الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حائر.. مع أخي
!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ قضايا إيمانية/الصبر
التاريخ 1/5/1422
السؤال
إخواني القائمين على هذا الموقع.. أحب استشارتكم بأمر لا أعرف كيف أتعامل معه.. ولكن لثقتي وتقديري لكم رأيت استشارتكم. نحن أسرة عربية تسكن في أحد البلدان الخليجية.. ولي أخ شقيق قضى حوالي سبع سنوات في دولة أوربية.. كانت تلك السنين شاقة عليه.. وواجه فيه كثيراً من الصعاب والمشاكل التي سببها الرئيسي أنه كان يعيش هناك بلا إقامة شرعية.. تلك الظروف تركت في نفسه أثراً واضحاً من الضيق والتذمر على الدنيا وعلى حظوظه فيها.. وكثيراً ما يردد ذلك في أحاديثه00 استطعنا من فترة قريبة استصدار كرت زيارة له في البلد الذي نحن فيه.. وترك تلك الدولة الأوربية وحضر إلينا ولكنه دائم القلق على مصيره.. خاصة وأنه لا يستطيع الآن العودة إلى الدولة الأوربية التي كان فيها.. ولا يستطيع استخراج إقامة دائمة في البلد الذي نحن فيها.. ويشعر أنه معلق.. وأنه لا يملك إقامة شرعية في أي بلد في العالم..!!! حدثني أكثر من مرة.. بان ما يحدث له.. هو انتقام من الله حيث ذكر لي أنه وأثناء إقامته في البلد الأوربي.. ونتيجة للضغوط والظروف التي مرت عليه.. كان كثيراً ما يتجاوز في الكلمات والعبارات حد الكفر.. ويتطاول بسب الإله..!! ولكنه ندم على ذلك وتركه منذ أربع سنوات.. ولم يعد له مرة أخرى.
وفي الفترة الأخيرة هداه الله إلى الصلاة.. فأصبح يصلي.. ويحافظ على الصلوات الخمس.. إلا أنه ما زال قلقاً.. متوتراً.. وقد ذكر لي أنه يسمع في نفسه أحياناً أصواتاً ((مسببات الكفر)) التي كان يقولها من قبل.. وعندها يشعر بخوف شديد وتحدثه نفسه بأن الله لن يغفر له.. ولن يسامحه وأنه سيزيد من انتقامه له.. فتعود له هواجسه ويتذكر أنه معلق..ولا مكان له.. فيحزن.... وهكذا 000 أفيدوني.. أنني في حيرة.. وحزن على حال أخي..
كيف أتصرف معه..؟! كيف احمله على الالتزام.. والهدوء والثقة بالله.. اشعر أني لا أملك الطريقة المناسبة لإقناعه.. ولا المهارة المطلوبة للتأثير عليه.. وما يحزنني أنني أشعر أنه يحتاج فقط إلى دفعة بسيطة لإيصاله إلى الالتزام وراحة البال.. فهل من شيء تساعدونني فيه؟! وجزاكم الله خيراً..
الجواب
أخي الكريم محمد اشكر لك ثقتك..
بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه:-
أولاً - مشكلتنا يا عزيزي أننا نتعلق بالعباد وننسى رب العباد القادر القوي الذي إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون فهل يتذكر أخاك هذه الحقيقة؟ هل التجأ إلى الله بصدق ودعاه بإلحاح وتضرع..؟ وحاول أن يتحرى في ذلك مواطن الإجابة كالسجود وأدبار الصلوات وآخر ساعة من يوم الجمعة؟ هل قام في آخر الليل حين ينزل ربنا تعالى إلى السماء الدنيا فينادي (هل من داعٍ فأستجيب له هل من مستغفر فأغفر له) هل جرب ذلك؟ وطرق باب
من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء] هل أدرك حقيقة الإيمان بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما اخطأه لم يكن ليصيبه وأن الجن والإنس لو اجتمعوا على أن يضروه بشيء لم يكتبه الله عليه ما ضروه، ولو اجتمعوا على أن ينفعوه بشيء لم يكتبه الله له ما نفعوه، كما جاء في الحديث الصحيح وهل قرأ الحديث النبوي الآخر الذي يقول فيه نبي الهدى صلوات الله وسلامه عليه [لو اتكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصاً وتعود بطاناً، أو كما قال] أي تغدوا في الصباح جائعة وتعود في المساء ممتلئة البطون.
هل تدبر في كل ذلك وغيره الكثير من الآيات والأحاديث التي تؤكد أن الإنسان ضعيف بنفسه قوي بإيمانه ويقينه وتوكله [قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا] .
ثانياً - بالنسبة لما بدر منه سابقاً فأسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق والحمد لله الذي هداه للتوبة والإنابة وعليه بكثرة الاستغفار فلقد ورد في الحديث الصحيح [من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب] .
وعليه بكثرة عمل الحسنات ما ستطاع إلى ذلك سبيلا قال تعالى: [إن الحسنات يذهبن السيئات] وجاء في الحديث [واتبع السيئة الحسنة تمحها..] والشاهد هنا أن فرص التوبة ولله الحمد مفتوحة ومتاحة على أوسع الأبواب ولكن الشيطان أعاذنا الله منه يريد من ابن آدم اليأس من رحمة الله ومن ثم يهوي به في مكان سحيق قال تعالى: [قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً.. الآية] .
ثالثاً - ما يجده في نفسه أحياناً من أصوات مسببات الكفر كما أسميتها هي من الشيطان فليستعذ بالله منه وليذكر الله [إن كيد الشيطان كان ضعيفا] وليأخذ على نفسه وعداً بأن يعقب كل هاجس شيطاني يرده قراءة حزب من المصحف أو صلاة راتبه وسيجد نتيجتها سعة في الرزق وانشراحاً في الصدر وثقة بفرج الله.
رابعاً - أما عن إحساسه بأنه ((معلق)) لا يستطيع العودة إلى مكانه السابق ولا الإقامة في مكانه الحالي فإلي الله المشتكى وعليه التكلان!! وضع مؤلم ولا شك ولكن هل اخترناه بأنفسنا أو فرض علينا وهل نستطيع تغييره بقوانا الذاتية؟!! إذا فليترك الأمر لصاحب الأمر وليتكل عليه فهو سبحانه القادر على كل شيء..
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أضنها لا تفرج
وليكثر من دعاء يونس عليه السلام في بطن الحوت وهو دعاء المكروب [لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين] حيث قال تعالى [ولولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون] .
والخيرة دائماً فيما اختاره الله.
خامساً - رائع منه هذه العودة إلى الله ففي شاطئه الأمان وعليه التكلان وهو سبحانه الحليم المنان فليزدد وليتكل على الله كما أسلفت حق التوكل ويعتمد عليه ويثق به متيقناً أن الدنيا دار ممر وليست دار مقر.
وأن الدنيا لو كانت تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر فيها شربة ماء، وأن الأنبياء عليهم السلام وهم أشرف الخلق عند الله أوذوا وعذبوا وكذبوا ومع ذلك صبروا حتى أتاهم نصر الله فليصبر وليحتسب ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.
سادساً - كيف تقنعه وتؤثر عليه أقترح أن تجعله يقرأ هذه الرسالة أو أعد كتابتها له بشكل آخر تراه.. وسلمها له والهادي هو الله فادع الله لأخيك والله الهادي إلى سواء السبيل.
وفقكما الله وفرج لكما وأعانكما وجميع المسلمين وسدد على طريق الخير والحق خطى الجميع.
فترت همتي
المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه
التاريخ 10/04/1427هـ
السؤال
أنا طالبة أدرس دراسات عليا في مجال الهندسة الداخلية، ونيتي من هذا العلم ليس الرياء، بل مساعدة الفقراء، وقبل دراستي استخرت ودعيت الله في مكة، وعند الكعبة -إن كان راضي بما أنويه- أن ييسره لي. وتيسرت لي الأمور والحمد لله.
مشكلتي أن شعلة الهمة التي كانت بداخلي. قد أصابها الفتور. استكملت سنتين بمعدل ممتاز ولا زلت بنفس المعدل.
