المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فجع بولده ويخاف أن يضعف صبره - فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - جـ ٢٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌هل لي من توبة

- ‌الإنترنت.. والفراغ

- ‌التزم فغضب منه أبواه

- ‌أبي لا يحب الملتزمين

- ‌يمنع أولاده الخروج لصلاة الجماعة، فهل هو محق

- ‌أريد الالتزام.. ولكن

- ‌أريد أن أتحجب

- ‌زوجي ووالدي يرفضان الحجاب

- ‌أريد أن أرتدي النقاب ولكن

- ‌أريد أن أعفي لحيتي…ولكن

- ‌أعينونني على صلاة الفجر

- ‌فوجئت بتناقضات الساحة الدعوية

- ‌مشكلات في الرحلات الجماعية

- ‌أريد أن أهتدي ولكن

- ‌أنَّى لي الهداية وهذه بيئتي

- ‌والدي يرفض لبسي للنقاب

- ‌خامساً: قضايا إيمانية

- ‌شفاؤها.. في افتراقنا

- ‌الأخوة في الله وضوابطها

- ‌الحب في الله علاماته وفضله وشروطه

- ‌تريد الإصلاح بين زميلتيها

- ‌أريد الأخوة في الله

- ‌كيف لي بالكور بعد الحور

- ‌وسائل الثبات

- ‌لقد ذهبت تلك الايام..!!! فكيف اعيدها

- ‌وسائل الثبات على دين الله

- ‌التزمتُ ثم عدتُ

- ‌الرجوع إلى المعاصي بعد الحج

- ‌نفسي تتهمني بالرياء

- ‌الإخلاص والرياء

- ‌يأتيني شعور بأني مرائي

- ‌هل أنا منافق

- ‌أنا متناقض.. أفعل الطاعات والمعاصي

- ‌أخاف الرياء.. لكني أحب الثناء

- ‌هل هذا تناقض أم ضعف

- ‌داء العجب والرياء

- ‌يقدموني للصلاة وأخاف الرياء

- ‌هل هذا من الرياء

- ‌هل الغيبة تمنع الخشوع

- ‌الخوف والرجاء

- ‌لا أصلي ولكني أخاف الله

- ‌لذلك فحياتي بلا معنى

- ‌بين قبح السريرة وصلاح الظاهر

- ‌تربية النفس

- ‌ثمرة غض البصر

- ‌أجد في قلبي وحشة وقسوة

- ‌كيف أزداد محبةً للرسول

- ‌أجد في نفسي صدوداً عن العبادة

- ‌أعاني صعوبة في الخشوع في الصلاة

- ‌علاج قسوة القلب

- ‌الأسباب المعينة على تصحيح النية

- ‌أشعر أن كل عبادة أفعلُها لن يقبلها الله

- ‌يعاني سرعة الغضب والشجار مع والديه

- ‌أعاني قسوة قلبي

- ‌أريد أن أقوي إيماني

- ‌لا يهتم بقبول العبادة من عدمه

- ‌لقد قسا قلبي

- ‌الصبر

- ‌الصبر

- ‌فُجِعَ بولده ويخاف أن يضعف صبرُه

- ‌ماذا أفعل مع هذا الملحد

- ‌كثرة الحوادث عقوبة أم ابتلاء

- ‌حائر.. مع أخي

- ‌سؤال الله الصبر

- ‌فترت همتي

- ‌يئست من صلاحي

- ‌نصيحة لمن اهتدى ثم انتكس

- ‌كيف يعالج الفتور الذي انتابه

- ‌أخي يزداد انحرافاً

- ‌أخي قد تغير كثيراً

- ‌زوجي.. تغير كثيرا

- ‌يعتريني الملل بقراءة أوراد السور

- ‌أحاول المواظبة على الجماعة، ولكن

- ‌يعاني فتورًا عن الطاعة

- ‌الخلاص من الغموم، وهموم المستقبل

- ‌الوظيفة أم طلب العلم

- ‌مقترحات لتفعيل دور المساجد

- ‌أسلمن…وأريدهنَّ داعيات

- ‌مقصر في العلم…هل يترك الدعوة

- ‌كيف أكون إيجابياً

- ‌بماذا أبدأ حتى أتقرب لله

- ‌أنكر عليهم وينفرون مني

- ‌أنا عاشقة

