المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الثقة بالنفس..مرة أخرى - فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - جـ ٢٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌هل لي من توبة

- ‌الإنترنت.. والفراغ

- ‌التزم فغضب منه أبواه

- ‌أبي لا يحب الملتزمين

- ‌يمنع أولاده الخروج لصلاة الجماعة، فهل هو محق

- ‌أريد الالتزام.. ولكن

- ‌أريد أن أتحجب

- ‌زوجي ووالدي يرفضان الحجاب

- ‌أريد أن أرتدي النقاب ولكن

- ‌أريد أن أعفي لحيتي…ولكن

- ‌أعينونني على صلاة الفجر

- ‌فوجئت بتناقضات الساحة الدعوية

- ‌مشكلات في الرحلات الجماعية

- ‌أريد أن أهتدي ولكن

- ‌أنَّى لي الهداية وهذه بيئتي

- ‌والدي يرفض لبسي للنقاب

- ‌خامساً: قضايا إيمانية

- ‌شفاؤها.. في افتراقنا

- ‌الأخوة في الله وضوابطها

- ‌الحب في الله علاماته وفضله وشروطه

- ‌تريد الإصلاح بين زميلتيها

- ‌أريد الأخوة في الله

- ‌كيف لي بالكور بعد الحور

- ‌وسائل الثبات

- ‌لقد ذهبت تلك الايام..!!! فكيف اعيدها

- ‌وسائل الثبات على دين الله

- ‌التزمتُ ثم عدتُ

- ‌الرجوع إلى المعاصي بعد الحج

- ‌نفسي تتهمني بالرياء

- ‌الإخلاص والرياء

- ‌يأتيني شعور بأني مرائي

- ‌هل أنا منافق

- ‌أنا متناقض.. أفعل الطاعات والمعاصي

- ‌أخاف الرياء.. لكني أحب الثناء

- ‌هل هذا تناقض أم ضعف

- ‌داء العجب والرياء

- ‌يقدموني للصلاة وأخاف الرياء

- ‌هل هذا من الرياء

- ‌هل الغيبة تمنع الخشوع

- ‌الخوف والرجاء

- ‌لا أصلي ولكني أخاف الله

- ‌لذلك فحياتي بلا معنى

- ‌بين قبح السريرة وصلاح الظاهر

- ‌تربية النفس

- ‌ثمرة غض البصر

- ‌أجد في قلبي وحشة وقسوة

- ‌كيف أزداد محبةً للرسول

- ‌أجد في نفسي صدوداً عن العبادة

- ‌أعاني صعوبة في الخشوع في الصلاة

- ‌علاج قسوة القلب

- ‌الأسباب المعينة على تصحيح النية

- ‌أشعر أن كل عبادة أفعلُها لن يقبلها الله

- ‌يعاني سرعة الغضب والشجار مع والديه

- ‌أعاني قسوة قلبي

- ‌أريد أن أقوي إيماني

- ‌لا يهتم بقبول العبادة من عدمه

- ‌لقد قسا قلبي

- ‌الصبر

- ‌الصبر

- ‌فُجِعَ بولده ويخاف أن يضعف صبرُه

- ‌ماذا أفعل مع هذا الملحد

- ‌كثرة الحوادث عقوبة أم ابتلاء

- ‌حائر.. مع أخي

- ‌سؤال الله الصبر

- ‌فترت همتي

- ‌يئست من صلاحي

- ‌نصيحة لمن اهتدى ثم انتكس

- ‌كيف يعالج الفتور الذي انتابه

- ‌أخي يزداد انحرافاً

- ‌أخي قد تغير كثيراً

- ‌زوجي.. تغير كثيرا

- ‌يعتريني الملل بقراءة أوراد السور

- ‌أحاول المواظبة على الجماعة، ولكن

- ‌يعاني فتورًا عن الطاعة

- ‌الخلاص من الغموم، وهموم المستقبل

- ‌الوظيفة أم طلب العلم

- ‌مقترحات لتفعيل دور المساجد

- ‌أسلمن…وأريدهنَّ داعيات

- ‌مقصر في العلم…هل يترك الدعوة

- ‌كيف أكون إيجابياً

- ‌بماذا أبدأ حتى أتقرب لله

- ‌أنكر عليهم وينفرون مني

- ‌أنا عاشقة

- ‌دعوت كثيراً ولم يستجب لي

- ‌كيف أعرض دلائل وجود الله

- ‌علامات النصر والتمكين

