المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لم أجد لدعائي أثرا - فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - جـ ٢٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌هل لي من توبة

- ‌الإنترنت.. والفراغ

- ‌التزم فغضب منه أبواه

- ‌أبي لا يحب الملتزمين

- ‌يمنع أولاده الخروج لصلاة الجماعة، فهل هو محق

- ‌أريد الالتزام.. ولكن

- ‌أريد أن أتحجب

- ‌زوجي ووالدي يرفضان الحجاب

- ‌أريد أن أرتدي النقاب ولكن

- ‌أريد أن أعفي لحيتي…ولكن

- ‌أعينونني على صلاة الفجر

- ‌فوجئت بتناقضات الساحة الدعوية

- ‌مشكلات في الرحلات الجماعية

- ‌أريد أن أهتدي ولكن

- ‌أنَّى لي الهداية وهذه بيئتي

- ‌والدي يرفض لبسي للنقاب

- ‌خامساً: قضايا إيمانية

- ‌شفاؤها.. في افتراقنا

- ‌الأخوة في الله وضوابطها

- ‌الحب في الله علاماته وفضله وشروطه

- ‌تريد الإصلاح بين زميلتيها

- ‌أريد الأخوة في الله

- ‌كيف لي بالكور بعد الحور

- ‌وسائل الثبات

- ‌لقد ذهبت تلك الايام..!!! فكيف اعيدها

- ‌وسائل الثبات على دين الله

- ‌التزمتُ ثم عدتُ

- ‌الرجوع إلى المعاصي بعد الحج

- ‌نفسي تتهمني بالرياء

- ‌الإخلاص والرياء

- ‌يأتيني شعور بأني مرائي

- ‌هل أنا منافق

- ‌أنا متناقض.. أفعل الطاعات والمعاصي

- ‌أخاف الرياء.. لكني أحب الثناء

- ‌هل هذا تناقض أم ضعف

- ‌داء العجب والرياء

- ‌يقدموني للصلاة وأخاف الرياء

- ‌هل هذا من الرياء

- ‌هل الغيبة تمنع الخشوع

- ‌الخوف والرجاء

- ‌لا أصلي ولكني أخاف الله

- ‌لذلك فحياتي بلا معنى

- ‌بين قبح السريرة وصلاح الظاهر

- ‌تربية النفس

- ‌ثمرة غض البصر

- ‌أجد في قلبي وحشة وقسوة

- ‌كيف أزداد محبةً للرسول

- ‌أجد في نفسي صدوداً عن العبادة

- ‌أعاني صعوبة في الخشوع في الصلاة

- ‌علاج قسوة القلب

- ‌الأسباب المعينة على تصحيح النية

- ‌أشعر أن كل عبادة أفعلُها لن يقبلها الله

- ‌يعاني سرعة الغضب والشجار مع والديه

- ‌أعاني قسوة قلبي

- ‌أريد أن أقوي إيماني

- ‌لا يهتم بقبول العبادة من عدمه

- ‌لقد قسا قلبي

- ‌الصبر

- ‌الصبر

- ‌فُجِعَ بولده ويخاف أن يضعف صبرُه

- ‌ماذا أفعل مع هذا الملحد

- ‌كثرة الحوادث عقوبة أم ابتلاء

- ‌حائر.. مع أخي

- ‌سؤال الله الصبر

- ‌فترت همتي

- ‌يئست من صلاحي

- ‌نصيحة لمن اهتدى ثم انتكس

- ‌كيف يعالج الفتور الذي انتابه

- ‌أخي يزداد انحرافاً

- ‌أخي قد تغير كثيراً

- ‌زوجي.. تغير كثيرا

- ‌يعتريني الملل بقراءة أوراد السور

- ‌أحاول المواظبة على الجماعة، ولكن

- ‌يعاني فتورًا عن الطاعة

- ‌الخلاص من الغموم، وهموم المستقبل

- ‌الوظيفة أم طلب العلم

- ‌مقترحات لتفعيل دور المساجد

- ‌أسلمن…وأريدهنَّ داعيات

- ‌مقصر في العلم…هل يترك الدعوة

- ‌كيف أكون إيجابياً

- ‌بماذا أبدأ حتى أتقرب لله

- ‌أنكر عليهم وينفرون مني

- ‌أنا عاشقة

- ‌دعوت كثيراً ولم يستجب لي

- ‌كيف أعرض دلائل وجود الله

- ‌علامات النصر والتمكين

- ‌مترددة في التزام الحجاب

- ‌هذه مجالسهن فهل أعتزلهن

- ‌كيف أتخلص من هذه الأمراض

- ‌تتجاذبني في خدمة الإسلام رغبات فوجهوني

- ‌يزدري المسلمين لتخلفهم

- ‌كيفية علاج النسيان

- ‌لا أريد أن أخسر آخرتي أيضاً

- ‌يزعم أننا نعبد الحجر الأسود، فكيف أقنعه

- ‌ماذا يفعل المظلوم

- ‌كيف أحب في الله

- ‌تائه في صحراء الفكر

- ‌أعيدوا لي الأمل في الحياة

- ‌لم أجد لدعائي أثراً

- ‌كيف نستقبل عاماً جديداً

- ‌أسباب الكياسة والعجز

- ‌هؤلاء تصلي عليهم الملائكة

- ‌مناصحة أهل العلم

- ‌استشارات نفسية

- ‌مشكلة الرهبة من التحدث في جموع الناس

- ‌الخجل

- ‌طفلتي خجولة وعنيدة

- ‌خجل وحساسيه

- ‌خجل.. وحساسيه

- ‌أعاني من الخجل الشديد

- ‌أخشى سخرية الآخرين بتديني

- ‌الخجل يمنعني من حقوقي

- ‌الخوف من إمامة الناس في الصلاة

- ‌رهبة الإمامة

- ‌كيف نوظف طاقات هذا الشاب الخجول

- ‌عاطفي جداً تجاه الآخرين