لكنني افتقدت الهمة، وقوة الإرادة والعزيمة والإبداع. فكيف أعود لهمتي؟
علماً بأن حياتي كلها صلاة، وسماع للمحاضرات، وقيام لليل، وحفظ أو تلاوة للقرآن، لا شيء غير. ولا أخرج إلا للضرورة فقط.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فما ذكرت أختي الكريمة من فتور الهمة، هو أمر عادي ومتوقع، ففي جامع الترمذي وصححه (2453) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إن لكل شيء شِرَّة، ولكل شِرَّةٍ فترة، فإنْ كان صاحِبُها سدَّد وقارب فارجوه، وإن أُشِير إليه بالأصابع فلا تعدُّوه". شِرَّة بكسر الشين وتشديد الراء: حرصاً ونشاطاً. فترة: وهنا وضعفا.
والمعنى أن لكل شيء أي من الأعمال نشاط وله فتور وضعف، وفي المعنى أحاديث أخرى، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من العجز والكسل كثيراً كما في صحيح البخاري (2893) .
فعليك أن تكثري من هذا الدعاء ونحوه مما ورد في الصلاة وغيرها في الصباح والمساء، وأكثري من قول "لا حول ولا قوة إلا بالله" فإنها كنز من كنوز الجنة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري (2992) وصحيح مسلم (2704) ، وما دامت نيتك من طلب هذا العلم صالحة، وأنت من أهل الخير والطاعة، والستر والعفة، فإن الله عز وعلا ييسر لك ويقوي همتك مرة أخرى، المهم أن يكون هذا العلم مما يناسب جنسك، والحاجة إليه ماسة.
كما أن من أسباب تجدد الهمة؛ وضوح الهدف في العمل الذي يعمله الإنسان وقناعته به، وأيضاً من الأسباب الابتعاد عن ذوي الإرادات الضعيفة، والهمم الدنية الذاتية، وأيضاً من الأسباب تنظيم الوقت، ومحاسبة النفس عند التقصير، واستدراك ما فات، والصبر على ذلك، فالصبر ضياء وليس نوراً فقط!!
بل هو ضياء يشع ويضيء طريق السالكين، قال صلى الله عليه وسلم:"ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحدٌ عطاءً خيراً وأوسع من الصبر" أخرجه البخاري (1469) ومسلم (1052) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
وأحيلك أختي للفصل الثامن من كتاب "صلاح الأمة في علو الهمة"(7/283) للدكتور سيد بن حسين العفاني، وكتاب "علو الهمة" للدكتور محمد بن إسماعيل المقدم، وخلاصة ذلك تجدينها في كتيب نافع مفيد اسمه "الفتور مظاهرة، أسبابه، وعلاجه" للدكتور ناصر العمر، وهو موجود على موقع المسلم (www.almoslim.net) . والله ولي التوفيق.
فتر عن طلب العلم بعد الزواج
المجيب عبد الله بن فهد السلوم
مدرس بثانوية الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه
التاريخ 03/12/1426هـ
السؤال
اجتمعت علي مشكلات الحياة، فتركت طلب العلم، ولم أستطع متابعة الطلب مع ما حباني الله به من حفظ للقرآن وللمتون وإجادة فن الخطابة والأنشطة الدعوية، فقد تركت طلب العلم لما تزوجت وكثرت المشكلات، وأنا غير راض عن هذا الوضع، فبم تنصحوني؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إلى الأخ الكريم -وفقه الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فالمشكلات ملازمة للبشر، وهي درس وامتحان من الله للعباد هل يصبرون ويثبتون ويشكرونه أم لا، وأنت في نعمة عظيمة قد لا تشعر بها، وأعظمها نعمة الهداية على الصراط المستقيم، فاشكر الله على ذلك، والأصل أن المشكلات لا تحول بين العبد والدعوة إلى الله إذا لم يستطع، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ورجوع الإنسان بعد الدعوة وطلب العلم والجد إلى الكسل والتثاقل والغفلة أمر خطير. والتعامل مع المشكلات لا يكون بالضجر وترك الدعوة والبحث عن الأعذار، فإن ذلك استجابة سلبية لرحى المشكلات، ويجب أن يكون التعامل مع المشكلات إيجابياً بالتغلب عليها قدر الإمكان، واللجوء إلى الله والفزع إليه، والإلحاح الصادق في طلب الفرج منه تعالى.
وعدم رضاك عن وضعك يدل -إن شاء الله- على حبك للخير وحرصك عليه.
فجدد الآمال عندك وطب نفساً بقضاء الله، وقدم لدينك تجد الفرج وطرد الهموم، وضع لنفسك برنامجاً سهلاً بالعلم والعودة إلى الدعوة إلى الله من جديد بنفس تواقة وأمل طموح، واطلب رضا الله بكل سبيل، واسع لربك كما قال الشاعر:
نعم أسعى إليك على الجفون ولو بعدت لمسراك الطريقُ
وأعظم الأعمال عند الله -بعد التوحيد والإخلاص- هو نشر العلم وتعليمه والسعي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتربية النفس على الخير، وهذه مهمة الرسل. أسأل الله تعالى أن يفرج همك ويستعملك في طاعته، ويثبتنا وإياك على الحق إنه سميع مجيب.
يئست من صلاحي!
المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه
التاريخ 06/09/1426هـ
السؤال
كنت من حملة كتاب الله، وكنت أدرس في الثانوية الشرعية، ولكني انتكست وتركتها؛ وذلك بسبب ضعف همتي وكسلي، وتسبب ذلك في نسياني القراءة وإدماني على المناظر الإباحية والعادة السرية، فالآن أقراني متفوقون علي في كل شيء، والمصيبة أنني بدأت أبغض نفسي وأقراني ويئست من إصلاح نفسي، فهل هناك أمل في الإصلاح؟ وهل هناك أمل في الالتحاق بأقراني؟ أفيدوني، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فهناك آمال في صلاح الحال وليس أملاً واحداً، فأما أخطاؤك الماضية فقد وعدك الله بالعفو إن تبت واستقمت ورجعت إلى ربك:"قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم"[الزمر: 53] . فما بينك وبين ربك من النظر للمحرمات وممارسة العادة السرية يمحوه الله بالتوبة، ويكفر بالصلاة والأعمال الصالحة الأخرى، قال تعالى:"إن الحسنات يذهبن السيئات"[هود: 114] ، وليست ممارسة العادة السرية مثل الفواحش الكبيرة كالزنا واللواط أعاذك الله منها، وبالتالي فإن ممارستها لا تعني أنك تنقطع عن العلم الشرعي أو الصحبة الصالحة، بل
حاول تركها وإن لم تستطع تركها فاجعلها من الذنوب التي تستغفر منها وتخشى الإثم بسببها، وادع الله أن يعينك على تركها.
وبالنسبة لرؤية الصور المحرمة والأفلام ونحوها فهي من الذنوب التي تكفرها الصلاة والأعمال الصالحة، ولكن أثر إدمانها خطير جدًّا على مستقبل حياتك؛ لأنها قد تؤثر على سلوكك مستقبلاً حتى بعد زواجك، ولتقرأ ما قاله أحد التائبين عن مشكلة إدمانه للمناظر الإباحية: لن أتكلم عن أثر هذه الموقع على قلبي وما فعلته بي في علاقتي مع ربي، فلن أستطيع أن أصف ما فعلته بي في هذا الأمر، ولكن أريد أن أبيِّن أمراً آخر، فقد كنت مدمناً لهذه المواقع قبل زواجي، وكان الشيطان يسول لي الدخول عليها بدوافع عدة، كان منها ما ظننته الفضول وحب الاستكشاف لهذه العلاقات، إلى آخر تلك الحجج الواهية التي بدت لي في وقتها مقبولة، والتي لم تكن إلا اتباعاً للشهوات، وها أنا ذا أتجرّع ألم المعصية، فقد عاد ذلك عليّ بالسلب في علاقتي مع زوجتي، فما شرعت في معاشرة زوجتي إلا وتواردت على ذهني تلك الصور وأفسدت علي حالي، وما أن أتذكرها حتى أفقد حلاوة اللقاء، ولولا حرصي على مشاعر زوجتي لأنهيته في التو، وكأن الله يعاقبني على ما قدمت يداي، وكأنه يقول لي: قد استعجلت بالحرام، فها أنا ذا أفسد عليك الحلال.
