الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَصَحُّ كُتُبِ الْحَدِيْثِ
22 -
أَوَّلُمَنْ صَنَّفَ في الصَّحِيْحِ
…
مُحَمَّدٌ وَخُصَّ بِالتَّرْجِيْحِ
23 -
وَمُسْلِمٌ بَعْدُ، وَبَعْضُ الغَرْبِ مَعْ
…
أَبِي عَلِيٍّ فَضَّلُوا ذَا لَوْ نَفَعْ
(أوَّلُ مَنْ صنَّفَ) في (1) الحديثِ (الصَّحِيحِ) الإمامُ (مُحَمَّدٌ)، هُوَ ابنُ إسماعيلَ البخاريُّ (2)، ولا يَرِدُ " موطأُ " الإمامِ مَالِكٍ؛ لأنَّهُ وإنْ كَانَ سابِقاً؛ فمؤلِّفُهُ لَمْ يتقيَّد بالصَّحِيحِ الذي مَرَّ تعرِيفُه؛ لأنَّه أدْخلَ فِيهِ المُرسلَ، والبلاغَ، والمقطوعَ، ونحوَها عَلَى سبيلِ الاحتجاجِ؛ فليس هُوَ أولُ مَنْ صنَّفَ في الصحيحِ (3)؛ لانصرافِ الصَّحِيحِ بقرينةِ ((ال)) العهديةِ إلى الصَّحيحِ المذكورِ.
(وخُصَّ) أي: البخارِيُّ، أي (4): صحيحُهُ (بالتَّرجيحِ) أي: بترجيحِ (5) مَا أسندَهُ فِيهِ دُوْنَ تعاليقِه، وتراجِمِهِ (6)، وأقوالِ الصحابةِ، وغيرِهِم عَلَى سائرِ الصِّحَاحِ؛ لِتَقدُّمِهِ عَلَى غيرِهِ في الفنِّ.
(و) الإمامُ (مُسْلِمٌ) أي: صحيحُه (بَعْدُ) أي: بعدَ صحيحِ البُخَارِيِّ وضعاً بلا نزاعٍ، وصِحَّةً؛ كَمَا ذهب إِليهِ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ المشهورُ (7).
(1) المثبت من (ص) و (ع) و (ق) وقد سقطت كلمة ((في)) من (م).
(2)
قال الإمام النووي في الإرشاد 1/ 116: ((أول من صنف الصحيح المجرد أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ثم أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري)). فقول المصنف: (الصحيح المجرد). قاله زيادة على ابن الصلاح احترازاً عما اعترض به عليه من أن الموطأ صنف قبله في الصحيح. فإنه وإن كان قد ألف قَبْلَ صحيح البُخَارِيّ، لكنه لم يتمخض للصحيح المجرد، بَلْ شمله الإمام مَالِك من البلاغات والمنقطعات والمراسيل.
(3)
انظر: النكت لابن حجر 1/ 278 - 279، ومقدمة الفتح 9 - 10، والتدريب 1/ 90.
(4)
في (ق): ((في)).
(5)
في (ع): ((ترجيح)).
(6)
لأنه وسم كتابه بـ (الجامع الصّحيح المسند) فكل حديث ليس مسنداً فيه فهو ليس من المحكوم بصحته، وإنما ذكره استشهاداً واستئناساً، ليكون كتابه جامعاً لمعاني الإسلام، ودستوراً للأمة.
(7)
قال الإمام العراقي: ((وهو الصحيح)). وقال الإمام النووي: ((إنه الصواب)). انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 125، التقريب:33.
