الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خيال واسع.. ومؤلم
..!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 8/6/1422هـ
السؤال
أنا أريد أن أطرح مشكلة لا أستطيع الاستغناء عنها بتاتاً وهي تتكرر معي كلما هممت بالنوم فلا أستطيع أن أنام إلا بها وهي أنني اولف قصة ودائماً تكون هذه القصص فيها أنواع الحزن والألم والمأساة لا أعلم لماذا فأنا لا أرتاح إلا بها وعندما أنسجها وأمثلها في مخيلتي وأكون معذبة فيها أبكي رغم أنني أعلم أنها قصة من مخيلتي نعم أبكي وبحرقة والدموع فيني صادقة كما لو أني في الحقيقة ويحترق قلبي لذلك وأنهم وأيضاً عندما تفرج " في القصة " أفرح كثيراً رغم أن القصة لا تنتهي الا بعد عناء من الحزن والقهر والألم أرجو إيجاد حل لذلك.
الجواب
أشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل إنه ولي ذلك والقادر عليه.
قرأت استشارتك وتعليقي عليها من وجوه:-
أولاً: الخيال نعمة من الله نخرج به أحياناً عن واقعنا فنتصور عوالم أخرى وأشياء أخرى.. ونتصور أحداثاً ووقائع فنعايشها.. وربما استمتعنا بها..!! وبعد أن نعود إلى واقعنا ربما نسعى إلى تحقيق ما حلمنا به في يقضتنا أو تصورناه في خيالنا. وجل الاختراعات العلمية ولدت في الخيال قبل الواقع.. وكثير من الإبداعات الإنسانية إن في الأدب أو في غيره.. هي مجرد خيالات في عقول مبدعيها..!! كل ذلك والأمر عادي.. والقصة معروفة!! .
ثانياً: قد يتحول هذا الخيال إلى نقمه على صاحبها.. فيعيش بسببها في اضطراب وقلق وتعاسة.. وحزن..!!! لماذا..؟! لأنه يعيش دائماً وسط خيالات مؤذبة.. ومؤلمة - وربما - مرعبة!!! فيضيق صدره.. وتبهت ابتسامته..!! ويعايش هماً لم يقتربه.. وذنباً لم يقترفه..!! كل ذلك في خياله..!! رغم أن الدراسات النفسية أثبتت بعد تجارب كثيرة مدى تأثير الخيال على واقع الإنسان بشكل غير عادي.. ولذلك قالوا: [لكي تنجح لا بد أن تتخيل نفسك ناجحاً] وقالوا: [سعادتنا وتعاستنا من صنع أفكارنا..!!] وهو كلام صحيح.. والدليل على ذلك أنك تستطيعين أن تجلسي أنت وأختك في نفس الغرفة.. بل ونفس المقعد.. وتشغلي خيالك بأشياء سعيدة.. فتسرين لها طول جلستك التي قد تستمر ساعات.. أما هي فقد تشغل تفكيرها بأشياء تعيسة فتكتئب طوال جلستها..!! فلاحظي المكان واحد والمقعد واحد والظرف تقريباً واحد.. ولكن الخيال وتبعاته.. بين مشرق ومغرب!!! وعلى ذلك فقيسي..
ثالثاً: أقترح عليك - جاداً - مادمت تملكين ملكة الخيال الواسع الذي تؤلفين فيه القصص.. وربما تأثرت بها.. أن تنقلي هذا الخيال إلى الورق..! بمعنى أن تبدأي بتأليف بعض القصص القصيرة.. وتستكملي تفاصيلها المؤثرة.. وأحداثها.. ومؤثراتها المختلفة.. على الورق.. هنا ستغيري أفكارك إلى أفكار بناءة.. وستنقلين عالمك الداخلي.. من غموض عقلك الباطن.. إلى بياض الورق.. فتطلعي عليه.. وتبدعي فيه.. ولا بأس من اختيار فترة ما قبل النوم للكتابة وأنا متأكد أنك ستبدعين في ذلك.. وستحققين أكثر من هدف إيجابي في بناء شخصيتك وتدعيم نفسيتك.. بخطوة واحدة.. وهي الكتابة.. فاستعيني بالله وأطلقي لخيالك العنان على الورق.. وشيئاً فشيئاً ستفاجئك النتيجة.. وهي نتيجة إيجابية بإذن الله..
رابعاً: يظهر لي أن في داخلك نوع من الحزن.. والمعاناة أثرت على نظرتك للحياة.. وصبغتها بلون قاتم..!! وهذا الأمر هو الذي يجعل جل خيالاتك ((سوداوية)) وحزينة.. تصل بك حد التأثر بها.. والبكاء..!! ولا أستطيع الجزم بذلك وتوقع أسبابه لأنك أجملت في السؤال.. ولم تذكري ظروفك الأسرية والاجتماعية..!!!
وعلى العموم - وهذه حقيقة - فإننا إذا لم نستطيع التأثير على الأحداث أو اختيارها والتحكم بها..!! فإننا نملك إلى حدٍ كبير رد فعلنا تجاهها.. ومدى ما نسمح لها من تأثير علينا..!!
ولذلك فإني آمل منك.. أن تكوني أقوى بكثير من بعض المنغصات التي تصادفك.. فهذي هي الحياة وهذا هو نصيبنا فيها [لقد خلقنا الإنسان في كبد] . د
فارضي - أختي الكريمة - بما قسم الله لك.. وتأكدي أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطئك لم يكن ليصيبك.. مصداقاً للحديث الصحيح.. واتكلي على الله والجئي إليه.. فهو المستعان وعليه التكلان.
خامساً: عندما تنتهي من كتابة ما تريدين كتابته.. وتأوين إلى فراشك.. فأشغلي نفسك بقدر المستطاع بقراءة الورد.. وبعض سور القرآن الكريم.. وإن كان لا بد من بعض الخيال.. فلتكن خيالات سعيدة ومفرحة وبعيدة كل البعد عن الحزن والألم..!!
وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.