- ‌مترددة في التزام الحجاب

- ‌هذه مجالسهن فهل أعتزلهن

- ‌كيف أتخلص من هذه الأمراض

- ‌تتجاذبني في خدمة الإسلام رغبات فوجهوني

- ‌يزدري المسلمين لتخلفهم

- ‌كيفية علاج النسيان

- ‌لا أريد أن أخسر آخرتي أيضاً

- ‌يزعم أننا نعبد الحجر الأسود، فكيف أقنعه

- ‌ماذا يفعل المظلوم

- ‌كيف أحب في الله

- ‌تائه في صحراء الفكر

- ‌أعيدوا لي الأمل في الحياة

- ‌لم أجد لدعائي أثراً

- ‌كيف نستقبل عاماً جديداً

- ‌أسباب الكياسة والعجز

- ‌هؤلاء تصلي عليهم الملائكة

- ‌مناصحة أهل العلم

- ‌استشارات نفسية

- ‌مشكلة الرهبة من التحدث في جموع الناس

- ‌الخجل

- ‌طفلتي خجولة وعنيدة

- ‌خجل وحساسيه

- ‌خجل.. وحساسيه

- ‌أعاني من الخجل الشديد

- ‌أخشى سخرية الآخرين بتديني

- ‌الخجل يمنعني من حقوقي

- ‌الخوف من إمامة الناس في الصلاة

- ‌رهبة الإمامة

- ‌كيف نوظف طاقات هذا الشاب الخجول

- ‌عاطفي جداً تجاه الآخرين

- ‌كيف أتحرر من الخوف

- ‌القلق

- ‌خوف الرياء أتعبني

- ‌أنا…أسير الوساوس والقلق

- ‌توتري..يمنعني من الاتصال بالآخرين

- ‌تخشى من العودة للحرام في الإجازة

- ‌الكآبة والأرق تؤثران على تفكيري

- ‌معاناة نفسية بسبب تخصصي الشرعي

- ‌يعاني من الخوف والتوتر العصبي

- ‌حالي.. وأحلامي.. وتشاؤمي

- ‌أفكر بالانتحار

- ‌أنا أسيرة الكآبة والحزن

- ‌الاكتئاب

- ‌اكتئاب…وهلع!! وأمور أخرى

- ‌أعاني من الاكتئاب

- ‌حزني.. وتشاؤمي قد يدفعاني للهاوية

- ‌نداء.. يائس

- ‌إني مكتئبة..!! ماذا أفعل

- ‌هل نحن في آخر الزمان

- ‌كثير البكاء دائم الحزن على حال الأمة

- ‌الخوف أثر على صحتي

- ‌الخوف والرهاب

- ‌أخاف…وأتحمل أعباء الغير

- ‌خوفي عليهم.. يقتلني

- ‌اضطراب.. وخوف.. وشدة خفقان

- ‌أرتعد وأخاف.. وأشعر بكراهية الناس

- ‌حزني عليها.. وخوفي من الموت

- ‌أرى الموت في كل مكان

- ‌عدم رغبة للأماكن المزدحمة

- ‌الخوف من الناس

- ‌خوفي من قريبي.. يقلقني

- ‌خوف اجتماعي

- ‌لا أستطيع المناقشة

- ‌مرض الخوف

- ‌خائفة من الجن

- ‌الخوف الاجتماعي

- ‌رهاب اجتماعي

- ‌شيء عن الرهاب الاجتماعي

- ‌كيفية التخلص من ضيق النفس والاضطراب والخوف

- ‌خائفة ومترددة

- ‌خوف شديد

- ‌عزلة شبه تامة.. ألم كبير

- ‌الخوف يحيط بي

- ‌أعاني شدة الخوف

- ‌يلازمني هذا الشعور عند التلاوة، فهل بي مسٌّ

- ‌الوساوس

- ‌يئست من صلاحي

- ‌الوسواس القهري ولا يزال السؤال مستمرا

- ‌والدتي تعاني من كره شديد للأكل

- ‌مشكلة نفسية..؟ أم وسواس

- ‌ذلك الهاجس الشيطاني

- ‌أدعية الوسواس والقلق

- ‌ينتابني وساوس خطيرة

- ‌كيف ننسى الماضي

- ‌مصابة بداء الشك

- ‌مريضة بالوسواس القهري

- ‌أعاني من السلبية والتردد وعدم التركيز

- ‌وساوس تحاصرني

- ‌علاج الوساوس

- ‌الوساوس والإغراق في التفكير تحاصره

- ‌أشعر أنني شريرة

- ‌كيف أحب رسول الله

- ‌كيف أتقي سحرهم

- ‌السحر والمس

- ‌هل أنا مصاب بالجن

- ‌المس…الأعراض والأسباب، الوقاية والعلاج