(وَبَعْضُ) أهلِ (1)(الغَرْبِ مَعْ) حافظِ عصرِهِ (أَبِي عَلِيٍّ) الحسينِ بنِ عَلِيٍّ النَّيْسَابوريِّ (2)، شيخِ الحاكمِ (فَضَّلُوا ذَا) أي: صحيحَ مسلمٍ عَلَى صحيحِ البخاريِّ (3)، لَكِنْ (لَوْ نَفَعْ) تفضيلُهم لقُبِلَ مِنْهُمْ، لكنَّهُ لَمْ ينفعْ؛ لِعَدمِ تصريحِهِم بالتفضيلِ - وإن كَانَ كلامُهم ظاهراً فِيهِ عُرفاً - ولأنَّ البُخَارِيَّ اشتَرطَ في الصِّحةِ اللُّقِيَّ (4)، وَمُسْلِمٌ اكتَفَى بالمعاصرةِ، وإمكان اللُّقِيِّ، ولاتِّفَاقِ العُلَمَاءِ عَلَى أنَّ البُخَارِيَّ أجلُّ مِنْهُ، وأَعْلمُ مِنْهُ بصناعةِ الحَدِيثِ، مَعَ أنَّ مُسلماً تلميذُهُ، حَتَّى قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:((لولا البخاريُّ لما راحَ مسلمٌ، ولا جاءَ)) (5). وَقِيلَ: هُما سَوَاءٌ (6). وَقِيلَ: بالوقف. وبالجملةِ فكتاباهُما أصحُّ كُتبِ الحَدِيثِ.
وأمَّا قولُ الشافعيِّ: ((مَا عَلَى وجهِ الأرضِ بَعْدَ كِتَابِ اللهِ تعالى أصحُّ من كتابِ مالكٍ)) (7) فذاكَ قبلَ وجودِهِما (8).
(1) هو ابن حزم، كما حكاه القاضي عياض في " إكمال المعلم "، عن أبي مروان الطبني قال:
((كان بعض شيوخي يفضل صحيح مسلم، عن صحيح البخاري)) قال ابن حجر: ((وعندي أنّ ابن حزم هذا هو شيخ أبي مروان الطبني، الذي أبهمه القاضي عياض، وقال: قرأت في فهرسة أبي محمد القاسم بن القاسم التجيبي قَالَ: كَانَ أبو محمّد بن حزم يفضل كِتَاب مُسْلِم عَلَى كِتَاب البخاريّ؛ لأنه ليس فيه بعد خطبته إلا الحديث السرد)). انظر: إكمال المعلم 1/ 80، وهدي الساري: 12 - 13.
(2)
انظر: السير 16/ 51 - 59.
(3)
حاول بعض العلماء توجيه هذا الكلام. انظر: صيانة صحيح مسلم 69 وسير أعلام النبلاء 16/ 55، وهدي الساري 12، والنّزهة 86، وتدريب الراوي 1/ 93 - 95.
(4)
وهذا المعنى من أقوى مرجحات صحيح البخاري على صحيح مسلم، وانظر تفصيل ذلك في النكت لابن حجر 1/ 286 - 289، وهدي الساري 11 - 13.
(5)
انظر: تاريخ بغداد 13/ 102، وتدريب الراوي 1/ 93.
(6)
قال ابن الملقن: ((ورأيت لبعض المتأخرين حكاية قول ثالث وهو أنهما سواء، ولم يعزه لأحد))، والمقنع 1/ 60.
(7)
معرفة أنواع علم الحديث: 92، وقول الشافعي: أسنده ابن أبي حاتم في تقدمة الجرح والتعديل 1/ 12، والبيهقي في آداب الشافعي 195، وابن حبان في المجروحين 1/ 41. وانظر: التمهيد 1/ 77.
(8)
ولذلك قال ابن حجر: ((واعلم أن الشافعي إنما أطلق على (الموطأ) أفضلية الصحة، بالنسبة إلى الجوامع الموجودة في زمنه: كجامع سفيان الثوري، ومصنف حماد بن سلمة، وغير ذلك، وهو تفضيل مسلم لا نزاع فيه))، انظر: هدي الساري: 10.
وما ذُكِرَ فِيهِمَا من الضُّعفاءِ كمَطرٍ الورَّاقِ، وبَقِيَّةَ، وابنِ إسحاقَ، ونُعْمَانَ بنِ راشدٍ، لَمْ يذكرْ عَلَى سبيلِ الاحتجاجِ بَلْ عَلَى سبيل المتابعةِ والاستشهادِ، أَوْ ذُكِرَ لعُلوِّ الإسنادِ، أَوْ هُوَ ضعيفٌ عِنْدَ غيرِهما، ثقةٌ عِنْدَهُما (1).
