الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل هذا تناقض أم ضعف
؟!
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الإخلاص والرياء
التاريخ 03/04/1425هـ
السؤال
أنا أحب الالتزام، ولذلك أنا ملتزم بالشعائر الظاهرة وبالصلاة والنوافل، لكن اشعر أني لست ملتزماً في الحقيقة، فلقد دخل الرياء في وسط قلبي في أي نوع من أنواع العبادات، وعز علي فراقه، وإن كنت في الخفاء قد أستمع إلى الأغاني....إلخ
فبماذا تنصحونني؟ أريد حلا قبل أن أهلك.
الجواب
الأخ الكريم المسلم: -سلمه الله ورعاه- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة.
والجواب على ما سألت كالتالي:
أولاً: نحمد الله -تعالى- أن حبب إليك الالتزام وتلك نعمة عظيمة تتطلب من صاحبها
رعايتها والحفاظ عليه.
ثانياً: من الخطأ أن تسيء الظن بنفسك وانك لن تلتزم حقيقة، على العكس أنت مهيأ كثيراً للالتزام وفيك خير كثير وبإمكانك أن تكون من خير الناس إذا صدقت مع الله وأقبلت عليه بفعل ما يحب وترك ما يبغض ويكره.
ثالثاً: عليك بكثرة الدعاء والسؤال واللجوء إلى الله أن يصرف قلبك إلى طاعته بصدق، وان يعلق قلبك به سبحانه، وأن يعينك على الاستقامة الحقة.
رابعاً: اعلم أن النجاة في الدنيا والآخرة والتوفيق والسداد متوقف على مدى استقامتك على دين الله تعالى، وقد أمر الله عز وجل عباده بالاستقامة في غير ما موطن في كتابه للتأكيد على وجوبها وأهميتها في حياة المسلم، قال تعالى:"فاستقم كما أمرت ومن تاب معك"[هود:121] وقال:"فاستقيموا إليه واستغفروه"[فصلت:6] وقال في بيان عاقبة الاستقامة: "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون"[فصلت:30] ، فذكر نفسك بهذا لتتقوى على الاستقامة الجادة.
خامساً: تذكر عاقبة الذنب على صاحبه فإن له شؤماً قد يكون مدمرا لحياة الإنسان وآخرته فاحذر الاستهانة به.
سادساً: ثم ماذا لو كان عاقبة ذنوبك أن الله قلب حبك للالتزام إلى كرهك له ماذا أنت فاعل قد يصل بك الأمر إلى الخروج من الدين بالكلية، ألا يسوءك أن ينقلب قلبك إلى ذلك، وتكون من الذين بدلوا نعمة الله عليك كفرا، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟
سابعاً: أكثر من ذكر أحوال القبر والآخرة فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم؛ كما في الترمذي (2307) والنسائي (1824) وابن ماجة (4258) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكثروا ذكر هاذم - بالذال وهو القاطع - اللذات يعني: الموت "، وفي صحيح ابن حبان (2993) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم -قال:"أكثروا ذكر هاذم اللذات فما ذكره عبد قط وهو في ضيق إلا وسعه عليه ولا ذكره وهو في سعة إلا ضيقه عليه".
قال العلماء: ينبغي لمن أراد علاج قلبه وانقياده بسلاسل القهر إلى طاعة ربه أن يكثر من ذكر هاذم اللذات، ومفرق الجماعات ومؤتم البنين والبنات، ويواظب على مشاهدة المحتضرين، وزيارة قبور أموات المسلمين، فهذه ثلاثة أمور ينبغي لمن قسا قلبه ولزمه ذنبه أن يستعين بها على دواء دائه، ويستصرخ بها على فتن الشيطان وأعوانه فإن انتفع بالإكثار من ذكر الموت وانجلت به قساوة قلبه فذاك، وإن عظم عليه ران قلبه واستحكمت فيه دواعي الذنب فإن مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين تبلغ في دفع ذلك مالا يبلغه الأول؛ لأن ذكر الموت إخبار للقلب بما إليه المصير وقائم له مقام التخويف والتحذير.
ثامناً: حاول الاطلاع الكثير على أحوال المسلمين المضطهدين والمشردين والمعذبين والفقراء والمساكين الذين يتعرضون للحروب والقهر والظلم من أعداء المسلمين، ثم حاول أن تساهم في التخفيف عليهم والسعي في إعانة القريبين منهم لك في بلدك أو حولك فإن في ذلك علاج للقلب وإيقاظ له وسلوة عن الهم الحرام.
تاسعاً لا تفتر من سماع الأشرطة الدينية المهتمة بالوعظ والتذكير فإنها نافعة في هذا المجال أيما نفع.
عاشراً: اصحب الصالحين القانتين الطيبين فإنهم عون بعد الله على النفس الأمارة بالسوء، وقد قال تعالى:"وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً"[الكهف 18/28] .
الحادي عشر: أكثر من قولك: "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" مع استشعارك للحاجة إلى الله في دفع هذا الضعف والتهاون بدينك.
الثاني عشر: أنصحك بقراءة كتب للعلامة ابن القيم ومنها: مفتاح دار السعادة، طريق الهجرتين، الجواب الكافي، وكتاب لابن الجوزي اسمه ذم الهوى وخاصة فصل في علاج الهوى فإنه نافع جدا لحالتك.
الثالث عشر: التزم بحلقة تحفيظ للقرآن الكريم واحفظ ما يتيسر لك من كتاب الله عز وجل؛ فإنها مجلس من مجالس الذكر التي تصقل القلب وتحي الروح، وتجعلك أكثر حباً لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولدينه، وفيها سبب لنجاتك فتدارك أمرك وفقك الله. وإني لأتوجه إلى الله بأن يمن علي وعليك بالهداية والرشاد والسداد والثبات على الحق، وأن يملأ قلبي وقلبك إيمانا وتقوى، وأن يهدينا سواء السبيل إنه جواد كريم. والسلام عليكم.