- ‌كيف أتحرر من الخوف

- ‌القلق

- ‌خوف الرياء أتعبني

- ‌أنا…أسير الوساوس والقلق

- ‌توتري..يمنعني من الاتصال بالآخرين

- ‌تخشى من العودة للحرام في الإجازة

- ‌الكآبة والأرق تؤثران على تفكيري

- ‌معاناة نفسية بسبب تخصصي الشرعي

- ‌يعاني من الخوف والتوتر العصبي

- ‌حالي.. وأحلامي.. وتشاؤمي

- ‌أفكر بالانتحار

- ‌أنا أسيرة الكآبة والحزن

- ‌الاكتئاب

- ‌اكتئاب…وهلع!! وأمور أخرى

- ‌أعاني من الاكتئاب

- ‌حزني.. وتشاؤمي قد يدفعاني للهاوية

- ‌نداء.. يائس

- ‌إني مكتئبة..!! ماذا أفعل

- ‌هل نحن في آخر الزمان

- ‌كثير البكاء دائم الحزن على حال الأمة

- ‌الخوف أثر على صحتي

- ‌الخوف والرهاب

- ‌أخاف…وأتحمل أعباء الغير

- ‌خوفي عليهم.. يقتلني

- ‌اضطراب.. وخوف.. وشدة خفقان

- ‌أرتعد وأخاف.. وأشعر بكراهية الناس

- ‌حزني عليها.. وخوفي من الموت

- ‌أرى الموت في كل مكان

- ‌عدم رغبة للأماكن المزدحمة

- ‌الخوف من الناس

- ‌خوفي من قريبي.. يقلقني

- ‌خوف اجتماعي

- ‌لا أستطيع المناقشة

- ‌مرض الخوف

- ‌خائفة من الجن

- ‌الخوف الاجتماعي

- ‌رهاب اجتماعي

- ‌شيء عن الرهاب الاجتماعي

- ‌كيفية التخلص من ضيق النفس والاضطراب والخوف

- ‌خائفة ومترددة

- ‌خوف شديد

- ‌عزلة شبه تامة.. ألم كبير

- ‌الخوف يحيط بي

- ‌أعاني شدة الخوف

- ‌يلازمني هذا الشعور عند التلاوة، فهل بي مسٌّ

- ‌الوساوس

- ‌يئست من صلاحي

- ‌الوسواس القهري ولا يزال السؤال مستمرا

- ‌والدتي تعاني من كره شديد للأكل

- ‌مشكلة نفسية..؟ أم وسواس

- ‌ذلك الهاجس الشيطاني

- ‌أدعية الوسواس والقلق

- ‌ينتابني وساوس خطيرة

- ‌كيف ننسى الماضي

- ‌مصابة بداء الشك

- ‌مريضة بالوسواس القهري

- ‌أعاني من السلبية والتردد وعدم التركيز

- ‌وساوس تحاصرني

- ‌علاج الوساوس

- ‌الوساوس والإغراق في التفكير تحاصره

- ‌أشعر أنني شريرة

- ‌كيف أحب رسول الله

- ‌كيف أتقي سحرهم

- ‌السحر والمس

- ‌هل أنا مصاب بالجن

- ‌المس…الأعراض والأسباب، الوقاية والعلاج

- ‌هل هذا ساحر

- ‌هل أنا مسحور

- ‌سحروني بطريقة خفية

- ‌هل أنا مسحورة

- ‌الاتهام بعمل السحر

- ‌هل مسَّ الجان ولدي

- ‌أشك أني مسحور

- ‌الجن أسقطوا حملي

- ‌هل بي مسٌّ من الجن

- ‌الحسد…الأسباب/الوقاية والعلاج

- ‌الحسد والعين

- ‌أرواح شريرة

- ‌نفسي تراودني على قتلهم

- ‌الحقد

- ‌قلبي مليء بالغل والحقد فكيف الخلاص

- ‌سوف أنتقم

- ‌كيف أتخلص من الأحقاد

- ‌فكرة الانتقام تؤرقني

- ‌كيف أتغلب على شعوري بالفشل

- ‌الاحباط

- ‌محبط بسبب عملي الجديد

- ‌فشلت في تحقيق الهدف

- ‌الأمور لا تتيسر لي دائماً

- ‌أصبت بالقنوط مما يصيب إخواننا

- ‌وظيفتي.. أحبطتني وأدخلتني في دوامة نفسية

- ‌استغلوا براءتي.. لتدميري

- ‌أنا والفساد الإداري والمالي في عملي

- ‌طموحي يتهشم

- ‌طموحي وغلبة الإحباط

- ‌التغلب على اليأس

- ‌أحلام اليقظة حطمتني

- ‌ابنتي وصعوبة الكلام

- ‌مشكلات النطق

- ‌كيف أتخلص من التلعثم في الكلام

- ‌طفلي.. وصعوبة النطق

- ‌أعاني من النوم أثناء الامتحان

- ‌مشكلات النوم

- ‌الجاثوم يحبس أنفاسي

- ‌غضب وأحلام مزعجة

- ‌الثقة

- ‌الرهبة عند المقابلات الشخصية

- ‌بالنفس

- ‌أتولى المناصب.. ولا أثق بقدراتي

- ‌مشكلتي…عدم الثقة بنفسي

- ‌كيف أتدبر القرآن وأثق بنفسي

- ‌كيف أستعيد ثقتي بنفسي

- ‌ضعيف الثقة بالنفس

- ‌التعامل مع الموظفين الأكبر سناً

- ‌الناس..يحتقرونني

- ‌عدم الثقة بالنفس..حطمني

- ‌طموحي يتهشم

- ‌أعاني من ضعف الثقة بالنفس

- ‌كلهم يحتقرونني

- ‌زوجي مهزوز الثقة بالنفس

- ‌الثقة بالنفس..مرة أخرى

- ‌حكاية الصمت

- ‌هذا الأمر.. أفقدني احترامي لذاتي

- ‌أحب المبادرة.. أكره النقد

- ‌ثقتي بنفسي مهزوزة

- ‌مشكلتي الكبرى.. التردد

- ‌وأنا في هذه الحالة…لا أثق بأصدقائي

- ‌بالآخرين

- ‌فقْدِ الثقة في الرجال، ورفض الخُطّاب

- ‌أساؤوا الظن بي

