الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجد في نفسي صدوداً عن العبادة
!
المجيب عبد الله العيادة
عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/تربية النفس
التاريخ 12/01/1427هـ
السؤال
مشكلتي أنني كلما أردت أن أصلي وأمارس واجباتي الدينية يمنعني شيء ما في داخلي، كما أحلم بالكوابيس تقريباً كل ليلة، أريد حلاً. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأشكر لك تواصلك وثقتك بموقعك (الإسلام اليوم) ، أما بالنسبة لمشكلتك، فهي من السهل الممتنع، وحلها سهل إن شاء الله، وهي ذات اتجاهات متباينة، ويظهر أن حالتك تصب في خانة الوسوسة والخطرات التي يقذفها الشيطان للصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وأنت وقعت في مصيدته -لعنه الله- ويحاول أن يؤثر عليك أثناء العبادة، وهذا يقع فيه كثير من الناس، وهذه الخواطر تأتي عادة عند تأدية العبادة المفروضة، التي ألزم المسلم في تأديتها، وتقل حدة هذه الخطرات عند النوافل، لأن النوافل نثاب على فعلها ولا نعاقب على تركها، أما الفرائض فهي ذات اتجاهين، إلزام في التأدية، مع ثواب وعقاب، والشيطان له استراتيجية مع بني آدم، خاصة من المؤمنين المسلمين، بحكم العداوة الأزلية، فهو إن قدر أن يصرفهم للمعاصي فهذا غايته وهدفه، وهو يتبع أسلوب تحقيق الرغبات في التأثير، لأنه يأتي للشخص ويوسوس له حسبما يشتهي ويرغب، ثم يزين له ما يحب، على سبيل المثال: إذا كان من النوع الذي يحب المال وجمعه -بغض النظر عن الطريقة التي يسلكها- فإنه يأتي إليه ويزين له الربا حتى يستبيح أخذه، وهكذا في كل معصية.
أما إذا وجد فريسته من النوع الصلب القوي الذي لا يمكن أن يصرفه، أو يستجيب له، فإنه يأتيه من حيث لا يحتسب، ويفتح له باباً يحبه ويرغب الدخول معه وهو لا يشعر، بل قد يتعبد في ذلك، وهذا الباب هو تزيين العبادة، حتى يجبره على الزيادة فيها، أو نقصها، أو تركها بالكلية، أو يكررها عشرات المرات، وهذا هو الفخ الذي يقع فيه أولئك الطيبون الضعفاء، فكيف الخروج من هذا المأذق..؟
الأمر سهل وصعب، أولاً عندنا قاعدة يجب أن نحفِّظها، ونحفظها أبناءنا، وهو أن الشيطان لا يمكن أن يكون صديقاً لنا، أو يصدق في القول، أو يأتي لنا بالنصح والخير، مهما كان السبب، لماذا..؟ ببساطة متناهية أنه عدو لدود، والله -سبحانه- قد قضى بهذا، حيث قال سبحانه:"إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا"[فاطر:6] .
ثانياً: إذا أردنا أن نتخلص من خطراته ووسوسته..؟ هو أن نعمل على عكس ما يوسوس به، في أي أمر، على سبيل المثال:
إذا جاء إليك بعد صلاتك، وأحسست أنك لم تصل، فلا تلتفتِ أبداً لهذا، لأنك أديتِ الصلاة، وأنت قد رأيت ذلك، كذلك في سائر العبادات، إذا أتى إليك بعد الفراغ منها، فلا تعيديها البتة، لأنك تعرفين أن الشيطان لا يمكن أن يكون البتة من الناصحين، مهما قال وأجلب بخيله ورجله عليك، وتذكري كيف أغرى الأبوين، وزين لهما "وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين" فما الذي حصل بعد ذلك..؟ إذاً كيف نصدقه يا بنيتي..؟
ونواقض العبادة، مثل الصلاة والوضوء، والتي يكثر الإشكال فيها، فإذا أحسست أن الطهارة قد انتقضت -وبالتالي قد تبطل الصلاة- فلا تلتفتي إلا إذا حصل أحد الأمور الثلاثة، إذا رأيت شيئاً قد خرج، أو سمعت صوتاً، أو شممت رائحة كريهة، وإلا لا تلتفتي للخطرات، فهي وساوس من الشيطان، أتى بها من باب النصح، وهي تفسد هذه العبادة.
أما قولك: إنك تصومين ولا تصلين، فلا أدري هل هو من تأثير هذه الخطرات، أو هو وأقعك فعلاً، والذي يظهر لي أنه واقعك فعلاً، وإن كان غير ذلك فاكتبي لنا، وقد تكونين استثقلتِ الصلاة لأنها مستمرة يومياً معنا، أما الصوم فهو موسمي فصار أمره يسيراً، والإسلام بني على تراكم العبادات من حيث الأفضلية، والصلاة هي أفضل أركان الإسلام بعد الإقرار بالشهادتين، ولا يقبل الله من المسلم صرفاً ولا عدلاً إذا لم تقبل الصلاة، فالذي يصوم ولا يصلي، ليس له من صومه إلا الجوع والعطش فقط، فالصلاة هي القاسم المشترك بين أركان الإسلام، وهي الركن الوحيد الذي لا يسقط عن المسلم مهما تكن حالته، إلا إذا فقد عقله، إما بنوم أو جنون، أو كبر وهرم، أو موت، أو أغمي عليه، فطالما أن العقل يدرك فلا تسقط الصلاة.
والرسول صلى الله عليه وسلم قد قال: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر". أخرجه الترمذي (2621) ، وغيره.
فراجعي حساباتك يا بنيتي، ورتبي أوراقك، لأن الأمر جد خطير، وقد يكون ترك الصلاة له تأثير على ما تحسين به من الكوابيس التي ترينها في النوم، فعلاجك يكون بإقامة الصلاة، وتأديتها في وقتها على الكيفية التي شرعت، ثم بعد ذلك أكثري من الأذكار الطاردة للشيطان، وهي الأوراد الصباحية والمسائية، وعند النوم، وعلى كل حال، ثم أوصيك بكثرة الاستغفار، لأن له تأثيراً عجيباً في طرد الهموم، كما قال عليه الصلاة والسلام:"من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب". أخرجه أبو داود (1518) ، وابن ماجه (3819) .
مع الترك الفوري لأي معصية صغيرة كانت أو كبيرة، فشؤم المعصية له تأثير عجيب على نفس المسلم وعلى سلوكه، والشيطان قد يزين لكِ المعصية فتمارسيها، ونحن نظنها هينة وهي عند الله عظيمة، وعليكِ بالصدقة، وإن كان عندك وفر من مال، فالصدقة لها تأثير عجيب أيضاً، وأخيراً إذا أحسست بهذه النزغات، فأنفثي عن يسارك ثلاث مرات وتعوذي بالله من الشيطان الرجيم، فهي نزغات شيطانية، والله سبحانه وتعالى قال:"وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم"[الأعراف:200] .
أسأل الله أن يوفقك ويعينك، ويشفيك، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.