فيا أخي احرص على أن تعود إلى ربك -جل وعلا- وأن تعود إلى الدراسة، أو تنشغل بعمل دنيوي نافع، ولتثق بقدراتك، واعلم أن عددًا من الشباب أصابهم ما أصابك ثم عادوا إلى جادة الطريق، ووفقوا لتوبة نصوح أنقذتهم من الانتكاس، ولا يتلاعب بك الشيطان بسبب هذين الذنبين -النظر والعادة السرية- فيريك من نفسك مجرماً أو منافقاً لا أمل في صلاحه ولا يصلح للصلاة ولا لصحبة الأخيار، فذلك من أخطر الأمور عليك، فتعوذ بالله من الشيطان، وقل لنفسك: إنني شاب مسلم وإن عصيت في بعض الأمور فلا أكفر بالله ولا أضيع الصلاة ولا أفرط في الأعمال الصالحة، بل أحاول التوبة وأستمر في الفرائض وأصحب الصالحين؛ لعل الله أن يمن علي بتوبة من هذه المعاصي، وأكثر من سماع الأشرطة المؤثرة في صلاح القلب من تلاوة للقرآن الكريم مؤثرة خاشعة، وسماع محاضرات عن اليوم الآخر والموت. وأكثر من نوافل الطاعات والصيام.
أسأل الله أن يمن علي وعليك بتوبة صادقة وأن يغفر لنا ذنوبنا، ويرزقنا التوبة دائما وأبداً مما اجترحنا، وأن يعيذنا من همزات الشياطين.
نصيحة لمن اهتدى ثم انتكس
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه
التاريخ 15/9/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
شيخنا الفاضل: أرجو التكرم بكتابة رسالة لشخص كان ملتزماً مع صحبة صالحة ثم ترك الالتزام، تدعوه فيها للرجوع للالتزام والرفقة الصالحة وتذكره بالآخرة، وأيضا لا يفوته فضل شهر رمضان. وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي يهدي من يشاء بفضله، ويضل من يشاء بحكمته وعدله، وهو على كل شيء قدير، والصلاة والسلام على الهادي البشير، والسراج المنير، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:
إلى الأخ: السائل: - حفظه الله تعالى- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع.
لقد قرأت رسالتك وسرني جداً حرصك على تقديم النصح لهذا الأخ الذي انتكس على عقبيه واستبدل الذي هو أدني بالذي هو خير، نسأل الله لنا ولك ولجميع المسلمين الثبات حتى الممات، ونعوذ بالله من الحور بعد الكور.
ولكن قبل الشروع في كتابة هذه النصيحة أود أن أتساءل معك بصفتك قريب من هذا الشخص المنتكس، ما هي الأسباب التي جعلته يترك الرفقة الصالحة ويذهب إلى غيرها، فمعرفة هذه الأسباب يساعدك كثيراً في علاج المشكلة، والعمل على إرجاعه مرة أخرى إلى تلك الثلة المباركة – بإذن الله تعالى-
أما بالنسبة للنصيحة لهذا الشخص فمستعيناً بالله أقول:
أيها الأخ المبارك: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن من نظر إلى الدنيا بعين البصيرة لا بعين البصر المبهرج أيقن أن نعيمها ابتلاء، وحياتها عناء، وعيشتها نكد، وصفوها كدر، جديدها يبلى، وملكها يفنى، وودها منقطع، وخيرها ينتزع، والمتعلقون بها على وجل، فالدنيا إما نعمة زائلة، أو بلية نازلة، أو منية قاضية، "يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ" [غافر:39] .
أخي الكريم: هل تذكرت الموت وسكراته، وشدة هوله وكرباته، وشدة نزع الروح منك؟، فالموت كما قيل: أشد من ضرب بالسيوف ونشر بالمناشير، وقرض بالمقاريض.
فتفكر يا مغرور في الموت وسكرته، وصعوبة كأسه ومرارته، فيا للموت من وعد ما أصدقه، ومن حاكم ما أعدله، فالموت لا يخشى أحد ولا يبقي على أحد، ولا تأخذه شفقة على أحد، فقف مع نفسك وقفة صادقة وقل لها:
يا نفس قد أزف الرحيل *** وأظلك الخطب الجليل
فتأهبي يا نفس لا يلعب *** بك الأمل الطويل
فلتنزلن بمنزل ينسى *** الخليل فيه الخليل
وليركبن عليك فيه من *** الثرى ثقل ثقيل
قرن الفناء بنا جميعاً *** فلا يبقى العزيز ولا الذليل
أخي: هل تذكرت القبر وظلمته؟ وضيقه ووحشته؟، هل تذكرت ذلك المكان الضيق الذي يضم بين جوانبه جثث الموتى من عظيم وحقير؟ وحكيم وسفيه؟ وصالح وطالح؟ وبر وفاجر؟ فالقبر إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار.
فيا أخي الحبيب: تخيل نفسك بعد ثلاثة أيام وأنت في قبرك، وقد جردت من الثياب وتوسدت التراب، وفارقت الأهل والأحباب وتركت الأصحاب، ولم يكن معك جليس ولا أنيس إلا عملك الذي قدمته في الدنيا، فماذا تحب أن تقدم لنفسك وأنت في زمن الإمهال حتى تجده في انتظارك يوم انتقالك إلى قبرك؟ "يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ" [آل عمران:30] .
والله لو عاش الفتى في عمره *** ألفاً من الأعوام مالك أمره
متمتعاً فيها بكل لذيذة *** متلذذاً فيها بسكنى قصره
لا يعتريه الهم طول حياته *** كلا ولا ترد الهموم بصدره
ما كان ذلك كله في أن *** يفي فيها بأول ليلة في قبره
هل تذكرت أخي الكريم أول ليلة في القبر؟ حيث لا أنيس ولا جليس ولا صديق ولا رفيق ولا زوجة ولا أولاد، ولا أقارب، ولا أعوان، "ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ" [الأنعام:62] .
فارقت موضع مرقدي *** يوماً ففارقني السكون
القبر أول ليلة *** بالله قل ما يكون؟
أخي: هل تذكرت النفخ في الصور؟ والبعث يوم النشور؟ وتطاير الصحف؟ والعرض على الجبار – جل وجلاله-؟ والسؤال عن القليل والكثير؟ والصغير والكبير؟ والفتيل والقطمير؟ ونصب الموازين لمعرفة المقادير؟ ثم جواز الصراط، ثم انتظار النداء عند فصل القضاء إما بالسعادة وإما بالشقاوة، "فريق في الجنة وفريق في السعير" [الشورى: 7] ، "فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ. وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ" [هود:106-108] .
فيا أخي الكريم: من أي الفرقين تحب أن تكون؟ فجدير بمن الموت مصرعه، والتراب مضجعه والدود أنيسه، ومنكر ونكير جليسه، والقبر مقره، وبطن الأرض مستقره، والقيامة موعده، والجنة أو النار مورده، أن لا يكون له فكر إلا في ذلك، ولا استعداد إلا له.
فيا أخي الكريم: إن العمر قصير، والسفر طويل، والزاد قليل، والخطر محدق وكبير، والعبد بين حالين: حال قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه؟ وآجل قد بقى لا يدري ما الله قاض فيه؟.
فإذا كان الأمر كذلك، فعلى صاحب البصر النافذ أن يتزود من نفسه لنفسه، ومن حياته لموته، ومن شبابه لهرمه، ومن صحته لمرضه، ومن فراغه لشغله، ومن غناه لفقره، ومن قوته لضعفه، فما بعد الموت من مستعتب، ولا بعد الدنيا من دار سوى الجنة أو النار، "فأما من ثقلت موازينه. فهو في عيشة راضية. وأما من خفت موازينه. فأمه هاوية. وما أدراك ما هيه. نار حامية" [القارعة: 6-11] ، فمن أصلح ما بينه وبين ربه كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن صدق في سريرته حسنت علانيته، ومن عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه فلا بد من وقفة جادة وصادقة لمحاسبة النفس، فالمحاسبة الصادقة هي ما أورثت عملاً صادقاً ينجيك من هول المطلع.
عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله – صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" فكان ابن عمر –رضي الله عنهما يقول: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك" أخرجه البخاري (6416) أتدري كم كان عُمْر عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما عندما قال له النبي ذلك كان عمره عشرون سنة!
فيا غافلاً عن مصيره، يا واقفاً مع تقصيره، سبقك أهل العزائم وأنت في بحر الغفلة عائم، قف على باب التوبة وقوف نادم، ونكس الرأس بذل وقل: أنا ظالم، وناد في الأسحار، مذنب وراحم، وتشبه بالصالحين إن لم تكن منهم وزاحم، وابعث بريح الزفرات سحاب ودمع ساجم، وقم في الدجى داعياً، وقف على باب مولاك تائباً، واستدرك من العمر ما بقي ودع اللهو جانباً، وطلق الدنيا والمعاصي والمنكرات إن كنت للآخرة طالباً.