ولا يُقالُ: الجَرْحُ مُقَدَّمٌ [عَلَى التَّعْدِيلِ](2)؛ لأنَّ شَرْطَ قَبولِهِ بيانُ السببِ، حَكَى ذَلِكَ النَّوَوِيُّ (3)، عَنِ ابنِ الصلاحِ وأقرَّهُ (4).
ولكنْ قَالَ شيخُنا في تفضيل البُخَارِيِّ عَلَى مُسْلِمٍ: إنَّ البُخَارِيَّ يَذكُرُ هؤلاءِ غالباً في المتابعاتِ، والاستشهاداتِ، والتعليقاتِ بخلافِ مُسْلِمٍ، فإنَّهُ يَذْكُرُهُم كثيراً في الأصولِ والاحتجاجِ (5). انتهى.
24 -
وَلَمْ يَعُمَّاهُ وَلَكِنْ قَلَّمَا
…
عِنْدَ ابنِ الاخْرَمْ مِنْهُ قَدْ فَاتَهُمَا
25 -
وَرُدَّ لكن قَالَ يَحيَى البَرُّ
…
لَمْ يَفُتِ الخَمسَةَ إلَاّ النَّزْرُ
26 -
وَفيهِ مَا فِيْهِ لِقَوْلِ الجُعْفِي
…
أَحْفَظُ مِنْهُ عُشْرَ (6) أَلفِ أَلْفِ
27 -
وَعَلَّهُ أَرَادَ بِالتَّكرَارِ
…
لَهَا وَمَوْقُوْفٍ، وفي البُخَارِي
28 -
أَرْبَعَةُ الآلافِ (7) والمُكَرَّرُ
…
فَوْقَ ثَلاثَةٍ أُلُوْفاً ذَكَرُوا
(1) انظر: تدريب الراوي 1/ 97 - 98. وجاءت في حاشية نسخة (ق) تعليقة للعلامة الآلوسي. قال
رحمه الله: ((وأيضاً إن الذين انفرد البخاري بهم مِمَّنْ تكلم فيهم أكثرهم من شيوخه الذين لقيهم ومارس حديثهم بخلاف مسلم فإن الَّذِيْنَ انفرد بهم ممن تكلم فيهم أكثرهم ممن لم يعاصروه وبون الأمرين (كذا) كما لا يخفى)).
(2)
المثبت من (م) وقد سقط من أصولنا الخطية.
(3)
التقريب: 91.
(4)
معرفة أنواع علم الحديث: 255.
(5)
النكت لابن حجر 1/ 288.
(6)
في (جـ) والنفائس - بفتح العين -، وما أثبتناه من بقية النسخ وهو الصّواب.
(7)
والمعنى: وأربعة آلاف في صحيح البخاريّ.
(و) مَعَ كَوْنِ كتابَيْهِمَا أصَحَّ (لَمْ يَعُمَّاهُ) أي: الصَّحِيحَ. أي: لَمْ يستوعِبا فيهما كلَّ صَحِيْحٍ عَلَى شرطِهما فضلاً عَنْ مُطلقِه، كما صرَّحا بِذَلِكَ (1).
فإلزامُ الدَّارَقُطْنِيِّ وغيرِهِ إياهُمَا بأحاديثَ عَلَى شرطِهما ليس بلازمٍ (2).
(وَلكنْ قَلَّمَا) حديثٌ (عِنْدَ) الحافظِ أبي عَبْدِ الله مُحَمَّدِ بنِ يعقوبَ النَّيْسابوريِّ (3)(ابْنِ الاخْرَمْ) - بالدَّرجِ وبالخاءِ المعجمة - شيخِ الحاكِمِ، وميمُهُ مدغمةٌ في ميمِ (مِنْهُ) أي: مِنَ الصَّحِيحِ (قَدْ فَاتَهُمَا) في كتابَيْهِمَا (4).
