المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌تنمية التفكير المجيب د. علي با دحدح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك - فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - جـ ٢٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌هل لي من توبة

- ‌الإنترنت.. والفراغ

- ‌التزم فغضب منه أبواه

- ‌أبي لا يحب الملتزمين

- ‌يمنع أولاده الخروج لصلاة الجماعة، فهل هو محق

- ‌أريد الالتزام.. ولكن

- ‌أريد أن أتحجب

- ‌زوجي ووالدي يرفضان الحجاب

- ‌أريد أن أرتدي النقاب ولكن

- ‌أريد أن أعفي لحيتي…ولكن

- ‌أعينونني على صلاة الفجر

- ‌فوجئت بتناقضات الساحة الدعوية

- ‌مشكلات في الرحلات الجماعية

- ‌أريد أن أهتدي ولكن

- ‌أنَّى لي الهداية وهذه بيئتي

- ‌والدي يرفض لبسي للنقاب

- ‌خامساً: قضايا إيمانية

- ‌شفاؤها.. في افتراقنا

- ‌الأخوة في الله وضوابطها

- ‌الحب في الله علاماته وفضله وشروطه

- ‌تريد الإصلاح بين زميلتيها

- ‌أريد الأخوة في الله

- ‌كيف لي بالكور بعد الحور

- ‌وسائل الثبات

- ‌لقد ذهبت تلك الايام..!!! فكيف اعيدها

- ‌وسائل الثبات على دين الله

- ‌التزمتُ ثم عدتُ

- ‌الرجوع إلى المعاصي بعد الحج

- ‌نفسي تتهمني بالرياء

- ‌الإخلاص والرياء

- ‌يأتيني شعور بأني مرائي

- ‌هل أنا منافق

- ‌أنا متناقض.. أفعل الطاعات والمعاصي

- ‌أخاف الرياء.. لكني أحب الثناء

- ‌هل هذا تناقض أم ضعف

- ‌داء العجب والرياء

- ‌يقدموني للصلاة وأخاف الرياء

- ‌هل هذا من الرياء

- ‌هل الغيبة تمنع الخشوع

- ‌الخوف والرجاء

- ‌لا أصلي ولكني أخاف الله

- ‌لذلك فحياتي بلا معنى

- ‌بين قبح السريرة وصلاح الظاهر

- ‌تربية النفس

- ‌ثمرة غض البصر

- ‌أجد في قلبي وحشة وقسوة

- ‌كيف أزداد محبةً للرسول

- ‌أجد في نفسي صدوداً عن العبادة

- ‌أعاني صعوبة في الخشوع في الصلاة

- ‌علاج قسوة القلب

- ‌الأسباب المعينة على تصحيح النية

- ‌أشعر أن كل عبادة أفعلُها لن يقبلها الله

- ‌يعاني سرعة الغضب والشجار مع والديه

- ‌أعاني قسوة قلبي

- ‌أريد أن أقوي إيماني

- ‌لا يهتم بقبول العبادة من عدمه

- ‌لقد قسا قلبي

- ‌الصبر

- ‌الصبر

- ‌فُجِعَ بولده ويخاف أن يضعف صبرُه

- ‌ماذا أفعل مع هذا الملحد

- ‌كثرة الحوادث عقوبة أم ابتلاء

- ‌حائر.. مع أخي

- ‌سؤال الله الصبر

- ‌فترت همتي

- ‌يئست من صلاحي

- ‌نصيحة لمن اهتدى ثم انتكس

- ‌كيف يعالج الفتور الذي انتابه

- ‌أخي يزداد انحرافاً

- ‌أخي قد تغير كثيراً

- ‌زوجي.. تغير كثيرا

