الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أعاني من الاكتئاب
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاكتئاب
التاريخ 27/9/1422
السؤال
أنا فتاة عمري تسعة عشرعاما باختصار أعاني من التردد وعدم القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، وأعاني من تشتت الذهن والتفكير بسبب حالة التناقضات التي أعيشها بعد دخولي الجامعة. (تدني تحصيلي الدراسي وعدم القدرة على الحفظ وربط المعلومات، كثيرة النسيان) مع أنني كنت من المتفوقات تحولت من الفتاة المحبة لكل الناس الاجتماعية المبتسمة إلى العبوس المنطوية التي لا تحب أحداً حتى والديها وإخوتها!.
أتمنى السعادة ولكن أخشاها وأخاف من الأحداث المفرحة وأرتاح للبكاء (وهذا الشعور كان لدي في طفولتي وحتى الآن) .
تمنيت أن لو أستطيع الانتحار ولكن أخشى غضب الله ونار جهنم وأتمنى أحياناً أن لو كنت نسياً منسيا.
صرت أخشى التعرف على صديقات، وأتمنى أن لو كنت مع كتبي وحيدة بعيدة عن هذه الدنيا. أشعر بفقدان الثقة في نفسي.
أحياناً لا أود الاستيقاظ من النوم، وأرغب في أن أكمل أحلامي هربا من الحياة الواقعية التي أعيشها.
لا إرادياً أجد نفسي أقلد حركة أو كلمة شخص ما دون قصد مني.. هل أنا مريضة نفسياً أم لا؟ وإن كان هناك دواء يرسم البسمة على ملامحي الكئيبة أرجوكم دلوني عليه.
الجواب
أختي الكريمة.. أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما استشارتك فتعليقي عليها من وجوه:
أولاً: لم تذكري لي شيئاً عن ظروفك الأسرية والاجتماعية.. حتى يكون تصوري للموضوع أكثر شمولية، وأعمق فهما، وبالتالي يكون التشخيص أكثر دقة والإرشاد أكبر نفعاً.. ولكني سأجيب بقدر المستطاع على الجانب النفسي للمشكلة، وآلية التعامل معها.
ثانياً: جميع الحيثيات التي ذكرتِها بدءاً من التردد وعدم وضوح الرؤية وتشتت الذهن وانخفاظ المستوى الدراسي، والعبوس والانطواء، والرغبة في البكاء والوحدة، والهروب من الواقع، والرغبة أحياناً في الانتحار لولا خوف الله وعذاب جهنم كما تقولين.. وفقدان الثقة في النفس.. إلخ.. هي خليط متداخل بعضها سبب وبعضها نتيجة لشيء واحد وهو الاكتئاب..!! فأنت هناـ والله أعلم ـ تعانين من الاكتئاب بشكل واضح أثر على مجمل حياتك الوجدانية والدراسية والاجتماعية بشكل كبير!! .
ثالثاً: ولعلك تتساءلين: وما هو الاكتئاب..؟ وما الكيفية التي أتخلص بها منه..؟! فأقول لك: إن الاكتئاب يعتبر من الأمراض الشائعة نسبياً في العصر الحديث.. إذ تقدر أحدث الدراسات أن نسبة المصابين به بحدود 5% من الرجال و 8% من النساء مع التفاوت في حدته وعمقه من شخص لآخر.. علماً أن هذا المرض لا يقتصر على مجتمع دون آخر أو مرحلة عمرية دون أخرى.. إذ يتصف المصاب به بتقلب المزاج بين الحزن والضجر والاستياء، وربما الحزن العميق والهم والغم، وانعدام الحماس والرغبة لأي شيء وانعدام الثقة بالنفس وتوهم الفشل والشعور بالنقص، ونوبات البكاء الحادة أحياناً، والإجهاد الكبير والتعب.. وربما وصل الأمر إلى التفكير بإنهاء الحياة نسأل الله السلامة!!
رابعاً: لا بد أن نفرق هنا بين الحزن الطبيعي والاكتئاب.. إذ يعتبر الأول شعور مفهوم يصيب الإنسان لسبب أو لآخر نتيجة لموقف أو مشكلة أو مصيبة، ويقل شيئاً فشيئاً حتى يتلاشى.. أما الاكتئاب فهو حزن عميق دائم.. غير مفهوم يؤدي إلى بعض أو كل الأعراض السالفة الذكر.. مع استمرار الشعور الاكتئابي أغلب ساعات اليوم والتغير في الوزن إما بالزيادة أو بالنقص مع قلة ساعات النوم أو زيادتها.!!
خامساً: أما عن أسبابه فإن للعوامل الوراثية أحياناً كتغير كيمياء الجسم دوراً مباشراً في ذلك، وللعوامل البيئية والاجتماعية أيضاً دور.. كما أن لنوع الشخصية أحياناً دوراً في سرعة الإصابة بالاكتئاب وحدتها وعمقها.
سادساً: أما عن العلاج.. فهناك علاج ذاتي يقوم به المريض لمواجهة مثل هذا الأمر.. وقد يحتاج الأمر إلى مراجعة أحد الأطباء النفسيين الذي يقوم عادة بتقديم العلاج النفسي للمريض عبر جلسات الاسترخاء والتنفيس الانفعالي.. وتدعيم الذّات.. وتبصير المريض بواقعه.. إلى غير ذلك من فنيات العلاج النفسي، وقد يحتاج الأمر إلى علاج دوائي.. وهو علاج مجرب ولا يؤدي إلى الإدمان..وله نتائج إيجابية ـ بإذن الله ـ وكل هذا يتوقف على مدى ودرجة الاكتئاب وتعاون المريض واستجابته للتوصيات.
سابعاً: أُذكرك أختي الكريمة بالدور الكبير الذي يمكنك القيام به لمواجهة هذا الأمر عبر قراءة القرآن الكريم.. والإكثار من ذكر الله [ألا بذكر الله تطمئن القلوب] والثقة به.. واليقين بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطاك لم يكن ليصيبك.. مصداقاً للحديث النبوي الشريف.. وكثرة الاستغفار.. حيث جاء في الحديث (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب) .. وتأدية الفروض في أوقاتها، إضافة إلى التفاعل الإيجابي مع محيطك، وعدم الاستسلام لنوبات الاكتئاب والانعزال بل المشاركة في المناسبات الاجتماعية بشكل إيجابي، والتفاعل مع الأقارب والأصدقاء، والخروج من الدائرة الذاتية الضيقة إلى دوائر أخرى أكثر سعة ورحابة، والتفاؤل دائماً بأن مع العسر يسراً.. وبأن فرج الله قريب.
ثامناً: سبق أن تمت الإجابة أكثر من مرة على مشكلة الاكتئاب وستجدين منها في خزانة الاستشارات تحت قسم المشكلات النفسية ـ الاكتئاب ـ " آمل أن تطلعي عليها لمزيد من الفائدة " وفقك الله وشفاك وأعانك، وسدد على طريق الخير خطاك.