وحقُّ ((قَلَّمَا)) أنْ يليَها الفعلُ صريحاً (5)، لكنَّهُ (6) أخَّرَهُ للضرورةِ عندهُ، كما قِيلَ بِهِ في قَوْلِ المَرَّارِ (7) (8):
صَدَدْتِ (9) فأَطْوَلْتِ (10) الصُّدُودَ (11) وَقَلَّمَا (12)
…
وِصَالٌ عَلَى طُوْلِ الصُّدُودِ (13) يَدُوْمُ
(1) انظر: الكامل لابن عدي 1/ 226، وفي أسماء من روى عنهم البخاري من مشايخه
…
(ل4 - أ)، والخطيب في تاريخ بغداد 2/ 8 - 9، والحازمي في شروط الأئمة الخمسة: 62 - 63، وانظر: معرفة أنواع علم الحديث: 93. وهدي الساري 18، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 128.
(2)
في كتابه " الإلزامات " فقد ألزمهما بإخراج سبعين حديثاً، وهو أمر لا يلزمهما لأنهما لم يقصدا استيعاب جميع الصحيح.
(3)
سير أعلام النبلاء 15/ 452 - 460.
(4)
انظر: نكت ابن حجر 1/ 298، والمقنع 1/ 62.
(5)
انظر: كتاب سيبويه 3/ 114 - 115، وقال:((وقد يجوز في الشعر تقديم الاسم)).
(6)
في (ق): ((لكن)).
(7)
هو أبو حسان المرّار بن سعيد بن حبيب الفقعسي، شاعر إسلامي من شعراء الدولة الأموية. انظر: الأعلام 7/ 199.
(8)
البيت من شواهد سيبويه، وينسب أيضاً لعمر بن أبي ربيعة. انظر: الكتاب 1/ 31، 3/ 115 (طبعة هارون) مع حاشية محققه.
والشاهد فيه: أنه تلا ((قلما)) الفاعل ((وصال))، وكان حقه أن يتأخر بعد الفعل ((يدوم))، ولكنه ورد ضرورةً.
(9)
المثبت من (ص) و (ع) و (ق)، وفي (م):((صدرت))، خطأ.
(10)
في (ق): ((وأطولت)).
(11)
المثبت من (ص) و (ع) و (ق) وفي (م): ((الصدور)).
(12)
المثبت من (ق) و (ص) وفي (ع): ((فقلما)). وفي (م): ((قلما)).
(13)
المثبت من (ع) و (ص) وفي (ق): ((الزمان)). وفي (م): ((الصدور)).
فـ ((مَا)) كافةٌ إن وُصِلَت بـ ((قلَّ)) كَمَا تَقَرَّرَ، وَفِي نسخةٍ فصلُها عَنْهَا، فهي موصولةٌ، وَهِيَ (1) أولى لسلامتِها مِمَّا (2) مرَّ (3).
(وَرُدَّ) أي: ردَّهُ (4) ابنُ الصلاحِ بأنَّ ذَلِكَ كثيرٌ لا قليلٌ، كما يُعلم (5) مِنْ (6)((مستدرَكِ)) الحاكمِ عَلَيْهِمَا (7).
(لكِنْ قَالَ) الشَّيْخُ (8)(يحيى) النَّوَوِيُّ (البَرُّ) أي: المُحْسِنُ في جميعِ أعمالِ البِرِّ، بَعْدَ تصحيحِه لما قَالَهُ ابنُ الصَّلاحِ:
وَالصَّوَابُ أنَّهُ (لَمْ يَفُتِ) الأصولَ (الخَمْسةَ): الصَّحِيْحَيْنِ، وسننَ أبي دَاوُدَ، والترمذيَّ، والنسائيَّ (إلَاّ النَّزْرُ) أي: القليلُ (9).
(1) في (ص) و (ع): ((وهذه)).
(2)
في (ع) حاشية نصها: ((وهذه أولى أي كونها موصولة
…
الخ، فيه نظر؛ إذ يلزم عليه الفصل بين الموصول وصلته بأجنبي وهو ابن الأخرم)).
