الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أريد أن أهتدي ولكن
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية
التاريخ 22/12/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد التكرم منكم وأريد حلاً، أنا شخص أريد أن أهتدي لله، لكن لا أعرف كيف، كل ما أبدأ أصلي يوسوس لي الشيطان وأترك الصلاة، فمرت علي مدة ما دخلت فيها المسجد حوالي أربع سنين، وأريد حلاً عاجلاً لو تكرمتم.
الجواب
أخي الفاضل -سلمه الله-: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
فأشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، وحرصك على أمر دينك، وأرجو الله أن تجد مني النفع والفائدة.
أولاً- أحب أن أهنئك على الاعتراف بالتقصير في حق ربك، وشعورك بالذنب فإن هذا يعد أول خطوة صحيحة لتغيير الذات من حال سيئ إلى حال حسن، لا سيما إذا اتبع ذلك بخطوات عملية جادة للاستقامة والصلاح، ونحمد الله -تعالى- أن حبّب إليك الهداية وتلك نعمة عظيمة تتطلب من صاحبها رعايتها والحفاظ عليها.
ثانياً: من الخطأ أن تسيء الظن بنفسك وأنك لن تلتزم حقيقة، على العكس أنت مهيأ كثيراً للالتزام، وفيك خير كثير، وبإمكانك أن تكون من خير الناس إذا صدقت مع الله وأقبلت عليه بفعل ما يحب وترك ما يبغض ويكره.
ثالثاً: عليك بكثرة الدعاء والسؤال واللجوء إلى الله أن يصرف قلبك إلى طاعته بصدق، وأن يعلق قلبك به سبحانه، وأن يعينك على الاستقامة الحقة.
رابعاً: اعلم أن النجاة في الدنيا والآخرة والتوفيق والسداد متوقف على مدى استقامتك على دين الله تعالى، وقد أمر الله عز وجل عباده بالاستقامة في غير ما موطن في كتابه للتأكيد على وجوبها وأهميتها في حياة المسلم، قال تعالى:"فاستقم كما أمرت ومن تاب معك"[هود:112]، وقال:"فاستقيموا إليه واستغفروه"[فصلت:6]، وقال في بيان عاقبة الاستقامة:"إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون"[فصلت:30] ، فذكِّر نفسك بهذا لتتقوى على الاستقامة الجادة، ومن تلك الاستقامة أداء الفرائض والواجبات.
خامساً: تذكَّر عاقبة الذنب على صاحبه، فإن له شؤماً قد يكون مدمراً لحياة الإنسان وآخرته، فاحذر الاستهانة به، خاصة التهاون بأمر الله -تعالى- لا سيما الصلاة؛ فإنها عمود الدين ولا حظ للإنسان في دين الإسلام إذا لم يصل.
سادساً: ثم ماذا لو كان عاقبة ذنوبك أن الله قلب حبك للهداية إلى كرهك لها، ماذا أنت فاعل؟ قد يصل بك الأمر إلى الخروج من الدين بالكلية، ألا يسوؤك أن ينقلب قلبك إلى ذلك، وتكون من الذين بدلوا نعمة الله عليك كفرا، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟.
سابعاً: أكثر من ذكر أحوال القبر والآخرة، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم; كما عند الترمذي (2307) ، وابن ماجه (4258) ، والنسائي (1824)، وابن حبان (2992) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكثروا ذكر هاذم - بالذال وهو القاطع - اللذات الموت"، وقوله صلى الله عليه وسلم; كما في صحيح ابن حبان (2993) عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أكثروا ذكر هاذم اللذات فما ذكره عبد قط وهو في ضيق إلا وسعه عليه ولا ذكره وهو في سعة إلا ضيقه عليه".
قال العلماء: ينبغي لمن أراد علاج قلبه وانقياده بسلاسل القهر إلى طاعة ربه أن يكثر من ذكر هاذم اللذات، ومفرق الجماعات، ومؤتم البنين والبنات، ويواظب على مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين، فهذه ثلاثة أمور ينبغي لمن قسا قلبه ولزمه ذنبه أن يستعين بها على دواء دائه، ويستصرخ بها على فتن الشيطان وأعوانه، فإن انتفع بالإكثار من ذكر الموت وانجلت به قساوة قلبه فذاك، وإن عظم عليه ران قلبه واستحكمت فيه دواعي الذنب، فإن مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين تبلغ في دفع ذلك ما لا يبلغه الأول؛ لأن ذكر الموت إخبار للقلب بما إليه المصير، وقائم له مقام التخويف والتحذير.