- ‌أشك في أسرتي

- ‌أختي خانتني، وفقدت ثقتي بالآخرين

- ‌أشك في أختي

- ‌صديقي كثير الشكوك فيمن حوله

- ‌سوء الحفظ.. وكثرة النسيان

- ‌أخرى

- ‌شرود ذهني.. وأرق

- ‌كيف أتخلص من الغيرة

- ‌انتقادات مستفزَّة

- ‌أصبحت انطوائية

- ‌هل أمي مصابة بمرض نفسي

- ‌الديون أثقلت كاهلي

- ‌ملل من الدراسة.. وضغوط الحياة

- ‌أرتبك عندما أتكلم أمام الناس

- ‌أشعر بملل وأفضل الوحدة…وعصبي

- ‌تقلبات نفسية…متعاقبة

- ‌هل أنا مريضة.. نفسياً

- ‌فقدت كل شيء حتى الأمل

- ‌حب الانعزال عن الآخرين

- ‌أحس أنني لا أفكر

- ‌صديقي ومرض الفصام

- ‌أعاني من أمراض نفسية

- ‌أفضل الهروب على المواجهة

- ‌معاناتي تتضاعف عندما أرى معاناة الآخرين

- ‌مشكلة نفسية.. أم عقلية

- ‌فراغ نفسي

- ‌اضطراب وسخط.. على الجميع

- ‌خيال واسع.. ومؤلم

- ‌ثلاث خصال.. تمنعني من إنجاز أموري

- ‌الوسائل المفيدة للحياة السعيدة

- ‌حالتي.. متناقضة

- ‌شخصية سيكوبا تيه

- ‌أعيش تناقضاً في حياتي

- ‌لهذا أكره الرجال

- ‌شكلي لا يعجبني

- ‌التبول غير الإرادي

- ‌تنتابه أحلام اليقظة

- ‌هل أنا فتاة انطوائية وغامضة

- ‌عزيمتي انهزمت

- ‌البرمجة العصبية اللغوية مرة أخرى

- ‌المرض النفسي وضعف الإيمان

- ‌زوجي مريض نفسياً

- ‌تنمية التفكير

- ‌التشتت الفكري.. والضيق يقتلاني

- ‌كثرة السرحان

- ‌همومنا تشغلنا كثيراً

- ‌لأجل ذلك…تجنبتهم

- ‌أعاني من التفكير بالمستقبل

- ‌لقد كرهت مساعدة الناس

- ‌ضغوط نفسية رهيبة.. وعدم توازن

الفصل: ‌لم أجد لدعائي أثرا

‌لم أجد لدعائي أثراً

المجيب محمد بن إبراهيم الحمد

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى

التاريخ 04/01/1426هـ

السؤال

السلام عليكم.

أنا بحمد الله إنسانة مسلمة، أصلي وأصوم، ودائماً أكمل فروض الله، وأعيش مع زوجي على الحلوة والمرة، مشكلتي أني أحس دائماً أن كل شيء مسدود في وجهي، وحتى الحاجة التي قريبة مني أشعر بأنها بعيدة عني، ودائماً أدعو وأدعو، وأشعر أن الله لا يستجيب دعائي، لماذا لا يستجيب الله دعائي؟ هل هذا من عمل السحر؟ وهل فك التبيعه أو إبطال السحر حلال أم حرام؟ السلام عليكم.

الجواب

احمدي الله أنك مسلمة تصومين وتصلين، وتؤدين الفرائض.

وعليك مع ذلك أن تحسني الظن بربك؛ لأن الله عز وجل يقول في الحديث القدسي الصحيح: "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء" أخرجه أحمد (16976) .

وعليك أن تكوني متفائلة محسنة الظن بربك بعيدة عن التشاؤم؛ لأن المتشائم - كما يقول ابن القيم رحمه الله متعب القلب، مُنَكَّد الصدر، كاسف البال، سيء الخلق، أشد الناس خوفاً، وأنكدهم عيشاً، وأضيقهم صدراً، وأحزنهم قلباً.

وكم حرم نفسه بذلك من حظ، ومنعها من رزق، وقطع عليها من فائدة.

وعلى العكس من ذلك المتفائل؛ فهو واسع النظرة، فسيح الصدر، عالي الهمة، موفور النشاط.

ومما يعينك على التحلي بالتفاؤل، والسلامة من التطير والتشاؤم ما يلي:

1-

استحضار ضرر الطيرة: فهي نقص في العقل، وفساد في التصور، وانحراف عن سوء الصراط.

وهي موجبة لانقباض النفس، وسوء الخلق، وفوات الخير.

وهي من كيد الشيطان، وتخويفه، ووسوسته، وإغوائه.

وهي مفسدة للتدبير، منغصة للعيش، مسببة للخذلان.

وأعظم من ذلك أن الطيرة باب إلى الشرك؛ إذ هي منازعة لله في شرعه وقدره، وهي مفضية إلى أبواب الدجل والخرافة.

فإذا استحضر العاقل ضرر الطيرة أقصر عنها، ولم يعد يلتفت إليها.

2-

المجاهدة: فقد تكون الطيرة مستحكمة في الإنسان، متمكنة من عقله.

وعلاج ذلك بالمجاهدة، وترك الاسترسال مع ما يلقيه الشيطان في روعه، وبتكلف ذلك مرة إثر مرة حتى يزول أثر الطيرة من قلبه.

3-

الإيمان بالقضاء والقدر: وذلك بأن يعلم الإنسان علم اليقين بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأنه لن يصيبه إلا ما كتب له؛ فذلك يحسم مادة الطيرة، ويزيل أثرها من القلب؛ فمن سلم لله واستسلم له لم يبق للخوف في قلبه موضع.

