْحَسَنِ أَتَمُّ مِنْ حَدِيثِ شَيْبَانَ (قَضَى) أَيْ أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ (أَنَّ كُلَّ مُسْتَلْحَقٍ) هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ الَّذِي طَلَبَ الْوَرَثَةُ أَنْ يُلْحِقُوهُ بِهِمْ وَاسْتَلْحَقَهُ أَيِ ادَّعَاهُ (اسْتُلْحِقَ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله قَالَ بَعْضهمْ هَذِهِ أَحْكَام وَقَعَتْ فِي أول زمن الشريعة إلى أن أَنْ قَالَ ثُمَّ ذَكَر الِاسْتِلْحَاق قَالَ الشَّيْخ شَمْس الدِّين وَلَيْسَ كَمَا قَالَ فَإِنَّ هَذَا الْقَضَاء إِنَّمَا وَقَعَ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَة بَعْد قِيَام الْإِسْلَام وَمَصِيرهَا دَار هِجْرَة
وَقَدْ جَعَلَهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَلَى صُوَر الصُّورَة الْأُولَى أَنْ يَكُون الْوَلَد مِنْ أَمَته الَّتِي فِي مِلْكه وَقْت الْإِصَابَة فَإِذَا اِسْتَلْحَقَهُ لَحِقَ به من
بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ مُسْتَلْحَقٌ (بَعْدَ أَبِيهِ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي الْمُسْتَلْحَقِ (الَّذِي يُدْعَى) بَالتَّخْفِيفِ أَيِ الْمُسْتَلْحَقُ (لَهُ) أَيْ لِأَبِيهِ يَعْنِي يَنْسِبُهُ إِلَيْهِ النَّاسُ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِ تِلْكَ الْأَمَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ أَبُوهُ حَتَّى مَاتَ (ادَّعَاهُ وَرَثَتُهُ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ خَبَرُ إِنَّ وَقِيلَ إِنَّهَا صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِمُسْتَلْحَقٍ وَخَبَرُ إِنَّ مَحْذُوفٌ أَيْ مَنْ كَانَ دَلَّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (فَقَضَى) الْفَاءُ تَفْصِيلِيَّةٌ أَيْ أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْضِيَ فَقَضَى كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أنفسكم (أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ) أَيْ كُلُّ وَلَدٍ حَصَلَ مِنْ جَارِيَةٍ (يَمْلِكُهَا) أَيْ سَيِّدُهَا (يَوْمَ أَصَابَهَا) أَيْ فِي وَقْتٍ جَامَعَهَا (فَقَدْ لَحِقَ بِمَنِ اسْتَلْحَقَهُ) يَعْنِي إِنْ لَمْ يُنْكِرْ نَسَبَهُ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْوَلَدِ (مِمَّا قُسِمَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بَيْنَ وَرَثَتِهِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ (مِنَ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ) لِأَنَّ ذَلِكَ الْمِيرَاثَ وَقَعَتْ قِسْمَتُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ يَعْفُو عَمَّا وَقَعَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ (وَمَا أَدْرَكَ) أَيِ الْوَلَدُ (مِنْ مِيرَاثٍ لَمْ يُقْسَمْ فَلَهُ نَصِيبُهُ) أَيْ فَلِلْوَلَدِ حِصَّتُهُ (وَلَا يَلْحَقُ) قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَفِي نُسْخَةٍ بِضَمِّهِ أَيْ لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ (إِذَا كَانَ أَبُوهُ الَّذِي يُدْعَى لَهُ) أَيْ يَنْتَسِبُ إِلَيْهِ (أَنْكَرَهُ) أَيْ أَبُوهُ لِأَنَّ الْوَلَدَ انْتَفَى عَنْهُ بِإِنْكَارِهِ وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ بِأَنْ يقول مضى عليها حيض بعد ما أصابها وما وطىء بَعْدَ مُضِيِّ الْحَيْضِ حَتَّى وَلَدَتْ وَحَلَفَ عَلَى الاستبراء
