المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحسد … الأسباب/الوقاية والعلاج المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث - فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - جـ ٢٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌هل لي من توبة

- ‌الإنترنت.. والفراغ

- ‌التزم فغضب منه أبواه

- ‌أبي لا يحب الملتزمين

- ‌يمنع أولاده الخروج لصلاة الجماعة، فهل هو محق

- ‌أريد الالتزام.. ولكن

- ‌أريد أن أتحجب

- ‌زوجي ووالدي يرفضان الحجاب

- ‌أريد أن أرتدي النقاب ولكن

- ‌أريد أن أعفي لحيتي…ولكن

- ‌أعينونني على صلاة الفجر

- ‌فوجئت بتناقضات الساحة الدعوية

- ‌مشكلات في الرحلات الجماعية

- ‌أريد أن أهتدي ولكن

- ‌أنَّى لي الهداية وهذه بيئتي

- ‌والدي يرفض لبسي للنقاب

- ‌خامساً: قضايا إيمانية

- ‌شفاؤها.. في افتراقنا

- ‌الأخوة في الله وضوابطها

- ‌الحب في الله علاماته وفضله وشروطه

- ‌تريد الإصلاح بين زميلتيها

- ‌أريد الأخوة في الله

- ‌كيف لي بالكور بعد الحور

- ‌وسائل الثبات

- ‌لقد ذهبت تلك الايام..!!! فكيف اعيدها

- ‌وسائل الثبات على دين الله

- ‌التزمتُ ثم عدتُ

- ‌الرجوع إلى المعاصي بعد الحج

- ‌نفسي تتهمني بالرياء

- ‌الإخلاص والرياء

- ‌يأتيني شعور بأني مرائي

- ‌هل أنا منافق

- ‌أنا متناقض.. أفعل الطاعات والمعاصي

- ‌أخاف الرياء.. لكني أحب الثناء

- ‌هل هذا تناقض أم ضعف

- ‌داء العجب والرياء

- ‌يقدموني للصلاة وأخاف الرياء

- ‌هل هذا من الرياء

- ‌هل الغيبة تمنع الخشوع

- ‌الخوف والرجاء

- ‌لا أصلي ولكني أخاف الله

- ‌لذلك فحياتي بلا معنى

- ‌بين قبح السريرة وصلاح الظاهر

- ‌تربية النفس

- ‌ثمرة غض البصر

- ‌أجد في قلبي وحشة وقسوة

- ‌كيف أزداد محبةً للرسول

- ‌أجد في نفسي صدوداً عن العبادة

- ‌أعاني صعوبة في الخشوع في الصلاة

- ‌علاج قسوة القلب

- ‌الأسباب المعينة على تصحيح النية

- ‌أشعر أن كل عبادة أفعلُها لن يقبلها الله

- ‌يعاني سرعة الغضب والشجار مع والديه

- ‌أعاني قسوة قلبي

- ‌أريد أن أقوي إيماني

- ‌لا يهتم بقبول العبادة من عدمه

- ‌لقد قسا قلبي

- ‌الصبر

- ‌الصبر

- ‌فُجِعَ بولده ويخاف أن يضعف صبرُه

- ‌ماذا أفعل مع هذا الملحد

- ‌كثرة الحوادث عقوبة أم ابتلاء

- ‌حائر.. مع أخي

- ‌سؤال الله الصبر

- ‌فترت همتي

- ‌يئست من صلاحي

- ‌نصيحة لمن اهتدى ثم انتكس

- ‌كيف يعالج الفتور الذي انتابه

- ‌أخي يزداد انحرافاً

- ‌أخي قد تغير كثيراً

- ‌زوجي.. تغير كثيرا

- ‌يعتريني الملل بقراءة أوراد السور

- ‌أحاول المواظبة على الجماعة، ولكن

- ‌يعاني فتورًا عن الطاعة

- ‌الخلاص من الغموم، وهموم المستقبل

- ‌الوظيفة أم طلب العلم

- ‌مقترحات لتفعيل دور المساجد

- ‌أسلمن…وأريدهنَّ داعيات

- ‌مقصر في العلم…هل يترك الدعوة

- ‌كيف أكون إيجابياً

- ‌بماذا أبدأ حتى أتقرب لله

- ‌أنكر عليهم وينفرون مني

- ‌أنا عاشقة

- ‌دعوت كثيراً ولم يستجب لي

- ‌كيف أعرض دلائل وجود الله

- ‌علامات النصر والتمكين

- ‌مترددة في التزام الحجاب

- ‌هذه مجالسهن فهل أعتزلهن

- ‌كيف أتخلص من هذه الأمراض