- ‌يعتريني الملل بقراءة أوراد السور

- ‌أحاول المواظبة على الجماعة، ولكن

- ‌يعاني فتورًا عن الطاعة

- ‌الخلاص من الغموم، وهموم المستقبل

- ‌الوظيفة أم طلب العلم

- ‌مقترحات لتفعيل دور المساجد

- ‌أسلمن…وأريدهنَّ داعيات

- ‌مقصر في العلم…هل يترك الدعوة

- ‌كيف أكون إيجابياً

- ‌بماذا أبدأ حتى أتقرب لله

- ‌أنكر عليهم وينفرون مني

- ‌أنا عاشقة

- ‌دعوت كثيراً ولم يستجب لي

- ‌كيف أعرض دلائل وجود الله

- ‌علامات النصر والتمكين

- ‌مترددة في التزام الحجاب

- ‌هذه مجالسهن فهل أعتزلهن

- ‌كيف أتخلص من هذه الأمراض

- ‌تتجاذبني في خدمة الإسلام رغبات فوجهوني

- ‌يزدري المسلمين لتخلفهم

- ‌كيفية علاج النسيان

- ‌لا أريد أن أخسر آخرتي أيضاً

- ‌يزعم أننا نعبد الحجر الأسود، فكيف أقنعه

- ‌ماذا يفعل المظلوم

- ‌كيف أحب في الله

- ‌تائه في صحراء الفكر

- ‌أعيدوا لي الأمل في الحياة

- ‌لم أجد لدعائي أثراً

- ‌كيف نستقبل عاماً جديداً

- ‌أسباب الكياسة والعجز

- ‌هؤلاء تصلي عليهم الملائكة

- ‌مناصحة أهل العلم

- ‌استشارات نفسية

- ‌مشكلة الرهبة من التحدث في جموع الناس

- ‌الخجل

- ‌طفلتي خجولة وعنيدة

- ‌خجل وحساسيه

- ‌خجل.. وحساسيه

- ‌أعاني من الخجل الشديد

- ‌أخشى سخرية الآخرين بتديني

- ‌الخجل يمنعني من حقوقي

- ‌الخوف من إمامة الناس في الصلاة

- ‌رهبة الإمامة

- ‌كيف نوظف طاقات هذا الشاب الخجول

- ‌عاطفي جداً تجاه الآخرين

- ‌كيف أتحرر من الخوف

- ‌القلق

- ‌خوف الرياء أتعبني

- ‌أنا…أسير الوساوس والقلق

- ‌توتري..يمنعني من الاتصال بالآخرين

- ‌تخشى من العودة للحرام في الإجازة

- ‌الكآبة والأرق تؤثران على تفكيري

- ‌معاناة نفسية بسبب تخصصي الشرعي

- ‌يعاني من الخوف والتوتر العصبي

- ‌حالي.. وأحلامي.. وتشاؤمي

- ‌أفكر بالانتحار

- ‌أنا أسيرة الكآبة والحزن

- ‌الاكتئاب

- ‌اكتئاب…وهلع!! وأمور أخرى

- ‌أعاني من الاكتئاب

- ‌حزني.. وتشاؤمي قد يدفعاني للهاوية

- ‌نداء.. يائس

- ‌إني مكتئبة..!! ماذا أفعل

- ‌هل نحن في آخر الزمان

- ‌كثير البكاء دائم الحزن على حال الأمة

- ‌الخوف أثر على صحتي

- ‌الخوف والرهاب

- ‌أخاف…وأتحمل أعباء الغير

- ‌خوفي عليهم.. يقتلني

- ‌اضطراب.. وخوف.. وشدة خفقان

- ‌أرتعد وأخاف.. وأشعر بكراهية الناس

- ‌حزني عليها.. وخوفي من الموت

- ‌أرى الموت في كل مكان

- ‌عدم رغبة للأماكن المزدحمة

- ‌الخوف من الناس

- ‌خوفي من قريبي.. يقلقني

- ‌خوف اجتماعي

- ‌لا أستطيع المناقشة

- ‌مرض الخوف

- ‌خائفة من الجن

- ‌الخوف الاجتماعي

- ‌رهاب اجتماعي

- ‌شيء عن الرهاب الاجتماعي

- ‌كيفية التخلص من ضيق النفس والاضطراب والخوف

- ‌خائفة ومترددة

- ‌خوف شديد

- ‌عزلة شبه تامة.. ألم كبير

- ‌الخوف يحيط بي

- ‌أعاني شدة الخوف

- ‌يلازمني هذا الشعور عند التلاوة، فهل بي مسٌّ

- ‌الوساوس

- ‌يئست من صلاحي

- ‌الوسواس القهري ولا يزال السؤال مستمرا

- ‌والدتي تعاني من كره شديد للأكل

- ‌مشكلة نفسية..؟ أم وسواس

- ‌ذلك الهاجس الشيطاني

- ‌أدعية الوسواس والقلق

- ‌ينتابني وساوس خطيرة

- ‌كيف ننسى الماضي

- ‌مصابة بداء الشك

- ‌مريضة بالوسواس القهري

- ‌أعاني من السلبية والتردد وعدم التركيز

- ‌وساوس تحاصرني

- ‌علاج الوساوس

- ‌الوساوس والإغراق في التفكير تحاصره

- ‌أشعر أنني شريرة

- ‌كيف أحب رسول الله

- ‌كيف أتقي سحرهم

- ‌السحر والمس

- ‌هل أنا مصاب بالجن

- ‌المس…الأعراض والأسباب، الوقاية والعلاج

- ‌هل هذا ساحر

- ‌هل أنا مسحور

- ‌سحروني بطريقة خفية

- ‌هل أنا مسحورة

- ‌الاتهام بعمل السحر

- ‌هل مسَّ الجان ولدي

- ‌أشك أني مسحور

- ‌الجن أسقطوا حملي

- ‌هل بي مسٌّ من الجن

- ‌الحسد…الأسباب/الوقاية والعلاج

- ‌الحسد والعين

- ‌أرواح شريرة

- ‌نفسي تراودني على قتلهم

- ‌الحقد

- ‌قلبي مليء بالغل والحقد فكيف الخلاص

- ‌سوف أنتقم

- ‌كيف أتخلص من الأحقاد

- ‌فكرة الانتقام تؤرقني

- ‌كيف أتغلب على شعوري بالفشل

- ‌الاحباط

- ‌محبط بسبب عملي الجديد

- ‌فشلت في تحقيق الهدف

- ‌الأمور لا تتيسر لي دائماً

- ‌أصبت بالقنوط مما يصيب إخواننا

- ‌وظيفتي.. أحبطتني وأدخلتني في دوامة نفسية

- ‌استغلوا براءتي.. لتدميري

- ‌أنا والفساد الإداري والمالي في عملي

- ‌طموحي يتهشم

- ‌طموحي وغلبة الإحباط

- ‌التغلب على اليأس

- ‌أحلام اليقظة حطمتني

- ‌ابنتي وصعوبة الكلام

- ‌مشكلات النطق

- ‌كيف أتخلص من التلعثم في الكلام

- ‌طفلي.. وصعوبة النطق

- ‌أعاني من النوم أثناء الامتحان

- ‌مشكلات النوم

- ‌الجاثوم يحبس أنفاسي

- ‌غضب وأحلام مزعجة

- ‌الثقة

- ‌الرهبة عند المقابلات الشخصية

- ‌بالنفس

- ‌أتولى المناصب.. ولا أثق بقدراتي

- ‌مشكلتي…عدم الثقة بنفسي

- ‌كيف أتدبر القرآن وأثق بنفسي

- ‌كيف أستعيد ثقتي بنفسي

- ‌ضعيف الثقة بالنفس

- ‌التعامل مع الموظفين الأكبر سناً

- ‌الناس..يحتقرونني

- ‌عدم الثقة بالنفس..حطمني

- ‌طموحي يتهشم

- ‌أعاني من ضعف الثقة بالنفس

- ‌كلهم يحتقرونني

- ‌زوجي مهزوز الثقة بالنفس

- ‌الثقة بالنفس..مرة أخرى

- ‌حكاية الصمت