(وفي التسليم- أيضاً- فائدة لطيفة، وهي أنه إذا سلمها لله فقد أودعها عنده، وأحرزها في حرزه، وجعلها تحت كنفه؛ حيث لا تنالها يدُ عدوٍّ عادٍ، ولا بغي باغٍ عاتٍ)(1) .

4-

إحسان الظن بالله: فذلك موجب لراحة القلب، وطمأنينة النفس، فالله-عز وجل-عند ظن العبد به؛ فالمؤمن الحق يحسن ظنه بربه، ويعلم بأنه-عز وجل-لا يقضي قضاء إلا وفيه تمام العدل، والرحمة، والحكمة؛ فلا يتهم ربَّه فيما يجريه عليه من أقضيته وأقداره.

وذلك يوجب له استواء الحالات عنده، ورضاه بما يختار له سيده، كما يوجب انتظار الفرج، وترقَّبه.

وذلك يخفف حمل المشقة، ولا سيما مع قوة الرجاء، أو القطع بالفرج؛ فإنه يجد في حشو البلاء من رَوْح الفرج ونسيمه وراحته ما هو من خفي الألطاف، وما هو فرج مُعَجَّل.

ص: 179

5-

التوكل على الله عز وجل: والتوكل في لسان الشرع إنما يراد به توجه القلب إلى الله حال العمل، واستمداد المعونة منه، والاعتماد عليه وحده؛ فذلك سر التوكل وحقيقته.

والشريعة أمرت العامل بأن يكون قلبه مطوياً على سراج من التوكل والتفويض، والذي يحقق التوكل هو القيام بالأسباب المأمور بها؛ فمن عطَّلها لم يصحَّ توكله.

فإذا توكل العبد على ربه، وسلم له، وفوض إليه أمره-أمده الله بالقوة، والعزيمة، والصبر، وصرف عنه الآفات التي هي عُرْضةُ اختيار العبد لنفسه، وأراه من حسن عواقب اختياره له ما لم يكن ليصل إلى بعضه بما يختاره هو لنفسه.

وهذا يريحه من الأفكار المتعبة في أنواع الاختيارات، ويفرغ قلبه من التقديرات، والتدبيرات التي يصعد منها في عقبة، وينزل في أخرى.

ومتى صح تفويضه، ورضاه اكتنفه في المقدورِ العطفُ عليه، واللطف فيه؛ فيصير بين عطفه ولطفه؛ فعطفه يقيه ما يحذره، ولطفه يهوِّن عليه ما قدِّر له.

ومع هذا فلا خروج للعبد عما قدر عليه؛ فلو رضي باختيار الله أصابه القدر وهو محمود، مشكور، ملطوف به.

وإلا جرى عليه القدر وهو مذموم غير ملطوف به.

وصدق الله إذ يقول: [فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ](آل عمران: 159) .

6-

الاستعاذة بالله: فالطيرة-كما مر-من وساوس الشيطان، وتخويفه.

فإذا استعاذ الإنسان بالله من الشيطان أعاذه الله منه، ووقاه من كيده ووسوسته.

قال- تعالى-: [وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ](فصلت: 36) .

هذه بعض الأمور التي تعينك على التفاؤل، وتجنب التشاؤم.

أما شعورك بأن دعاءك لا يستجاب فذلك بسبب تشاؤمك وسوء ظنك.

وإلا فما الذي أدراك أن دعاءك لم يجب، أو ما علمت أن للدعاء شروطاً، وآداباً، وأن من أعظمها إحسان الظن بالله، وانتظار الفرج، وتجنب الاستعجال، والجزم في الدعاء، والعزم في المسألة، والإلحاح على الله عز وجل.

ولا ريب أن من البلاء على المؤمن أن يدعو فلا يجاب، فيكرر الدعاء، ويبالغ فيه، وتطول المدة، فلا يرى أثرًا للإجابة.

ومن هنا يجد الشيطان فرصته، فيبدأ بالوسوسة له، وإساءة ظنه بربه، وإيقاعه بالاعتراض على حكمته.

فينبغي لمن وقعت له هذه الحال ألا يختلج في قلبه شيء مما يلقيه الشيطان؛ ذلك أن تأخر الإجابة مع المبالغة في الدعاء يحمل في طياته حكمًا باهرةً، وأسرارًا بديعة، لو تدبرها الداعي لما دار في خَلَدِه تضجر من تأخر الإجابة.

وفيما يلي ذكر لبعض تلك الحكم والأسرار، والتي يجمل بالداعي أن يتدبرها، ويحسن به أن يستحضرها.

1-

أن تأخر الإجابة من البلاء الذي يحتاج إلى صبر: فتأخر الإجابة من الابتلاء، كما أن سرعة الإجابة من الابتلاء.

قال - تعالى -:"وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ"[الأنبياء: 35] .

فالابتلاء بالخير يحتاج إلى شكر، والابتلاء بالشر يحتاج إلى صبر؛ فإياك أن تستطيل زمان البلاء، وتَضْجَرَ من كثرة الدعاء؛ فإنك ممتحن بالبلاء، مُتَعَبَّدٌ بالصبر والدعاء.

ص: 180

فلا تيأسن من روح الله وإن طال البلاء؛ فإن الله عز وجل يبتليك؛ ليبلو أخبارك، وهل الابتلاء إلا الإعراض وعكس المقاصد؟

قال عمر بن عبد العزيز- رحمه الله: (أصبحت ومالي سرور إلا في انتظار مواقع القدر؛ إن تكن السراء فعندي الشكر، وإن تكن الضراء فعندي الصبر)(2) .

2-

أن الله عز وجل هو مالك الملك: فله التصرف المطلق بالعطاء والمنع، فلا راد لفضله، ولا معقب لحكمه، ولا اعتراض على عطائه ومَنْعِه؛ إن أعطى فبفضل، وإن منع فبعدل.

قال ابن ناصر الدين الدمشقي- رحمه الله: (فإنه ليس لأحد مفر عن أمر الله وقضائه، ولا محيد له عن حكمه النافذ وابتلائه، إنَّا لله ملكه وعبيده، يتصرف فينا كما يشاؤه وما يريده)(3) .