- ‌هل هذا ساحر

- ‌هل أنا مسحور

- ‌سحروني بطريقة خفية

- ‌هل أنا مسحورة

- ‌الاتهام بعمل السحر

- ‌هل مسَّ الجان ولدي

- ‌أشك أني مسحور

- ‌الجن أسقطوا حملي

- ‌هل بي مسٌّ من الجن

- ‌الحسد…الأسباب/الوقاية والعلاج

- ‌الحسد والعين

- ‌أرواح شريرة

- ‌نفسي تراودني على قتلهم

- ‌الحقد

- ‌قلبي مليء بالغل والحقد فكيف الخلاص

- ‌سوف أنتقم

- ‌كيف أتخلص من الأحقاد

- ‌فكرة الانتقام تؤرقني

- ‌كيف أتغلب على شعوري بالفشل

- ‌الاحباط

- ‌محبط بسبب عملي الجديد

- ‌فشلت في تحقيق الهدف

- ‌الأمور لا تتيسر لي دائماً

- ‌أصبت بالقنوط مما يصيب إخواننا

- ‌وظيفتي.. أحبطتني وأدخلتني في دوامة نفسية

- ‌استغلوا براءتي.. لتدميري

- ‌أنا والفساد الإداري والمالي في عملي

- ‌طموحي يتهشم

- ‌طموحي وغلبة الإحباط

- ‌التغلب على اليأس

- ‌أحلام اليقظة حطمتني

- ‌ابنتي وصعوبة الكلام

- ‌مشكلات النطق

- ‌كيف أتخلص من التلعثم في الكلام

- ‌طفلي.. وصعوبة النطق

- ‌أعاني من النوم أثناء الامتحان

- ‌مشكلات النوم

- ‌الجاثوم يحبس أنفاسي

- ‌غضب وأحلام مزعجة

- ‌الثقة

- ‌الرهبة عند المقابلات الشخصية

- ‌بالنفس

- ‌أتولى المناصب.. ولا أثق بقدراتي

- ‌مشكلتي…عدم الثقة بنفسي

- ‌كيف أتدبر القرآن وأثق بنفسي

- ‌كيف أستعيد ثقتي بنفسي

- ‌ضعيف الثقة بالنفس

- ‌التعامل مع الموظفين الأكبر سناً

- ‌الناس..يحتقرونني

- ‌عدم الثقة بالنفس..حطمني

- ‌طموحي يتهشم

- ‌أعاني من ضعف الثقة بالنفس

- ‌كلهم يحتقرونني

- ‌زوجي مهزوز الثقة بالنفس

- ‌الثقة بالنفس..مرة أخرى

- ‌حكاية الصمت

- ‌هذا الأمر.. أفقدني احترامي لذاتي

- ‌أحب المبادرة.. أكره النقد

- ‌ثقتي بنفسي مهزوزة

- ‌مشكلتي الكبرى.. التردد

- ‌وأنا في هذه الحالة…لا أثق بأصدقائي

- ‌بالآخرين

- ‌فقْدِ الثقة في الرجال، ورفض الخُطّاب

- ‌أساؤوا الظن بي

- ‌أشك في أسرتي

- ‌أختي خانتني، وفقدت ثقتي بالآخرين

- ‌أشك في أختي

- ‌صديقي كثير الشكوك فيمن حوله

- ‌سوء الحفظ.. وكثرة النسيان

- ‌أخرى

- ‌شرود ذهني.. وأرق

- ‌كيف أتخلص من الغيرة

- ‌انتقادات مستفزَّة

- ‌أصبحت انطوائية

- ‌هل أمي مصابة بمرض نفسي

- ‌الديون أثقلت كاهلي

- ‌ملل من الدراسة.. وضغوط الحياة

- ‌أرتبك عندما أتكلم أمام الناس

- ‌أشعر بملل وأفضل الوحدة…وعصبي

- ‌تقلبات نفسية…متعاقبة

- ‌هل أنا مريضة.. نفسياً

- ‌فقدت كل شيء حتى الأمل

- ‌حب الانعزال عن الآخرين

- ‌أحس أنني لا أفكر

- ‌صديقي ومرض الفصام

- ‌أعاني من أمراض نفسية

- ‌أفضل الهروب على المواجهة

- ‌معاناتي تتضاعف عندما أرى معاناة الآخرين

- ‌مشكلة نفسية.. أم عقلية

- ‌فراغ نفسي

- ‌اضطراب وسخط.. على الجميع

- ‌خيال واسع.. ومؤلم

- ‌ثلاث خصال.. تمنعني من إنجاز أموري

- ‌الوسائل المفيدة للحياة السعيدة

- ‌حالتي.. متناقضة

- ‌شخصية سيكوبا تيه

- ‌أعيش تناقضاً في حياتي

- ‌لهذا أكره الرجال

- ‌شكلي لا يعجبني

- ‌التبول غير الإرادي

- ‌تنتابه أحلام اليقظة