- ‌تتجاذبني في خدمة الإسلام رغبات فوجهوني

- ‌يزدري المسلمين لتخلفهم

- ‌كيفية علاج النسيان

- ‌لا أريد أن أخسر آخرتي أيضاً

- ‌يزعم أننا نعبد الحجر الأسود، فكيف أقنعه

- ‌ماذا يفعل المظلوم

- ‌كيف أحب في الله

- ‌تائه في صحراء الفكر

- ‌أعيدوا لي الأمل في الحياة

- ‌لم أجد لدعائي أثراً

- ‌كيف نستقبل عاماً جديداً

- ‌أسباب الكياسة والعجز

- ‌هؤلاء تصلي عليهم الملائكة

- ‌مناصحة أهل العلم

- ‌استشارات نفسية

- ‌مشكلة الرهبة من التحدث في جموع الناس

- ‌الخجل

- ‌طفلتي خجولة وعنيدة

- ‌خجل وحساسيه

- ‌خجل.. وحساسيه

- ‌أعاني من الخجل الشديد

- ‌أخشى سخرية الآخرين بتديني

- ‌الخجل يمنعني من حقوقي

- ‌الخوف من إمامة الناس في الصلاة

- ‌رهبة الإمامة

- ‌كيف نوظف طاقات هذا الشاب الخجول

- ‌عاطفي جداً تجاه الآخرين

- ‌كيف أتحرر من الخوف

- ‌القلق

- ‌خوف الرياء أتعبني

- ‌أنا…أسير الوساوس والقلق

- ‌توتري..يمنعني من الاتصال بالآخرين

- ‌تخشى من العودة للحرام في الإجازة

- ‌الكآبة والأرق تؤثران على تفكيري

- ‌معاناة نفسية بسبب تخصصي الشرعي

- ‌يعاني من الخوف والتوتر العصبي

- ‌حالي.. وأحلامي.. وتشاؤمي

- ‌أفكر بالانتحار

- ‌أنا أسيرة الكآبة والحزن

- ‌الاكتئاب

- ‌اكتئاب…وهلع!! وأمور أخرى

- ‌أعاني من الاكتئاب

- ‌حزني.. وتشاؤمي قد يدفعاني للهاوية

- ‌نداء.. يائس

- ‌إني مكتئبة..!! ماذا أفعل

- ‌هل نحن في آخر الزمان

- ‌كثير البكاء دائم الحزن على حال الأمة

- ‌الخوف أثر على صحتي

- ‌الخوف والرهاب

- ‌أخاف…وأتحمل أعباء الغير

- ‌خوفي عليهم.. يقتلني

- ‌اضطراب.. وخوف.. وشدة خفقان

- ‌أرتعد وأخاف.. وأشعر بكراهية الناس

- ‌حزني عليها.. وخوفي من الموت

- ‌أرى الموت في كل مكان

- ‌عدم رغبة للأماكن المزدحمة

- ‌الخوف من الناس

- ‌خوفي من قريبي.. يقلقني

- ‌خوف اجتماعي

- ‌لا أستطيع المناقشة

- ‌مرض الخوف

- ‌خائفة من الجن

- ‌الخوف الاجتماعي

- ‌رهاب اجتماعي

- ‌شيء عن الرهاب الاجتماعي

- ‌كيفية التخلص من ضيق النفس والاضطراب والخوف

- ‌خائفة ومترددة

- ‌خوف شديد

- ‌عزلة شبه تامة.. ألم كبير

- ‌الخوف يحيط بي

- ‌أعاني شدة الخوف

- ‌يلازمني هذا الشعور عند التلاوة، فهل بي مسٌّ

- ‌الوساوس

- ‌يئست من صلاحي

- ‌الوسواس القهري ولا يزال السؤال مستمرا

- ‌والدتي تعاني من كره شديد للأكل

- ‌مشكلة نفسية..؟ أم وسواس

- ‌ذلك الهاجس الشيطاني

- ‌أدعية الوسواس والقلق

- ‌ينتابني وساوس خطيرة

- ‌كيف ننسى الماضي

- ‌مصابة بداء الشك

- ‌مريضة بالوسواس القهري

- ‌أعاني من السلبية والتردد وعدم التركيز

- ‌وساوس تحاصرني

- ‌علاج الوساوس

- ‌الوساوس والإغراق في التفكير تحاصره

- ‌أشعر أنني شريرة

- ‌كيف أحب رسول الله

- ‌كيف أتقي سحرهم

- ‌السحر والمس

- ‌هل أنا مصاب بالجن

- ‌المس…الأعراض والأسباب، الوقاية والعلاج

- ‌هل هذا ساحر

- ‌هل أنا مسحور

- ‌سحروني بطريقة خفية

- ‌هل أنا مسحورة

- ‌الاتهام بعمل السحر

- ‌هل مسَّ الجان ولدي

- ‌أشك أني مسحور

- ‌الجن أسقطوا حملي

- ‌هل بي مسٌّ من الجن

- ‌الحسد…الأسباب/الوقاية والعلاج