3-

أنه لا حق للمخلوق على الخالق: فالمخلوق مربوب، مملوك، مقهور، مُدَبَّر، والخالق ربٌّ، قاهر، مُدَبِّر.

والمملوك العاقل مطالب بأداء حق المالك، ويعلم أنه لا يجب على المالك تبليغه ما يهوى؛ فكيف يُقَصِّر المملوك ثم يطلب حقه كاملاً مع أنه لا حق له أصلاً؟!

قال ابن القيم- رحمه الله: (فمن أنفع ما للقلب النظرُ في حق الله على العباد؛ فإن ذلك يورث مقت نفسه، والإزراء عليها، ويخلصه من العجب ورؤية العمل، ويفتح له باب الخضوع والذل، والانكسار بين يدي ربه، واليأس من نفسه، وأن النجاة لا تحصل إلا بعفو الله، ومغفرته، ورحمته؛ فإن حقه أن يطاع ولا يعصى، وأن يذكر ولا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر.

فمن نظر في هذا الحق الذي لربه عَلِمَ عِلْمَ اليقين أنه غير مؤدٍ له كما ينبغي، وأنه لا يسعه إلا العفو والمغفرة، وأنه إن أحيل على عمله هلك.

فهذا محل نظر أهل المعرفة بالله - تعالى - وبنفوسهم، وهذا الذي أيأسهم من أنفسهم، وعلق رجاءهم كله بعفو الله ومغفرته) (4) .

ثم قال- رحمه الله: (وإذا تأملت حال أكثر الناس وجدتهم بضد ذلك؛ ينظرون في حقهم على الله، ولا ينظرون في حق الله عليهم.

ومن ههنا انقطعوا عن الله، وحُجبت قلوبهم عن معرفته، ومحبته، والشوق إلى لقائه، والتنعم بذكره.

وهذا غاية جهل الإنسان بربه وبنفسه) (5) .

4-

أن الله عز وجل له الحكمة البالغة: فلا يعطي إلا لحكمة، ولا يمنع إلا لحكمة، وقد ترى الشيء مصلحة ظاهرة، ولكن الحكمة لا تقتضيه؛ فقد يخفى في الحكمة فيما يفعله الطبيب من أشياء تؤذي في الظاهر يقصد بها المصلحة؛ فلعل هذا من ذاك.

ثم إن الله عز وجل له الحكمة البالغة، فأسماؤه الحسنى وأفعاله تمنع نسبة الظلم إليه، وتقتضي ألا يفعل إلا ما هو مطابق للحكمة، موافق لها؛ فتأخر الإجابة قد يكون عين المصلحة للداعي كما سيأتي بيانه في الفقرات التالية.

5-

قد يكون في تحقق المطلوب زيادة في الشر: فربما تحقق للداعي مطلوبه، وأجيب له سؤله، فكان ذلك سببًا في زيادة إثم، أو تأخر عن مرتبة، أو كان ذلك حملاً على الأشر والبطر؛ فكان التأخير أو المنع أصلح.

(وقد روي عن بعض السلف أنه كان يسأل الله الغزو، فهتف به هاتف: إنك إن غزوت أُسِرْتَ، وإن أسرت تَنَصَّرْتَ)(6) .

قال ابن القيم- رحمه الله: (فقضاؤه لعبده المؤمن عطاء وإن كان في صورة المنع، ونعمة وإن كان في صورة محنة، وبلاؤه عافية وإن كان في صورة بلية.

ص: 181

ولكن لجهل العبد وظلمه لا يعد العطاء والنعمة والعافية إلا ما التذ به في العاجل، وكان ملائمًا لطبعه.

ولو رزق من المعرفة حَظًّا وافرًا لعدَّ المنع نعمة، والبلاء رحمة، وتلذذ بالبلاء أكثر من لذته بالعافية، وتلذذ بالفقر أكثر من لذته بالغنى، وكان في حال القلة أعظم شكرًا من حال الكثرة) (7) .

6-

أن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه: وهذا سر بديع يحسن بالعبد أن يتفطن له حال دعائه لربه؛ ذلك أن الله عز وجل أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، فهو أعلم بمصالح عباده منهم، وأرحم بهم من أنفسهم وآبائهم وأمهاتهم.

وإذا أنزل بهم ما يكرهون كان خيرًا لهم من ألا ينزل بهم؛ نظرًا منه لهم، وإحسانًا إليهم، ولطفًا بهم.

ولو مُكِّنُوا من الاختيار لأنفسهم لعجزوا عن القيام بمصالحهم علمًا، وإرادةً، وعملاً.

لكنه عز وجل تولى تدبير أمورهم بموجب علمه، وعدله، وحكمته، ورحمته أَحَبُّوا أم كرهوا.

فإذا سلَّم العبد لله، وأيقن بأن الملك ملكه، والأمر أمره، وأنه أرحم به من نفسه - طاب قلبه، قضيت حاجته أو لم تُقضَ.

وإذا فوض العبد ربه، ورضي بما يختاره له - أَمَدَّه فيما يختاره له بالقوة عليه، والعزيمة، والصبر، وصرف عنه الآفات التي هي عرضة اختيار العبد لنفسه، وأراه من حسن عواقب اختياره له ما لم يكن ليصل إلى بعضه بما يختاره هو لنفسه.

وهذا يريحه من الأفكار المتعبة في أنواع الاختيارات، ويفرغ قلبه من التقديرات والتدبيرات التي يصعد منها في عقبة، وينزل في أخرى.

ومع هذا فلا خروج له عما قدر عليه، فلو رضي باختيار الله أصابه القدر وهو محمود مشكور ملطوف به، وإلا جرى عليه القدر وهو مذموم غير ملطوف به.

ومتى صح تفويضه ورضاه اكتنفه في المقدور العطفُ عليه، واللطف فيه، فيصير بين عطفه ولطفه؛ فعطفه يقيه ما يحذره، ولطفه يُهَوِّن عليه ما قدر له.