أتراك بعدما ذقت حلاوة الطاعة والعبادة تعود إلى مرارة العصيان؟ أتراك بعدما ذقت لذة الأنس والقرب والمناجاة تعود إلى لوعة البعد والهجر والحرمان؟ أتراك بعدما صرت من حزب الرحمن تنقلب على عقبيك فتنضم إلى حزب الشيطان؟ أتراك بعدما حسبت في عداد المصلين تترك الصلاة وهي عماد الدين، والفارق بين الكفار والمؤمنين، وتكتب من الغافلين؟ هل يليق بك بعدما كنت براً تقياً أن تصبح جباراً شقياً؟ ما هكذا يكون المؤمن، بل ما هكذا يكون العاقل المتبصِّر.
قال تعالى: "وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً"[النحل: من الآية92] ، فإياك ثم إياك من نقض الغزل بعد غزله
…
أرأيت لو أن إنساناً غزل غزلاً ثم صنع منه قميصاً أو ثوباً جميلاً.. فلما نظر إليه وأعجبه
…
جعل يقطع خيوط هذا الثوب وينقضها خيطاً خيطا وبدون سبب.. فماذا يقول عنه الناس؟
…
فهذا حال من يرجع إلى المعاصي والفسق والمجون، ويترك الطاعات والأعمال الصالحة، وفعل الخير ومصاحبة الصالحين، فإياك أن تكون من هذا الصنف المغبون.
أخي الكريم: ما هي إلا أيام قلائل حتى تكتمل دورة الفلك، ويشرق على الدنيا كلها هلال شهر رمضان المبارك، الذي تهفو إليه قلوب المؤمنين، وتتشوق إليه نفوسهم، وتتطلع شوقاً إلى بلوغه، فإن بلوغ شهر رمضان أمنية غالية كان يتمناها النبي – صلى الله عليه وسلم ويسأل ربه أن يبلغه إياها، فعن أنس – رضي الله عنه قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب يقول: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان" أخرجه البيهقي في الدعوات الكبير انظر المشكاة (1/432)(1369) .
فشهر رمضان شهر مغفرة الذنوب، وستر العيوب، ومضاعفة الأجور، شهر تعتق فيه الرقاب من النيران، وتفتح فيه أبواب الجنان، شهر تتنزل فيه الرحمات وتتضاعف فيه الحسنات، شهر كله خير وأفضال، وفرصة للتنافس فيه بصالح الأقوال والأعمال والأفعال، شهر قد أظلنا زمانه، وأدركنا أوانه، قال فيه النبي –صلى الله عليه وسلم ملفتاً الأنظار إلى فضله، ويحث المخاطبين واللاحقين إلى اغتنام وقته فقال:"أتاكم رمضان شهر بركة، يغشاكم الله فيه برحمته، ويحط فيه الخطايا، ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله إلى تنافسكم فيه، ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيراً، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل" قال الهيثمي في المجمع رواه الطبراني في الكبير فشهر هذا فضله وشرفه وقدره، وتلك منزلته، وعلو مكانته عند الله فقل لي بالله عليك: كيف يستقبل هذا الوافد الكريم، وهذا الشهر العظيم؟
أخي: إن من نعم الله عليك العظيمة أن مدَّ في عمرك وجعلك تدرك هذا الشهر العظيم، فكم غيِّب الموت من صاحب، ووارى الثرى من حبيب، فإن طول العمر والبقاء على قيد الحياة فرصة للتزود من الطاعات، والتقرب إلى الله – عز وجل بالعمل الصالح، فرأس مال المسلم هو عمره، لذا فاحرص على أوقاتك وساعاتك حتى لا تضيع هباءً منثوراً، وتذكر من صام معك العام الماضي، وصلى معك العيد، أين هو الآن بعد أن غيَّبه الموت؟ وتخيل أنه خرج إلى الدنيا مرة أخرى فماذا يصنع؟ هل سيسارع إلى المعاصي والمنكرات؟ أو ينغمس في مستنقع الشهوات والملذات؟ أو سيحرص على فعل المحرمات وارتكاب الكبائر والموبقات؟ كلا والله، بل سيبحث عن حسنة واحدة، ولو بتكبير أو تهليل أو تسبيح، فإن الحساب شديد، والميزان دقيق، "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره" [الزلزلة: 7-8] .
فيا أخي الكريم: أنا أدعوك وأدعو نفسي وكل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها بأن نفتح صفحة جديدة بيضاء ناصعة مع ربنا وخالقنا، وأن نسدل الستار على ماض نسيناه وأحصاه الله علينا، وأن نتوب -ومن الآن- إلى الله التواب الرحيم من كل ذنب وتقصير وخطيئة، وأن لا ندع هذه الفرصة العظيمة تفوتنا، فهذا رمضان موسم خصب من مواسم العمل الصالح، والتنافس في الخيرات والإكثار من النوافل والصدقات، وغيرها من القربات التي تقربنا من المولى – جل جلاله ثم إلى متى الغفلة والتسويف؟ وطول الأمل؟ واتباع النفس والهوى والشيطان؟.
دع عنك ما قد فات في زمن الصبا **** واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب
لم ينسه الملكان حين نسيته **** بل أثبتاه وأنت لاه تلعب
وغرور دنياك التي تسعى لها **** دار حقيقتها متاع يذهب
نعم صدق الله إذ يقول: "وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور"[آل عمران: 185] .
هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كيف يعالج الفتور الذي انتابه؟
المجيب د. عبد الله بركات
وكيل كلية الدعوة بجامعة الأزهر.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه
التاريخ 25/08/1425هـ
السؤال
أنا شاب منَّ الله علي بالالتزام منذ أربعة أشهر، لكن منذ شهر تقريباً أحس أني تساهلت بالسنن والرواتب وبالمعاصي، أريد علاجاً لهذا الفتور لو سمحتم معددا لي كذا وكذا
…
إلخ. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه..
فالمؤمن -أخي السائل - هو من تسره حسنته وتسيئه سيئته، والشعور بالتقصير في الطاعات والاهتمام بذلك والقلق على حالة الإيمان هو علامة خير ودليل رشد؛ لذا فأهم ما يلزمك في حالك هذه:
1-
المسارعة للطاعة وعدم التسويف فيها ما وسعك الجهد.
2-
دفع خاطرة السوء بمجرد ورودها على ذهنك.
3-
الالتزام بورد من الأذكار المسنونة ومداومة قراءة القرآن الكريم.
4-
أن تقطع علاقتك بأصدقاء السوء الذين يذكرونك بالمعصية أو يبثون في نفسك التراخي في الطاعة والتكاسل عن أدائها.
5-
الحرص على حضور حلقات العلم.
هذه خمسة، إن التزمت بها، أسأل الله أن يربط على قلبي وقلبك برباط الإيمان، وأن يرزقنا وإياك علو الهمة في طلب الخير والمبادرة إليه. والله أعلم.
أخي يزداد انحرافاً
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه
التاريخ 2/12/1424هـ
السؤال
أخي يزداد في الانحراف يوماً بعد يوم، وقد كان من طلبة العلم لكن لا أعلم ما الذي أصابه، بدأ يؤخر الصلاة، ولا يهتم بها، أكثر من متابعة القنوات الفضائية والمسلسلات، أنا لم أعتد على الجلوس معه كثيراً فكيف أرسل له النصيحة؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
الأخت.... -سلمها الله-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله أن تجدي منا النفع والفائدة.
أما جواب مشكلة أخيك فكالتالي:
أولاً- جزاك الله خيراً على عنايتك بأمر أخيك وحرصك على دينه وإيمانه، وهذا هو الواجب على المؤمنين أن يوالي بعضهم بعضاً، ويحرص بعضهم على بعض خاصة في أمر الدين.
ثانياً- اعلمي - أختي الفاضلة - أن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، فأخوك هو من جملة بني آدم المعرضين للتغير والتبدل والانحراف، ولو كان بعد استقامة ودين، وكل منا عرضة لذلك إذا لم نتمسك بأسباب الثبات والاستقامة.
ثالثاً- لا بد من إيصال النصيحة له عبر وسائل عديدة، خاصة وأنتِ تقولين إنك بعيدة عنه في السكن ومنها:
(1)
المكالمة الهاتفية التي تكون برفق ولين وإشعار بالحب والحنان والرحمة.
(2)
الرسالة المكتوبة.
(3)
توصية أخ صالح محب للقيام بنصحه وتذكيره بالله.
(4)
إهداؤه شريطاً إسلامياً وكتاباً نافعاً في مقام زيادة الإيمان وتقوية اليقين.