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
حِين اِسْتَلْحَقَهُ وَمَا قُسِمَ مِنْ مِيرَاثه قَبْل اِسْتِلْحَاقه لَمْ يُنْقَض وَيُورَث مِنْ الْمُسْتَلْحَق وَمَا كَانَ بَعْد اِسْتِلْحَاقه مِنْ مِيرَاث لَمْ يُقْسَم وَرِثَ مِنْهُ نَصِيبه فَإِنَّهُ إِنَّمَا تَثْبُت بُنُوَّته مِنْ حِين اِسْتَلْحَقَهُ فَلَا تَنْعَطِف عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قِسْمَة الْمَوَارِيث وَإِنْ أَنْكَرَهُ لَمْ يَلْحَق بِهِ وَسَمَّاهُ أَبَاهُ عَلَى كَوْنه يُدْعَى لَهُ وَيُقَال إِنَّهُ مِنْهُ لَا أَنَّهُ أَبُوهُ فِي حُكْم الشَّرْع إِذْ لَوْ كَانَ حُكْمًا لَمْ يُقْبَل إِنْكَاره لَهُ وَلَحِقَ بِهِ
الصُّورَة الثَّانِيَة أَنْ يَكُون الْوَلَد مِنْ أَمَة لَمْ تَكُنْ فِي مِلْكه وَقَّتَ الْإِصَابَة فَهَذَا وَلَدُ زِنًا لَا يَلْحَق بِهِ وَلَا يَرِثهُ بَلْ نَسَبه مُنْقَطِع مِنْهُ
وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ مِنْ حُرَّة قَدْ زَنَى بِهَا فَالْوَلَد غَيْر لَاحِق بِهِ وَلَا يَرِث مِنْهُ وَإِنْ كَانَ هَذَا الزَّانِي الَّذِي يُدْعَى الْوَلَد لَهُ يَعْنِي أَنَّهُ مِنْهُ قَدْ اِدَّعَاهُ لَمْ تُفِدْ دَعْوَاهُ شَيْئًا بَلْ الْوَلَد وَلَد زِنًا وَهُوَ لِأَهْلِ أُمّه إِنْ كَانَتْ أَمَة فَمَمْلُوكَة لِمَالِكِهَا وَإِنْ كَانَتْ حُرَّة فَنَسَبه إِلَى أُمّه وَأَهْلهَا دُون هَذَا الزَّانِي الَّذِي هُوَ مِنْهُ
وَقَوْله فِي أَوَّل الْحَدِيث اُسْتُلْحِقَ بَعْد أَبِيهِ الَّذِي يُدْعَى لَهُ اِدَّعَاهُ وَرَثَة الْأَب هَا هُنَا هُوَ الزَّانِي الَّذِي مِنْهُ الْوَلَد وَسَمَّاهُ أَبًا تَسْمِيَة مُقَيَّدَة بِكَوْنِ الْوَلَد مِنْهُ وَلِهَذَا قَالَ الَّذِي يُدْعَى لَهُ يَعْنِي يُقَال إِنَّهُ مِنْهُ
فَحِينَئِذٍ يَنْتَفِي عَنْهُ الْوَلَدُ (وَإِنْ كَانَ) أَيِ الْوَلَدُ عَاهَرَ (بِهَا) أَيْ زَنَى بِهَا (فَإِنَّهُ) أَيِ الْوَلَدُ (لَا يَلْحَقُ) بِصِيغَةِ الْمَعْلُومِ أَوِ الْمَجْهُولِ (وَلَا يَرِثُ) أَيْ وَلَا يَأْخُذُ الْإِرْثَ (وَإِنْ كَانَ الَّذِي يُدْعَى لَهُ) وَصْلِيَّةُ تَأْكِيدٍ وَمُبَالَغَةٌ لِمَا قَبْلَهُ (هُوَ ادَّعَاهُ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ أَيِ انْتَسَبَهُ (فَهُوَ وَلَدُ زِنْيَةٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ (مِنْ حُرَّةٍ كَانَ) أَيِ الْوَلَدُ (أَوْ أَمَةٍ) أَيْ مِنْ جَارِيَةٍ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذِهِ أَحْكَامٌ قَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في أوائل الإسلام ومبادىء الشَّرْعِ وَهِيَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَاتَ وَاسْتَلْحَقَ لَهُ وَرَثَتُهُ وَلَدًا فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ الَّذِي يُدْعَى الْوَلَدُ لَهُ وَرَثَتُهُ قَدْ أَنْكَرَ أَنَّهُ مِنْهُ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ وَلَمْ يَرِثْ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَنْكَرَهُ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَتِهِ لَحِقَهُ وَوَرِثَ مِنْهُ مَا لَمْ يُقْسَمْ بَعْدُ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يَرِثْ مَا قُسِمَ قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَةِ غَيْرِهِ كَابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ أَوْ مِنْ حُرَّةٍ زَنَى بِهَا لَا يَلْحَقُ بِهِ وَلَا يَرِثُ بَلْ لو استلحقه الواطىء لم يلحق به فإن الزنى لَا يُثْبِتُ النَّسَبَ
قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ زَوْجَةٌ أَوْ مَمْلُوكَةٌ صَارَتْ فِرَاشًا لَهُ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِمُدَّةِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَيُدْعَى لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّة أَنَّهُ أَبُوهُ فَإِذَا اِدَّعَاهُ وَرَثَة هَذَا الزَّانِي فَالْحُكْم مَا ذُكِرَ
وَنَظِير هَذَا الْقَضَاء قِصَّة سَعْد بْن أَبِي وقاص وعبد بن زمعة في بن أَمَة زَمْعَة فَإِنَّ وَرَثَة عُتْبَة وَهُوَ سَعْد اِدَّعَى الْوَلَد أَنَّهُ مِنْ أَخِيهِ وَادَّعَى عَبْد أَنَّهُ أَخُوهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاش أَبِيهِ فَأَلْحَقهُ النبي صلى الله عليه وسلم بِمَالِك الْأَمَة دُون عُتْبَة
وَهُوَ تَفْسِير قَوْله وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَة لَمْ يَمْلِكهَا أَوْ مِنْ حُرَّة عَاهَرَ بِهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْحَق بِهِ وَلَا يَرِث وَسَيَأْتِي بَعْد هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى
وَقَدْ يَتَمَسَّك بِهِ مِنْ يَقُول الْأَمَة لَا تَكُون فِرَاشًا وَإِنَّمَا يَلْحَق الْوَلَد لِلسَّيِّدِ بِالدَّعْوَى لَا بِالْفِرَاشِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَة لِقَوْلِهِ مَنْ كَانَ مِنْ أَمَة يَمْلِكهَا يَوْم أَصَابَهَا فَقَدْ لَحِقَ بِمِنْ اِسْتَلْحَقَهُ فَإِنَّمَا جَعَلَهُ لَاحِقًا بِهِ بِالِاسْتِلْحَاقِ لَا بِالْإِصَابَةِ وَلَكِنَّ قِصَّة عَبْد بْن زَمْعَة أَصَحّ مِنْ هَذَا وَأَصْرَح فِي كَوْن الْأَمَة تَصِير فِرَاشًا كَمَا تَكُون الْحُرَّة يَلْحَق الْوَلَد بِسَيِّدِهَا بِحُكْمِ الْفِرَاش كَمَا يَلْحَق بِالْحُرَّةِ كَمَا سَيَأْتِي
وَلَيْسَ فِي حَدِيث عَمْرو بْن شُعَيْب أَنَّهُ لَا يَلْحَق وَلَده مِنْ أَمَته إِلَّا بِالِاسْتِلْحَاقِ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ عِنْد تَنَازُع سَيِّدهَا وَالزَّانِي فِي وَلَدهَا يَلْحَق بِسَيِّدِهَا الَّذِي اِسْتَلْحَقَهُ دُون الزَّانِي وَهَذَا مِمَّا لَا نِزَاع فِيهِ فَالْحَدِيثَانِ مُتَّفِقَانِ
وَاَللَّه أعلم