قال سفيان الثوري- رحمه الله: (منعه عطاء؛ وذلك أنه لم يمنع عن بخل ولا عدم، وإنما نظر في خير العبد فمنعه اختيارًا وحسن نظر) . (8)

7-

أن الإنسان لا يعلم عاقبة أمره: فربما يطلب ما لا يَحْمد عاقبته، وربما كان فيه ضرره، كمثل طفل محموم يطلب الحلوى وهي لا تناسبه.

والمدبر للإنسان أعلم بمصالحه، وعاقبةِ أمره، كيف وقد قال:"وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ"[البقرة:216] .

ومن أسرار هذه الآية أنها تقتضي من العبد التفويض إلى من يعلم عواقب الأمور، والرضا بما يقضيه عليه؛ لما يرجوه من حسن العاقبة.

ومن أسرارها ألا يقترح على ربه، ولا يسأله ما ليس له به علم؛ فلعل فيه مضرَّتَه وهو لا يعلم؛ فلا يختار على ربه، بل يسأله حسن العاقبة فيما يختار له؛ فلا أنفع له من ذلك.

(ولهذا من لطف الله - تعالى - لعبده أنه ربما طمحت نفسه لسبب من الأسباب الدنيوية، التي يظن بها إدراك بغيته، فيعلم الله أنها تضره، وتصده عما ينفعه، فيحول بينه وبينها، فيظل العبد كارهًا، ولم يدْرِ أن ربه قد لطف به؛ حيث أبقى له الأمر النافع، وصرف عنه الأمر الضار) . (9)

ص: 182

8-

الدخول في زمرة المحبوبين لله عز وجل: فالذين يدعون ربهم، ويبتلون بتأخر الإجابة عنهم - يدخلون في زمرة المحبوبين، المُشَرَّفِين بمحبة رب العالمين؛ فهو - سبحانه - إذا أحب قومًا ابتلاهم (10) .

وقد جاء في السنة ما يشير إلى أن الابتلاء دليل على محبة الله للعبد؛ حيث قال عليه الصلاة والسلام: "إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ"(11) .

9-

أن المكروه قد يأتي بالمحبوب والعكس بالعكس: فإذا صحت معرفة العبد بربه علم يقينًا أن المكروهات التي تصيبه، والمحن التي تنزل به، والتي منها تأخر إجابة الدعاء - أنها تحمل في طياتها ضروبًا من المصالح والمنافع لا يحصيها علمه، ولا تحيط بها فكرته.

بل إن مصلحة العبد فيما يكره أعظم منها فيما يحب؛ فعامة مصالح النفوس في مكروهاتها، كما أن عامة مضارها وأسباب هلكتها في محبوباتها.

قال - تعالى -:" فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً"[النساء: 19] .

وقال: [وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ][البقرة: 216] .

فإذا علم العبد أن المكروه قد يأتي بالمحبوب، وأن المحبوب قد يأتي بالمكروه - لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة، ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة؛ فإن الله يعلم ما لا يعلمه العبد.

وما أجمل قول من قال:

لله في طيِّ المكاره كامنه (12) *** كم نعمةٍ لا تستقلُّ بشكرها

ومن قال:

طيِّ الحوادث محبوب ومكروه *** تجري الأمور على حكم القضاء وفي

وربما ساءني ما كنت أرجوه (13) *** وربما سرني ما كنت أحذره

قال سفيان بن عيينة- رحمه الله: (ما يكره العبد خير له مما يحب؛ لأن ما يكرهه يهيجه للدعاء، وما يحبه يلهيه)(14) .

وقال ابن ناصر الدين الدمشقي- رحمه الله:

عن الله قد فاز الرَّضيُّ المراقبُ *** إذا اشتدت البلوى تحَفَّفْ بالرضا

على الناس تخفى والبلايا مواهب (15) *** وكم نعمةٍ مقرونة ببلية

10-

تأخر الإجابة سبب لتفقد العبد لنفسه: فقد يكون امتناع الإجابة لآفة في الداعي؛ فربما كان في مطعومه شبهة، أو في قلبه وقت الدعاء غفلة، أو كان متلبسًا بذنوب مانعة.

وتأخر الإجابة قد يبعث الداعي إلى تفقد نفسه، والنظر في حاله مع ربه، فيحصل له من جراء ذلك المحاسبةُ، والتوبةُ، والأوبةُ.

ولو عجلت له دعوته لربما غفل عن نفسه، فظن أنه على خير وهدى، فأهلكه العجب، وفاتته هذه الفائدة.

ص: 183

11-

قد تكون الدعوة مستجابة دون علم الداعي: فقد مر بنا عند الحديث عن فضائل الدعاء أن ثمرة الدعاء مضمونة إذا أتى الإنسان بأسباب الإجابة، وسلم من موانعها؛ فالداعي لا يخلو من أن يستجاب له دعاؤه فيرى أثره في الدنيا، أو لا يستجاب له لوجود أحد الموانع، فلا يرى أثرًا لدعائه في الدنيا، أو أن يستجاب له ولكن لا يرى أثرًا للإجابة في الدنيا وإنما يؤخر له من الأجر مثل دعوته يوم القيامة، أو أن يستجاب له الدعاء فلا يرى أثرًا للإجابة، ولكن يصرف الله عنه من السوء مثل دعوته وهو لا يعلم (16) .

إذا تقرر هذا فكيف يستبطئ الداعي الإجابة طالما أن الثمرة مضمونة؟ ولماذا لا يحسن العبد ظنه بربه ويقول: لعله استجيب لي من حيث لا أعلم؟.

12-

قد يكون الدعاء ضعيفًا فلا يقاوم البلاء: قال ابن القيم- رحمه الله: (وله (17) مع البلاء ثلاث مقامات:

أحدها: أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه.

الثاني: أن يكون أضعف من البلاء، فيصاب به العبد، ولكن قد يخففه وإن كان ضعيفًا.

الثالث: أن يتقاوما، ويمنع كل واحد منهما صاحبه) (18) .