- ‌هذا الأمر.. أفقدني احترامي لذاتي

- ‌أحب المبادرة.. أكره النقد

- ‌ثقتي بنفسي مهزوزة

- ‌مشكلتي الكبرى.. التردد

- ‌وأنا في هذه الحالة…لا أثق بأصدقائي

- ‌بالآخرين

- ‌فقْدِ الثقة في الرجال، ورفض الخُطّاب

- ‌أساؤوا الظن بي

- ‌أشك في أسرتي

- ‌أختي خانتني، وفقدت ثقتي بالآخرين

- ‌أشك في أختي

- ‌صديقي كثير الشكوك فيمن حوله

- ‌سوء الحفظ.. وكثرة النسيان

- ‌أخرى

- ‌شرود ذهني.. وأرق

- ‌كيف أتخلص من الغيرة

- ‌انتقادات مستفزَّة

- ‌أصبحت انطوائية

- ‌هل أمي مصابة بمرض نفسي

- ‌الديون أثقلت كاهلي

- ‌ملل من الدراسة.. وضغوط الحياة

- ‌أرتبك عندما أتكلم أمام الناس

- ‌أشعر بملل وأفضل الوحدة…وعصبي

- ‌تقلبات نفسية…متعاقبة

- ‌هل أنا مريضة.. نفسياً

- ‌فقدت كل شيء حتى الأمل

- ‌حب الانعزال عن الآخرين

- ‌أحس أنني لا أفكر

- ‌صديقي ومرض الفصام

- ‌أعاني من أمراض نفسية

- ‌أفضل الهروب على المواجهة

- ‌معاناتي تتضاعف عندما أرى معاناة الآخرين

- ‌مشكلة نفسية.. أم عقلية

- ‌فراغ نفسي

- ‌اضطراب وسخط.. على الجميع

- ‌خيال واسع.. ومؤلم

- ‌ثلاث خصال.. تمنعني من إنجاز أموري

- ‌الوسائل المفيدة للحياة السعيدة

- ‌حالتي.. متناقضة

- ‌شخصية سيكوبا تيه

- ‌أعيش تناقضاً في حياتي

- ‌لهذا أكره الرجال

- ‌شكلي لا يعجبني

- ‌التبول غير الإرادي

- ‌تنتابه أحلام اليقظة

- ‌هل أنا فتاة انطوائية وغامضة

- ‌عزيمتي انهزمت

- ‌البرمجة العصبية اللغوية مرة أخرى

- ‌المرض النفسي وضعف الإيمان

- ‌زوجي مريض نفسياً

- ‌تنمية التفكير

- ‌التشتت الفكري.. والضيق يقتلاني

- ‌كثرة السرحان

- ‌همومنا تشغلنا كثيراً

- ‌لأجل ذلك…تجنبتهم

- ‌أعاني من التفكير بالمستقبل

- ‌لقد كرهت مساعدة الناس

- ‌ضغوط نفسية رهيبة.. وعدم توازن

الفصل: ‌ ‌تنمية التفكير المجيب د. علي با دحدح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك

‌تنمية التفكير

المجيب د. علي با دحدح

عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة.

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى

التاريخ 1/1/1425هـ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فضيلة الشيخ: أنا دائماً أفكر كثيراً، أريد أن أخرج من هذا التفكير بشيء إيجابي، لكن أحس أن تفكيري محدود جداً، فإذا فكرت مثلاً في قضية من قضايا الأمة، أو مشروع من مشاريعها لا أصل إلى المطلوب أو حتى الجزء أو النتيجة؟ فأرجو توجيهي إلى ضوابط التفكير وكيف يفكر الإنسان تفكيراً صحيحاً؟ وكيف ينتج ويكون

إيجابياً؟ -وجزاكم الله خيراً-.