- ‌دعوت كثيراً ولم يستجب لي

- ‌كيف أعرض دلائل وجود الله

- ‌علامات النصر والتمكين

- ‌مترددة في التزام الحجاب

- ‌هذه مجالسهن فهل أعتزلهن

- ‌كيف أتخلص من هذه الأمراض

- ‌تتجاذبني في خدمة الإسلام رغبات فوجهوني

- ‌يزدري المسلمين لتخلفهم

- ‌كيفية علاج النسيان

- ‌لا أريد أن أخسر آخرتي أيضاً

- ‌يزعم أننا نعبد الحجر الأسود، فكيف أقنعه

- ‌ماذا يفعل المظلوم

- ‌كيف أحب في الله

- ‌تائه في صحراء الفكر

- ‌أعيدوا لي الأمل في الحياة

- ‌لم أجد لدعائي أثراً

- ‌كيف نستقبل عاماً جديداً

- ‌أسباب الكياسة والعجز

- ‌هؤلاء تصلي عليهم الملائكة

- ‌مناصحة أهل العلم

- ‌استشارات نفسية

- ‌مشكلة الرهبة من التحدث في جموع الناس

- ‌الخجل

- ‌طفلتي خجولة وعنيدة

- ‌خجل وحساسيه

- ‌خجل.. وحساسيه

- ‌أعاني من الخجل الشديد

- ‌أخشى سخرية الآخرين بتديني

- ‌الخجل يمنعني من حقوقي

- ‌الخوف من إمامة الناس في الصلاة

- ‌رهبة الإمامة

- ‌كيف نوظف طاقات هذا الشاب الخجول

- ‌عاطفي جداً تجاه الآخرين

- ‌كيف أتحرر من الخوف

- ‌القلق

- ‌خوف الرياء أتعبني

- ‌أنا…أسير الوساوس والقلق

- ‌توتري..يمنعني من الاتصال بالآخرين

- ‌تخشى من العودة للحرام في الإجازة

- ‌الكآبة والأرق تؤثران على تفكيري

- ‌معاناة نفسية بسبب تخصصي الشرعي

- ‌يعاني من الخوف والتوتر العصبي

- ‌حالي.. وأحلامي.. وتشاؤمي

- ‌أفكر بالانتحار

- ‌أنا أسيرة الكآبة والحزن

- ‌الاكتئاب

- ‌اكتئاب…وهلع!! وأمور أخرى

- ‌أعاني من الاكتئاب

- ‌حزني.. وتشاؤمي قد يدفعاني للهاوية

- ‌نداء.. يائس

- ‌إني مكتئبة..!! ماذا أفعل

- ‌هل نحن في آخر الزمان

- ‌كثير البكاء دائم الحزن على حال الأمة

- ‌الخوف أثر على صحتي

- ‌الخوف والرهاب

- ‌أخاف…وأتحمل أعباء الغير

- ‌خوفي عليهم.. يقتلني

- ‌اضطراب.. وخوف.. وشدة خفقان

- ‌أرتعد وأخاف.. وأشعر بكراهية الناس

- ‌حزني عليها.. وخوفي من الموت

- ‌أرى الموت في كل مكان

- ‌عدم رغبة للأماكن المزدحمة

- ‌الخوف من الناس

- ‌خوفي من قريبي.. يقلقني

- ‌خوف اجتماعي

- ‌لا أستطيع المناقشة

- ‌مرض الخوف

- ‌خائفة من الجن

- ‌الخوف الاجتماعي

- ‌رهاب اجتماعي

- ‌شيء عن الرهاب الاجتماعي

- ‌كيفية التخلص من ضيق النفس والاضطراب والخوف

- ‌خائفة ومترددة

- ‌خوف شديد

- ‌عزلة شبه تامة.. ألم كبير

- ‌الخوف يحيط بي

- ‌أعاني شدة الخوف

- ‌يلازمني هذا الشعور عند التلاوة، فهل بي مسٌّ

- ‌الوساوس

- ‌يئست من صلاحي

- ‌الوسواس القهري ولا يزال السؤال مستمرا

- ‌والدتي تعاني من كره شديد للأكل

- ‌مشكلة نفسية..؟ أم وسواس

- ‌ذلك الهاجس الشيطاني

- ‌أدعية الوسواس والقلق

- ‌ينتابني وساوس خطيرة

- ‌كيف ننسى الماضي

- ‌مصابة بداء الشك

- ‌مريضة بالوسواس القهري

- ‌أعاني من السلبية والتردد وعدم التركيز

- ‌وساوس تحاصرني

- ‌علاج الوساوس