ثامناً: حاول الاطلاع الكثير على أحوال المسلمين المضطهدين والمشردين والمعذبين والفقراء والمساكين الذين يتعرضون للحروب والقهر والظلم من أعداء المسلمين، ثم حاول أن تساهم في التخفيف عليهم والسعي في إعانة القريبين منهم لك في بلدك أو حولك، فإن في ذلك علاجاً للقلب وإيقاظاً له.
تاسعاً: لا تفتر من سماع الأشرطة الدينية المهتمة بالوعظ والتذكير؛ فإنها نافعة في هذا المجال أيما نفع.
عاشراً: اصحب الصالحين القانتين الطيبين؛ فإنهم عون بعد الله على النفس الأمارة بالسوء، وقد قال تعالى:"وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً"[سورة الكهف: 18/28]
الحادي عشر: أكثر من قولك: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) مع استشعارك للحاجة إلى الله في دفع هذا الضعف والتهاون بدينك.
الثاني عشر: التزم بحلقة تحفيظ للقرآن الكريم، واحفظ ما يتيسر لك من كتاب الله عز وجل فإنها مجلس من مجالس الذكر التي تصقل القلب وتحيي الروح، وتجعلك أكثر حباً لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولدينه، وفيها سبب لنجاتك فتدارك أمرك وفقك الله.
الثالث عشر: من الضروري أن تقرأ في فضل الصلاة وكيفية المحافظة على أدائها في أوقاتها، ولذلك وسائل معينة ومنها:
- التذكير دائماً وأبداً بما ورد من النصوص الشرعية المرغبة في الصلاة وبيان فضلها؛ لأن ذلك مما يعطي النفس دفعة قوية لأدائها، والنصوص في ذلك كثيرة جداً، وسأذكر بعضها وأنصح بمراجعة كتاب الترغيب والترهيب للإمام المنذري؛ فإنه مفيد جداً في هذا الأمر.
نصوص في الترغيب في أداء الصلاة والمحافظة عليها:
- أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء! قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: "فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا" البخاري (528) ومسلم (667) .
- وأخرج البخاري (527)، ومسلم (85) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها"، قال: ثم أي؟ قال: "ثم بر الوالدين"، قال: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله".
- وأخرج مالك (270) ، وأبو داود (1420) ، والنسائي (461)، وابن حبان في صحيحه (1732) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خمس صلوات كتبهن الله عز وجل على العباد فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئاً استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة".
- وأخرج الإمام أحمد (14662)، والترمذي (4) بسند حسن عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مفتاح الجنة الصلاة، ومفتاح الصلاة الوضوء".
- وأخرج الطبراني في الأوسط (1859) بسند حسن عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول ما يحاسب العبد عليه يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله".
والأحاديث في ذلك كثيرة جداً.
نصوص في الترهيب من التفريط في الصلاة:
- أخرج مسلم (82) عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة".
- وفي الترمذي (2616) عن معاذ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة"، فجعل الصلاة كعمود الفسطاط الذي لا يقوم الفسطاط إلا به ولا يثبت إلا به، ولو سقط العمود لسقط الفسطاط ولم يثبت بدونه.
- وأخرج أحمد (22937) ، والترمذي (2621) ، وابن ماجه (1079)، والنسائي (463) بسند صحيح عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر".
- وأخرج أحمد (27364) وغيره بسند حسن عن أم أيمن رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تترك الصلاة متعمداً، فإنه من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله ورسوله".
- وقال عمر رضي الله عنه: (لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة) أخرجه مالك (84) .
- وقال سعد وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما قالا عن الصلاة: (من تركها فقد كفر) .
- وقال عبد الله بن شقيق كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ- صلى الله عليه وسلم لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنْ الْأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ " أخرجه الترمذي (2622) ، وقال أبو أيوب السختياني ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه، وذهب إلى هذا القول جماعة من السلف والخلف، وهو قول ابن المبارك وأحمد وإسحاق.
والأحاديث في ذلك كثيرة.
وإني لأتوجه إلى الله بأن يمنّ علي وعليك بالهداية والرشاد والسداد والثبات على الحق، وان يملأ قلبي وقلبك إيمانا وتقوى، وأن يهدينا سواء السبيل إنه جواد كريم. والسلام عليكم.