(5)
أن يزوره من يكون محلاً للتأثير عليه، كداعية معروف بالنسبة له أو إمام مسجد أو صديق طيب.
رابعاً: لا بد من متابعة أثر النصيحة والتذكير وعدم الاستعجال في رؤية الأثر أو اليأس من صلاحه وعودته للحق، فإن الشأن في المؤمن أنه إذا ذكر تذكَّر، وإذا وعظ اتّعظ، فواجب أن نصبر، ولا نمل، ولا نكل من متابعة النصح والتذكير.
خامساً: من الضرورة النظر في أسباب التغير ومحاولة إبعادها عنه إن أمكن، أو إبدالها خيراً منها.
سادساً: احرصي على الدعاء له بظهر الغيب، فالله -سبحانه- لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو أرحم بعبده من نفسه.
والله أسأل أن يصلح أخاك وأن يصلحنا جميعاً، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه وأن يثبت قلوبنا على دينه إنه جواد كريم.
أخي قد تغير كثيراً!!
المجيب د. سلمان بن فهد العودة
المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه
التاريخ 1/8/1422
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخي كان في مقتبل عمره طائعاً لله عز وجل وكان مضرب المثل في الالتزام والجد والاجتهاد والنصح، وهو ـ الآن ـ تغير من حاله إلى حال أقل بكثير. فلقد أسبل ثوبه وخفف لحيته جداً!! وأصبح لا يبالي بالدعوة، ولا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
…
الخ
بعد التزامي كنت أؤمل فيه أن يساعدني في الدعوة إلى الله في وسط أهلي (والداي وإخواني) لكن لم أجد له أثراً في ذلك. هو لا يزال ـ ولله الحمد ـ يصلي مع جماعة المسلمين، ويتصدق لمؤسسات دعوية، ولكنه في مجال النصح والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والغيرة على الأعراض وغيرها من العبادات لا تكاد تجد له جهد!
زملاؤه الكثير منهم تجد في مظهره الاستقامة والصلاح، ولكنهم يضيعون أوقاتهم فيما لا فائدة فيه بل ربما فيه ضرر!!
فضيلة الشيخ كيف يمكن أن أتعامل مع هذا الأخ؟ وجهوني بما ترونه. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أخي الكريم، إذا كان من الجميل أن نعود أنفسنا رؤية الجوانب الطيبة في حياة الناس وأحوالهم، فلقد سرني ما ذكرته عن أخيك من محافظته على الصلوات مع جماعة المسلمين؛ فإن هذه علامات الإيمان، إذ لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن، وهذه من شعائر الإسلام الظاهرة العظيمة.
ومثله ما ذكرته من أن أصدقاءه من الملتزمين المحافظين، فإن المرء على دين خليله. أما ما ذكرته من النقص الذي حدث فيه فقد يكون سببه طول العهد مع عدم تجديد الإيمان وصقله، فإن القلوب تمل، ويعتريها من الآفات شيء عظيم، يشبه ما يعرض للثياب من الأوساخ وغيرها، فتحتاج إلى تعاهد، وتجديد وغسل؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في استفتاح الصلاة - كما في الصحيحين - من حديث أبي هريرة: اللهم نقني من خطاياي، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.. وقد نعى الله على بني إسرائيل طول العهد، وقسوة القلب فقال: " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (الحديد:16) .
ولم يكن بين إيمان الصحابة، وخطابهم بهذه الآية المكية إلا أربع سنين، كما في الصحيح عن ابن مسعود.
وأعقب هذا بقوله: "اعلموا أن الله يحي الأرض بعد موتها.." إشارة إلى أن يحرصوا على أن تحيا قلوبهم بنور الوحي، كما تحيا الأرض بالمطر النازل من السماء، وألا ييأسوا من روح الله.. بل يسألون الله أن يجدد الإيمان في قلوبهم.
إن الاسترسال وراء متاع الحياة ومباهجها، وشهواتها وملذاتها يشغل القلب ويفتر اللهمة. وإن التوسع في حقول المباحات، والاقتراب من المكروهات يفضي إلى الجراءة على المحرمات القريبة، ثم البعيدة؛ ولهذا جاء عن بعض السلف: اجعل بينك وبين الحرام جنّة من المباح.
ولا بد للمرء من وقفة بعد وقفة ينظر فيها في أمره، ويراجع حسابه، ويستدرك ما فرط، ويلوم نفسه على التقصير والغفلة.
وأخوك وإن كان على خير إلا أنه يحتاج إلى منادٍ يصيح فيه: أن تدارك قبل الفوات، ويا حبذا أن يكون هذا الصائح المنادي اختيارياً بطوعه، ورضاه، وانجفاله إلى ربه، قبل أن يكون اضطرارياً قدرياً، لا حيلة فيه ولا منفع.
ويحسن منك النصح له بما لا يخدش نفسه، ولا يعكر صفاء الإخاء بينك وبينه، ولا يشعر بالتعالي والأستاذية، بل بدافع الشفقة والرحمة والاقتداء.
وربما كان هذا على هيئة سؤال تطرحه عليه مستفتيا ًمستفيداً مستبصراًَ، أو مشكلة تطلب إليه حلها.. أو نصيحة عبر صديق عاقل لبق. ولا تتأخر عن صالح الدعاء.
وفق الله الجميع لرضاه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
زوجي.. تغير كثيرا..!!
المجيب سعد الرعوجي
مرشد طلابي بثانوية الأمير عبد الإله.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه
التاريخ 30-2-1423
السؤال
اخوتي الكرام السلام عليكم ورحمة الله: مشكلتي في زوجي لا اعرف كيف أصفه وتكمن مشكلتي معه من وجهين الأول شدته في معاملة ابنائة وغلظته حتى في ابسط الأمور فهو لا يكلمهم إلا في أسوأ ما عملوا وفي تعداد عيوبهم..!! لا يشكر لأحد منا على شيء.. كثير الضجر منا رغم حسن أخلاقي وأخلاق أبنائي..!! نحترمه ونقدره ونستشيره في كل شيء ومع هذا لا نجد إلا الرفض والتنقيص منا
…
أما عن معاملته لمن هم خارج البيت فالنقيض تماما فالابتسامة لهم والاحترام لهم والانبساط وانشراح الأسارير لهم ويقول هذه إنسانية وحسن معاملة مع الناس..!!!!!
أما الأمر الثاني فهو تغير أحواله الدينية فقد كان ممن يرتاد الدروس والمحاضرات ويسمع الخطب والمواعظ ويطلب العلم في الكتب ثم بدأ يتركها شيئا فشيئا حتى انقطع عنها تماما وأغلق على نفسه الباب.. لا اعرف كيف أتعامل معه.. عنيد غليظ لا يسمع نصيحة وربما ظن أنها انتقاص له.. يحاول إصلاح أبنائه وهو لا يسعى إلى إصلاح نفسه ويرى نفسه على صواب دائما لذلك فأبناؤه لا يتقبلون نصحه وأنا كنت لا أخالفه أبدا وأسعى إلى إرضائه دائما ولكني مللت فلم يزد مع الأيام إلا سوء وغلظة فلا يذكر لي خيرا قط..!! أحسست أن طاعتي له بهذه الصورة سلبية مني أثرت على أبنائي فأصبحت لا أستطيع الدفاع عنهم أمامه.. لا اعرف ماذا افعل؟ وجهوني كيف أستطيع تغيير شخصيته مع العلم أن اللين والكلام الطيب لم يجدي معه وجزاكم الله خيرا.
الجواب
أختي الكريمة:.
لعلك تعلمين أن التغيير الذي نريد أن يحدث في شخص ما يحتاج إلى عدة أمور منها:- أولاً: معرفته المسبقة بخطئه وبعيوبه. ثانياً: إرادته ورغبته بالتغيير. ثالثا ً: مستوى ثقافته ونوعية قناعاته. وغير ذلك من الأمور التي تحتاج إلى تفصيل كثير. وبالتالي فإن تغيير شخص ما ليست بالبساطة التي يتصورها الإنسان؛ لأنها تغيير في جبله وطبع موروث أو مكتسب والجبلة والطبع راسخان غالباً رسوخ الجبال، فهذا الأقرع بن حابس رضي الله عنه صحابي لكنه لم يقبل أحداً من أولاده، وهذا أبو سفيان رضي الله عنه رجل شحيح كما وصفته زوجته هند بنت عتبة التي كانت تشتكي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من شحه وبخله.
