الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعاني من الخوف والتوتر العصبي
المجيب د. محمد بن عبد الخالق شحاته
استشاري الأمراض النفسية بالقصر العيني بمصر.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /القلق
التاريخ 21/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
بصراحة دائماً ينتابني خوف وتوتر أعصاب، خاصة بالصلاة والدوام، ليتكم تفيدوني في هذا الموضوع.
الجواب
الحمد لله الهادي إلى سواء السبيل، والصلاة والسلام على نبينا الكريم، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فما تشعر به ـ أخي الكريم ـ هو من أعراض (القلق) ، والقلق من المشاعر النفسية المضطربة، التي تنتج عنها في الغالب آثار سيئة مثل: التوتر والانقباض والخوف وعدم الطمأنينة والكآبة، وقد ينتج عن القلق آثار مرضية عضوية، كاضطراب القلب وتقلص المعدة والشعور بالإرهاق وغير ذلك.
وعليك أن تعلم ـ يا أخي ـ أن مثيرات القلق لها أسباب كثيرة جامع القول فيها إنها غالباً ما تتعلَّق بالخوف من المجهول أو المستقبل، ومنها: أسباب خاصة كخوف الطالب وقلقه من الامتحان، وخوف الوالدين على أولادهما عند مرضهم وقلقهم عليهم، والخوف من الموت ونحو ذلك.
وهذا القلق يكون محموداً ومندوباً إليه إذا كان وسيلة لدفع الإنسان إلى الخوف من الآخرة وإحسان العمل، ويكون سوياً إذا كان في حجمه الطبيعي الذي يحفظ قدرات الإنسان على العطاء والحرص المتوازن، ويكون مذموماً إذا تعدَّى حدوده إلى إعاقة عطائه وقدراته، وهناك أسباب عامة حين يتحول القلق إلى مرض نفسي يلازم الفرد في معظم تصرفاته، دون أن يكون لديه من الإيمان التحصين الكافي لدفع خطر المرض أو الوقاية منه.
وعلاج القلق، لابد أن يركز على الجذور، باجتثاث الأسباب التي أسهمت في ظهوره، وهذا العلاج ممكن بعدة وسائل، لعل أهمها:
(1)
من أهم وسائل العلاج تقوية إيمان الإنسان بربه؛ لأن الإيمان حصن منيع يحجز طوفان هذه المشكلة من العبور إلى نفس الإنسان، فلا تستطيع بواعث القلق أن تتسلقه أو تخترقه، وإذا حدثت شقوق في هذا الحصن أمكن السيطرة عليها وعلاجها.
وكيف يستبد به القلق، ولماذا يقلق أساساً من يعرف إنما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وما كتب له لن يذهب لغيره، وما لم يكتب له لن يحصل عليه بقوته.
وإذا ضعف الوازع الإيماني عند الإنسان، أو اعتراه شيء من الران، مع وجود الفطرة السليمة، فإن إيقاظ هذا الوازع أمر لا يصعب على المصلحين والدعاة عبر وسائل لا حصر لها.
(2)
من أسباب إزالة القلق والاكتئاب: الإحسان إلى الخلق بالقول وبالفعل، فبهذا الإحسان يدفع الله عن البر والفاجر الغم والهم في الدنيا، ولكن للمؤمن منه أكمل الحظ والنصيب في الدنيا والآخرة، قال تعالى:"لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً"، [النساء: 114] .
(3)
ومن الأسباب التي تحد من الاكتئاب والقلق والتوتر وغيرهم: الاشتغال بعمل من الأعمال أو بعلم من العلوم، لأن إشغال الناس بالمفيد يحجز عنها غير المفيد من قلق ونحوه.
(4)
الحرص على الانتفاع بثمار العبادات المختلفة، والمداومة على الأذكار الشرعية المأثورة من الكتاب والسنة؛ لأن المشاعر النفسية لا تتحكم إلا في القلب الفارغ مما ينفع؛ ولأن الذكر سبب من أسباب طمأنينة القلب، حيث قال سبحانه وتعالى:"الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب"[الرعد: 28] .
ومما لا ريب فيه أن قراءة القرآن الكريم من أفضل العبادات والأذكار التي يحسن بالمسلم أن يتعاهدها، وأن يشغل نفسه بها، وهو وقاية وشفاء للأنفس والأبدان، من كل الأمراض، قال المولى عز وجل:"قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء"[فصلت: 44] .
(5)
من الأسباب المعينة على طرد الاكتئاب والقلق ونحوهما: الاهتمام بعمل اليوم الحاضر، وقطع القلب عن الخوف من المستقبل، وقد ورد في صحيحي البخاري (6369)، ومسلم (2706) -رحمهما الله- من حديث أنس بن مالك-رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: استعاذ من الهم والحَزنَ، فالحَزَن على الأمور الماضية التي لا يمكن ردها، والهم الذي يحدث بسبب الخوف من المستقبل.