- ‌الوساوس والإغراق في التفكير تحاصره

- ‌أشعر أنني شريرة

- ‌كيف أحب رسول الله

- ‌كيف أتقي سحرهم

- ‌السحر والمس

- ‌هل أنا مصاب بالجن

- ‌المس…الأعراض والأسباب، الوقاية والعلاج

- ‌هل هذا ساحر

- ‌هل أنا مسحور

- ‌سحروني بطريقة خفية

- ‌هل أنا مسحورة

- ‌الاتهام بعمل السحر

- ‌هل مسَّ الجان ولدي

- ‌أشك أني مسحور

- ‌الجن أسقطوا حملي

- ‌هل بي مسٌّ من الجن

- ‌الحسد…الأسباب/الوقاية والعلاج

- ‌الحسد والعين

- ‌أرواح شريرة

- ‌نفسي تراودني على قتلهم

- ‌الحقد

- ‌قلبي مليء بالغل والحقد فكيف الخلاص

- ‌سوف أنتقم

- ‌كيف أتخلص من الأحقاد

- ‌فكرة الانتقام تؤرقني

- ‌كيف أتغلب على شعوري بالفشل

- ‌الاحباط

- ‌محبط بسبب عملي الجديد

- ‌فشلت في تحقيق الهدف

- ‌الأمور لا تتيسر لي دائماً

- ‌أصبت بالقنوط مما يصيب إخواننا

- ‌وظيفتي.. أحبطتني وأدخلتني في دوامة نفسية

- ‌استغلوا براءتي.. لتدميري

- ‌أنا والفساد الإداري والمالي في عملي

- ‌طموحي يتهشم

- ‌طموحي وغلبة الإحباط

- ‌التغلب على اليأس

- ‌أحلام اليقظة حطمتني

- ‌ابنتي وصعوبة الكلام

- ‌مشكلات النطق

- ‌كيف أتخلص من التلعثم في الكلام

- ‌طفلي.. وصعوبة النطق

- ‌أعاني من النوم أثناء الامتحان

- ‌مشكلات النوم

- ‌الجاثوم يحبس أنفاسي

- ‌غضب وأحلام مزعجة

- ‌الثقة

- ‌الرهبة عند المقابلات الشخصية

- ‌بالنفس

- ‌أتولى المناصب.. ولا أثق بقدراتي

- ‌مشكلتي…عدم الثقة بنفسي

- ‌كيف أتدبر القرآن وأثق بنفسي

- ‌كيف أستعيد ثقتي بنفسي

- ‌ضعيف الثقة بالنفس

- ‌التعامل مع الموظفين الأكبر سناً

- ‌الناس..يحتقرونني

- ‌عدم الثقة بالنفس..حطمني

- ‌طموحي يتهشم

- ‌أعاني من ضعف الثقة بالنفس

- ‌كلهم يحتقرونني

- ‌زوجي مهزوز الثقة بالنفس

- ‌الثقة بالنفس..مرة أخرى

- ‌حكاية الصمت

- ‌هذا الأمر.. أفقدني احترامي لذاتي

- ‌أحب المبادرة.. أكره النقد

- ‌ثقتي بنفسي مهزوزة

- ‌مشكلتي الكبرى.. التردد

- ‌وأنا في هذه الحالة…لا أثق بأصدقائي

- ‌بالآخرين

- ‌فقْدِ الثقة في الرجال، ورفض الخُطّاب

- ‌أساؤوا الظن بي

- ‌أشك في أسرتي

- ‌أختي خانتني، وفقدت ثقتي بالآخرين

- ‌أشك في أختي

- ‌صديقي كثير الشكوك فيمن حوله

- ‌سوء الحفظ.. وكثرة النسيان

- ‌أخرى

- ‌شرود ذهني.. وأرق

- ‌كيف أتخلص من الغيرة

- ‌انتقادات مستفزَّة

- ‌أصبحت انطوائية

- ‌هل أمي مصابة بمرض نفسي

- ‌الديون أثقلت كاهلي

- ‌ملل من الدراسة.. وضغوط الحياة

- ‌أرتبك عندما أتكلم أمام الناس

- ‌أشعر بملل وأفضل الوحدة…وعصبي

- ‌تقلبات نفسية…متعاقبة

- ‌هل أنا مريضة.. نفسياً

- ‌فقدت كل شيء حتى الأمل

- ‌حب الانعزال عن الآخرين

- ‌أحس أنني لا أفكر

- ‌صديقي ومرض الفصام

- ‌أعاني من أمراض نفسية

- ‌أفضل الهروب على المواجهة

- ‌معاناتي تتضاعف عندما أرى معاناة الآخرين

- ‌مشكلة نفسية.. أم عقلية

- ‌فراغ نفسي