إذاً نخلص أن الإنسان لابد أن يعمل على التكييف مع بيئته ومحيطه قدر الإمكان خاصة إن لم يكن هناك ضرر على دينه والابتعاد قدر الإمكان أيضاً عن التصورات المثالية والحياة السعيدة الخالية من المشاكل، فنحن نحتاج أن نستفيد من أقصى إمكانياتنا وطاقاتنا وليس فوق ذلك مما يورثنا التعب والنصب فهذا الرجل الذي ذكرتيه أختي العزيزة لابد أن يكون لديه من الصفات الإيجابية والحسنة التي لو استثمر تيها واستفدت منها لكان هناك أمر آخر، ولعل زوجك يا أختي قد تلقى تربيه في صغره أورثته هذا الجفاء وهذه الغلظة ولو كُتب للرجل أن يخبرك بماضيه وهو صغير لربما رحمتيه وعذرتيه عن خلقه ثم انك قد رزقتي منه أولاد إضافة أن الله قد رزقك الخلق الحسن. فأنتي لا تخالفيه كما تقولين وقليل من النساء من يفعل ذلك،،،،، فلعل من الحلول الآتي:-
1.
الرضا بالواقع وأن هناك من يشابهه في الغلظة والجفاء من خلق الله واعلمي أنه قد يكون تلقى تربية خاطئة فاعذريه وسامحيه واصبري على قدر الله واحتسبي.
2.
محاولة تغيير الصورة المثالية للحياة العامة " لقد خلقنا الإنسان في كبد" والحياة الزوجية خاصة فليس من بيت دون مشاكل حتى بيت الرسول صلى الله عليه وسلم.
3.
التدين جميل جداً لكنه رزق مقسوم قسمة الله تعالى فلن تستطيعي جعله عابداً زاهداً فإذا كان رجلاً يؤدي الذي فرضه الله عليه فإن غير ذلك نافلة.
4.
الدعاء إلى الله تعالى وتخير الأوقات الفاضلة التي وعد الله بها عبادة بالإجابة، وركزي أختي على هذا الجانب فالله ليس ببعيد عن عباده وهو ارحم الراحمين.
5.
محاولة الاستفادة من الإيجابيات والحسنات التي به واستثمارها الاستثمار الأفضل ومن المستحيل ألا يكون لديه إيجابيات وحسنات.
يعتريني الملل بقراءة أوراد السور
المجيب د. رفعت فوزي
رئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه
التاريخ 11/03/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
سؤالي إلى فضيلتكم هو كالتالي:
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث عن فضائل بعض سور القرآن الكريم، كقراءة سورة تبارك (الملك) كل ليلة، وكذلك الدخان والواقعة، وغيرها
…
وأنا -ولله الحمد- أداوم عليها، ولكن قد يعتريني بعض الملل، فأحب أن أقرأ سوراً أخرى، فبماذا تنصحونني؟ وهل يعقل للمسلم أن يبقى مداوماً على هذه السور، وأن يترك بقية السور الأخرى؟. جزاكم الله كل خير ونفعنا بكم.
الجواب
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً، وأصلي وأسلم على نبي الهدى والرحمة وعلى آله وصحبه، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فنشكرك ـ أختنا الكريمة ـ على تواصلك مع موقع (الإسلام اليوم) ، ونأمل أن يكون باباً من أبواب العلم النافع تلجينه ولوجاً نافعاً -إن شاء الله تعالى-.
فتلاوة القرآن الكريم هي من أفضل العبادات وأحبها إلى الله تعالى، فقد ورد في ذلك آثار عديدة، منها ما جاء عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه" رواه مسلم (804) .
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر" متفق عليه. أخرجه البخاري (5427) ، ومسلم (797) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب" رواه الترمذي (2913) ، وقال حديث حسن صحيح.
وكما قلت في سؤالك فهناك أحاديث وردت في فضائل سور القرآن الكريم ومنها:
(1)
سورة الفاتحة: عن رافع بن المعلى قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد؟ " فأخذ بيدي، فلما أردنا أن نخرج قلت يا رسول الله: إنك قلت لأعلمنك أعظم سورة في القرآن؟ قال: "الحمد لله رب العالمين، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته" رواه البخاري (4474) .
وتسمى سورة الفاتحة بسورة (أم الكتاب، وسورة الصلاة، وسورة المناجاة، وسورة الكافية، وسورة الشافية) .
(2)
سورة البقرة وآل عمران: عن أبي أمامة-رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم يقول: "اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين البقرة وآل عمران؛ فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما من طير صواف تحاجان عن صاحبهما، اقرؤوا البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البَطَلة" رواه مسلم (804) .
الغياية: هي ما أظلك من فوقك، البَطَلة: أي السحرة، فهي حصن منهم.
هذا ومن الآيات الفضيلة في سورة البقرة آية الكرسي أعظم آية في القرآن، وخواتيم هذه السورة.
ومن الآيات الفضيلة في سورة آل عمران أولها، وآية (شهد الله) ، وآية (قل اللهم) وآيات (إن في خلق) .
(3)
سورة الكهف: عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين" رواه الدارمي (3407) .
(4)
سورة يس: عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن لكل شيء قلباً، وقلب القرآن يس" رواه الترمذي (2887) ، ولكنه ضعيف.
وعن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ يس في ليلة ابتغاء وجه الله تعالى غفر له" رواه الدارمي (3415) .
(5)
سورة الواقعة: عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبداً" رواه البيهقي في شعب الإيمان (2500) .
(6)
سورة تبارك: عن أبي هريرة-رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له، وهي تبارك الذي بيده الملك". رواه الترمذي (2891) ، وأبو داود (1400) ، وابن ماجة (2786) .
وعن ابن عباس-رضي الله عنهما، عن النبي-صلى الله عليه وسلم قال:"هي المانعة، هي المنجية، تنجيه من عذاب القبر يعني تبارك" رواه الترمذي (2890) .
(7)
سورة الإخلاص: عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في: "قل هو الله أحد، والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن" رواه البخاري (5014) .
وعن أنس-رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله: إني أحب هذه السورة: قل هو الله أحد، قال:"إن حبها أدخلك الجنة" رواه الترمذي (2901) .
(8)
المعوذتان: عن عقبة بن عامر-رضي الله عنه أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم قال: "ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط؟ قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس" رواه مسلم (814) .
وعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه قال: كان رسول الله لم يتعوذ من الجان، وعين الإنسان، حتى نزلت المعوذتان، فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما" رواه الترمذي (2058) .
ومع ذلك -أختاه- فقراءة هذه السور ليست بواجبة، بل ذلك من المستحب، وأظن أن الشيطان هو الذي يلبِّس عليك، فهذه السور ليست بالطويلة، والأفضل المحافظة عليها، وإن لم يكن فالمحافظة على السور التي يترتب على قراءتها ثواب كبير مثل سورة الزلزلة وآية الكرسي والإخلاص (ثلث القرآن) وغيرها..
ونصيحتي لك -أختي الفاضلة- ألا تتركي قراءتها، وقراءتك لهذه السور لا تمنع من قراءة غيرها. فلتداومي على ما تقرئين، وإن أردت الزيادة فخيراً؛ لأنك لو تركت قراءة هذه السور فربما تكسلين عن قراءة غيرها، فالشيطان -لعنه الله- يريد أن يفسد عليك نعمة المداومة على العمل ـ بمثل هذه الحيلة.
وختاماً: أذكرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل" رواه مسلم (782) من حديث عائشة رضي الله عنها. وفقك الله
…
أحاول المواظبة على الجماعة، ولكن. . .
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه
التاريخ 12/01/1426هـ
السؤال
أحاول المحافظة على الصلاة في المسجد مع الجماعة، ثم أنتكس بعد مدة من المواظبة، ثم أشعر بالندم وأتوب وأستغفر، ثم أواظب مرة أخرى، ثم أنتكس وهكذا. . . آمل توجيهي ونصحي حتى أستمر على المحافظة على الصلاة مع الجماعة، وفي بيوت الله، وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الأخ الكريم- سلمه الله ورعاه- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة.