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:

فإن السائل مشكور على عنايته بأحوال أمته وتفكيره في إيجاد حلول لقضاياها أو تبني مشروعات نافعة لنهضتها، فهذا أمر محمود وله دلالات منها:

(1)

الغيرة الإيمانية على الأحوال السلبية في الأمة الإسلامية.

(2)

المتابعة والتعرف على أحوال وقضايا الأمة الإسلامية.

(3)

النفسية الإيجابية المقاومة لأسباب الضعف.

ومن هنا فإن السائل ينبغي له أن يتفاءل، وألا يجعل لليأس طريقاً إلى نفسه، فإنه وإن لم يصل إلى نتيجة جيدة فإن مجرد تفكيره إيجابي، وإن استمرار تفكيره سيوصله إلى نتائج إيجابية - بإذن الله تعالى- وسؤاله يدل على رغبته الأكيدة في تلمس الطريق الصحيح إلى التفكير المثمر.

باختصار شديد يمكن أن نخلص عملية التفكير في ثلاثة عناصر هي: وجود المعلومات والخبرات المنظمة، ثم استخدام هذه المعلومات والخبرات في معرفة الواقع، وتشخيصه والوصول إلى الأسباب وتحليل الظواهر، ثم تحويل الدراسة والتحليل إلى حلول عملية للمشكلات، وأسس علمية للنهضة والإصلاح، ونلخص أهمية وفائدة التفكير في هذه النقاط:

التفكير ضرورة إنسانية: لأن المزية الكبرى للإنسان هي العقل المفكر، وكما هي الحاجة والمنفعة في استخدام الجوارح المختلفة من بصر وسمع ونحوها، فكذلك- من باب أولى- استخدام العقل وتشغيله.

التفكير دعوة قرآنية: فآيات القرآن مليئة بالدعوة إلى التفكر والتدبر في الآيات المسطورة، والآيات المنظورة، "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون" [النحل: 44] .

التفكير بداية عملية: فإن كل مشكلة تعرض، وكل عمل يبدأ، وكل أمل يشرق لا يمكن أن يترجم إلى عمل إلا بالبدء بالتفكير والانطلاق منه.

التفكير آلية إنتاجية: فإن حل المشكلات أو إطلاق المبادرات، قد يكون سحابة صيف عابرة مرتبطة بذوات الأشخاص، أو بتوفير ظروف معينة، لكن عندما يتحول التفكير إلى ثقافة وممارسة منهجية فإنه يصبح قاراً على التفاعل الإيجابي الدائم الذي لا يكون مجرد رد فعل، بل يؤسس للتعامل مع التوقعات قبل حدوثها.

التفكير روح إيجابية: لأن اليأس قد سرى إلى بعض النفوس، والإحباط قد أحاط بكثير من الناس، فإذا انطلقت الدعوة للتفكير، وبدأت تؤتي ثمارها، أشعلت نور الأمل من جديد، وأعادت الثقة للنفوس لتواصل مسيرتها وجهادها في الإصلاح والتطوير.

وكذلك هذه خلاصة لأنواع التفكير المنشود

ص: 481

التفكير العام: وهو الذي يعنى بالشأن العام للأمة، وليس مقتصراً على التفكير في الشؤون الخاصة للأشخاص أو المؤسسات، فهذا يحظى بعناية أربابه؛ لما يحقق لهم من مصالح، وقد نجد نماذج متميزة تفكر في أمورها الخاصة بكفاءة عالية، ويهمنا كيف نستثمر تفكيرها في الأحوال العامة للأمة.

التفكير الشمولي: وهو الذي يتناول المسائل من جميع جوانبها، ويفكر في جميع ما يتصل بها، فالتداخل في عالم اليوم جعل العلاقات متشابكة، فالاقتصاد يؤثر على السياسة، والسياسة ترتبط بالإعلام، وكل من الاقتصاد والإعلام ينعكس على المجتمع وهكذا، ومن ثم لا بد أن يكون التفكير شاملاً لجميع العلاقات والتداخلات المتصلة بالموضوعات.