- ‌الحسد والعين

- ‌أرواح شريرة

- ‌نفسي تراودني على قتلهم

- ‌الحقد

- ‌قلبي مليء بالغل والحقد فكيف الخلاص

- ‌سوف أنتقم

- ‌كيف أتخلص من الأحقاد

- ‌فكرة الانتقام تؤرقني

- ‌كيف أتغلب على شعوري بالفشل

- ‌الاحباط

- ‌محبط بسبب عملي الجديد

- ‌فشلت في تحقيق الهدف

- ‌الأمور لا تتيسر لي دائماً

- ‌أصبت بالقنوط مما يصيب إخواننا

- ‌وظيفتي.. أحبطتني وأدخلتني في دوامة نفسية

- ‌استغلوا براءتي.. لتدميري

- ‌أنا والفساد الإداري والمالي في عملي

- ‌طموحي يتهشم

- ‌طموحي وغلبة الإحباط

- ‌التغلب على اليأس

- ‌أحلام اليقظة حطمتني

- ‌ابنتي وصعوبة الكلام

- ‌مشكلات النطق

- ‌كيف أتخلص من التلعثم في الكلام

- ‌طفلي.. وصعوبة النطق

- ‌أعاني من النوم أثناء الامتحان

- ‌مشكلات النوم

- ‌الجاثوم يحبس أنفاسي

- ‌غضب وأحلام مزعجة

- ‌الثقة

- ‌الرهبة عند المقابلات الشخصية

- ‌بالنفس

- ‌أتولى المناصب.. ولا أثق بقدراتي

- ‌مشكلتي…عدم الثقة بنفسي

- ‌كيف أتدبر القرآن وأثق بنفسي

- ‌كيف أستعيد ثقتي بنفسي

- ‌ضعيف الثقة بالنفس

- ‌التعامل مع الموظفين الأكبر سناً

- ‌الناس..يحتقرونني

- ‌عدم الثقة بالنفس..حطمني

- ‌طموحي يتهشم

- ‌أعاني من ضعف الثقة بالنفس

- ‌كلهم يحتقرونني

- ‌زوجي مهزوز الثقة بالنفس

- ‌الثقة بالنفس..مرة أخرى

- ‌حكاية الصمت

- ‌هذا الأمر.. أفقدني احترامي لذاتي

- ‌أحب المبادرة.. أكره النقد

- ‌ثقتي بنفسي مهزوزة

- ‌مشكلتي الكبرى.. التردد

- ‌وأنا في هذه الحالة…لا أثق بأصدقائي

- ‌بالآخرين

- ‌فقْدِ الثقة في الرجال، ورفض الخُطّاب

- ‌أساؤوا الظن بي

- ‌أشك في أسرتي

- ‌أختي خانتني، وفقدت ثقتي بالآخرين

- ‌أشك في أختي

- ‌صديقي كثير الشكوك فيمن حوله

- ‌سوء الحفظ.. وكثرة النسيان

- ‌أخرى

- ‌شرود ذهني.. وأرق

- ‌كيف أتخلص من الغيرة

- ‌انتقادات مستفزَّة

- ‌أصبحت انطوائية

- ‌هل أمي مصابة بمرض نفسي

- ‌الديون أثقلت كاهلي

- ‌ملل من الدراسة.. وضغوط الحياة

- ‌أرتبك عندما أتكلم أمام الناس

- ‌أشعر بملل وأفضل الوحدة…وعصبي

- ‌تقلبات نفسية…متعاقبة

- ‌هل أنا مريضة.. نفسياً

- ‌فقدت كل شيء حتى الأمل

- ‌حب الانعزال عن الآخرين

- ‌أحس أنني لا أفكر

- ‌صديقي ومرض الفصام

- ‌أعاني من أمراض نفسية

- ‌أفضل الهروب على المواجهة

- ‌معاناتي تتضاعف عندما أرى معاناة الآخرين

- ‌مشكلة نفسية.. أم عقلية

- ‌فراغ نفسي

- ‌اضطراب وسخط.. على الجميع

- ‌خيال واسع.. ومؤلم

- ‌ثلاث خصال.. تمنعني من إنجاز أموري

- ‌الوسائل المفيدة للحياة السعيدة

- ‌حالتي.. متناقضة

- ‌شخصية سيكوبا تيه

- ‌أعيش تناقضاً في حياتي

- ‌لهذا أكره الرجال

- ‌شكلي لا يعجبني

- ‌التبول غير الإرادي

- ‌تنتابه أحلام اليقظة

- ‌هل أنا فتاة انطوائية وغامضة

- ‌عزيمتي انهزمت

- ‌البرمجة العصبية اللغوية مرة أخرى

- ‌المرض النفسي وضعف الإيمان

- ‌زوجي مريض نفسياً

- ‌تنمية التفكير

- ‌التشتت الفكري.. والضيق يقتلاني

- ‌كثرة السرحان

- ‌همومنا تشغلنا كثيراً

- ‌لأجل ذلك…تجنبتهم

- ‌أعاني من التفكير بالمستقبل

- ‌لقد كرهت مساعدة الناس

- ‌ضغوط نفسية رهيبة.. وعدم توازن