والجواب على ما سألت كالتالي:
في البداية أسأل الله لي ولك الثبات والصلاح والاستقامة، ثم اعلم أن الثبات على الدين وفعل الصالحات يتطلب منك جدًّا واجتهادًا ومجاهدة؛ حتى تظفر بمعية الله وتوفيقه والثبات على دينه وحسن الختام، وإني عارض عليك أمورًا أرجو أن تكون مفيدة لك في الثبات على أمر الصلاة، وغيرها من صالح الأعمال (وهي من إجابة سابقة) :
أولًا: عليك بتذكير نفسك دائمًا وأبدًا بما ورد من النصوص الشرعية المرغبة في الصلاة وبيان فضلها؛ لأن ذلك مما يعطي النفس دفعة قوية لأدائها، والنصوص في ذلك كثيرة جدًّا، وسأذكر بعضها، وأنصح بمراجعة كتاب (الترغيب والترهيب) للإمام المنذري؛ فإنه مفيد جدًّا في هذا الأمر:
نصوص في الترغيب في أداء الصلاة والمحافظة عليها:
- أخرج الشيخان عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ ". قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ. قَالَ: "فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا". البخاري (528) ومسلم (667) .
- وأخرج البخاري (527) ومسلم (85) عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، قال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: "الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا". قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ". قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: "الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ".
- وأخرج مالك (270) وأبو داود (1420) والنسائي (461) وابن حبان في صحيحه (1732) عن عبادة بن الصامت، رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عز وجل عَلَى الْعِبَادِ، فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ؛ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ".
- وأخرج الإمام أحمد (14662) والترمذي (4) بسند حسن، عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مِفْتَاحُ الجَنَّةِ الصَّلَاةُ، ومِفْتَاحُ الصَّلاةِ الوُضُوءُ".
- وأخرج الطبراني في الأوسط (1859) بسند حسن، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ العَبْدُ عَلَيْهِ يَوْمَ القِيَامةِ الصَّلاةُ، فإنْ صَلَحَتْ صَلَحْ سَائِرُ عَمَلِهِ، وإنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سَائِرُ عَمَلِه". والأحاديث في ذلك كثيرة جدًّا.
نصوص في الترهيب من التفريط في الصلاة:
- أخرج مسلم (82) عن جابر، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"بَيْنَ الرَّجُلِ والكُفْرِ أَوْ الشِّرْكِ تَرْكُ الصَّلاةِ".
- وفي الترمذي (2616) عن معاذ، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"رَأْسُ الأَمْرِ الإسلامُ وعَمُودُه الصَّلَاةُ". فجعل الصلاة كعمود الفسطاط الذي لا يقوم الفسطاط إلا به ولا يثبت إلا به، ولو سقط العمود لسقط الفسطاط ولم يثبت بدونه.
- وأخرج أحمد (22937) والترمذي (2621) وابن ماجه (1079) والنسائي (463) بسند صحيح، عن بريدة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ العَهْدَ الذي بينَنا وبينَهم الصَّلاةُ فَمَن ترَكَها فَقَدْ كَفَرَ".
- وأخرج أحمد (27364) وغيره بسند حسن، عن أم أيمن، رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لَا تَتْرُكْ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا؛ فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ".
- وقال عمر، رضي الله عنه:(لَا حَظَّ في الإسلامِ لِمَن ترَك الصلاةَ) . أخرجه مالك (84) .
- وقال سعد وعلي بن أبي طالب، رضي الله عنهما، قالا عن الصلاة:(من تركها فقد كفر) .
- وقال عبد الله بن شقيق: (كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنْ الْأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ) . أخرجه الترمذي (2622) .
- وقال أبو أيوب السختياني: (ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه) . وذهب إلى هذا القول جماعة من السلف والخلف وهو قول ابن المبارك وأحمد وإسحاق.
والأحاديث في ذلك كثيرة.
ثانيًا: أكثِرْ من قراءة القرآن وسماعه بخشوع وتأثُّر، فإنه موعظة الله لخلقه.
ثالثًا: اجعل لك منبهًا خاصًّا بأوقات الصلاة، وذلك مثل الساعة التي بها أذان لكل وقت؛ من أجل تذكيرك وتنبيهك على أوقات الصلاة.
رابعًا: استعن بالله عز وجل كثيرًا، فإنه وحده هو المعين والمسدد جل في علاه، وأكثر من قولك:(لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) . مع استشعارك للحاجة إلى الله في أداء الصلاة وغيرها.
خامسًا: أكثر من ذكر أحوال القبر والآخرة، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم، كما في سنن الترمذي (2307) وابن ماجه (4258) والنسائي (1824) وصحيح ابن حبان (2992) وغيرهم، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ- بالذال وهو القاطع - اللَّذَّاتِ المَوْتِ". وقوله صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح ابن حبان (2993) ، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ، فَمَا ذَكَرَهُ عَبْدٌ قَطُّ وَهُوَ فِي ضِيقٍ إِلَّا وسَّعَه عَلَيْهِ، وَلَا ذكَرهُ وَهُوَ في سَعَةٍ إِلَّا ضَيَّقَه عَلَيْهِ".
قال العلماء: ينبغي لمن أراد علاج قلبه وانقياده بسلاسل القهر إلى طاعة ربه أن يكثر من ذكر هاذم اللذات ومفرق الجماعات ومؤتم البنين والبنات، ويواظب على مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين، فهذه ثلاثة أمور ينبغي لمن قسا قلبه ولزمه ذنبه أن يستعين بها على دواء دائه، ويستصرخ بها على فتن الشيطان وأعوانه، فإن انتفع بالإكثار من ذكر الموت وانجلت به قساوة قلبه فذاك، وإن عظم عليه رانُ قلبِه واستحكمت فيه دواعي الذنب فإن مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين تبلغ في دفع ذلك مالا يبلغه الأول؛ لأن ذكر الموت إخبار للقلب بما إليه المصير، وقائم له مقام التخويف والتحذير.
سادسًا: لا تفتر عن سماع الأشرطة الدينية المهتمة بالوعظ والتذكير فإنها نافعة في هذا المجال أيما نفع.
سابعًا: اصحب الصالحين القانتين الطيبين المصلين؛ فإنهم عون بعد الله على النفس الأمارة بالسوء.
ثامنًا: تذكَّر أنَّ من أفضل الأعمال التي يحبها الله حفاظ الإنسان على الصلاة وأدائها في أوقاتها، وسيجد بعدها الصحة في البدن، والسعة في الرزق، وهدوء البال، والأنس بالله، وغير ذلك من الآثار العظيمة في الدنيا والآخرة.
والله أسأل لي ولك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن يغفر لنا، وأن يرحمنا، وإذا أراد بعباده فتنة أن يقبضنا إليه غير مفتونين. والسلام عليكم.
يعاني فتورًا عن الطاعة!
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/الفتور وعلاجه
التاريخ 15/12/1425هـ
السؤال
نحن نظن بأنفسنا خيرًا، فنقول: إننا لم نقارف الحرام، ولم نقع في أمور محرمة، كالزنى، أو شرب المسكر، أو التدخين، أو المخدرات، أو. . .، ومع ذلك توجد لدينا أخطاء، فنحن لا نحافظ على الصلاة، ولا قراءة القرآن، ولا بر والدينا
…
إلخ. مع علمنا بأهمية معالجة هذا الخلل، أو محاولاتنا الكثيرة، ولكن النتيجة: لم نستطع أن نعالج هذا الخلل، فما الحل؟ نعم ثقتنا بأنفسنا كبيرة في تجاوز هذه الحال، ولكن لم نوفق في معرفة الطريقة. آمل التوجيه، وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الأخ الكريم- سلمه الله ورعاه- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع "الإسلام اليوم"، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة.
والجواب على ما سألت كالتالي:
إن من صور التربية للنفس: المجاهدة، وهي تعني محاربة النفس الأمارة بالسوء بتحميلها مما هو مطلوب في الشرع، أو هي حمل النفس على المشاق البدنية الشرعية ومخالفة الهوى، والمؤمن لا يكل ولا يمل وهو يبذل ما في وسعه لصيانة نفسه وحمايتها من الشرور المهلكة، وحملها على ما فيه تزكية لها، ونجاة في الدنيا والآخرة، ودونك حياة السلف الصالح من الصحابة الأطهار والتابعين لهم بإحسان تجدها مليئة بصور من المجاهدة الذاتية لأنفسهم حتى فطموها عن الشر، وأصبحت مطواعة لهم في الخير، مروضة على المسابقة للخيرات والعجلة في إرضاء الرب سبحانه- من كل محابِّه وما يقرب منه.