- ‌هل أنا فتاة انطوائية وغامضة

- ‌عزيمتي انهزمت

- ‌البرمجة العصبية اللغوية مرة أخرى

- ‌المرض النفسي وضعف الإيمان

- ‌زوجي مريض نفسياً

- ‌تنمية التفكير

- ‌التشتت الفكري.. والضيق يقتلاني

- ‌كثرة السرحان

- ‌همومنا تشغلنا كثيراً

- ‌لأجل ذلك…تجنبتهم

- ‌أعاني من التفكير بالمستقبل

- ‌لقد كرهت مساعدة الناس

- ‌ضغوط نفسية رهيبة.. وعدم توازن

الفصل: ‌الثقة بالنفس..مرة أخرى

‌الثقة بالنفس..مرة أخرى

..!!

المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس

التاريخ 2-2-1423

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

أنا فتاة متعلمة جامعية مشكلتي أن ثقتي في نفسي مهزوزة وهذا الأمر يتعبني كثيرا ويجعلني أتردد كثيرا عند اتخاذ أي قرار سواء كان مهما أو تافها، وأي نقد يوجه إلي يشعرني بأنني فاشلة وللأسف فإن أخي الأكبر كثيرا ما يوبخني حتى على أتفه الأخطاء ويشعرني بأني لا زلت غير قادرة على تحمل المسؤولية وأنا الآن لا أحسن التصرف بالفعل في كثير من الأمور رغم محاولاتي الدائمة بأن أرفع من ثقتي بنفسي.

الجواب

أيتها الأخت الكريمة أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-

الثقة بالنفس أمر يكثر الحديث عنه بين الناس عامة والمهتمين بالنفس البشرية خاصة. ولا نستطيع هنا أن نتناول هذا الموضوع على أهميته بالتفصيل ولكن سوف نشير إشارات لعلها تبرز أهم صفاتها لتجسد لنا بذلك مفهوما يسهل معه التعرف على هذه النقطة النفسية التي تهم الجميع، ولعلي أبدأ هنا بالتعريف بأشكال الثقة بالنفس وأصناف الناس فيها ثم أعرج إلى أهم مكوناتها وصفاتها.

والثقة بالنفس نوعان مثلها مثل كثير من الخصائص النفسية إذ هناك نوع فطري وهو أمر يولد مع الإنسان وتكون خاصية الثقة بالنفس مستقرة في تركيبته الشخصية مع أول يوم يهبط فيه إلى هذه الدنيا.

والنوع الثاني هو نوع مكتسب بمعنى أن الإنسان يكتسب خاصية الثقة بالنفس أثناء نموه المبكر ونتيجة لتعامل والديه والمحيطين به في مختلف السلوكيات التربوية والذهنية التي يمر بها أثناء فترة التنشئة. وعلى هذا فيمكن تقسيم الناس هنا وفي مدى ثقتهم بأنفسهم إلى أربعة أصناف هي كالتالي:

الصنف الأول: وهم الذين لديهم خاصية الثقة بالنفس بالفطرة بمعنى أنهم ولدوا وهي مجبولة في شخصياتهم وفي نفس الوقت وجدوا في محيط جيد من الناحية التربوية من خلال الأسرة والمدرسة والجيرة وغيرها حيث قامت هذه المؤسسات بالدور المطلوب وسعت إلى تنمية هذه الخاصية لدى الطفل بالتشجيع وفتح المجال أمامه بدون كوابح محبطة ومهلكة لكل عمل ناجح يقوم به. هذا الصنف أو هذا النوع من الأطفال تكون الثقة بالنفس لديهم في أبهى صورها وأجل صفاتها ولذلك فإن النجاح غالبا بإذن الله ما يكون حليفا لهم سواء في حياتهم المعيشية أو في ممارساتهم وتعاملاتهم مع الآخرين

لا بل إنهم غالبا ما يتميزون بصفة القيادة والسعي نحو معالي الأمور والابتعاد عن سفا سفها ولا يرضون لأنفسهم إلا بالمنازل العالية في إدارتهم لجميع شئون حياتهم.