- ‌اضطراب وسخط.. على الجميع

- ‌خيال واسع.. ومؤلم

- ‌ثلاث خصال.. تمنعني من إنجاز أموري

- ‌الوسائل المفيدة للحياة السعيدة

- ‌حالتي.. متناقضة

- ‌شخصية سيكوبا تيه

- ‌أعيش تناقضاً في حياتي

- ‌لهذا أكره الرجال

- ‌شكلي لا يعجبني

- ‌التبول غير الإرادي

- ‌تنتابه أحلام اليقظة

- ‌هل أنا فتاة انطوائية وغامضة

- ‌عزيمتي انهزمت

- ‌البرمجة العصبية اللغوية مرة أخرى

- ‌المرض النفسي وضعف الإيمان

- ‌زوجي مريض نفسياً

- ‌تنمية التفكير

- ‌التشتت الفكري.. والضيق يقتلاني

- ‌كثرة السرحان

- ‌همومنا تشغلنا كثيراً

- ‌لأجل ذلك…تجنبتهم

- ‌أعاني من التفكير بالمستقبل

- ‌لقد كرهت مساعدة الناس

- ‌ضغوط نفسية رهيبة.. وعدم توازن

الفصل: ‌فجع بولده ويخاف أن يضعف صبره

‌فُجِعَ بولده ويخاف أن يضعف صبرُه

المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن

باحث شرعي.

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الصبر

التاريخ 19/11/1424هـ

السؤال

السلام عليكم.

توفي لي ولد، وكنت أحبه حباً جما، فتصبرت طمعاً في الأجر من الله، والله لا يخلف الميعاد، لكن بعد مرور ثلاثة أو أربعة أشهر على وفاته أخذت تنتابني موجات من الحزن العميق كلما ذكرته، وأمور لا أستطيع وصفها حتى إنني أتمنى الموت حتى أراه، وغالباً ما ألوم نفسي على ذلك، وأخاف أن يذهب أجر الصبر، ولا أعلم إن كان ذلك من الجزع أم هي مجرد عاطفة الأبوة؟ أتحرج كثيرا من الشكوى للمقربين؛ خوفاً من أن يدخل ذلك في الجزع والتذمر من قدر الله. أرجو منكم توجيهي لما يجب عمله.

وفقكم الله لكل خير.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فبداية أقول لك:"إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب" جزء من حديث متفق عليه عند البخاري (6602) ، ومسلم (923) من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما.

وعن أنس رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر فقال: "اتقي الله واصبري" فقالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم، فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم، فلم تجد عنده بوابين فقالت: لم أعرفك، فقال:"إنما الصبر عند الصدمة الأولى" متفق عليه عند البخاري (1283) ، ومسلم (926) .

فيا أخي الكريم: اصبر واحتسب ابنك عند الله، فإن الله يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب، قال تعالى:"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ"[البقرة:155-157] .

واعلم - وفقني الله وإياك- أنك إذا احتسبت ابنك فسوف يجزيك الله الجزاء الأوفى، أتدري ما هو الجزاء الأوفى؟ إنها الجنة التي أعدها الله لعباده المتقين فيها ما لا عين رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يقول الله - تعالى - ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة" أخرجه البخاري (6424) .