الفصل: ‌ ‌الحسد … الأسباب/الوقاية والعلاج المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن باحث

‌الحسد

الأسباب/الوقاية والعلاج

المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن

باحث شرعي.

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /‌

‌الحسد والعين

التاريخ 9/1/1425هـ

السؤال

ما هو علاج الحسد؟.

الجواب

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على الهادي البشير، والسراج المنير، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:

إلى الأخ السائل: - سلمه الله تعالى- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخي الكريم: لقد سرني جداً سؤالك، على الرغم من إيجازه، لكنه موضوع من الأهمية بمكان، وجدير بالاعتناء، وقد كثرت الكتابة فيه؛ وذلك لأنه تفشى في المجتمع بصورة رهيبة تدعو لوقفة جادة لعلاج هذا الداء العضال.

فالحسد داء عضال، وخصلة ذميمة تفتك بالمجتمعات والأفراد، بل والشعوب على حد سواء، فالمجتمع الذي تسود فيه هذه الصفة الدنيئة مجتمع ينعدم فيه التعاون والحب، ويسري فيه الأمراض الفتاكة، كمرض الشحناء والكره، والفرقة، والتباغض، وغيرها من الأمراض التي تفتك بكيان الأمة كلها.

تعريف الحسد لغة واصطلاحاً:

فالحسد كما عرفه علماء اللغة: هو أن يرى المرء لأخيه نعمة، فيتمنى زوالها عنه، وتكون له من دونه.

وقد عرف علماء الشريعة الحسد بتعريفات عدة، كلها تدور في فلك واحد، ألا وهو تمني زوال النعمة من الغير، قال الإمام النووي - رحمه الله تعالى-: الحسد هو تمني زوال النعمة عن صاحبها، سواء كانت نعمة دين أو دنيا) ا. هـ.

وقال الإمام الغزالي - رحمه الله تعالى-: (أما الحسد عند علماء الشريعة فحده كراهية النعمة، وحب زوالها عن المنعم عليه) ، ا. هـ.

وقال الإمام ابن الجوزي - رحمه الله تعالى-: (الحسد: هو تمني زوال نعمة المحسود، وإن لم يصل للحاسد مثلها) ا. هـ.

أدلة الحسد من الكتاب والسنة:

والحسد حقيقة واقعة، وأدلة وجوده قاطعة، وهي كثيرة في كتاب ربنا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فمن ذلك: قوله -تعالى-: "أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله"[النساء: 54] .

وقال -تعالى-: "ومن شر حاسد إذا حسد"[الفلق:5]، وقال -تعالى-:"فسيقولون بل تحسدوننا"[الفتح:15] ، وكذلك قصة يوسف عليه السلام مع أخوته مشهورة في هذا الباب، عن أبي هريرة رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والحسد؛ فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب" رواه أبو داود (4903) وعن بن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دب إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء" رواه الترمذي (2510) .

ولذلك حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من الحسد؛ وذلك لخطره وسوء عاقبته في الدنيا والآخرة.

فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم، أن يهجر أخاه فوق ثلاث" متفق عليه عند البخاري (6065) ، ومسلم (2559) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يجتمعان في قلب عبد الإيمان والحسد" رواه النسائي (3109) .