(3)
من قوله: فـ ((مَا)) كافة إلى قوله: ((أولى لسلامتها ممّا مرّ)). سقط من (ق).
(4)
((رده)): ساقطة من (ق).
(5)
في (ع) و (ق): ((علم)).
(6)
في (ق): ((في)).
(7)
معرفة أنواع علم الحديث: 94.
(8)
بعد هذا في (ق) و (ع) و (م): ((محيي الدين))، ولم يرد في (ص). وهو الصواب لما ورد عنه رحمه الله، أنه قال: لا أجعل في حل من لقبني محيي الدين. وهو إنما كره هذا اللقب؛ لتواضعه الكبير وأدبه العالي رحمه الله.
(9)
التقريب: 34، وانظر: النكت لابن حجر 1/ 298، قلنا: سنن ابن ماجه لم يدخل مع الأصول إلا بعد وقت متأخر، وأول من ضمها الإمام أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي في أطرافه، وفي كتاب
" شروط الأئمة الستة "، وتابعه عليه الحافظ عبد الغني المقدسي في كتابه " الكمال في أسماء الرجال " وهو الذي هذّبه المزي، ولعل السبب في إدخاله مع بقية الأصول كثرة زوائده على بقية الكتب الخمسة، وقرب طريقته إليها. وانظر: نكت الحافظ ابن حجر على ابن الصلاح 1/ 486 - 487. وبعضهم سدّس بالموطأ كرزين العبدري صاحب " تجريد الصحاح "، وابن الأثير في " جامع الأصول "، ومنهم من يجعل سنن الدارمي سادساً.
(وفِيْهِ) أي: فِي كلامِ النَّوَوِيِّ (مَا فِيْهِ) أي: ضَعْفٌ ظاهرٌ (لِقَولِ الجُعْفِي) أي: البُخَارِيِّ، نسبةً لجدِّ أبيهِ المغيرةِ، لكونِه مَوْلى ليمانٍ الجعفيِّ، والي (1) ((بُخارى)) (2):(أَحْفَظُ مِنْهُ) أي: من الصحيحِ (عُشْرَ أَلْفِ ألْفِ) حَدِيثٍ أي: مئةَ ألفٍ كما عَبَّر بها (3) حَيْثُ قَالَ: ((أحفظُ مئةَ ألفِ حديثٍ صحيحٍ، ومئتي ألفِ حديثٍ غيرِ صحيحٍ)) (4).
والأصولُ الخمسةُ فضلاً عَنْ " الصحيحينِ " أقلُّ من ذَلِكَ بكثيرٍ؛ ففاتَهما كثيرٌ.
(وعَلَّهُ) لغة في ((لَعَلَّ)) (5) أي: وَلَعَلَّ البُخَارِيَّ (أراد) بلوغَ ما حَفِظَهُ من الأحاديثِ العددَ المذكورَ (بالتَّكْرارِ لَها، وَمَوْقُوفٍ) أي: بَعْدَ المُكَرَّرِ والموقوفِ منها.
أي: وما أُلْحِقَ بِهِ من آثارِ الصَّحَابَة، وغيرِهم مَعَ غيرِ المُكَرَّرِ؛ فلا (6) ينافي كلامَهُ كلامَي ابنِ الأخرمِ والنوويِّ (7).
عَلَى أَنَّ شيخَنا قَالَ (8): والظاهرُ أنَّ ابنَ الأخْرَم إنّما أرادَ ما فاتَهُمَا مِمَّا عَرَفاهُ، واطَّلَعا عَلَيْهِ مِمَّا يبلُغُ شرطَهما لا بقيدِ كتابَيْهما، كما فَهِمَهُ ابنُ الصَّلاحِ.
قَالَ: وقولُ النوويِّ: ((لَمْ يَفُتِ الخَمْسَةَ إلاّ القليلُ)) مُرادُه من أحاديثِ الأحكامِ خاصَّةً، أما غيرُها فكثيرٌ (9).
(1) أي: حاكم بخارى.