ص: 405

الصنف الثاني: وهم الذين ولدوا وفيهم جبلة وخاصية الثقة بالنفس، بمعنى أنها مفطورة في نفسيا تهم، فهم هنا مثل الصنف الأول، لكن المشكلة لديهم أن المجتمع المحيط بهم على مختلف مؤسساته بدءا بالوالدين والأسرة والمدرسة والجيرة والأصدقاء وغيرها ونهاية بالمجتمع الكبير الذي يوجدون فيه. هذا المجتمع المحيط بهؤلاء الأطفال أو الأشخاص قد يكون سببا في قتل أو على الأقل بتهميش هذه الخاصية لديهم من خلال المرور بالعديد من التجارب الحياتية التي يواجهون من خلالها التحطيم والاستهزاء والسخرية وكذلك قلة أو انعدام التشجيع والتحفيز لهم فيما يمكن أن يكونوا مبدعين في عمله. مثل هذه البيئة يمكن أن تكون سببا رئيسا في انعدام الثقة لدى الإنسان فينشأ مهزوزا مترددا حتى في اتخاذ أبسط القرارات لديه وهذه نتيجة مباشرة لتلك التربية التي مر بها.

الصنف الثالث: وهم الأشخاص الذين ولدوا ولم توجد لديهم فطريا خاصية الثقة بالنفس ولكنهم ولحسن حظهم نشئوا في جو متميز في تعاملاته معهم وملاحظ لهم ويهتم في تنمية شتى الخصائص النفسية الجيدة لديهم، فلديهم والدان يحرصان على تنمية شعور الثقة بالنفس، يتقبلان منهم الأخطاء ويوجهانها لديهم، حريصان على ملاحظة مسلكهم في طريقة أدائهم لسلوكهم مع أنفسهم ومع الآخرين، والخصائص الجيدة لديهم يحاولان تنميتها أما السيئة فيسعيان إلى تهذيبها فيهم حتى يتم التخلص منها. ويساهم هذا النوع من البيئة المحيطة بالطفل بشكل كبير جدا على زرع الثقة بالنفس وغيرها من الخصائص النفسية الجيدة، حتى وإن كان الطفل قد ولد وهي غير موجودة في تركيبته العقلية والنفسية من الناحية الفطرية.

الصنف الرابع والأخير: وهم أولئك الذين لم توجد لديهم غريزة الثقة بالنفس فطريا بمعنى أنهم ولدوا وتنقصهم هذه الخصلة ولكن المشكلة الأكبر لديهم أنهم نشئوا في مجتمع كما المجتمع لدى الأشخاص من الصنف الثاني، بمعنى أن الجو المحيط والبيئة التي يعيشون في كنفها بيئة ومحيط لا يعلم كيف يتعامل مع شخصيات وأطفال من مثل حالتهم، إن انعدام الوالدين والمربين الحاذقين الذين يمكن أن يستشعروا ويكتشفوا مكامن الخلل لدى مثل هؤلاء الأطفال يميت فرص النجاح في إمكانية زرع الخصائص النفسية الجيدة لديهم فينشئون وهم آخر الركب في مسيرة الحياة ومع المحيطين بهم، كثيرة مشاكلهم النفسية والاضطرابات الحياتية لديهم. هم من فشل إلى فشل آخر، غير راضين عن حالهم في أغلب الأحوال، لا يحبون الاندماج مع الناس بل العزلة هي مكانهم المفضل، تقل نسبة نجاحاتهم في حياتهم العملية فيما بعد بشكل كبير، وقد يتطلب الأمر في بعض الأحوال إلى التعامل مع الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين إن لزم الأمر.