ص: 340

فالحسد شره عظيم، وخطره جسيم، إذا هجم فتك، وإذا ضرب قضى، وإذا صوب أصاب في مقتل، ولهذا المرض الخبيث أسباب يحسن بنا معرفتها؛ لتجنبها والوقاية منها.

أسباب الحسد:

للحسد أسباب عدة، ويمكن أن نجملها في النقاط التالية:

1-

ضعف الإيمان، وعدم الرضا بما قسمه الله: فالذي حرم القناعة وعدم الرضا، فقلبه يحترق ويتمزق أسفاً كلما رأى أحداً في نعمة، وهو يرى نفسه محروماً منها، ولا يدري المسكين أن الله قدر هذه الأشياء وقسم الأرزاق، ونحن في عالم الغيب، فالرضا بما قسمه الله يريح النفس، ويطمئن القلب؛ لأن كل شيء بقضاء وقدر.

2-

الجهل بعواقب الحسد، فالحاسد لا يدرك شناعة وعواقب الحسد الوخيمة، وما يترتب عليه من نتائج عظيمة على الدين، والنفس، والمجتمع، ففي الدين: الحاسد ساخط على أقدار الله، وهو بذلك يصف المولى -جل وعلا- بعدم العدل، تعالى الله عما يصفه الحاسدون علواً كبيراً، حيث إنه يرى أن الله أعطى هذا ومنعه هو، فهو ساخط لذلك، وهذا أمر خطير، أما على النفس، فالحاسد دائم التفكير بما أنعم الله على غيره، يعيش في كآبة وحزن كلما رأى غيره يتقلب في نعمة الله، وهو المحروم، فهو دائم الحزن، تعلو وجهه الكآبة، متعكر المزاج، لا يهنأ بعيش، ولا يهدأ له بال، ولا يستقر له قرار، الحسرة ملازمة له، ولا يجني من وراء ذلك إلا الندامة، وتشتت القلب، وفزع النفس، فأمر الله نافذ لا راد له، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط.

أما على المجتمع، فالحاسد شخص منبوذ من المجتمع، يبغضه الصغير والكبير، والقريب قبل البعيد، ينفر منه الناس، ولا يألفونه، فهو بذلك يشعر بالغربة في وسط أقرب الأقربين له، ويكون لذلك الآثار السيئة عليه، حيث يهبط مستواه الاجتماعي، ويتدنى مستواه في العمل والإنتاج، ويكون بذلك عضواً غير فعَّال في المجتمع الأولى بتره واستئصاله؛ خوفاً من تسرب العدوى منه لغيره.

3-

الحقد والعداوة والبغضاء، وهذه الأشياء من أشد أسباب الحسد، وأخطرها، فتجد الإنسان الذي تأصلت فيه هذه الخصال السيئة ونمت، تولد عنده الحسد تلقائياً لكل صاحب نعمة فهو لا يحب أن يرى نعمة على من يبغضه، ويكن له الشحناء والكره، بل قد يدفعه الحسد والحقد، والعداوة على إلحاق الضرر بمن يبغض على تفاوت في درجاته.

4-

التعجب: حيث أخبر الله جل جلاله في كتابه الكريم عن الأمم السابقة لما قالوا لأنبيائهم ورسلهم: "ما أنتم إلا بشر مثلنا.."[يس:15]، وقالوا:"أنؤمن لبشرين مثلنا"[المؤمنون: 47] ، فتعجبوا من أن يفوز برتبة الرسالة والوحي، والقرب من الله -تعالى- بشر مثلهم، فحسدوهم على ذلك مما أدى إلى كفرهم -عياذاً بالله من حالهم-.

5-

الكبر: ومنه كان حسد الكفار لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قالوا: "لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم"[الزخرف: 31] ؛ ولذلك علل أبو جهل -لعنه الله- كفره برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (تنازعنا وبنو عبد مناف الشرف، أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تجاثينا على الركب وكنا كفرسي رهان قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذه، والله لا نؤمن به أبداً ولا نصدقه) .

ص: 341

قلت: فما حمله على الكفر برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الحسد الذي ملأ قلبه من نعمة الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وتشريفه بالوحي والرسالة.

6-

خبث النفس: - والعياذ بالله- وشحها بالخير لعباد الله، فمن الناس من يحزن إذا رأى أو سمع بحسن حال عبد من عباد الله، ويفرح إذا حلت بساحته المصائب والنكبات، لا لشيء، ولكن لخبث نفسه، وسوء نيته، وفساد طويته، كما قال ربنا عن مثل هؤلاء:"وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها"[آل عمران: 120] .