(2)
في (م): ((بخارا))، وهي من بلاد ما وراء النهر، مدينة قديمة مشهورة ببساتينها. انظر: معجم البلدان 1/ 353، ومراصد الاطلاع 1/ 169.
(3)
سقطت كلمة ((بها)) من (ق).
(4)
أسنده إليه ابن عدي في الكامل 1/ 226 طبعة أبي سنة، والخطيب البغدادي في تاريخه 2/ 25، والحازمي في شروط الأئمة الخمسة 61، وابن نقطة في التقييد 33، وانظر معرفة أنواع علم الحديث: 95، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 130.
(5)
في (ع) و (ق): ((لعل))، وفي (ص) و (م):((لعله)). وانظر: الصحاح 5/ 1815.
(6)
في (ص): ((لا)).
(7)
انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 95، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 130.
(8)
انظر: النكت لابن حجر 1/ 298.
(9)
المصدر السابق.
ثُمَّ بيَّنَ الناظِمُ عِدَّةَ أحاديثِ " صَحِيْحِ (1) البُخَارِيِّ " بقولِهِ: (وفي) صحيحِ (البُخَارِي) منها بغيرِ تكرارٍ: (أربعةُ الآلافِ، والمكرَّرُ) منها (فوقَ ثلاثةٍ أُلُوفاً) - بنصبِهِ تمييزاً -، يعني: ثلاثةَ آلافٍ ومئتينِ، وخمسةً وسبعينَ حديثاً عَلَى ما (ذَكَرُوا) أي: جماعةٌ من رُواتِه (2).
فجملةُ مَا فِيهِ مِنَ المُكَرَّر وَغَيْرِهِ: سبعةُ آلافٍ ومئتانِ وخمسةٌ وسبعونَ. كَذَا جزمَ بِهِ ابنُ الصلاح (3)، وَمُخْتَصِرُو كلامِهِ (4).
قَالَ النَّاظِمُ (5): ((هُوَ مسلَّمٌ في رِوَايَة الفِرَبْرِيِّ (6)، وأما رِوايةُ حمادِ بنِ شاكرٍ، فهي دونَها بمئتي حديثٍ، ودونَ هذِهِ بمئةِ حديثٍ روايةُ إِبْرَاهِيمَ بنِ معقلٍ)) (7).
وردَّهُ شيخُنا بأنَّ عِدَّةَ أحاديثِ البُخَارِيِّ في رِوَايَةِ (8) الثلاثةِ سواءٌ، وإنما حصلَ الاشتباهُ من جهةِ أنَّ الأَخِيْرَيْنِ فاتَهما من سَماعِ " الصَّحِيحِ " عَلَى البُخَارِيِّ ما ذُكِرَ من آخرِ الكتابِ فرويَاهُ بالإجازةِ؛ فالنَّقْصُ إنَّما هُوَ في السَّماعِ، لا في الكِتَابِ (9).
(1) كلمة ((صحيح)): سقطت من (ع).
(2)
انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 131.
(3)
معرفة أنواع علم الحديث: 95.
(4)
انظر: الإرشاد 1/ 120 - 121، اختصار علوم الحديث:25.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 131.
(6)
هو أبو عبد الله، محمد بن يوسف بن مطر الفربريّ، راوي الجامع الصحيح عن البخاري توفي سنة (320 هـ). قال صاحب الأنساب 4/ 334 عن الفربريّ:((بفتح الفاء والراء، وسكون الباء الموحدة وبعدها راء أخرى. هذه النسبة إلى فربر، وهي بلدة على طرف جيحون مما يلي بخارى))، ومثل هذا في وفيات الأعيان 4/ 290. وفي التاج 13/ 311: =
قَالَ: ((والذي تحرَّرَ لي أنَّها بالمُكَرَّرِ - سوى المعلَّقاتِ، والمتابعاتِ، والموقوفاتِ، والمقطوعاتِ - سبعةُ آلافٍ وثلاثُ مئةٍ وسبعةٌ وتسعونَ حديثاً.