ومن منطلق التصنيف السابق لأنواع الناس وخصائصهم النفسية ندرك هنا مدى أهمية التنشئة التربوية والعناية الأسرية المطلوبة في تعاملها مع أطفالها. فلا يعني وجود الثقة بالنفس مفطورة لدى الإنسان أن الأمر كذلك وأنها لا يمكن أن تقل أو تنعدم بسبب نوعية التنشئة التي عاشها ذلك الإنسان في مرحلة الطفولة.

ص: 406

أيضا لا يعني انعدامها فطريا في مكمن النفس البشرية أنه لا أمل في زرعها في هذه النفس فيما بعد من خلال التربية السلوكية والتنشئة الأسرية.. لا بل هذا ممكن جدا ولكنه يتطلب كما ذكرنا جوا ومحيطا يدرك تماما مدى أهمية وإمكانية زرعها وإيجاد بذرتها لدى الطفل ومن ثم رعايتها حتى ينشأ وتصبح ناضجة ونامية مع نموه.

أمر آخر يتعلق بموضوع الثقة بالنفس ويجهله كثير من الناس حينما يتناولون مثل هذا الموضوع. هذا الأمر هو أن الثقة بالنفس هي منزلة رقيقة تقع بين منازل مختلفة في النفس البشرية والإفراط في الثقة بالنفس يمكن أن ينقلها من منزلتها إلى منزلة الغرور والكبر فتنتقل هذه الخاصية من أمر محمود إلى أمر مكروه ومذموم وللأسف فإن الكثير من الناس وبالتحديد أولئك الذين توجد لديهم ثقة مفرطة بأنفسهم يفشلون في ضبط هذا الفارق الرقيق والدقيق في نفس الوقت بين هذه المنازل فتجده يتكبر ويغتر وهو يظن أنما ذلك هو عين الثقة بالنفس.

وفي الناحية المقابلة وفي سبيل الإفراط في الهروب من هذا المنزلق نجد كثيرا من الناس وبدافع الرغبة في عدم الولوج إلى منزلة الكبر والغرور يبالغ في التواضع إلى حد منزلة الذل أو حتى ممارسة التواضع الكاذب وهو في الحقيقة عملية هروب وقلة في الثقة بالنفس تجعله يتكئ على خاصية التواضع وهي منه بريئة بل ضعف في الشخصية وانعدام في الثقة بالنفس أدى به ذلك إلى ممارسة هذا النوع من السلوكيات لأن التواضع الكاذب لم يكن أبدا حلا لضعف الثقة بالنفس.. لا بل الحل هو المكاشفة الصريحة مع النفس ومعرفة مكامن الخلل ومن ثم السعي الحثيث إلى التعامل معها لانتشالها مما هي قابعة فيه.

ولعله من المفيد أن نشير هنا إلى تساؤل قد يطرحه بعض الناس وهو هل الثقة بالنفس شيء كلي أم هو متجزئ؟ بمعنى هل الإنسان الواثق من نفسه هو كذلك في جميع أموره وشئون حياته أو هو كذلك في بعضها وليس في كلها؟ وكذلك عديم الثقة بنفسه هل تلازمه هذه الخصلة في جميع شئون حياته أم هي فقط عند ممارسته نوعا من التصرفات والسلوكيات؟ وللإجابة على هذا التساؤل يجب أن نعود إلى الأصناف الأربعة من الناس السالفة الذكر وعلى ذلك فإن الواثق من نفسه هو غالبا على هذه الحال في جميع شؤونه إلا أن هذه الخصلة تختلف في قوتها وكمال هيئتها بحسب الظروف والمواقف التي يواجهها الإنسان، فقد يجد الإنسان الواثق من نفسه تزعزعا واهتزازا في شخصيته لم يعهده منها ولكنه وبسبب موقف وتجربة كان قد مر بها أثناء الفترات الأولى من التنشئة جعل خللا لديه في أعماق نفسه ينفجر حالما يمر بموقف مشابه لذلك الموقف فتخور قواه وتهتز ثقته بنفسه نتيجة لذلك فيكون السبب هنا في الحقيقة ليس الضعف في الشخصية بقدر ما هو أثر ذلك الأمر البالغ الذي تركته تلك التجربة الطفولية السابقة.