7-

وجود القاسم المشترك بين بعض الفئات من المجتمع أو ما يسمى التنافس بين الأقران في مجال مشترك بينهم ويسميه الغزالي في الإحياء بالخوف من فوت المقاصد، فيقول:(وذلك مختص بمتزاحمين على مقصود واحد، فإن كل واحد يحسد صاحبه في كل نعمة تكون عوناً له في الانفراد بمقصوده، ومن هذا الجنس تحاسد الضرات في التزاحم على مقاصد الزوجية، ومنه أيضاً حسد إخوة يوسف عليه السلام له؛ لفوزه بقلب أبيهم، كمال قال -تعالى-: "إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا")[يوسف: 8] ا. هـ.

هذه بعض الأسباب التي تؤدي إلى هذا المرض الفتاك.

علاج الحسد والوقاية منه:

بعد معرفتنا للأسباب التي تؤدي للحسد يجدر بنا معرفة العلاج والوقاية من هذا الداء:

أولاً: تجنب الأسباب التي تؤدي إليه، والعمل على إزالتها بالكلية، وسد الطريق أمام أي شيء يؤدي إلى ذلك.

ثانياً: قراءة الفاتحة وآية الكرسي، فعن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"فاتحة الكتاب وآية الكرسي لا يقرؤهما عبد في دار فلا تصيبهم في ذلك اليوم عين أنس أو جن" رواه الديلمي.

ثالثاً: قول ما شاء الله لا قوة إلا بالله، عندما يخشى العائن إصابة عينه لغيره، أو لماله، أو أبنائه، فليقل:"ما شاء الله لا قوة إلا بالله"؛ لما روي عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من رأى شيئاً فأعجبه فقال ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يضره".

رابعاً: قراءة المعوذتين، والتحصينات، والأدعية النبوية، للوقاية من حسد الجن، وعورات بني آدم فقد روي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم أن يقول الرجل المسلم إذا أراد أن يطرح ثيابه بسم الله الذي لا إله إلا هو" رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة (273) وقال صلى الله عليه وسلم: "ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول: بسم الله" رواه الترمذي (606) وابن ماجة (297) من حديث علي رضي الله عنه.

وقال صلى الله عليه وسلم: "ستر ما يبن أعين الجن وعورات بني آدم إذا وضع أحدهم ثوبه أن يقول: بسم الله " رواه الطبراني في الأوسط (7066) من حديث أنس رضي الله عنه.

خامساً: الرقية الشرعية: فقد ثبت أنْ رقى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم برقية هي: "بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس، أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك" رواه مسلم (2186) من حديث أبي سعيد الخدري.

ص: 342

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين رضي الله عنهما، ويقول:"أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة"، ويقول:"إن أباكم إبراهيم كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق" رواه البخاري (3371) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

للمريض أن يقرأ على نفسه الفاتحة وقل هو الله أحد، والمعوذتين، وينفث في يديه، ويمسح بهما جسده. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات، فلما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه، وأمسحه بيد نفسه؛ لأنها كانت أعظم بركة من يدي. رواه البخاري (4439) ومسلم (2192) واللفظ له.

سادساً: قول (اللهم بارك) : أي أنك إذا رأيت من أخيك ما يعجبك فادعو له بالبركة، عن أبي أمامة سهل بن حنيف قال: مر عامر بن ربيعة بسهل بن رضي الله عنهما وهو يغتسل، فقال: لم أر كاليوم، ولا جلد مخبأة فما لبث أن لبط به، فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل: أدرك سهلاً صريعاً، قال:"من تتهمون به؟ " قالوا: عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: "علام يقتل أحدكم أخاه، إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة"، ثم دعا بماء، فأمر عامراً رضي الله عنه أن يتوضأ فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، وركبتيه وداخلة إزاره، وأمره أن يصب عليه الحديث رواه ابن ماجة (3509) وأحمد (15550) .

سابعاً: الاغتسال بماء وضوء الحاسد أو العائن، وقد تقدم ذلك في الحديث السابق، وفي رواية أحمد تفصيل حيث قال:"ثم صب ذلك الماء عليه، يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه يكفئ القدح وراءه" ففعل به ذلك، فراح سهل رضي الله عنه مع الناس ليس به بأس. هذا، والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ص: 343