الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رهبة الإمامة
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخجل
التاريخ 15/03/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
المشكلة التي تؤرقني منذ زمن بعيد، وتمنعني من حضور الجماعة في المسجد أنه عندما أحضر إلى المسجد للصلاة يطلبون مني أن أتقدمهم للإمامة؛ لأنني أفضل الموجودين علماً وشهادة، وقراءة للقرآن وأحكام التجويد، حتى إنه من يصلي بهم في رمضان عليه أخطاء كثيرة في التلاوة، ونطق الكلمات والتجويد، وباقي الأحكام الأخرى، وأنا لا أستطيع تصحيحه؛ خوفاً من أنه يطلب مني أن أصلي بهم، وأنا أخجل كثيراً جداً، وأتلعثم بالقراءة، ويتصبَّب عرقي، ولا أستطيع البوح لهم بذلك أو لأحد غيرهم، مما يسبب لي حرجاً شديداً، وهذا بدوره جعلني أبتعد عن الصلاة بالمسجد، وعن صلاة التراويح، وأصلي بالبيت خوفاً من ذلك، علماً أنني أتمنى أن أستطيع الصلاة مع الجماعة في المسجد، أرجو أن تدعوا لي بأن يمن الله عليّ بالصلاة مع الجماعة بالمسجد، وهذه مشكلتي بين أيديكم وأمانة لديكم، أرجو مساعدتي في حل مشكلتي؛ لأنها تخنقني يوماً بعد يوم، أنصحوني ماذا أفعل؟ أريد حلاً جذرياً. جزاكم الله خير الجزاء، وأجزل لكم الأجر والمثوبة، وشكراً لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الأخ الكريم:- سلمه الله-.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة.
أما جواب مشكلتك فكالتالي:
أولا: أخي الكريم ترك الصلاة في الجماعة -بحجة الخوف من تقديمك للإمامة- لا يجوز شرعاً، وهو من تلبيس إبليس وتخويفه لك ليصدك عن سبيل الله، ومع فرض الحالة النفسية التي تصيبك من جراء الإمامة في مسجدكم فإنه يمكنك الذهاب إلى مسجد آخر لتصلي به مأموما تدرك فيه الجماعة، أما أن تصلي في البيت مع إمكانية إدراكها في مسجد آخر قريب فلا يجوز.
ثانياً: ألا تعلم -أخي الكريم- فضل الإمامة وأجرها؟ ألا يكفيك فخراً واعتزازاً أن تكون في مكان كان يقف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم الناس في زمانه، ثم انظر -أخي الكريم- ماذا قال الله في وصف عباد الرحمن في سورة الفرقان، لقد أخبر الله -سبحانه- أن من دعائهم:"وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً"[الفرقان 25/74] ، ألا تحب أن تكون للمتقين إماماً؟.
ثالثاً: أن هذه الحالة النفسية التي تصيبك جراء التقدم للإمامة هي طبيعة لكل مبتدئ، ولا زلت أذكر في بداية إمامتي للجامع منذ أكثر من عشرين سنة كيف كنت أرتجف واضطرب كلما تقدمت للصلاة بالناس، وأنسى أيسر السور، وشيئاً فشيئاً حتى تغلبت على ذلك بالمواصلة وليس بالتخفي والهروب، فعلاج حالتك لا يكون بالاعتزال ولكن يكون بمواجهة الأمر والعيش في غماره، وتحمل تلك الفترة التي سرعان ما تزول مع الأيام، ثم يا أخي أنت رجل، ومن طبيعة الرجل مواجهة الناس والتعايش معهم بثقة ورباطة جأش، فكن واثقاً من نفسك، واطرح وساوس الشيطان التي يريد بها عزلك عن الخير والاستفراد بك؛ حتى لا يبقى لك من معاني الخير شيئاً.
رابعاً: تذكَّر -أخي الكريم- أن ما منَّ الله عليك -من قراءة القرآن الصحيحة والعلم بأحكام الصلاة- هو من العلم الذي لا يجوز لك أن تكتمه وتحجزه عن الناس، بل الأصل أن تبثه وتسعى في نشره، وإعانة الناس على تعلمه وتلقيه عنك.
خامساً: أنت تحتاج أن تعرض نفسك لمواجهة الجمهور كثيراً، كإلقاء كلمة أو قراءة خطاب أو كتاب؛ لتعتاد على مقابلة الجمهور.
سادساً: أكثر من الاستعانة بالله عز وجل؛ فإنه وحده هو المعين والمسدد جل في علاه.
سابعاً: أسمعُ بين الفينة والأخرى عن دورات في الخطابة ومقابلة الجمهور، لم لا تدخلها لتتدرب على ذلك؛ حتى تكون داعية خير في هذه الأمة، وعنوان صلاح ومنبر طاعة؟! أفلا تحب أن تنصر دينك، وتعلي كلمته بين الناس؟!
ثامناً: توكَّل على الله -يا أخي- بصدق، وستجد -بإذن الله- العون، فالناس بحاجة إليك وإلى قدراتك، فاطرح الخجل المميت وراء ظهرك، وانتصر على نفسك الضعيفة لتكون من الأقوياء والأسوياء. والله معك ولن يضيعك.
والسلام عليكم.