الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عدم رغبة للأماكن المزدحمة
!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 2/6/1422
السؤال
لماذا أحس بعدم رغبتي في الذهاب إلى الأماكن المزدحمة حتى أماكن الصلاة أو العزاء مع علمي بعدم شرعية هذا العمل؟
الجواب
أخي الكريم سؤالك مجمل إلى حد كبير.. والتفصيل هنا مهم.. حتى نستطيع أن نشخص المشكلة ودرجة عمقها وحدتها.. وأسبابها.. ومن ثم نتعاون معك في وضع البرنامج العلاجي المناسب.
فمثلاً.. ظروفك الأسرية والاجتماعية والاقتصادية لها دور كبير في تشكيل حياتك.. وكذلك نوع المهنة ومنذ متى أحسست بهذه المشكلة.. وكيف كانت البدايات لهذا الإحساس؟! أسئلة كثيرة.. وهامة جداً تحدد لنا بوضوح نوعية المشكلة.. والطريقة الملائمة للتعامل معها.
إلا أنني سأتكلم هنا بشكل عام حسب ما اتضح لي من عرضك لمشكلتك:-
أولاً يظهر لي والله أعلم أن ما تعاني منه هو نوع من الخوف المرضي.. من الأماكن المزدحمة أو ما يسمى بـ..الفوبيا.. أو.. الرهاب.. وهو مرض نفسي معروف.. يعاني منه البعض بدرجات متفاوتة.. تصل أحياناً إلى حدٍ خطيرٍ تجبر الإنسان على الانزواء في منزله وعدم الخروج إلى أي مكان مهما كانت الأسباب..!! وإن كان ما يظهر لي مما ذكرته عن واقعك.. يشير إلى أن الموضوع في بدايته.. وهذا ما يسهل إمكانية التخلص منه إلى الأبد إن شاء الله.
ثانياً: ترجع أسباب هذا الأمر.. إلى عوامل كثيرة تتعلق بالمراحل الأولى لحياة الإنسان.. وتنشئته الاجتماعية.. وظروف معيشته وتربيته وعلاقته بوالديه - حتى وهو راشد - فبعضها قد يسبب نوعاً من الخوف المرضي.. لدى الإنسان!؟
ثالثاً: تركيزي على مصطلح.. الخوف المرضي.. هو لتفريقه عن.. الخوف الفطري.. أو العادي.. وهو خوف الإنسان من أمور تسبب الخوف للجميع..مثلاً الثعابين - بعض الحيوانات المفترسة.. بعض الأحداث المرعبة.. إلخ وهي هنا أمور عادية لو لم يخف منها الإنسان بشكل يدفعه للتعامل معها بحذر!!! لحكمنا عليه بالمرض!!!؟ أما الخوف من الأماكن المرتفعة.. أو الأماكن المزدحمة.. أو المغلقة.. أو الظلام.. أو ركوب الطائرات.. أو غيرها.. فهو.. خوف مرضي.. لأنه لا يشعر به إلا البعض.
وتصل النسبة في الرجال إلى 10% و 20% عند النساء تقريباً. وهناك أيضاً.. الرهاب الاجتماعي.. حيث يخاف المصاب به خوفاً شديداً عند لقاءه بعدد من الناس فيضطرب.. ويتلعثم.. ويحمر وجهه.. ويجف ريقه.. وقد يضطر إلى الخروج مسرعاً لتجنب الإحراج.. بالتالي يتجنب هذه اللقاءات مستقبلاً.. وينقطع عن المناسبات واللقاءات الاجتماعية!!!
رابعاً: للإنسان المصاب بهذه المشكلة دور كبير في التخلص منها.. عن طريق تغيير أفكاره السلبية تجاه نفسه إلى أفكار إيجابية.. مفادها أنه ليس أقل قدراً وقدرة من الآخرين.. وأنه ليس محوراً لاهتماماتهم.. حتى وإن توجهت أنظار بعضهم إليه.. فإنها في الغالب الأعم نظرات شاردة لا تعني أي شيء بل إن كثيراً من أصحابها لا يعون مما تقع أعينهم عليه إلا أقل القليل.. وكل منهم مشغول بنفسه وبمشاكله الخاصة.. ولذا فيجب على المرء الذي يعاني أن يكون واقعياً وعقلانياً في تفكيره.. وألا يحمل الأشياء أكثر مما تحتمل.. وأن يبادر بالهجوم على هذه المواقع التي يخشاها.. ولا يضع خيار الانسحاب دائماً في المقدمة.. فالانسحاب يعني الهزيمة والتراجع..والتراجع الأول يعني مزيداً من التراجع.. وهكذا..!!!
خامساً: لعلاج هذه المشكلة.. هناك نوعين من العلاج وهما:
أ- العلاج الدوائي.. ويعتمد على بعض العقاقير الطبية التي تخفف من بعض أعراض الخوف.. وبالتالي يمكن التعامل مع المواقف بشكل طبيعي.. حتى يتغلب الإنسان على خوفه ويواجه الواقع بشكل طبيعي.
ب- العلاج السلوكي.. المعرفي.. ويعتمد فنيات الاسترخاء والإيحاء الذاتي.. والتدرج في مواجهة المواقف المشكلة أو المزعجة!!! ويتم ذلك في البداية على شكل جلسات مع الطبيب أو الأخصائي النفسي ويلزم تعاون المريض واستجابته للتعليمات.
سادساً مشكلتك يا أخي الكريم.. في بداياتها.. فلا تردد أبداً في استشارة الطبيب النفسي.. وثق أنك قادر بإذن الله على تجاوزها.. فنسبة من يشفى من هذه الأمور عالية جداً.. والنتائج مشجعة.
سابعاً: قبل هذا وبعده.. أوصيك ونفسي.. أن تذكر الله على كل حال.. وأن تبدأ يومك بقراءة الورد الصباحي وشيء من القرآن الكريم.. ثم تأخذ نفساً عميقاً وتستمد من ثقتك بربك.. ثقة بنفسك.. وتتفاءل بيومك هذا بثقة المؤمن وعزته.. وتنطلق إلى أعمالك مطمئن البال ولا تسمح لأي كان بأن يفسد عليك صفاءك النفسي وثقتك بأنك لست أقل من غيرك.. بل ربما تفوقت على غيرك بأمور كثيرة.. وأحسن نيتك.. وأصلح سريرتك.. وأستعذ بالله - قائماً وقاعداً - من نزغات الشيطان.. ولا يزال لسانك رطباً بذكر الله والصلاة على رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.. ولا تنسى وردك المسائي.. ثم أختم يومك بالوتر.. وقبل النوم.. خذ نفساً عميقاً مرة أخرى وتفاءل بغدك.. وذكر نفسك مرة أخرى.. إنك قادر بإذن الله على مواجهة الحياة بهمة عالية.. وتفاؤل كبير.
وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.