ص: 79

أما ما أنت فيه من حزنك على ابنك، وما يعتريك من ألوان الأسى والحزن كلما هبت عليك رياح ذكراه فهذا من الرحمة التي أودعها الله قلوب عباده، فلقد بكى النبي صلى الله عليه وسلم عند وفاة ابنه إبراهيم انظر ما رواه البخاري (1303) ، ومسلم (2315) من حديث أنس رضي الله عنه وعند وفاة بعض بناته، بل عندما رأى ابن ابنة له يجود بنفسه دمعت عيناه صلى الله عليه وسلم، ولما عوتب في ذلك قال صلى الله عليه وسلم "هذه رحمة جعلها الله - تعالى - في قلوب عباده"، وفي رواية "هذه رحمة جعلها الله - تعالى - في قلوب من شاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء" متفق عليه عند البخاري (1284) ، ومسلم (923) من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه.

ولقد بكت فاطمة رضي الله عنها وأرضاها لما رأت ما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم من سكرات الموت وشدته.

فعن أنس رضي الله عنه قال: لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه الكرب، فقالت فاطمة رضي الله عنها: واكرب أبتاه فقال: "ليس على أبيك كرب بعد اليوم" فلما مات قالت: يا أبتاه أجاب ربا دعاه، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه، فلما دفن قالت فاطمة رضي الله عنها:"يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب" أخرجه البخاري (4462) .

واعلم كذلك أن في صبرك على وفاة ابنك خير عظيم، عن صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له" أخرجه مسلم (2999) .

أما كونك تتمنى الموت من أجل أن ترى ابنك، فهذا لا يجوز لك بحال من الأحوال، فقد ورد النهي عن ذلك.

عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يتمنين أحدكم الموت من ضرِّ أصابه، فإن كان لا بد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي" متفق عليه عند البخاري (5671) ، ومسلم (2680) .

واعلم أن الله إذا أحب عبداً ابتلاه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيراً يصب منه" أخرجه البخاري (5645) .

فعليك أخي الحبيب أن تتحلى بالصبر والتسليم لقضاء الله وقدره، فإن في ذلك الخير العظيم والجزاء الكبير لك في الدنيا والآخرة، قال صلى الله عليه وسلم:"إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط" أخرجه الترمذي (2396) عن أنس رضي الله عنه وقال: حديث حسن.

ولكن إذا اشتد عليك الوجد، وأقبل عليك الحزن، وضاقت عليك الأرض بما رحبت، فعليك بالآتي:

(1)

الجأ إلى الرب - جل وعلا- واسأله أن يرزقك الصبر على ما ابتلاك به، وأن يثبت قلبك ويخلفك خيراً مما فقدت.

(2)

إذا اشتد حزنك لفقد ابنك، فتذكر مصابك بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وصدق من قال:

وهل عدلت يوماً رزية هالك *** رزية يوم مات فيه محمد

وما فقد الماضون مثل محمد *** ولا مثله حتى القيامة يفقد

ص: 80

ولقد أصيب جميع أمته به *** من كان مولوداً ومن لم يولد

والناس كلهم بما قد عالهم*** يرجو شفاعته بذاك المشهد

يا رب فاجمعنا معاً بنبينا *** في جنة تثني عيون الحسد

(3)

إذا تذكرت ابنك وما آل إليه، اعلم بأنك إلى هذا المصير صائر، وإلى تلك النهاية تذهب، وقد صدق الله حيث يقول:"كل نفس ذائقة الموت" الآية [الأنبياء:35] نعم كل نفس ذائقة الموت لا فرق بين صغير وكبير، وعظيم وحقير، ورئيس ومرؤوس، فالكل ذاهب، وكل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام، ولقد كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثيراً ما يتمثل بهذه الأبيات:

لا شيء مما ترى يبقى بشاشته *** يبقى الله ويود المال والولد

لم تغن عن هرمز يوماً خزائنه *** والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا

ولا سليمان إذ تجري الرياح له *** والإنس والجن إليه من كل وافد يفد

حوض هناك مورود بلا كذب *** لا بد من ورده يوماً كما وردوا

(4)

عليك دائماً أن تستشعر عظمة الصبر، وما أعده الله للصابرين من الجنة ونعيمها، وهذا مما يهون عليك كثيراً، واعلم أنه من كمال العبودية لله -جل وعلا- الرضا بالقضاء والصبر على البلاء والتسليم لكل ما يجري عليك من الله - جل وعلا- يقول ابن القيم - رحمه الله تعالى-:(إن للرب على العبد عبوديتان عبودية في الرخاء، وعبودية في الشدة، أما عبودية الرخاء فالشكر، وعبودية الشدة الصبر) ، اهـ.