وبغيرِ المكَرَّرِ مِنَ المُتُونِ الموصُولَةِ ألفَانِ وستُّ مئةٍ وحَدِيْثَانِ، ومِنَ المُتُونِ المعلَّقةِ المرفوعةِ التي لَمْ يُوصِلْها في موضعٍ آخرَ مِنْهُ: مئةٌ وتسعةٌ وخمسونَ.
فمجموعُ غيرِ المكرّرِ ألفانِ وسبعُ مئةٍ وواحدٌ وستون)) (1).
قَالَ النَّاظِمُ: ((ولم يذكرِ ابنُ الصلاحِ عِدَّةَ أحاديثِ مُسْلِمٍ، وَقَدْ ذكرَ النَّوَوِيُّ أنَّهَا نحوُ: أربعةِ آلافٍ بإسقاطِ المُكَرَّرِ)) (2).
ولم يذكُرْ عدَّتَها بالمكرّرِ، وَهِيَ تزيدُ عَلَى عِدَّةِ كتابِ البُخَارِيِّ، لكَثْرةِ طُرُقِهِ.
قَالَ: ((ورأيتُ عَنْ أبِي الفضلِ أَحْمَدَ بنِ سَلَمَةَ (3): أنَّهَا اثنا عَشَرَ ألفاً)).
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ - بَعْدَ نقلِهِ كلامَ ابنِ سَلَمَةَ -: ((وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ المَيَانَجِيُّ (4): إنَّها ثمانيةُ آلافٍ)) (5).
قَالَ: ((ولعلَّ هَذَا أقربُ)) (6).
قَالَ شَيْخُنا: ((وقولُ الناظِمِ: ((وفي البُخاري إلى آخرهِ)) جعلَهُ فائدةً
مستقلةً (7) زائدةً، وليس مراداً لابنِ الصَّلاحِ. بَلْ هُوَ تَتِمّةُ ردِّهِ لكلامِ ابنِ الأخرمِ؛ بمعنى
= ((فربر، كسبحل، وضبط بالفتح أيضاً، وذكر الحافظ في التبصير الوجهين))، وبالوجهين في سير أعلام النبلاء 15/ 12، ومعجم البلدان 4/ 245.
(7)
انظر: هدي الساري: 469، والنكت على كتاب ابن الصلاح 1/ 296، والنكت الوفية: 28/ أ، وقد قام محمد فؤاد عبد الباقي بترقيم كتب صحيح البخاري، وأبوابه وأحاديثه؛ فبلغ عدد الأحاديث سبعة آلاف وخمس مئة وثلاثة وستين حديثاً.
(8)
في (ص): ((روايات)).
(9)
انظر: النكت لابن حجر 1/ 294 - 295.
(1)
هدي الساري: 469، وتدريب الراوي 1/ 103.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 131.
(3)
انظر: سير أعلام النبلاء 13/ 373.
(4)
هكذا في جميع النسخ الخطية و (م)، ومثله في بعض مصادر ترجمته، وفي (ع) حاشية تؤكد ذلك نصها:((قوله: ((الميانجي)) بالفتح والتحتية وفتح النون وجيم: نسبة إلى ميانج موضع بالشام، وإلى ميانه بلد بأذربيجان. هـ. أنساب، والمراد هنا الأول)). وانظر: الأنساب 5/ 320، واللباب 3/ 278، ومعجم البلدان 5/ 240، ومراصد الاطلاع 3/ 1341.
وكذا نسبه الحافظ ابن حجر في النزهة: 49 إلى ميانج، وتابعه شرّاح النزهة على ذلك. انظر مثلاً: شرح عليّ القاري: 11. وفي بعض مصادر ترجمته: ((المَيّانِشي)). انظر: معجم البلدان 5/ 239، والعبر 4/ 245، ونكت الزّركشيّ 1/ 190، وتاج العروس 17/ 392.
(5)
انظر: ما لا يسع المحدث جهله: 27، وتدريب الراوي 1/ 104، وشرح الألفية:110.
(6)
النكت للزركشي 1/ 191.
(7)
سقطت من (ق).