13-

قد يكون الإنسان سد طريق الإجابة بالمعاصي: فلو فتحها بالتقوى لحصل على مراده؛ فكيف يستبطئ الإجابة وقد سد طريقها بالمعاصي؟.

أما علم أن التقوى سبب الراحة، وأنها مفتاح كل خير؟

أما سمع قوله - تعالى -: [وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ][التحريم: 2-3]، وقوله - تعالى -:[وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً][التحريم: 4] .

أَوَ ما فهم أن العكس بالعكس؟.

14-

ظهور آثار أسماء الله - تعالى -: فمن أسماء الله عز وجل المعطي، المانع، الحكم، العدل، الكريم، العليم، البر، الرحيم، المالك، الحكيم.

وهذه الأسماء تستدعي متعلقات تظهر فيها أحكامها، ومقتضياتها، وآثارها؛ فتأخر الإجابة من أسباب ظهور تلك الآثار، والمقتضيات والأحكام.

فقد يمنع عز وجل أحدًا من الناس؛ لحكمته، وعدله، وعلمه.

وقد يعطي برحمته عز وجل، وحكمته، وبره، وعلمه.

15-

تكميل مراتب العبودية للأولياء: فالله عز وجل يحب أولياءه، ويريد أن يكمل لهم مراتب العبودية، فيبتليهم بأنواع من البلاء، ومنها تأخر إجابة الدعاء؛ كي يتَرَقَّوا في مدارج الكمال ومراتب العبودية؛ (فكمال المخلوق في تحقيق عبوديته، وكلما ازداد العبد تحقيقًا للعبودية ازداد كماله، وعلت درجته) . (19)

فأنفع الأشياء للعبد على الإطلاق طاعته لربه بظاهره وباطنه، وأضر الأشياء عليه معصيته لربه بظاهره وباطنه.

فإذا قام بطاعته وعبوديته مخلصًا له - فكل ما يجري عليه مما يكرهه يكون خيرًا له.

وإذا تخلى عن طاعته وعبوديته - فكل ما هو فيه من محبوبٍ شرٌّ له.

فإذا تدبر العبد ذلك تشاغل بما هو أنفع له من حصول ما فاته.

هذا ومن تلك العبوديات التي تحصل من جراء تأخر إجابة الدعاء ما يلي:

أ- انتظار الفرج: فانتظار الفرج من أجل العبوديات وأعظمها، فكلما اشتد انتظار الفرج كلما ازدادت ثقة العبد بربه، فيزداد بذلك قربًا من الله، وأُنْسًا به عز وجل.

ولو عجلت له الإجابة لربما فاتته هذه العبودية.

ص: 184

قال ابن القيم- رحمه الله: (انتظار روح الفرج يعني راحته، ونسيمه، ولذته؛ فإن انتظاره، ومطالعته، وترقبه يخفف حمل المشقة ولاسيما عند قوة الرجاء، أو القطع بالفرج؛ فإنه يجد في حشو البلاء من روح الفرج ونسيمه وراحته - ما هو من خفي الألطاف، وما هو فرج معجل)(20) .

ب- حصول الاضطرار والافتقار إلى الله: فهذا لب العبادة ومقصودها الأعظم؛ فالافتقار إلى الله دون سواه هو عين الغنى، والتذللُ له عز وجل هو العز الذي لا يدانيه عز.

ثم إن حاجة الإنسان بل ضرورته إلى الافتقار والاضطرار إلى الله - لا تدانيها حاجة أو ضرورة.

ولو أجيب دعاؤه مباشرة لربما أصابه التيه بالنفس، والإدلال على الله بالعمل، ولربما شعر بالغنى عن الله تبارك وتعالى.

وبذلك يخرج العبد عن وصفه الذي لا ينفك عنه، والذي فيه جماله وكماله ألا وهو افتقاره إلى ربه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله: (والعبد هو فقير دائمًا إلى الله من كل وجه؛ من جهة أنه معبوده، وأنه مستعانه، فلا يأتي بالنعم إلا هو، ولا يَصْلُح حال العبد إلا بعبادته.

وهو مذنب - أيضًا - لا بد له من الذنوب فهو دائمًا فقير مذنب؛ فيحتاج دائمًا إلى الغفور الرحيم؛ الغفور الذي يغفر ذنوبه، والرحيم الذي يرحمه فينعم عليه، ويحسن إليه؛ فهو دائمًا بين إنعام ربه وذنوب نفسه) (21) .

جـ- حصول عبودية الرضا: (فالرضا باب الله الأعظم، وجنة الدنيا، وبستان العارفين)(22) .

فمن رضي عن الله وبالله رضي الله عنه وأرضاه؛ فالمؤمن حين تنزل به النازلة يدعو ربه، ويبالغ في ذلك، فلا يرى أثرًا للإجابة، فإذا قارب اليأس نُظِرَ حينئذٍ في قلبه، فإن كان راضيًا بالأقدار، غير قنوط من فضل الله فالغالب تعجيل الإجابة؛ فهناك يصلح الإيمان، ويهزم الشيطان، وتتبين مقادير الرجال.

وقد أشير إلى هذا في قوله - تعالى -: [حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ][البقرة: 214] .

وكذلك جرى ليعقوب عليه السلام مع أولاده كما مر قريبًا.

أما الاعتراض وقلة الرضا عن الله فخروج عن صفة العبودية.

قال بعضهم: (ارض عن الله في جميع ما يفعله بك؛ فإنه ما منعك إلا ليعطيك، ولا ابتلاك إلا ليعافيك، ولا أمرضك إلا ليشفيك، ولا أماتك إلا ليحييك؛ فإياك أن تفارق الرضا عنه طرفة عين، فتسقط من عينه)(1) .

قال ابن ناصر الدين الدمشقي- رحمه الله:

لمؤمن واثق بالله لا لاهي *** يجري القضاءُ وفيه الخير نافلة

في الحالتين يقول الحمد لله (24) *** إن جاءه فرح أو نابه ترح

د- الانكسار بين يدي جبار السماوات والأرض: فالله عز وجل يحب المنكسرين بين يديه، فيدنيهم، ويقرب منهم، بل هو عز وجل عند المنكسرة قلوبهم.

