الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أشك أني مسحور
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس
التاريخ 22/12/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي هو أنني أصبحت أشكو كأن إنسان سحرني فقد كثرت المشاكل والأمراض بشكل كثير جدًا مع أنني، والحمد لله ملتزم نسأل الله الثبات فقد كنت من أول الواصلين المسجد قبل الأذاّن أما الآن فعندما تقام الصلاة أذهب مع أني عندي مشاكل مع الصوفية في المسجد الذي أصلي فيه لأننا والحمد لله ننشر عقيدة التوحيد في المنطقة التي أسكن فيها التي مليئة بالقبوريين، فما هو توجيهكم لي حفظكم الله تعالى.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي الكريم! دعني أكون صريحاً معك.
إن الإنسان عندما يصيبه فتور أو ملل من الالتزام بوضع جاد وصارم على نحو ما كنت عليه من المحافظة على الصلوات قبل الأذان ونحو ذلك، ثم يبدأ في التقاعس والفتور يبحث في نفسه عن المعاذير التي تخفف عنه لوم النفس، وكثيراً ما يلجأ إلى الأمور الغيبية التي لا يمكن التعامل معها أو السيطرة عليها كالحسد والسحر، وتلبس الجان ونحو ذلك، ويعطي لنفسه المعذرة لأنه غير ملوم في ما جرى لو ضعه من هبوط وهذا كله هروب من المشكلة ومخادعة للنفس، ولذا فنصيحتي إليك أن تتجاوز كل هذه الأفكار، وتعلم أن أمر الصلاة والالتزام عليها أمر يحتاج إلى مجاهدة، وأن السحرة لا يستهدفون هذا الجانب في حياة الإنسان، وإنما يستهدفون أموره الدنيوية التي هي مجال للتحاسد والتنافس بين الناس، أما جانب العبادة فلا يستهدفه السحرة ولا الحساد بالعين، ولا يعوق عنه تلبس الجان، فالجن لا يستطيعون الحيلولة دون الإنسان وعبادة ربه ولن يجعل الله لهم على المؤمنين سبيلاً، ولو كان هذا الباب مفتوحًا لكفر الكفرة وعصى العصاة وأجرم المجرمون وادعوا أنهم تحت تأثير سحر أو عين أو جن.
كلا يا بني احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإذا أصابك هذا النوع من الفتور فتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم " لِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ.." أخرجه أحمد (6958) .
فمن الطبيعي للإنسان سواء في أموره الدينية أو الدنيوية أن تأتيه حالات جدية وإبداع وتألق، ويعقبها حالات من الفتور، وهذه طبيعة النفس التي لا يدوم على حال لها حال، ولكن ينبغي أن يكون عند الإنسان قدر من المجاهدة لنفسه، والمحافظة على قدر من التوازن في عمله، وهو هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته فقد سئلت عائشة عن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: وأيكم يطيق ذلك؟ يعني كان عمله شيئاً شاقاً، فما هو هذا العمل الشاق الذي لا يستطيعه أكثر الناس؟ قالت رضي الله عنها:"كان عمله ديمة" أخرجه البخاري (1987) ، ومسلم (783) أي كان عمله له طابع الاستمرارية والانضباط، وليس النزوات والتقطع، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم "أحب العمل إلى الله أدومه وإن قلّ" أخرجه مسلم (2818) ، فعليك أن تجعل لنفسك البرنامج الذي تستطيع أن تستمر فيه، وتتحمل الانضباط عليه، ثم تستمر عليه بالمجاهدة، وعليك أولاً معرفة معيار نفسك، فالناس يختلفون في قدراتهم وفراغهم، وعليك عندما تعرف معيار نفسك أن تجاهدها على الاستمرار في هذا المعيار، وأحذرك مرة أخرى من الاستمرار وراء أوهام العوائق التي من هذا النوع الذي تفكر فيه.