والصبر هو حبس النفس عن الجزع واللسان عن التسخط، والجوارح عن فعل المحرم من لطم الخدود وشق الجيوب.

(5)

عليك بقراءة سيرة السلف الصالح، وكيف كان حالهم إذا حلَّت بساحتهم المصائب، واعترتهم النكبات.

ص: 81

فقد ثبت في الصحيحين البخاري (5470) ، ومسلم (2144) من حديث أنس رضي الله عنه أنه كان لأبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه ابناً من أم سليم رضي الله عنها،ومرض الغلام مرضاً شديداً، وكان أبو طلحة يتعاهده رضي الله عنه بالسؤال كلما دخل البيت وخرج، وفي يوم من الأيام مات الصبي وأبو طلحة رضي الله عنه خارج البيت، فقالت أم سليم رضي الله عنها: لا تخبروا أبا طلحة رضي الله عنه حتى أكون أول من يخبر به، وجاء أبو طلحة وسأل عن ابنه كعادته، فقالت أم سليم بعد أن دفنت ابنها: هو أهدأ أو أسكن ما يكون، فظن أبو طلحة رضي الله عنه أن الغلام قد عوفي ولم يرد أن يقلقه، وتهيأت أم سليم لزوجها أحسن ما تكون تصنع من قبل، وقربت إليه طعامه، وأصاب منها ما يصيب الرجل من أهله، فلما رأت أنه قد شبع وأصاب قالت: يا أبا طلحة: أرأيت لو أن قوماً أعار عاريتهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا، فقالت: إن ابنك كان عارية من الله وقد استرد الله عاريته، فاحتسب ابنك عند الله يا أبا طلحة، فغضب عليها، وقال لها: تركتيني حتى تلطخت ثم تخبريني بأمر ابني؟ وما زالت به رضي الله عنها حتى هدأ وذهب عنه الغضب واسترجع، ثم غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح، وأخبره بما كان من شأنه وشأن أم سليم رضي الله عنهما فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"بارك الله لكما في ليلتكما" فحملت أم سليم رضي الله عنها بعد ذلك بولد سموه عبد الله، يقول أحد رواة الحديث: فلقد رأيت من صلب هذا الغلام سبعة أو تسعة كلهم حفظوا القرآن.

هذا الحديث ذكرته بالمعنى لتتضح الصورة، فيا أخي الكريم: احتسب ابنك عند الله، فقد استرد الله عاريته.

(6)

عليك بقراءة كتاب برد الأكباد عند فقد الأولاد، وكذلك كتاب لفتة الكبد عند فقد الولد، للإمام ابن الجوزي - رحمه الله تعالى -، وكذلك كتاب عندئذ بكى النبي صلى الله عليه وسلم وهو من تأليفي، وقد جمعت فيه معظم المواقف التي أبكت رسول الله صلى الله عليه وسلم وخصوصاً عند فقد الأحبة كأولاده، وجده وعمه، وأصحابه رضي الله عنهم، وكذلك عند تذكر الأحبة كأمه، وغير ذلك مما تجده مبسوطاً في الكتاب، وكذلك عليك بسماع شريط: كشف الكربة عند فقد الأحبة، لفضيلة الشيخ: علي القرني - حفظه الله تعالى-.

وأخيراً أسأل المولى جلت قدرته أن يرزقك الصبر على فقد ابنك، وأن يجعله لك ولأمه وجاءً من النار، وأن يأخذ بأيديكما إلى الجنة، وأن يكون فرطاً لك ولأمه على الحوض، وأن يرزقكما خيراً منه زكاة وأقرب رحما..إن ربي لطيف مجيب الدعاء. هذا والله أعلم. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ص: 82