التفكير المتخصص: ونحن في عصر التخصص الدقيق، فإنه ينبغي أن يعطى التخصص حقه وقدره، وأن تحال كل قضية للمتخصصين؛ لئلا يتصدى لها من لا يحسنها؛ ولئلا تتكرر مآسي واقعنا في وجود مسؤولين على رأس وزارات في غير تخصصاتهم، فالصحة مسئولها متخصص في الجيولوجيا، والصناعة مسئولها متخصص في النحو، وهكذا.

التفكير الواقعي: إذ التفكير يبدأ من معلومات الواقع أساساً، والواقعية تبتعد عن الأحلام والخيالات، وعن المزايدات والمبالغات، ولكنها في الوقت نفسه لا تستسلم للواقع، بل هي تهدف إلى تغييره والتغلب على مشكلاته، وسلبياته، ومن ثم فإن الواقعية ليست قيداً يحد من التفكير، ويحول دون التغيير، كما قد يفهم بعض الناس، ويلحق بالواقعية المرونة التي لا تحمل على التصورات والحلول الآحادية، بل تضع التوقعات وتحسب حساب ردود الأفعال، ومنها إيجاد البدائل وتنويع الحلول والوسائل.

التفكير التكاملي: وهو التفكير الذي تتكامل فيه الجهود، وتتضافر فيه الطاقات، ولا يكرر فيه ما سبق التفكير فيه بل يبنى عليه، ولا يكون التكامل إلا إذا وجد مبدأ التعاون، وكان هو روح العمل وأساسه، ثم إن الجوانب التخصصية المختلفة لا بد من جمعها، والتأليف بينها؛ لأن التداخل والتأثير بين الجوانب المختلفة يوجب ذلك.

ص: 482

وحتى يكون التفكير منهجياً صائباً فإنه لا بد أن يبنى على اليقين لا الظن "إن الظن لا يغني من الحق شيئاً"[يونس:36]، وعلى التثبت لا التخرص "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" [الحجرات: 6] ، ويجب أن يقوم على الحق لا الهوى "قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين" [الأنعام: 56] ، ولا مناص أن يكون أساسه الصدق لا التلون، والصراحة لا المداراة، وبعيداً عن النفعية البراغماتية، والميكافيلية التحايلية، فالغاية لا تبرر الوسيلة "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين" [التوبة: 119] ،ويلزم أن يعتمد التفكير على الدقة والتفصيل لا على الإجمال والتعميم، والمعلومات الدقيقة أساس التفكير والتخطيط، وفي قصة يوسف عليه السلام إشارة ودلالة "قال تزرعون سبع سنين دأباً فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون. ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلاً مما تحصنون. ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون" [يوسف: 47-49] ، وأخيراً لا تتحقق الجدوى الكاملة إلا بأن يكون التفكير عملاً مؤسسياً لا يعتمد كلياً على الأشخاص، وإن كان يقدر أدوارهم ويستثمر خبراتهم، فالأصل هو المنهج لا الأشخاص، والقضايا لا الأفراد، والنظام المنهجي لا المزاج الشخصي.