ذكر عن عمران بن موسى القصير قال: قال موسى عليه السلام: (يا رب، أين أبغيك؟

قال: ابغني عند المنكسرة قلوبهم؛ فإني أدنو منهم كل يوم باعًا، ولولا ذلك انهدموا) (1) .

فربما كان تأخر الإجابة سببًا لإطالة الوقوف على باب الله، وانكسار العبد بين يديه، وكثرة اللجأ إليه، والاعتصام به.

ص: 185

بدليل أنه لولا هذه النازلة لم يُرَ على باب اللجأ والمسكنة؛ فالله عز وجل علم من الخلق اشتغالهم بالبشر عنه، فابتلاهم من خلال النعم بعوارض تدفعهم إلى بابه يستغيثون به.

فهذا من النعم في طي البلاء، وإنما البلاء المحض ما يشغلك عن ربك، وأما ما يقيمك بين يديه عز وجل ففيه جمالك، وكمالك، وعزك، وفلاحك.

هـ- التمتع بطول المناجاة: فقد مرَّ بنا عند الحديث عن فضائل الدعاء أن العبد قد يقوم لمناجاة ربه، وإنزال حاجاته ببابه، فيُفتح على قلبه حال السؤال والدعاء من محبة الله، ومعرفته، والخضوع له، والتذلل بين يديه - ما ينسيه حاجته، فيكون ما فتح له من ذلك أحبَّ إليه من قضاء حاجته التي سألها، فيحب أن تدوم له تلك الحال، وتكون عنده آثر من حاجته، ويكون فرحه بها أعظم من فرحه بحاجته لو عجلت له وفاتته تلك الحال.

وعلى هذا فكلما تأخرت الإجابة كلما طالت المناجاة، وحصلت اللذة، وزاد القرب.

ولو عجلت الإجابة لربما فاتت تلك الثمرة.

قال سفيان الثوري- رحمه الله: (ما أنعم الله على عبد في حاجة أكثر من تَضَرُّعه إليه فيها)(26) .

ومجاهدة الشيطان ومراغمته: فالشيطان عدو مبين للإنسان، يتربص به الدوائر، ويسعى في إضلاله وصدِّه عن صراط الله المستقيم، فإذا صادف منه غرة أصابه من خلالها.

فالعبد إذا دعا ربه، وتأخر وقت الإجابة - بدأ الشيطان يجول في خاطره؛ ليسيء ظنه بربه، وصار يُلقي في رعه أن لا فائدة من دعائه.

فإذا جاهده العبد، وراغمه، وأغاظه بكثرة الدعاء، وإحسان الظن بالله - حصل على أجر عظيم؛ فمجاهدة الشيطان ومراغمته من أجل العبوديات.

ولو لم يأت العبد من تأخر الإجابة إلا هذه الفائدة - لكان حريًا به ألا ينزعج من تأخرها.

هذه بعض الحكم المتلمسة من جراء تأخر الدعاء، والتي يجدر بالعبد أن يستحضرها إذا دعا وتأخرت إجابة الدعاء.

أما بالنسبة للسحر، وكونه بسبب سحر أو نحوه فذلك لا معنى ولا صحة له، فالمدعو هو الله، وإجابة الدعاء بيده وحده عز وجل.

أما إبطال السحر فيجوز إذا كان بالرقية الشرعية التي تكون بالآيات القرآنية، والأدعية النبوية.

أما إذا كان بالسحر فلا يجوز.

وأخيراً أوصيك بالصبر، والاحتساب، واللجوء إلى الله، وأكرر عليك مسألة إحسان الظن بالله.

(1) مدارج السالكين 2/32.

(2)

الكتاب الجامع لسيرة عمر بن عبد العزيز الخليفة الخائف الخاشع لعمر بن محمد الخضر المعروف بالملاء، تحقيق د. محمد صدقي البورنو 2/432-433، وانظر سيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم ص97.

(3)

برد الأكباد عند فقد الأولاد لابن ناصر الدين الدمشقي ص38.

(4)

، (5) إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان لابن القيم تحقيق مجدي السيد ص97-98.

(6)

صيد الخاطر 1/109.

(7)

مدارج السالكين 2/215-216.

(8)

مدارج السالكين 2/215.

(9)

المواهب الربانية من الآيات القرآنية للشيخ ابن سعدي، اعتنى بها سمير الماضي ص151.

(10)

انظر برد الأكباد ص39.

(11)

أخرجه الترمذي (2396) وابن ماجة (4031) من حديث أنس، وحسنه الترمذي، والألباني في صحيح الترمذي 2/286.

ص: 186

(12)

جنة الرضا في التسليم لما قدر الله وقضى للغرناطي، تحقيق د. صلاح جرار 3/52.

(13)

جنة الرضا في التسليم لما قدر الله وقضى للغرناطي، تحقيق د. صلاح جرار 3/52.

(14)

الفرج بعد الشدة لابن أبي الدنيا ص22.

(15)

برد الأكباد عند فقد الأولاد لابن ناصر الدين الدمشقي ص37.

(16)

علق سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمه الله في هذا الموضوع فقال: (وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم -أنه قال: ما من مسلم يدعو ليس بإثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدَّخرها له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها، قالوا: يا رسول الله، إذًا نكثر؟ قال: الله أكثر) أ-هـ. والحديث مضى تخريجه عند الحديث عن فضائل الدعاء.

(17)

يعني الدعاء.

(18)

الجواب الكافي ص9 - 10.

(19)

العبودية لابن تيمية ص80.

(20)

مدارج السالكين 2/167.

(21)

جامع الرسائل لابن تيمية 1/116.

(22)

جامع العلوم والحكم 2/476.

(23)

مدارج السالكين 2/216.

(24)

برد الأكباد ص9.

(25)

أخرجه أحمد في الزهد ص95 وأورده ابن القيم في إغاثة اللهفان ص97.

(26)

عدة الصابرين لابن القيم ص161.

ص: 187