ص: 407

وفي مقابل هذا النوع من الناس قد نجد إنسانا يغلب عليه انعدام الثقة بالنفس ولكنه في موقف معين نراه تبدو عليه أمارات الواثق المطمئن ولو تأملنا الأمر مليا لربما وجدنا ذلك الشخص قد مر بتجربة مماثلة سابقة وكانت آثارها طيبة جدا في نفسه من ذلك الوقت وكان قد أسترّ بها كثيرا ولذلك تركت هذه الحادثة في نفسيته ذلك الانطباع الجميل فأصبح يشعر بالسعادة والاغتباط والثقة بالنفس عند كل حادثة مشابهة حيث ينتقل معها من عالم العديم الثقة بالنفس ليتحول أثناء القيام بها وممارستها إلى إنسان مختلف تماما من الناحية النفسية.

ولذلك نكرر مرة أخرى ونحن نجد الأهمية الكبيرة التي تمثلها لنا في حياتنا وشخصياتنا وتركيبتنا النفسية تلك البيئة المحيطة بنا من أسرة ومدرسة وجيرة وغيرها من المؤسسات التربوية ضرورة التنبه إلى مدى مساهمتها في استقرار نفسياتنا وتنمية خصائصنا النفسية الجميلة.

حسنا

وها نحن تكلمنا عن الثقة بالنفس وأصناف الناس فيها فإنه.. يتسنّى لنا الآن أن نسأل سؤالاً وهو كيف لنا أن نعرف الثقة بالنفس نفسها؟ ما علاماتها؟ وما أشكالها؟ والسؤال أيضاً مطروح للنقيض من ذلك بمعنى كيفية معرفة انعدام الثقة وما أماراتها؟ وهذه تساؤلات مهمة جداً وضرورية في نفس الوقت لأنها تسمح لنا وتساعدنا على تقييم ذواتنا لتصبح بذلك كالميزان لنا يمكن أن نعرض عليه صفاتنا وسلوكياتنا لنعرف درجة ثقتنا بأنفسنا.

وهنا يمكن أن نصف الواثق من نفسه اختصاراً بعدد من الصفات الجيدة كالإقدام وعدم التردد والقدرة على اتخاذ القرار وتحمل مسؤولية ذلك والاعتداد بالرأي وربما يصل الأمر بعض الأحيان إلى التصلب فيه، لا يخاف من النقد، ليس لديه حساسية زائدة تحسب للدقيق جداً من الأمور بل هم أهل هيبة للناس من غيرهم فلا يخشون المكاشفة والمصارحة في الأمور.

أما عديموا الثقة بالنفس فإن عملية اتخذ القرار هي من أصعب الأمور لديهم، ليس عجزاً في حقيقة ذلك وإنما في الدرجة الأولى خوفاً من النقد وخوفاً من الآخرين وخوفاً من الوقوع في الخطأ ولذلك نجدهم دائماً ما يحرصون على إسناد مثل هذه الأمور إلى الآخرين ليكونوا في مأمن من تبعات ذلك وما يمكن أن تجرهم إليه. نجدهم دائماً ما يحاولون العيش في الظل وفي كنف أناس آخرين وليس في المواجهة أو في المقدمة.

هم حساسون بدرجة مفرطة ربما تمنعهم من القيام بالكثير من الأمور. الواحد منهم يحتاج إلى مدة زمنية طويلة ليتجاوز خطأ أو مشكلة تكون قد مرت به، ويبقى أثرها عالقاً في نفسيته مدة ليست قصيرة.

التردد وضعف الشخصية واضحة في سلوكياتهم، روح الانهزامية أسبق إليهم من الإقدام والصبر والتجلد على مواجهة الآخرين، لا يستطيعون في بعض الأحيان المكاشفة مع الآخرين، نفسيا تهم كثيراً ما تكون كتابا مغلفا وموصدا لا يعرف مكنونه غيرهم بعكس الصنف الأول الذين هم عبارة عن كتابٍ مفتوح حيث ثقتهم بأنفسهم تحول بينهم والخوف من الآخرين.

ص: 408

هذه بعض من الصفات لكلا الصنفين لدينا وإن كنا ندرك أن الناس متفاوتون في درجاتهم فقد لا تجتمع الخصال الحسنة جميعها في الواثق بنفسه كما أنه يمكن أن لا تجتمع الخصال السيئة جميعها في عديم الثقة بالنفس وأصابع اليد كما يقال ليست متساوية بل فيها التفاوت وكذلك النفسيات البشرية ففيها من جمع المولى له أحسن الصفات وأجودها وأكملها ومنهم من جرّده منها ولله في خلقه شؤون وحكم عز وجل.

أما كيف ننمي الثقة بالنفس لدينا فهذا موضوع يمكن أن نتعرض إليه مستقبلاً إن شاء الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 409