ولا بد من إدراك أن الطريق إلى إحياء التفكير وجدية العمل، ودقة التخطيط، وأمانة التنفيذ، وكفاءة الأداء كل ذلك طريقه ملئ بالعقبات الداخلية والخارجية، فهناك الروح الانهزامية المستسلمة لتفوق الغير، وهناك العقلية النمطية الرافضة لمبدأ التغيير والتجديد، وهناك مراكز القوى النفعية التي تقوم مصالحها على الارتباط بالأجنبي، وهناك بيروقراطية الأداء في الأجهزة الحكومية، بل والخاصة أحياناً، وهناك أرباب النفوذ السياسي في الطبقات الحاكمة التي لا ترى لغيرها حقاً أو إمكانية في الإنتاج والإنجاز، هذا فضلاً عن الإغراق في الملهيات، والاستغال بالتفاهات، ولا ينبغي نسيان استهداف الأعداء لمنع عجلة التطور من الدوران؛ لأنها أكبر خطر على مصالحهم، ويزعزع نفوذهم، ولكن كل ذلك ينبغي أن يكون - لدى العقلاء والمخلصين- زاداً للتحدي وعوامل للإصرار حتى نتحرك شيئاً فشيئاً في مقاومة تلك العوائق، ونتقدم الخطوات الأولى في مسيرة آلاف الأميال نحو اليقظة والنهضة.

وليعلم السائل أن التفكير الذي أثمر مشروعات، وأعمالاً كبرى إنما جاء من أشخاص لهم علم واسع، وخبرة عميقة، وتجارب متتابعة، وتعاون إيجابي مع الآخرين؛ ولذلك أنصح بمواصلة التفكير، والبحث عن مخارج الأزمات، وحلول المشكلات، ومشروعات الإصلاح مع الاستفادة بما سبق ذكره، وأحب أن أوصي السائل بهذه الخطوات العملية:

(1)

القراءة والتدبر في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم-والصحابة عموماً والخلفاء الراشدين منهم خصوصاً رضي الله عنهم جميعاً-، وذلك بالنظر في عبقريتهم الذهنية وقوتهم النفسية، وإبداعاتهم العملية، ويمكن التركيز على بعض الكتب التي تعتمد مبدأ التحليل ودراسة جوانب التفكير، والفوائد من سيرتهم.

ص: 483

(2)

القراءة في سير أعلام المسلمين في العصور المتأخرة الذين واجهوا الاستعمار، وقاوموا الانحراف، وأسسوا مشروعات، وحركات كان لها أثرها البارز، ودورها الكبير في حياة مجتمعاتهم المحلية، بل وعلى مستوى الأمة الإسلامية من أمثال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية، والشيخ عبد الحميد بن باديس في الجزائر، والشيخ حسن البنا في مصر، والشيخ أبو الأعلى المودودي في الهند وباكستان، وغيرهم، وفي سيرهم وجهودهم كتب كثيرة، وهناك كتاب حافل بسير عدد كبير من الأعلام الذين لهم إسهامات في نهضة الأمة وهو كتاب (النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين) د. محمد رجب البيومي.

(3)

القراءة في كتب التفكير الصحيح والإبداع من وجهة النظر الإسلامية مثل الكتب التالية: (التفكير بداية الطريق إلى النهضة الإسلامية، د. محمود الخالدي، التفكير العلمي، د. فؤاد زكريا، حتى لا تكون كلاً، د. عوض القرني، خطوة نحو التفكير القويم، د. عبد الكريم بكار، فصول في التفكير الموضوعي، د/ عبد الكريم بكار، التفكير الإبداعي، د. عبد الله الصافي) .

(4)

القراءة المتخصصة في أحوال الأمة من خلال الدراسات الموضوعية أو الجغرافية التي قد تعنى بدراسة أحوال الاقتصاد مثلاً، أو أحوال بلد معين.

(5)

حضور بعض الدورات في التفكير والإبداع وطرائقهما مثل دورات التفكير الإبداعي، القبعات الست، وغيرها.

(6)

مقابلة أهل العلم والدعوة وأهل الفكر، والرأي البارزين في المجتمع ممن لهم كلمة مسموعة، وآراء متميزة؛ وذلك لمجالستهم ومساءلتهم والاستفادة من تجاربهم.

(7)

الاستعانة بالاستقامة والدعاء لله عز وجل بالتوفيق لما يحبه ويرضاه، وما ينفع البلاد والعباد، مع استحضار أهمية التجرد والإخلاص.

والله أسأل أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 484