وهكذا ينبغي أن نجاهد أنفسنا ونراقبها ونأخذها بالجادة ونعرضها لأنواع من الرياضة القلبية والمجاهدة الروحية لصقلها من كل شائبة وكشف معدنها الطاهر، وهو الجانب الآخر للنفس التي خلقها الله:(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا* فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا)[الشمس:7، 8] . فلا بد من استخراج تلك التقوى بالأعمال الصالحة، والمواظبة على الأذكار وقراءة القرآن وما شابه من القربات. . ولا ينبغي الاستهانة بالذنب، ولو لم يكن من الذنوب التي رتب على فعلها حد؛ لأن الكبائر غير محصورة في ذلك، وما ذكرت من الأخطاء من عدم المحافظة على الصلاة وعدم بر الوالدين ليس من الذنوب الصغيرة حتى يستهان بها، بل هي إلى الكبائر أقرب منها إلى الصغائر، لا سيما إذا أردت بعدم المحافظة على الصلاة عدم تأديتها أحيانًا، بمعنى ترك بعض الصلوات وتضييعها، فهذا عظيم، فإن من أهل العلم من حكم بكفر من ترك صلاة واحدة عامدًا متعمدًا حتى يخرج وقتها، وعدم البر بالوالدين يعني العقوق، والعقوق ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من أكبر الكبائر، ففي الصحيحين: عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ ". ثَلَاثًا، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ". وَجَلَسَ -وَكَانَ مُتَّكِئًا- فَقَالَ: "أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ". أخرجه البخاري (2654) ومسلم (87) . فالواجب على العبد منا أن يتقي الذنوب صغيرها وكبيرها، ويخشى عقوبتها وآثارها، فإن للذنوب آثارًا مدمرة على حياة الإنسان وصلاحية قلبه، وتعد حائلاً بين العبد وربه، ويُحرَم بسببها الكثيرَ من التوفيق والسداد والإعانة وكثيرًا من الخيرات؛ وأشعر أن أصل البلاء في القلب، إذ إن القلب المحصن من الشيطان، تسهل عليه إرادة فعل الخيرات لأنه قلب صحيح قوي، والقلب الذي يمكن الشيطان أن يدخله فيتجول فيه كما يشاء، يتوصل الشيطان بسهولة أن يجعل فيه إرادة السيئات، بعدما يزينها له؛ لأنه قلب مريض. ومن الناس من لا يدخل الشيطان قلبه إلا مرورًا سريعًا، لقوة التحصينات حوله، فهذا مثل الذين يفعلون الصغائر أحيانًا وسرعان ما يتوبون منها، وهم الذين قال الله تعالى عنهم:(إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ)[الأعراف: 201] . ومن الناس من لا يقترب الشيطان من قلبه أبدًا؛ لأن قلبه مثل السماء المحروسة بالشهب، من الشياطين، فقلبه كذلك محروس من الشيطان، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا القلب:"أَبْيضُ مِثْلُ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دامَتِ السَّمَاواتُ والأَرْضُ". رواه مسلم (144) من حديث حذيفة، رضي الله عنه. ومن الناس من دخل الشيطان قلبه، فاتخذ فيه بيتًا، وجعل له فيه عشًّا يبيض فيه ويفرخ، فاستحوذ عليه، يأمر القلب بالشهوات المحرمة، فيريدها قلبه، فيأمر الجوارح بفعلها فتفعله؛ لأن الشيطان وجده قلبًا خاليًا عن التحصينات، مفتح الأبواب، ضعيفًا مريضًا بفعل السيئات، ولهذا قال الله تعالى، عن هذا النوع: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ
الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ) [المجادلة: 19] . لأن ذكر الله تعالى- هو الحصن من الشيطان، فأنساهم إياه ليستحوذ على قلوبهم فيقودها لتنقاد جوراحهم له تبعًا.
والقلب لا يحصن من الشيطان إلا بذكر الله تعالى، ولا يقوى على إرادة الخير إلا بالعمل الصالح، ولا يغلبه الشيطان إلا إن كان غافلًا عن ذكر الله تعالى، ضعيفًا بسبب فعل السيئات والمنكرات.
واسمح لي أن أقترح عليك برنامجًا إيمانيًّا مفيدًا للقلب أرجو أن يكون نافعًا وعونًا لك على استعادة حلاوة الإيمان، ولذة المناجاة، والقرب من الله عز وجل:
1-
احرص على إقامة الصلوات الخمس في جماعة، لاسيما صلاة الفجر، فإياك أن تفوتك أبدًا، قال الله تعالى:(وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)[الإسراء: 78] . أي: صلاة الفجر تشهدها الملائكة.
2-
بعد صلاة الفجر امكث في المسجد لقراءة القرآن إلى طلوع الشمس، ثم صل ركعتين بعد ارتفاعها قيد رمح (وقيد الرمح: مقدار عشر دقائق من أول الشروق) .
3-
قل: (سبحان الله وبحمده) . مائة مرة كل يوم، في أي وقت، في المسجد أو البيت، ماشيًا، أو قاعدًا، أو في السيارة. . إلخ، وهذا الذكر يَحُتُّ الخطايا حتًّا. صحيح البخاري (6405) ومسلم (2692) .
4-
استغفر الله تعالى- مائة مرة كل يوم، قائلاً:(أستغفر الله وأتوب إليه) . كذلك في أي وقت شئت، وعلى أي حال تكون. انظر صحيح مسلم (2702) .
5-
قل هذا الذكر مائة مرة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) . صحيح البخاري (3293) ومسلم (2691) . مائة مرة كل يوم كذلك، في أي وقت شئت، وعلى أي حال تكون، ولا يشترط في المسجد.
وهذه الأذكار كان يداوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم فهي حياة القلب وغذاؤه الذي لا يستغني عنه.
6-
بين صلاتي المغرب والعشاء رابطْ في المسجد فلا تخرج منه، واقرأ ما تيسر من القرآن بالتدبر.
7-
يجب عليك الحمية التامة من النظر إلى التلفزيون، أو المجلات، أو الذهاب إلى أي مكان فيه منكرات، فأنت في حجر صحي لكي ترجع إلى قلبك عافيته، ولن ينفعك الدواء وهي الحسنات، إن كنت تدخل عليه الداء في أثناء فترة العلاج، والداء هو السيئات.
8-
استمر على هذا البرنامج شهرًا كاملاً على الأقل، تعيش فيه مع القرآن تقرؤه بالتدبر، وتعمل بما فيه، وتخلو بنفسك لذكر الله تعالى- الساعات الطوال، والدليل على الشهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم، أمر بذلك فقال:"اقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ". قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: "فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عِشْرِينَ". قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: "فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عَشْرٍ". قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: "فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ". متفق عليه: صحيح البخاري (5052) وصحيح مسلم (1159) من حديث ابن عمرو، رضي الله عنهما.
9-
إن كانت البيئة التي تعيش فيها لا تساعدك على تطبيق هذا البرنامج فغيِّر بيئتك، اترك أصحاب السوء، وابتعد عن الأماكن التي تقضي فيها أوقات فراغك إن كانت تشجع على المعاصي، ولو استطعت أن تسافر إلى مكة مثلًا لتطبق هذا البرنامج فافعل.
10-
تصدق بجزء من مالك، توبة إلى الله تعالى، صدقة سر لا يطلع عليها أحد إلا الله تعالى، فقد صح في الحديث:"إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَتَدْفَعُ عَنْ مِيتَةِ السُّوءِ". رواه الترمذي (664) من حديث أنس، رضي الله عنه.
11-
حاول أن تذهب إلى العمرة ناويًا تجديد إيمانك وغسل ماضيك بماء هذه الرحلة المباركة، قال صلى الله عليه وسلم:"العُمْرَةُ إلى العمرةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةُ". متفق عليه: البخاري (1773) ومسلم (1349) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه.
12-
إن كانت لديك حقوق للناس فرُدَّها كلها، ولا تترك منها شيئًا في ذمتك؛ توبة إلى الله.
13-
ادع الله تعالى- كل ليلة في وقت السحر، قبل صلاة الفجر بهذا الدعاء:"اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إِنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ". أخرجه البخاري (834) ومسلم (2705) . وهذا الدعاء: "اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي وأَعِذْنِي مِن نَفْسِي". أخرجه الترمذي (3483) . وهذان علمهما الرسول صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه، رضي الله عنهم، وأكثر من الاستغفار والدعاء في السَّحَر فإن السحر (قبل الفجر) وقت يستجاب فيه الدعاء.
والله أسأل أن ينفعني وإياك بالعلم النافع، والعمل الصالح، وأن يشرح صدورنا، وينوِّر قلوبنا، ويأخذ بأيدينا لما فيه الخير والصلاح والسداد، إنه جواد كريم. والسلام عليكم.